رغم حرارة الأجواء في عالمنا العربي وسوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لكثير من البلدان العربية، إلا أن شهر آب الحار مع كل عام يكون أشبه بفترة الأعياد بالنسبة لمتابعي كرة القدم العالمية والمهتمين بها، فالشباب العربي دائمًا مايكونون على موعد تعود فيه عجلة الحركة الكروية إلى الدوران، وتعود فيه المباريات بعد انقطاع أصابهم بالملل والضجر بسبب الراحة الصيفية للدوريات الأوروبية.

ونحن اليوم على مشارف موسم جديد للدوري الإنجليزي يستعد لبداية مشواره الكروي الطويل الذي سيمتد حتى منتصف العام المقبل، عودة جديدة ومنتظرة يتلهفها جميع المشجعين بشغف مهما كانت توجهاتهم وميولهم الكروية.

هذه الليلة سنكون على موعد مع باكورة النشاط الكروي الإنجليزي بمباراة ستجمع بطلًا استثنائيًا للدوري حصد فيه اللقب بلا أي هزيمة وبأسلوب لعب رائع وجذاب، وآخر كان بطلًا استثنائيًا بدوره بحكم المفاجأة التي حققها، واحتفاله العظيم باللقب، وآخر ما ميز هذه الاستثنائية هو استحالة تحقيقه لهذا الإنجاز مرة أخرى. في هذا المقال سنلقي الضوء على حظوظ الفرق الكبرى في حصد اللقب، ونتوقع من سيكمل مشواره نحو كأس الدوري على الرغم من صعوبة التكهن والتخمين في إنجلترا مقارنة بالدوريات الأوروبية الأخرى.


تشيلسي – بطل تنتظره مهمة صعبة

أنطونيو كونتي – مدرب تشيلسي

دخل تشيلسي الموسم الماضي كفريق مهزوز مترنح بسبب إنهائه الموسم الذي سبقه في المركز الـ10، وما عزز هذا الشعور أنه سيواجه موسمًا صعبًا هو تأخره في إنهاء صفقاته حتى اليوم الأخير في السوق، فعانى تشيلسي بعد انطلاق الموسم الماضي، لكن سرعان ماغيّر كونتي من خططه وعاد إلى ما يبرع فيه وهو حماية مرماه بخط دفاعي مكون من 3 مدافعين، ومنذ خسارته أمام أرسنال سار تشيلسي بخطى ثابتة نحو اللقب أحرز خلاله 13 انتصارًا متتاليًا.

خلافًا للموسم الفائت، أعدّ تشيلسي العدة في الموسم الحالي بشكل جيد وقام كونتي باختيار ما يناسبه في السوق قبل بداية الجولة التحضيرية والمباريات الودية. وكانت تعاقدات البلوز في السوق واضح أنها تهدف لتعويض المغادرين أو الذين لديهم نية بالرحيل، وكأن كونتي يبدو مقتنعًا بالأسماء التي لديه ولا ينوي تغيير أفكاره أو التعديل على بعضها. رغم أنه بالنسبة لي لم يظهر تشيلسي قويًا كبطل جدير في كثير من مبارياته في الربع الأخير من مشوار الموسم.

وفي هذا العام سيكون الوضع مختلفًا ومغايرًا لتشيلسي ومدربه كونتي، لأن المدرب الإيطالي لن يجد نفس الراحة التي توفرت له في الموسم المنصرم بسبب غياب ناديه عن البطولات الأوروبية، حيث كان بإمكان كونتي التفكير مطولًا في حلول لإصلاح العيوب وأماكن الخلل في تشكيلته، وهذا الأمر لن يُتاح له بحكم مشاركته هذا العام في دوري أبطال أوروبا.

