قبل أسبوع، شهدت الحملة المناهضة للفساد في الصين منعطفا ملحوظا، بالرغم من عدم تسليط الضوء عليه إلى حد كبير،’ حيث أصدرت محكمة الشعب العليا بيانا يتهم ” تشو يونج كانغ ” عضو لجنة المكتب السياسي الدائم “بوليتبورو”، بـ” الدوس على القانون”، والإضرار بوحدة الحزب الشيوعي، وممارسة أنشطة سياسية غير تنظيمية، وهو حتى الآن يعتبر أكبر مسؤول يتورط في الحملة المذكورة.

ولم يكن هذا إلا خطوات قليلة خجولة، بالمفهوم البيروقراطي الصيني، لتأكيد صحة شائعات مفادها أن ” تشو ” وحليفه السياسي السابق ” بو شي لاي “، الذي كان يوما ما نجما صاعدا، خططا لانقلاب لإجهاض صعود الرئيس الصيني الحالي والأمين العام للحزب ” شي جين بينغ “.

وهكذا يمثل بيان المحكمة انحرافا جذريا عن اللغة الرسمية غير المسيسة لحملة مكافحة الفساد.

وبالطبع، كان واضحا منذ فترة طويلة أن أهداف حملة مكافحة الفساد التابعة لإدارة شي جين بينغ أبعد من أن تكون مجرد حرب ضد الاحتيال، بل هي أيضا أداة تطهير سياسي صممت لإحكام قبضة القيادة الجديدة على الحزب والحكومة والأجهزة العسكرية.

ولكن اللغة الرسمية للحملة طوعت للتعبير عن مكافحة الاحتيال وإساءة استغلال السلطة لتحقيق “مصالح شخصية”، ولم تكن أي من البيانات الصادرة السابقة تلمح إلى “أنشطة سياسية” مارسها مشتبه فيهم، وبالطبع لم تكن أي منها يمس شخصيات رفيعة المستوى مثل تشو الذي أهله وضعه على رأس جهاز صناعة الطاقة والأمن الداخلي لأن يكون أحد أقوى السياسيين الصينيين نفوذا في الألفية الجديدة.

وبغض النظر عن نية المحكمة، فإن استخدامها لغة تلمح إلى انقلاب خطط له بو وتشو أمر استثنائي.

وإذا سلمنا أن استخدام عبارة مثل “أنشطة سياسية غير تنظيمية” ذات مغزى، يتعين علينا أن نتساءل عن مغزى قرار استخدام هذه العبارة في هذا الوقت.

ثمة تفسيران محتملان، أولهما أنه قد يكون علامة على تحول وليد في الإطار الذي تنتهجه السلطات الصينية في حملة مكافحة الفساد، ويعني أنها ستصطبغ بطابع سياسي أكثر صراحة.

أما التفسير الثاني فمفاده أنه قد يكون علامة على الثقة المطلقة لشي وحلفائه في القضاء التام على أي تهديد يشكله تشو ورفاقه، وإقرار بنهاية مرحلة لحملة مكافحة الفساد ارتكزت على التخلص من الفصائل المنافسة، والشروع في مرحلة جديدة من تعزيز السلطة وإحكام السيطرة على أبعد مدى من البيروقراطية.

وإذا صح التفسير الأول، فيعني ذلك أن حملة مكافحة الفساد ستضحى أكثر وحشية وزعزعة للاستقرار، حيث تنتقل من عملية تطهير مركزة نسبيا وتنظيف عام للحزب إلى هجوم كامل يستهدف هؤلاء الذين لديهم القوة لتحدي الاستبداد الوليد الذي يمارسه شي.

أما وفقا للافتراض الثاني، فمع هزيمة المنافسين والإقرار بتخطيطهم ضد الحزب، ومع التمركز الراسخ للسلطة السياسية في ظل حكم شي وحلفائه، فإن قيادات الصين يمكنها الآن تنحية السياسات جانبا، والتحرك قدما لتحقيق مهمة أكثر صعوبة وأهمية تتمثل في بناء حكومة قادرة على إدارة الاضطرابات الاجتماعية والسياسية العميقة التي سوف تصاحب بالتأكيد التباطؤ الاقتصادي الصيني.

