هل توجد سياسة خارجية أوروبية موحدة؟

فى المحاولات التنظيرية والتفسيرية للسياسة الخارجية يتمثل مثلث (نموذج الفعل، رد الفعل، التفاعل)، ويرى أن مفتاح تفسير تصرفات الدول نابع عن علاقات وتفاعلات أعضاء صناعة القرار وقيم وإدراك عناصره(1).

وعلى الرغم من الكيانات السياسية المنبثقة عن كيان الاتحاد الأوروبي؛ لكن التجربة أثبتت كم التعقيد والانقسام بين مواقف دول الاتحاد والعجز أحيانا عن صياغة موقف أوروبي موحد يهم المصالح الأوروبية، وذلك لعدة أسباب(2):

بالرغم من الكيانات المنبثقة عن الاتحاد الأوروبي لكن هناك انقسام في مواقف دول الاتحاد وعجز عن صياغة موقف موحد يهم المصالح الأوروبية

أولًا: ضعف الهيكل الدستوري والبنيان السياسي للاتحاد الأوروبي، فمن تضارب للرؤية بخصوص حدود دور الاتحاد بين العالمية والاقتصار على رد الفعل، وعقبات آليات اتخاذ القرار والأحجام التصويتية للدول، ونقص الوضوح والتنسيق في السياسات وأثر الأحزاب الحاكمة في وعلى الدول الأعضاء، كما تحديات عملية توسيع الاتحاد شرقا وأثره على القرارات، ليبرز دوما سؤال كسينجر القديم: (مع من أخاطب إذا أردت مخاطبة أوروبا؟)

ثانيًا: ولأن السياسة الخارجية ابتداءً تُصنع في بيئة محلية، فاستمرت قوة التوجهات الوطنية على عملية صناعة السياسات، فمازال الصراع غير المحسوم بين الذوبان في الفكرة الأوروبية والطغيان النوعي للمصالح القومية.

ثالثًا: المحددات العسكرية، ويبرز فيه التجاذب والانقسام بخصوص السياسة الدفاعية والأمنية المشتركة بين التبعية الفعلية لحلف الناتو والتطلع لتمكين (اتحاد أوروبا الغربية) كمنظومة دفاعية موازية لحلف الناتو، كما الخلافات الأمريكية الأوروبية داخل الحلف والذي ظهر بقوة في الحرب ضد العراق.


نظرة على السياسة الخارجية الأمريكية

تطورت السياسة الخارجية الأمريكية بعد الاستقلال من مرحلة الانعزالية، وهي مرحلة بناء القوة الأمريكية، ثم الخروج والانفتاح الحذر بين الحربين العالميتين لتخرج أخيرا فتحسم الحرب ضد دول المحور وتبدأ سعيها نحو الهيمنة العالمية.

وبانتهاء الحرب الباردة تبلورت السياسة الخارجية الأمريكية بفكرة الرؤية العالمية الواحدة والتي تنشر النموذج الأمريكي بالجمع بين القوة العسكرية ونشر مبادىء السلام والديمقراطية الرأسمالية مع أولوية المصالح القومية الأمريكية.

على أى حال، ظلت السياسة الخارجية الأمريكية جامحة مقارنة بالسياسات الأوروبية، ففي الولايات المتحدة يتزايد دور البيت الأبيض على حساب الكونجرس كما تلعب جماعات المصالح ووسائل الإعلام تأثيرها على عملية صنع السياسات على عكس العملية البرلمانية الغالبة في أوروبا.

ظلت السياسة الخارجية الأمريكية جامحة مقارنة بالسياسات الأوروبية حيث يتزايد دور البيت الأبيض على حساب الكونجرس على عكس العملية البرلمانية بأوروبا

وبالمقارنة مع الإمكانات العسكرية التكنولوجية الأمريكية يظهر ضعف إمكانات دول الاتحاد، فحجم الإنفاق العسكرى العام وفقا لعام 2006: 491 بليون يورو للولايات المتحدة أمام 201 بليون يورو للاتحاد الأوروبي، وبالعودة للشرق المتوسط فهذا التمايز النوعي يعيد تلخيصه كيسنجر قائلا:«الأوروبيين يحبون اللعب من دون مخاطرات، لكنك في الشرق الأوسط لا يمكنك أن تؤدي دورًا من دون مخاطر».