المغادرون:

نيمانيا ماتيتش «مانشستر يونايتد» – آسمير بيجوفتش وناثان آكي «بورنماوث » – شولوباه «واتفورد» – جون تيري «أستون فيلا»

القادمون:

ألفارو موراتا «ريال مدريد» – أنتوني روديجر «روما» – تيموي باكايوكو «موناكو»


توتنهام – بطلاً غير متوج

اعتبر أغلب متابعي الدوري الإنجليزي توتنهام الفريق الأفضل في الموسم الفائت فنيًا وجماليًا، والأكثر ثباتًا في المستوى طوال جولات الدوري، ويعتبره كثيرون الأحق باللقب بسبب تميز عناصره الشابة تحت إدارة المدرب الأرجنتيني الشاب « بوتشيتينو » الذي استطاع خلال فترة وجيزة إثبات جدارته في إدارة العناصر الشابة في دوري صعب يحتاج الكثير من الخبرة والأموال.

السبيرز نجح في أغلب امتحاناته الداخلية لكنه فشل في حصد النقاط الكاملة عند غياب عناصره الأساسية للإصابة، وخاصة عند غياب مهاجمه الإنجليزي هاري كاين الذي لم يشارك في 8 مباريات فشل فيها فريقه في حصد الانتصار في 3 مناسبات أمام أندية سهلة المراس مثل بورنموث وويست بروميتش. وهذا الفشل في الاستمرارية عند غياب العناصر الأساسية يعود لضعف الدكة بسبب عدم قدرة النادي على إجراء تعاقدات بأموال ضخمة كما الفرق المنافسة، وأيضًا بسبب فشل اختيارات بوتشيتينو تارة أخرى الذي أبرم صفقات لم تنجح في إثبات جدارتها بتمثيل الفريق في المستويات العليا.

قارب السوق على الإغلاق ولم يقم السبيرز بأي صفقة لتدعيم دكته أو تشكيلته الأساسية بعد رحيل كايل والكر إلى مانشستر سيتي، وهناك أحاديث عن إمكانية تعاقد برشلونة ومانشستر يونايتد مع ايريكسن وداني روز على التوالي، ورحيلهما عن صفوف توتنهام قبل إغلاق السوق. لذلك إمكانية استمرار المسلسل لموسم ثالث واردة جدًا، توتنهام فريق يقدم كرة جميلة وجذابة، ينافس على اللقب حتى اللحظات الأخيرة، ويخفق في الوصول إلى مبتغاه بتحقيق اللقب المحلي.

المغادرون:

كايل والكر « مانشستر سيتي» – نبيل بن طالب «شالكه» – فازيو «روما» – كلاوديو انجي «مرسيليا»

القادمون:

لا أحد


مانشستر سيتي – طموح دائم للأفضل

لم يكن أحد يتوقع أن يقدم بيب جوارديولا هذا الأداء المتذبذب مع ناديه الجديد مانشستر سيتي، فالإسباني لديه سيرة ذاتية حافلة بالأرقام والإنجازات التي أوصلته إلى القمة في وقت قياسي جدًا وبشكل مبكر مقارنة بقصر مسيرته المهنية كمدرب. لكن خلال مسيرته لم يتعرض بيب لنكسة مماثلة كالتي مر بها الموسم المنصرم مع السيتزنز، فهذا الهبوط الحاد في المستوى أمرٌ لم يعتده بيب ولم يختبره في سنواته السابقة، وبالتالي من الصعوبة بمكان اكتشاف الأخطاء أو التعلم منها بسرعة؛ لأن بيب بدأ من القمة التي أصبحت المعيار الوحيد لتقييم عمله ونجاحاته.

قدوم جوارديولا إلى مانشستر كان لإكمال مشروع السيتي الذي ينقص أحد جوانبه الكاريزما الشخصية بعد هذا الضخ المالي الهائل على الفريق من خلال الإنفاق على التعاقدات والمنشآت الرياضية الحديثة، لكن كان قدومه أشبه بانقلاب ديكتاتوري دموي وليس بعملية تصحيحية، فالسيتي تعاقد معه من أجل خلق شخصية للفريق في المقام الأول، وإكمال عملية البناء ثانيا، ومن ثم شيئا فشيئا تكوين الفريق حسب أفكاره وأهوائه، ولكن إرتأى بيب أن يضع أساسات جديدة بدلًا من تدعيم ركائزه، فاستغنى عن بعض الأسماء والركائز، وفشل في بعض الاختيارات الأخرى مثل نوليتو وبرافو وستونز، ولم يوفق في بعض الأمور مثل إصابة جوندوجان وتأخر قدوم جابرييل خيسوس.