إستراتيجية شي

في كلتا الحالتين، لا تحدث حملة مكافحة الفساد والمركزية السياسية في الفراغ. وقد تكون هي الظهور الأبرز لمبادرات شي حتى الآن، لكنها وحدها ليست كافية للتعامل مع مشكلات الصين الضخمة. كما أن هنالك سؤالا يطرح نفسه الآن يتعلق بتوقعات المرحلة الآتية.

ثمة تطوران حدثا مؤخرا على وجه الخصوص يؤطران فهمنا للمسار الصيني تحت قيادة شي، وإستراتيجيته في قيادة الصين والحزب الشيوعي بأمان خلال السنوات الصعبة المقبلة.

التطور الأول هو إعادة الحزب التأكيد في أعقاب “الدورة الكاملة الرابعة” في أكتوبر الماضي على ترسيخ فاعلية سيادة القانون، أما التطور الثاني فهو ذلك الإعلان الذي صدر في فبراير الماضي والذي أفاد بأن حملة مكافحة الفساد ستتركز على 26 من أكبر الشركات الصينية الحكومية، مع وضع تركيز خاص على الشركات المتعلقة بالموارد والتشييد والصناعات الثقيلة والاتصالات.

وجاء الإعلان قبل شهر من تجديد الحكومة لتعهداتها بدمج وتعزيز قطاع الدولة، كما أنها المرة الأولى التي تلجأ فيها الحكومة إلى الاستباق، وتعلن على الملأ أهدافا مستقبلية محتملة.

وهكذا، فإن الأمر على المستوى النظري بمثابة تحذير عادل لهم، وكما قال أحد المسؤولين إن الحكومة تخطط لـ” تعليق سيف ديموقليس” على رأس القطاع المملوك للدولة.

أما الخيط الذي يجمع معا هذين العنصرين المتباينين فيتمثل في مشكلة التطور السياسي في سياق التغير الاجتماعي والاقتصادي السريع، وكيفية بناء مؤسسات مرنة قادرة على التكيف لتلبية الاحتياجات الناشئة لمجتمع حضري صناعي مثل الصين، ومرحلة ما بعد التصنيع في بعض المناطق.

وبالرغم من التغييرات العميقة التي شهدها المجتمع الصيني، واقتصاد الدولة الأسيوية على مدى الثلاثين عاما الماضية، حيث نما الاقتصاد الصيني تسعة أضعاف منذ عام 2000 فحسب، إلا أن الهيكل السياسي للبلاد تغير فقط تدريجيا.

ويمكن القول بدون أي شك، إن الحكومة الصينية في مناح عديدة باتت أقوى وأكثر كفاءة اليوم مما كانت عليه عندما تقلد دنغ شياو بينغ السلطة عام 1978، لكن الهيكل الأساسي الذي وضعه الأخير منذ أكثر من عقدين من الزمان يظل كما هو.

ولأن الاقتصاد الصيني كان ينمو من تلقاء نفسه، كان هذا النموذج كافيا للإيفاء بالغرض، وتركزت مهمته ببساطة على منع السياسة من عرقلة الاقتصاد.

ولكن حملة مكافحة الفساد وتعزيز شي للسلطة تمثل إشارة على أن نموذج اتخاذ القرار القائم على الإجماع الذي وضع دنغ أساسه يمر بمرحلة انهيار.

انتقال القيادة من الرئيس السابق والأمين العام للحزب ” هو جين تاو ” إلى شي كان الأول منذ أواخر السبعينيات الذي لا يحمل مسبقا بصمة دنغ.

وفي أعقاب ويلات الثورة الثقافية البروليتارية العظمى ، والحكم الموجز لما يسمى “عصابة الأربعة”، ارتدى دنغ عباءة القيادة الصينية، وغير الكثير من السياسات الاقتصادية لـ ماو تسي تونغ، لكنه غير أيضا بشكل جوهري المنظومة السياسية للصين.

وبدلا من نموذج ماو الثوري الذي يرتبط بجيشان مستمر، فضل دنغ تطبيق نموذج تطوري يستخدم سياسة الإجماع السياسي لكسر تطرف عهد ماو، وتقويض قدرة أي فرد على إعادة بناء فصيل واضح في مواجهة مصالح جماعات منافسة تتعاون مع بعضها البعض.

ومن أجل تعزيز الاستقرار بشكل متزايد اختار دنغ ، كلا من “هو” وسلفه “جيانغ تسه مين” ضمنا استمرار عقدين من خطط خلافة واضحة المعالم.