السياسات الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي: علاقة بألوان الطيف (غزو العراق نموذجًا)

بموقف الولايات المتحدة شن الحرب ضد العراق ظهر الانقسام الأوروبي ما بين مؤيد للدعم ومعارض ومُشدد للحل الدبلوماسي، وتطور الخلاف والانقسام ليخرج من دائرة الاجتماع الأوروبى لدائرة مجلس الأمن، فعندما لجأت الولايات المتحدة لاستصدار قرار من مجلس الأمن يشرعن قرارها الحرب لوحت فرنسا بالفيتو ضد مشروع القرار الأمريكي البريطاني.

هذا الموقف من المحور الفرنسي الألماني – الأثقل وزنًا أوروبيًا – أجبر الولايات المتحدة على الذهاب للحرب منفردة، لكنه كشف أيضا عن معسكر تأييد الغزو من أسبانيا وايطاليا ودول شرق أوروبا حيث ذهبوا لأكثر من التعبير عن المساندة فيما بعد بإرسال قوات مشاركة في الحرب.

لكن ما أن انتهت الحرب حتى عاد الانسجام لصفوف دول الاتحاد ومع الولايات المتحدة، ففي زيارة بوش لألمانيا قال المستشار الألماني: «الخلافات الألمانية الأمريكية بسبب الحرب على العراق أصبحت من الماضي»، وقامت فرنسا بتدريب المئات من قوات الشرطة العراقية، وأعلن الرئيس الفرنسي رغبة بلاده في الاسهام في استقرار العراق والتنسيق بين حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.


تطور العلاقات الأورومتوسطية

انطلقت أعمال مؤتمر برشلونة عام 1995 تحت أهداف شراكة أمنية وسياسية لخلق منطقة سلام واستقرار تتبنى حقوق الإنسان والديمقراطية، وشراكة اقتصادية ومالية لإقامة منطقة ازدهار عبر منطقة حرة تضم دول الاتحاد الأوروبي وباقى دول المتوسط، وشراكة ثقافية واجتماعية وإنسانية لتحسين التفاهم والحوار بين شعوب المنطقة وتطوير مجتمع مدني حر.

في مارس 2011 ومع اندلاع الثورات العربية أصدرت المفوضية الأوروبية بيانا تم تسميته (شراكة من أجل الديمقراطية والازدهار المشترك مع جنوب المتوسط)

واستكمالا أو تفعيلا لمؤتمر برشلونة تم عقد اجتماع للاتحاد من أجل المتوسط عام 2008 والذى يضم نفس الدول السابقة بما فيها إسرائيل، والذي من أهدافه المتعلقة بالبيئة والطاقة والتعليم وتقديم المساعدات اللازمة للشركات الصغيرة والمتوسطة، وجدير بالذكر أن رئيس جنوب المتوسط كان الرئيس المصري وقتها مبارك.

لكن وبعد سنوات من الشراكة، حيث كان الطرف العربي الأقل مكسبا منها، فإزالة التعريفات الجمركية أدت لعدم تكافوء بين الشركات العربية والأوروبية، فالواردات تزيد من السوق الأوروبي ليختل الميزان التجاري في الدول العربية، كما تظل السوق الاوروبية عصية أمام المنتجات الزراعية العربية للسياسات الزراعية للاتحاد الاوروبى، وفي حين أتاحت الشراكة حرية التبادل التجاري ظلت عوائق حرية انتقال الأشخاص للحد من الهجرة.

وفي مارس 2011 ومع اندلاع الثورات العربية أصدرت المفوضية الأوروبية بيانا تم تسميته (شراكة من أجل الديمقراطية والازدهار المشترك مع جنوب المتوسط) يحمل التفاؤل والترحيب بحراك الشعوب العربية وكان مبنيا على عناصر رئيسية: دعم التحول والبناء الديمقراطي للمؤسسات القائمة على الحريات واصلاح النظام القضائي ومكافحة الفساد، شراكة أكثر مع الشعوب ودعم المجتمع المدني والتركيز على الشباب، وتحقيق النمو المستدام والتنمية الاقتصادية والتدريب المهني وتحسين النظم الصحية والتعليمية وتنمية المناطق الفقيرة.

ويظل السؤال: مع كل هذه الإستراتيجيات، كيف كانت تفاعلات دول الاتحاد الأوروبي عمليا مع ماشهدته المنطقة من تحولات عنيفة؟


مصر: تفاؤل نهايته تقليل الخسائر

فى بيان مشترك إبان الثورة المصرية عام 2011 ضم قادة الدول الأوروبية، أكدوا فيه حق المصريين في التعبير وأدانوا عمليات العنف، وناشدوا بوجوب سرعة التغيير.

