يُعد «أغنى رجل في بابل» من أكثر الكتب التي يتم ترشيحها لأولئك المهتمين بفنون الادخار ومعرفة طرق الثراء. كاتبه هو رجل الأعمال الأمريكي «جورج كلاسون»، الذي يملك سلسلة من الكتيبات في مواضيع اقتصادية مختلفة. وعلى الرغم من نشر الكتاب في التسعينيات، إلا أنه ما زال أكثر الكتب مبيعًا في مجال الاقتصاد. وفي هذا المقال سوف نعرض أهم ما تناوله الكتاب لنجني نصائحه المثمرة.

قوانين الحصول على المال

اليوم يحكم المال نفس القوانين التي كانت تحكمه قديمًا، حيث كانت شوارع بابل تضج برجال أثرياء قبل ستة آلاف عام.

يحدثنا الكتاب عن أغنى رجل في بابل، ويمضي في الحديث عن أهم القوانين والالتزمات التي اتبعها هذا الرجل حتى سلك طريق الثراء. والتي أهمها ما يلي:

1. ادخار عشر المكسب

«جزء من كل ما تكسب هو ملك لك فاحتفظ به»… كانت تلك هي القاعدة الأولى لـ «أركاد» أغنى رجل في بابل، ضمن قواعد الحصول عل المال، ولا يجب أن يقل هذا الجزء عن العُشر مهما كان ما تكسبه ضئيلاً؛ فعليك أن تدفع لنفسك أولاً قبل أن تدفع لحائك ثيابك وصانع الأحذية وأن تدفع مقابل الطعام.

2. استثمر ما تدّخره

إذا أردت أن تصبح ثريًا فيجب أن تستثمر ما تدخره فيعود عليك بالمال، ومن ثَمَّ الاستثمار في ذلك المال العائد إليك. كل هذا يعين على الوصول إلى الرفاهية التي تتطلع إليها.

3. ينبغي لكل أحمق التعلم من حماقته

نجد في الكتاب أن أول محاولة لـ «أركاد» للاستثمار في ماله باءت بالفشل؛ إذ دفع بكل أمواله لصانع «القرميد» الذي يسافر عبر البحار ليشتري له جواهر نادرة، ومن ثَمَّ يمكنه بيعها في بلده بثمن مرتفع. وفي هذا التصرف حماقة كبيرة، إذ أنى لصانع الطوب أن يكون على دراية بالجواهر.

«من يأخذ النصيحة بشأن مدخراته من منْ هو ليس أهلاً لذلك ولا خبرة له بهذه الأمور، سيدفع مدخراته ليثبت زيف آرائهم».

4. ما قوة الإرادة إلا عزم لا سبيل لزعزعته

يقول أغنى رجل في بابل: «إذا عهدتُ لنفسي بمهمة ما مهما كانت تافهة فسأنجزها، فإذا عهدت لنفسي لمدة مائة يوم أن ألتقط الحصى من الطريق حين أعبر الكوبري بالمدينة وألقيه في الجدول؛ فسأفعل، وإذا كان اليوم السابع ومررت دون أن أتذكر؛ فلن أقول لنفسي غدًا سألقي اثنين من الحصى فيكون كل شيء على ما يرام، بل سأعود أدراجي لإلقاء الحصى…».

سبعة حلول للحافظة الخاوية

1. الحل الأول: ابدأ بملء حافظتك

يبدأ الحل الأول لملء الحافظة الخاوية بالعمل؛ فالعمل هو السبيل لتجني منه قوت يومك. وهناك العديد من الأعمال والتجارة التي تعد سبيلاً لكسب العيش وبالتالي سبيلاً للأموال التي يمكن أن تحول جزءًا منها لحافظتك الشخصية؛ فإذا كنت تجني من عملك عشر قطع نقدية، أنفق تسعًا منها فقط (ادخار عشر المكسب كما أشرنا سابقًا).

2. الحل الثاني: تحكم في نفقاتك

يُعد التحكم في النفقات من أكبر المشكلات التي تواجهنا عند العمل على ادخار جزء من أموالنا، ويضع الكتاب حلاً لتلك المشكلة بنصيحة مهمة تتمركز حول التأمل بعناية للعادات الحياتية المألوفة، حيث إنها غالبًا ما تضم بعض النفقات المقبولة التي يمكن تقليصها أو محوها بحكمة؛ فإنفاق كل قطعة نقدية يكون مقابل شيء يستحق بنسبة 100%، ويجب أن يكون ذلك هو الشعار الذي نتبعه في طرق نفقاتنا.