وأثتاء النمو الاقتصادي الناجم من المعجزة الصينية التي استمرت زهاء ثلاثة عقود، أثبت نظام الإجماع السياسي فاعلية كبيرة، وكان الغرض الأساسي للحكومة هو تزويد الحزب بالاستقرار والنظام الاقتصادي ككل، والاعتماد بشكل أساسي على ممارسة دور إداري بدلا من قيادة تتسم بالابتكار.

وبالتأكيد لم تخل هذه السنوات من أزمات، لكنها كانت قصيرة الأجل، وكان التأجيل الذي يلي المسكنات هو رد الفعل الحكومي الغالب إزاءها، بدلا من تنفيذ تغيير جوهري في الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التابعة.

ولكن بينما اقتربت الصين من مرحلة انتقال القيادة عام 2012-2013، كان واضحا أنها تدخل مياه مجهولة المعالم.

ولم يتجاوز ذلك الانتقال فقط أي شيء أعد له دنغ، بل حدث في مرحلة بلغ فيه النموذج الاقتصادي لعهد دنغ خط النهاية.

وكحال العديد من النمور الأسيوية قبل ذلك، بلغ النموذج الصيني الذي يعتمد على التصدير والاستثمارات الثقيلة مرحلة لم يعد فيها النمو كافيا لتحمل الأنشطة الاقتصادية،’ وكذلك شهد المجتمع تغيرا أسرع من النموذج السياسي.

الأزمة الاقتصادية العالمية بجانب التباطؤ الاقتصادي المستمر ساهما فقط في تعجيل نهاية الأوقات المريحة للصين، وجعلا الأمر واضحا للقيادات الصينية أنهم لم يعودوا قادرين على تأجيل ما أجلوه طيلة عشرة سنوات، ألا وهو إعادة هيكلة الاقتصاد ليتمكن بصورة أفضل من تنشيط الاستهلاك الداخلي.

ممارسات شي جين بينغ هي الأعراض وليست الأسباب لانهيار النموذج السياسي والاقتصادي لدنغ، وكما كتبنا من قبل، فإن حملة مكافحة الفساد بمثابة عنصر في عملية تطور أوسع نطاقا دافعها إدارك أن الانتقال من النموذج الاقتصادي السابق للصين( المعتمد على صادرات منخفضة التكلفة، واستثمارات التشييد) إلى النموذج الاقتصادي الجديد(المعتمد على الاستهلاك المحلي، والخدمات وصناعات مرتفعة القيمة المضافة)، سوف يكون مصاحبا بفترة تتراوح بين5 إلى 10سنوات من الضغوط السياسة الاجتماعية والاقتصادية والسياسة، وبالتالي لم يعد النموذج القديم، الذي يستمد شرعيته من وعد الازدهار والاستقرار المادي قابلا للحياة.

نحو نظام سياسي جديد

ما تبنيه الصين بدلا من النموذج القديم يبدو نظاما سياسيا أكثر مركزية و شخصنة ، بل هو ديكتاتورية في جوهره تحت حكم شي.

وبالنظر إلى مسار التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الصينية، والحاجة إلى تحفيز الاستهلاك المحلي والصناعات المبتكرة عالية القيمة المضافة، فمن الواضح أيضا أن نجاح النظام الجديد يرتبط بالاختلاف الجوهري عن ذلك النوع من الديكتاتورية التي أسست في عهد ماو.

الحملة ضد تشو وبو أكثر من مجرد صدام شخصي، وتتجاوز قضية فساد رئيسي، بل هي معركة بين نموذجين متنافسين في الحزب، بهدف استمرار السلطة والتحكم في مقاليد الأمور أثناء فترة الانتقال الاقتصادي.

وكذلك يمكن اعتبارها معركة حول الكيفية التي سينفذ بها الاقتصاد الصيني تلك المرحلة الانتقالية.

فمن ناحية، يبدو بو وحليفه وراعيه تشو يعتنقان ما يمكن أن يتصاعد إلى العودة للسياسات الثورية لعهد ماو حيث لا تتكئ الشرعية السياسية على الجهاز الإداري، وبالتأكيد لا تسير داخل إطار سيادة القانون، ولكن يسيطر عليها قبضة قائد صاحب كاريزما، يحتمل أن يكون بو.