الحقيقة أنه لاقى مشهد التظاهرات المصرية وقدرتها على إزاحة نظام مبارك العنيد ترحيبا أوروبيا هائلا، سرعان ما تمت ترجمته لمساعدات تهدف لدعم بناء هياكل ديمقراطية، وتعزيز المجتمع المدني، ومحاولة الإسهام في إحراز تقدم اقتصادي.

وأتت الانتخابات الرئاسية عام 2012 في ظل حل البرلمان وقيود للجيش على الرئيس القادم، ومع نجاح الرئيس الإسلامي هنأه وزراء الخارجية الأوروبيين، ليتحول بعد عدة شهور ومع إصدار مرسي للإعلان الدستوري إلى قلق على مسار التحول الديمقراطي.

ومع إطاحة الجيش بمرسي خرجت التصريحات من الدول الأوروبية تتضمن قلقا ورفضا واضحا بخصوص ما حدث، فبريطانيا أكدت عدم دعمها لتدخل الجيش ورغبتها في انتقال ديمقراطي حقيقي، ووصفت ألمانيا ما حدث بأنه انتكاسة للديمقراطية، فيما كانت تصريحات الاتحاد الأوروبي بالتأكيد على ضرورة العودة للعملية الديمقراطية وشملت رؤيتهم لهذه العودة انتخابات رئاسية وبرلمانية نزيهة وإقرار الدستور وضمان الحريات وحكم القانون.

وبعد فض اعتصام الإسلاميين في ميداني رابعة والنهضة، وبرغم التضييق على منظمات المجتمع المدني ورغم تصعيد حدة التصريحات تنديدا بعنف قوات الأمن، استمر الاتحاد الأوروبي في أغلب التزاماته بتقديم المساعدات،الحيرة والاختلاف بين دول الاتحاد كانت بين اتجاهين: أحدها يقول بتعليق كل المساعدات كما فعلت الدنمارك وهولندا والنمسا وبين اقتصار التعليق على التسليح مثلما فعلت بريطانيا وصرحت به ألمانيا.

فأغلب برامج المساعدات يرى أغلب قادة الاتحاد ضرر قطعها عن مصر حيث استهدافها الأكبر للفقراء والمجتمع أكثر من الحكومة، وتأثيره على أمل الشباب في الديمقراطية والدولة المدنية، كما أنه سيأثر على نفوذ الاتحاد الأوروبي هناك معللين بتصريح السعودية استعدادها لتغطية قيمة قطع مساعدات الدول الغربية لمصر.

ويمكن عنونة كافة مساعي الاتحاد الأوروبي بعد 3 يوليو ممثلا في تصريحات وزيارات كاثرين آشتون وبيرناردينو ليون تحت مسمى «محاولات الوساطة » بين الأطراف المتصارعة والوصول لاتفاق يُقلل الدماء ويحاول عدم الوصول لمرحلة الحرب الأهلية أو ما يرونه الإرهاب الإسلاموي.

ومع نظام جديد تحولت فيه السياسة الخارجية المصرية لمجرد اكتساب الشرعية وتبرير الإجراءات الدموية وأحكام الإعدامات وقمع المتظاهرين، بينما تضع المجازر والانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان الدول الأوروبية في حرج شديد، ففي حين حاول النظام شراء شرعيته بأسعار باهظة تخطت 30 مليار دولار كصفقات عسكرية واستثمارية – تم الموافقة عليها بصعوبة – وارتضى في مقابلها مجرد استقبالهم وتمكينه من المشاركة في المؤتمرات، كانت دوائر إعلامية ورسمية وحقوقية في تلك الدول تعيد التذكير بخطأ التحالف وتقديم العون والاعتراف بالأنظمة الاستبدادية بالمخالفة مع قيم القارة الأوروبية.


ليبيا: خطر الدولة الفاشلة

بعد تعويضات القذافي لضحايا لوكيربي عادت العلاقات بين الاتحاد الأوروبى وليبيا وبدأت شركات أوروربية بالاستثمار في البلد الغني بالخامات والنفط، مع التغاضي عن انتهاكات حقوق الانسان في ليبيا.

ورغم توقيع الاتحاد الأوروبي وليبيا اتفاقا يمنع إبحار قوارب تحمل مهاجرين لأوروبا، وتلقي ليبيا مقابل ذلك 50 مليون يورو، فإن العقيد الليبي كان يبتز الاتحاد الأوروبي لدفع المزيد من المليارات مهددا بالسماح للمهاجرين بالتدفق لأوروبا.