ولجعل الفريق أقرب إلى شخصية بيب، ولتسريع عملية تحقيق الألقاب، كانت إدارة السيتي سخية جدًا في التعاقد مع الأسماء التي يرغب بها الإسباني مهما كلف خزينة النادي من أموال، لذلك كانت عملية خروج الأسماء التي لا يرغب بها بيب يسيرة جدًا ولم تجلب أي أموال لخزينة النادي، وبالمقابل كانت التعاقدات مكلفة لمعرفة الجميع بحاجة بيب لهذه الأسماء، ولوفرة أموال بن زايد وسخائه الكبير على النادي، وبسبب هذه التدعيمات سيكون السيتي مرشحًا بارزًا للقب، وربما سينافس على جميع البطولات بسبب امتلاكه لتشكيلة ديناميكة مميزة وبدلاء مميزين.


ليفربول – بانتظار نهاية السوق

بدأ ليفربول ومدربه كلوب السوق بشكل سريع من خلال التعاقد مع المصري محمد صلاح من نادي روما، وكانت النية واضحة جدًا لإنهاء مأزق سوق الانتقالات وأمواله المجنونة بشكل مبكر لتجنب أي مزايدات مالية أو منافسة من الفرق الأخرى، لكن هذا الاستعجال في إنهاء الصفقات أوقع الريدز في مطب التسرع، وعرضه لبعض الهفوات في عملية المفاوضات وخاصة في محاولته لاستقطاب مدافع يقود خط دفاعه المترنح، لذلك فشل ليفربول في حسم صفقة الهولندي فيرجيل فان دايك رغم رغبة اللاعب بتمثيل النادي، ورغم وفرة الأموال واستعداد الريدز لدفع متطلبات القديسين المالية.

ليفربول ورغم الأداء المميز في المواجهات الكبيرة، لكنه يفشل في إثبات نفس الشخصية أمام الفرق المتوسطة بسبب افتقاد الفريق للخبرة والزاد البشري في الوقت ذاته، فالفريق بحاجة ماسة لقائد في خط الدفاع، وآخر في خط الوسط مثل نجم لايبزيج نابي كيتا الذي رفض ناديه مغادرته، ولاعب إضافي في خط المقدمة لتعويض المصاب دائمًا دانييل ستوريدج.

الملفت في سوق ليفربول أن الإشاعات الصحفية لم تربطه بأسماء أخرى منذ إعلان فشل مساعيه في صفقتي فان دايك وكيتا، لا أسماء أخرى ولا أحاديث من إدارة النادي عن مساع جدية لتدعيم الفريق، وهذا سيناريو خطير جدًا؛ لأن ليفربول إن كان يُمني النفس بتغيير موقف ساوثهامبتون ولايبزيج ويأمل حدوث مايرغب، فحاله كحال من يشتري السمك قبل أن يتم اصطياده، وباعتقادي بأن الإدارة الرياضية للنادي لن تفاجئ جماهيرها بصفقة غير متوقعة، لأنها فشلت في حجب الأنظار عن اهتمامها بفان دايك، ولهذا علينا انتظار نهاية السوق لقراءة حال الفريق الذي سيشارك في دوري الأبطال إن استطاع تخطي عقبة هوفنهايم في الملحق.

المغادرون:

لوكاس ليفا «لاتسيو»

القادمون

محمد صلاح «روما» – أندري روبيرتسون «هال سيتي» – دومينيك سولانكي «تشيلسي»


مانشستر يونايتد – الجماهير تنتظر الفرج

منذ مغادرة السير وجماهير مانشستر تحلم بالعودة إلى قمة الترتيب في جدول الدوري، لم يفلح المختار دافيد مويس بإكمال المهمة التي بدأ بها مواطنه فيرجسون، ولم يستطع المعلم فان خال أن ينتشل الفريق من تردي مستواه وسوء نتائجه رغم صرفه للأموال، ولم يتمكن التلميذ مورينيو من استغلال طاقات لاعبيه وموهبتهم بالشكل الأمثل.