أما من الناحية الأخرى، إذا أخذنا التعهدات الأخيرة بتعزيز سيادة القانون وتحسين وظائف الشركات المملوكة للدولة مأخذ الجد، يمكن القول إن شي وحلفاءه يقودون الدفة تجاه شيء آخر مختلف.

وتتجسد رؤية معسكر شي، على ما يبدو، في إطار سياسي يحمل عناصر من ميراث ماو، حيث تكون المركزية والسلطة السياسية والقومية هي الاكثر بروزا، مع الاحتفاظ بوعد دنغ القائم على التغيير التطوري التدريجي لا الثوري.

ومع افتراض أن تسييس الاتهامات ضد تشو هي علامة على انتصار معسكر شي على معسكر تشو وبو، فيما يتعلق بالنموذج السياسي والاجتماعي والاقتصادي للإصلاح الصيني.فلو أن الأمر هكذا، فإن القيادة الصينية، على الأقل علنا، تبحث عن نموذج يتكئ، رغم اعتماده على قيادة مركزية محكمة، على بيروقراطية مستقرة وفعالة ومرتفعة الأداء. كما سيتبع ذلك النموذج بعض مستويات الحماية القانونية لحقوق الملكية الخاصة والفكرية، على الأقل للمواطنين الصينيين، كوسيلة لتحفيز الاستهلاك المحلي والإبداع.

تصريحات الحزب الشيوعي الأخيرة عن أهمية ترسيخ سيادة القانون تمثل تحركات جنينية تجاه تلك الغاية. وينسحب الأمر بالمثل على حملة مكافحة الفساد، لا سيما في تطبيقها لعملية دمج وتبسيط القطاع العام.

السلطوية وسيادة القانون لا تتعارضان جذريا، فيقدم التاريخ أمثلة عديدة لبلدان جمعت بين الحكومة القوية والحماية القانونية لأشياء مثل الملكية الخاصة والعقود دون تبني الديمقراطية، مثل بروسيا في القرن التاسع عشر على سبيل المثال، أو سنغافورة في القرنين العشرين والحادي والعشرين.

وفي خضم محاولات قادة الصين تقوية سيادة القانون والإصلاحات البيروقراطية، لا يحتمل أن تكون تلك الأمثلة بعيدة عن أذهانهم.

لكن المشكلة في تلك المقارنة، هي أن بروسيا في ذروتها عام 1871، كان تعدادها السكاني أقل من 25 مليون نسمة.

وفي نهاية الحروب النابليونية، لم يكن يتجاوز عدد سكانها 10 مليون نسمة، كما أن سنغافورة هي مدينة يبلغ تعداد سكانها 5.4 مليون نسمة.

وعملت قيادات تلك الدولتين على مدى عقود وأجيال متعاقبة على بناء بيروقراطيات عالية الأداء تجمع بين الحماية الفعالة لحقوق الملكية ذات الضرورة التاريخية لدعم الانتقال لاقتصاديات صناعية متقدمة.

تعدد وحجم الاختلافات بين بروسيا وسنغافورة والصين يجعل المقارنة مستحيلة، لا سيما ما يتعلق بهذين المعوقين الأساسيين للصين، ألا وهما التعداد السكاني والزمن.

التغيير التدريجي مقابل التغيير الثوري

كافحت الصين، عبر التاريخ، لمجابهة مشكلة دورية شائعة، تتمثل في كيفية إدارة مثل هذه الدولة الشاسعة.

وتحتاج الحكومة المركزية التي جمعت معا أقاصي الإمبراطورية إلى بناء بيروقراطية والتوسع فيها لإدارة تلك التعقيدات والحجم الهائل للصين.

وعلى مر الزمان، اغتصبت تلك البيروقراطية السلطة من المركز وتحكمت المصالح الضيقة في زمام الأمور.

وفي أوقات الأزمة المحلية، تحاول السلطة المركزية استعادة السلطة والسيطرة لتدرك فقط أن السلطة باتت مشرذمة، حيث تقاوم البيروقراطية التغيير، وينهار النظام غالبا بعد كفاح من أجل الإصلاح، ثم تصعد حكومة مركزية جديدة من رماد سلفتها، وهكذا دواليك.