ومع اندلاع الثورة الليبية وقرارات مجلس الأمن بحظر السفر ومطالبة جامعة الدول العربية مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته كانت عمليات حلف الناتو والتي استهدفت قصف قوات القذافي تحت هدف حماية المدنيين.

ومنذ انتصار الثورة الليبية دعم الاتحاد الأوروبي عملية التحول الديمقراطي بالمصطلح المحبب لهم (تعزيز الديمقراطية العميقة) بهدف دعم بناء المؤسسات ومجتمع مدني فعال، وفي مجال الاستقرار تركزت على برامج إصلاح قطاع الأمن، كما سعوا لتعزيز الانتعاش الاقتصادي من خلال التعليم المهني، وتنفيذ برامج للدعم في التعامل مع تدفقات الهجرة.

مع خريف الثورات وبدء الانقسام الليبي والصراعات المسلحة وتنازع الشرعية بين كرامة ليبيا وفجر ليبيا، واستغلال تنظيم داعش حالة الفوضى واستطاعته الاستيلاء على مدينة سرت بجانب تدفق المئات من اللاجئين عبر البلاد باتجاه الشواطىء الأوروبية، بدأت المحاولات الأوروبية مع الأمم المتحدة بداية من الدعوة الجادة والعاملة لوصول أطراف النزاع للاتفاق وتشكيل حكومة وطنية موحدة لحد التلويح بعملية عسكرية لفرض السلام إذا فشل التوافق للوصول لحل سياسي.


سوريا: السير في نفق مسدود

عندما تولى بشار الأسد ولاية سوريا في بداية الألفية استبشر العديدون، لكن ومع الربيع العربي في 2011 عند رده العنيف على المتظاهرين اتضح مصير وعود الإصلاح، لكن استقرار سوريا بحكم موقعه وعلاقاته مع جيرانه كان له أهمية بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

وتشير ورقة أعدها مركز كارنيجي أن استجابة الاتحاد الأوروبي مع الحالة السورية أخذت عدة أبعاد، الأول إنساني حيث تم تخصيص 2،6 مليار يورو لمساعدة السوريين في البلاد بجانب النازحين واللاجئين.

وعلى المستوى السياسى نشط الاتحاد الأوروبي فى مجلس الأمن ومجموعة أصدقاء سوريا، غير أن معارضة روسيا وضعف المعارضة السورية وتشرذمها الواضح ودعم تركيا وقطر لجماعات إسلامية معارضة لنظام الأسد جعلت الصورة أكثر تعقيدا لتصب فى صالح النظام.

وعسكريا تمثل موقف أوروبا في دعم موقف الولايات المتحدة في ترددها التدخل العسكري بعد تجربتي العراق وأفغانستان والاكتفاء بدعم المعارضة المسلحة «المعتدلة » ثم تبعتها في التحالف الدولي للقضاء على داعش، وقد يجعل التطور في نشاط الإرهاب رأي هذه الدول يتغير للتعاون مع النظام السوري للقضاء على الإرهاب.


مُحددات العلاقات الأوروبية مع تحولات المنطقة

1- قضية الهجرة

في استطلاع تابع للمفوضية الأوروبية خلص أن موضوع الهجرة غير الشرعية يتصدر قائمة أسباب قلق الأوروبيين، ففي حين اقترب الاتحاد الأوروبي من تنفيذ خطة لمحاربة مهربي البشر عبر المتوسط و تدمير قواربهم بدأت 12 دولة بإرسال سفنها لمنع المهاجرين من ليبيا.

وتتعدد الرؤية الأوروبية للهجرة غير الشرعية، فرغم رؤية الغالبية أن النزاعات والحروب والفارق في مستوى المعيشة والاضطهاد من أهم الأسباب، يرى وزير الخارجية البريطاني أن المهاجرين يهددون مستوى المعيشة والنسيج الاجتماعي الأوروبي ويرى وجوب تشديد القوانين السامحة لترحيلهم، في الوقت الذي ترى فيه عضوة البرلمان عن ثاني أكبر حزب ألماني – رغم إعلان ألمانيا استعدادها عن استقبال 800 ألف لاجىء رغم خطابات اليمين المتطرف الصاعد في أوروبا الرافض للمهاجرين(3)- أن المجتمعات الأوروبية تحيا مع المهاجرين وتحيا بفضلهم أيضا وأنه يجب التحلي بالصدق ووجوب توفير طريقٍ شرعيٍ لهؤلاء الناس.