رغم توفر العديد من الخيارات الممتازة في قائمة مورينيو، إلا أنه يصر على بعض الأسماء ويتجاهل أخرى بحجة قلة فاعليتها وعدم مناسبتها لخططه، لكن من وجهة نظري فإن مورينيو يرفض تطوير نفسه ويستمر بذات الأسلوب والتحفظ في تعاطيه مع المباريات وخاصة في المواجهات الكبرى، مورينيو يريد الفوز دائمًا بلا مجهود هجومي مضاعف وبلا أي نية للسيطرة على المباراة رغم توفر العناصر القادرة على ذلك، مورينيو تعود دائمًا على رد الفعل وليس القيام بالفعل والمبادرة من أجل إرباك حسابات الفرق الأخرى.

يونايتد أشبه بنسخة مكررة مع مورينيو، تخال نفسك أنك تعيد قراءة كتاب قرأته مسبقًا، أو تشاهد فيلمًا شاهدته فيما قبل، لو أراد مورينيو المنافسة على جميع الألقاب يجب عليه أن يتحلى ببعض الشجاعة، وأن يؤمن بأن الدفاع ليس إلا مجرد وسيلة للنجاح وليس النجاح المطلق بعينه. الشياطين الحمر مع التعاقدات الجديدة جعلوا الفريق كاملًا وليس بحاجة لأي تدعيمات جديدة حتى نهاية السوق رغم الحديث عن تعاقد محتمل مع داني روز الظهير الأيسر لتوتنهام.

المغادرون:

زلاتان إبراهيموفيتش – واين روني «إيفرتون» – عدنان يانوزاي «ريال سوسيداد»

القادمون:

روميلو لوكاكو «إيفرتون» – نيمانيا ماتيتش «تشيلسي» – فيكتور ليندولف «بنفيكا»


أرسنال

كعادة كل موسم، فينجر يبني الفريق خطوة تلو الأخرى ولا يتعجل في التعاقدات، تعاقد أو تعاقدان في العام وكأنه لا يستهوي البناء السريع أو الأبنية المسبقة الصنع. كما أتباع المدرسة القديمة فينجر لا يريد البذخ في الأموال على التعاقدات، فهو يرى أن الغالبية العظمى من لاعبي الجيل الحالي لا يستحقون تلك الأموال التي تدفع مقابل التعاقد معهم، ويرى أنه لا يوجد لاعب يستحق الـ100 مليون.

مع تغييره لأسلوب لعب الفريق، تحول أرسنال في نهاية الموسم الماضي لفريق أكثر صلابة دفاعية،وأكثر نجاعة هجومية وتهديفية، وبكل تأكيد سيستمر الفرنسي بنفس النهج إلا في حال تغير أمر ما خلال الموسم. ومن خلال التعاقد مع الفرنسي لاكازيت والظهير الأيسر البوسني كولاسيناك يتضح أكثر فأكثر أن دور سانشيز سيكون محصورًا في العمق وستمنح له الحرية المطلقة في التحرك في وسط الملعب، وسيظهر أكثر كممول للكرات كما ظهر في أواخر الموسم الماضي عندما كان يعود إلى منتصف ملعب فريقه لاستلام الكرة من أجل بناء الهجمة أو التمرير البيني السريع.

فينجر بكل بساطة يختبر أفكارا جديدة مع كل موسم، لأنه في حقيقة الأمر رجل مغامر محب للتجربة، وببساطة أكبر؛ فينجر اعتاد التجربة والإخفاق ومن ثم المحاولة مرة أخرى، لأنه افتقد للألقاب والتنافسية والدوافع، وحول أرسنال إلى نسخة مشابهة له مع مرور السنين. وربما يتم تحميل أرسنال وزر إنجازات الأيام الخوالي، لأن الواقع الحالي يقول إن النادي بمدربه ولاعبيه وقدرته المالية لم يعد كبيرًا وأصبح من أندية النخب الثاني خلف قطبي مانشتسر وتشيلسي. وفي نهاية الأمر ربما مشاركة أرسنال في الدوري الأوروبي ستمنح فينجر قسطًا أكبر من التركيز على البطولة المحلية التي غاب عن منصتها منذ عام 2004.

المغادرون:

شيزني «يوفنتوس»

القادمون:

لاكازيت «ليون» – كولاسيناك «شالكه»