ولا يبدو الحزب الشيوعي غريبا عن تلك الدائرة، فقد اتبع ماو طريقا ثوريا يسمح بالاضطرابات المستمرة لمنع البيروقراطية من الاغتصاب التام للسلطة من الحكومة المركزية.

وبالمقابل، شجع دنغ البيروقراطية، آملا أن يتسبب الرخاء الاقتصادي في إحداث توازن بين القوى البعيدة عن المركز.

ورغم أن نموذج دنغ كان بمثابة تحول ثوري عن نموذج ماو، لكنه كان مبنيا على تغير تدريجي بطئ وثابت في الصين، يفترض أن الدولة الأسيوية قادرة إلى حد ما على تجنب التحديات التي قابلت الصين على مدى قرون.

الانتقال من هو جين تاو إلى شي جين بينغ، والتحدي الحاضر الذي يمثله ” بو شي لاي ” طرح تساؤلات إذا ما كان نموذج دنغ ما زال قابلا للتطبيق.

الاختلافات بين نموذج شي فيما يرتبط الإصلاحات، وتلك الرؤية التي يتبناها بو تمثلت جزئيا في كيفية السيطرة على الشعب ، لكن يحتاج كلاهما إلى نقل رأس المال من الساحل وحوض نهر اليانغتسى الأكثر تقدما اقتصاديا.

بو الذي بنى عبادة شخصية في تشونغتشينغ، ومزج القومية الصينية بتبجيل الحزب كان على ما يبدو في سبيله لتبرير ذلك من خلال البروباجندا الثورية المرتبطة بنموذج ماو المرتبط بتسخير الغالبية العظمي من المحرومين اقتصاديا من أجل إعادة توزيع الثورة.

وعلى الجانب الآخر، يلجأ شي إلى تعزيز سلطته، والسيطرة على نحو متزايد، كما يبدو أنه يسير في طريق أكثر تدرجا لإعادة تشكيل المشهد الاقتصادي في الصين، بدلا من تبني الأيديولوجية الثورية الماوية.

آلة شي الدعائية ترسمه تقريبا كما لو كان رئيسا أمريكيا أو زعيما أوروبيا، وفي صورة القائد الأكثر تأهيلا للمضي قدما بالصينيين خلال الأوقات الصعبة.

وبالرغم من تسخيره نمطا من القومية أو الوطنية المتطرفة، فإنه يستهدف ضمان موافقة كافة الصينيين على السياسات وليس انقلاب الأطراف على بعضها البعض.

السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه يتعلق بإذا ما كانت الصين لديها من الوقت الكافي لتحمل تغيير تدريجي تطوري.

ثمة أقطار أسيوية أخرى مرت بتحول اقتصادي وسياسي ملحوظ أمثال اليابان في عهد ميجي وكوريا الجنوبية في عهد بارك تشونغ-هي، حيث حققتا تغييرات أكثر جذرية وسرعة، وهو أمر قد يفرض على القيادات الصينية.

ولكن كلا من اليابان وكوريا الجنوبية فعلتا ذلك في وجود نظام توزيع اجتماعي رئيسي، ويد غليطة تقبض زمام الأمن القومي.

وبالرغم من أن سنغافورة وحتى بروسيا قد تكونا نموذجين مثاليين للصين من حيث القدرة على التحول والاحتفاظ على سلطة مركزية محكمة، إلا أن كلا من لي كوان يو والقيصر لم يكن يتعين عليهما إدارة تعداد سكاني يبلغ زهاء 1.4 مليار نسمة، يعاني أكثر من ثلثيهم من التجاهل خلال ثلاثة عقود من وعود الثراء.

وستؤثر محاولات الصين الانتقال بعيدا عن الصناعات منخفضة القيمة والتحفيزات الحكومية سلبا على الممتهنين بذلك الطيف من الصناعات.

التغير التدريجي في النموذج الاقتصادي الصيني سيسمح لبكين بالاحتواء البطئ لهؤلاء العمال المشردين، لكن ما ليس مؤكدا هو امتلاك بكين الوقت للسماح لهذا التغير البطئ.

المصدر

إقرأ المزيد

الصين تجلى رعايا أجانب من اليمن أجواء الحرب تؤجل زيارة الرئيس الصيني لمصر والسعودية بالفيديو.. عادل صبري: الأفلام الصينية طريق لفتح آفاق جديدة لمصر