2 – صعود التنظيمات المتطرفة

في منتصف التسعينات كانت بنود الشراكة السياسية والأمنية الأورومتوسطية تتضمن بندا واحد عن الإرهاب، وبعد أحداث سبتمبر 2001 بدأ اعتبار الإرهاب خطرا محتملا ويرتبط بتدفق الهجرة غير الشرعية.

ويأتي تمدد داعش ليقترب مع عملية ذبح المصريين في ليبيا وتهديد عضو التنظيم بأنهم أصبحوا على مرمى حجر من أوروبا، بجانب ظاهرة تدفق المقاتلين الأجانب العكسي من أوروبا للانضمام لداعش مع مخاطر رجوعهم، في الوقت الذي شهدت عملية تحلل بنية الأنظمة الأمنية بجنوب المتوسط استحالة تبادل المعلومات بشأن العناصر الخطرة، لتجعل عملية وضع إستراتيجات التعامل مع الواقع الخطر معقدا.

3 – المصالح والاستثمارات

منذ بداية اتفاقيات التعاون الثنائية بين الاتحاد الأوروبى ومنطقة الشرق المتوسط وشمال أفريقيا كان التركيز على مجالين محددين، هما: المساعدات المالية وتحرير التجارة(4)، ورغم تغطية اتفاقيات منها على مواضيع مثل حقوق الانسان والديموقراطية لكن كان الأساس اقتصاديا بالتوافق مع قوانين منظمة التجارة العالمية.

4 – أمن اسرائيل

يمكن عنونة كافة مساعي الاتحاد الأوروبي بعد 3 يوليو ممثلا في تصريحات وزيارات كاثرين آشتون وبيرناردينو ليون باسم محاولات الوساطة بين الأطراف المتصارعة

يرى الاتحاد الأوروب أن حل الصراع العربي الإسرائيلي في ضوء حل الدولتين هو أولوية إستراتيجية لأوروبا، وبدونها ستكون صعوبة كبيرة في حل مشاكل أخرى في الشرق الأوسط، فالاتحاد من ضمن من أطلقوا خارطة الطريق للسلام لحل النزاع، فهو دعم، وما زال، محادثات السلام بين إسرائيل وبين كل من فلسطين وسوريا ولبنان.

وكمقابل للشراكة مع حوض المتوسط والتي وصفها البعض كثمرة محادثات أوسلو ومدريد كان لاقحام إسرائيل في هذه الشراكة مع دول حوض المتوسط مع دول جامعة الدول العربية.

رغم تداخل أوروبا مع الشرق الأوسط بقوة في الماضي ولها بصمتها الواضحة في اللغة والسياسة والحضارة حتى دورها القريب كوسيط في القضية الفلسطينية؛ إلا أن دورها الحالي يراه البعض غير متناسب مع قدراتها الفعلية.

عوامل مركبة وعديدة تتداخل لتساهم في محاولة فهم واستنباط السياسات الأوروبية، أولها الجمع والتمازج والتضارب بين المدرسة المثالية والساعية للربح للجميع، وبين المدرسة الواقعية الساعية لتحقيق مصلحة الدولة وإعطاء قيمة للقوة الطبيعية.

ويأتي محدد الطبيعة الفوضوية للعلاقات الدولية ليجبر على اتباع سياسات واقعية تقوي الأمن الداخلي، وبرغم المحاولات الدؤوبة لترسيخ الديمقراطية العميقة وبناء المؤسسات فواقع الوصول للدولة الفاشلة وتنامي الإرهاب يجعل التهديد ومواجهته والتعامل معه أكثر وضوحا.

أخيرا، تعرف جيدا دول الاتحاد الأوروبي وجهي السياسة الخارجية القائم أحدهما على الإقناع والتفاوض وتختص به الدوائر الدبلوماسية، والجانب العسكري القائم على الإكراه بالقوة ويكون في المرتبة الثانية، ويكون اللجوء له لحسم قضية تشكل تهديدا للمصالح بعد فشل الجانب الدبلوماسي السلمي.

المراجع
  1. تأثير نهاية الحرب الباردة على السياسات الخارجية الأمريكية تجاه الصراع العربى الإسرائيلى، نجيم دريكش، جامعة محمد خيضر، الجزائر.
  2. محددات السياسة الخارجية والأمنية الأوروبية المشتركة، د.حسين مقلد، جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية 2009
  3. أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا دراسة في الأفكار والدور السياسى، ستار جبار الجابرى
  4. أوراق كارنيجى: تقويم اتفاقيات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة من جهة وبعض دول الشرق المتوسط وشمال افريقيا من الجهة الأخرى