3. الحل الثالث: اعمل على مضاعفة مالك

الحل الثالث لعلاج الحافظة الخاوية هو الاستثمار. يجب أن تستثمر كل قطعة معدنية حتى تعود عليك بمثلها.

«إن ثروة المرء ليست في العملات التي يحملها في حافظته، بل في الدخل الذي يصنعه… في الجدول الذهبي الذي يتدفق باستمرار في حافظتك، فيجعلها دائمًا منتفخة».

يحرص الكتاب على نصيحة المستثمرين بعدم إنفاق عوائد استثمارهم الأول. فهذا العائد يجب أن يُوضع مرة أخرى في الاستثمار لتضمن نمو استثمارك وكسب المزيد من الأموال. «لقد أنجبت من مكاسبي المتواضعة قطيعًا من العبيد من العملات الذهبية، يسعى كل منهم ويكسب المزيد من المال، وكما عملوا هم لصالحي، عمل أبناؤهم وأبناء أبنائهم كذلك حتى صار الدخل من جهودهم المتضافرة دخلاً عظيمًا».

4. الحل الرابع: حافظ على ثروتك من الضياع

يشير الكتاب إلى أن أول قاعدة من قواعد الاستثمار هي فكرة تأمين رأس المال. فليس من الحكمة أن تنخدع بالمكاسب الكبيرة التي قد يضيع فيها رأس مالك. وبالرغم أن ثمن المجازفة هو احتمال الخسارة، إلا أنه عليك أن تدرس جديًا -قبل أن تخاطر بثروتك- كل ضمان يكفل استردادها آمنة.

ولعل أهم تلك الضمانات التي أشار إليها الكتاب هي الآتي:

  • لا تنخدع برغبتك الخيالية في صنع ثروة سريعة، وقبل أن تعهد بها لأي رجل من أجل الاستثمار تأكد بنفسك من قدرته على ردها، ومن سمعته في هذا المجال، حتى لا تُقدَّم له بحماقة ثروتك التي تكبدت المشقة في جمعها.
  • قبل أن تقدم ثروتك كاستثمار في أي مجال، اطلع أولاً على المخاطر التي تُحيط به.
  • لا تثقوا كثيرًا بقراراتكم في إيداع ثرواتكم فيما قد تكون شراك الاستثمارات. ومن الأفضل أن تأخذوا الحكمة من أصحاب الخبرات.

5. الحل الخامس: اجعل من منزلك استثمارًا مُربحًا

يوصي الكتاب بأن يمتلك كل رجل السقف الذي يأويه هو وأسرته. فكثيرٌ من الرجال يعيشون مع أسرتهم في منازل لا يعود ملكها لهم، بل إلى صاحب العقار الذي يقطنون فيه، وكل شهر يقومون بسداد إيجار سكنهم إليه.

ويعرض الكاتب على أولئك المُستأجرين حلاً آخر يتمثل في الاقتراض لشراء أرض من تلك الأراضي التي تكون غير مُستغَلة، ويمكن شراؤها بسعر معقول، ومن ثَمَّ بناء المنزل عليها. ويكون سداد ذلك القرض بدفع أقساط شهرية إلى مُقرِضي المال. وبذلك يستبدل الرجل دفع قسط منزله الخاص بدفع الإيجار إلى صاحب العقارات.

6. الحل السادس: اضمن دخلاً ثابتًا للمستقبل

ينبغي لكل شخص أن يضمن دخلاً مناسبًا للأيام القادمة حين يمضي الشباب. وهناك طرق عديدة يمكن للمرء أن يؤمِّن بها مستقبله، ويُرجِّح الكاتب أن يبتاع المرء منازل أو أراضي لهذا الغرض، وأن يتم انتقاؤها بحكمة من حيث نفعها وقيمتها في المستقبل.

7. الحل السابع: زوّد قدرتك على الكسب

وفي هذا الحل لا يتحدث الكاتب عن المال، بل يتحدث عن الأشياء التي توجد بعقول وحيوات البشر وتعمل لصالح أو ضد النجاح.

«قبل الإنجاز يجب أن تتوفر الرغبة فيه، ويجب أن تكون تلك الرغبات قوية ومحددة. الرغبات العامة ما هي إلا أمنيات ضعيفة. فأن يتمنى الرجل أن يصبح ثريًا فهذا هدف واهٍ، أمّا أن يرغب الرجل بخمس قطع نقدية من الذهب فتلك رغبة ملموسة يستطيع العمل على تحقيقها، فبعد أن يُعزّز رغبته في خمس قطع نقدية يستطيع إيجاد سُبل مماثلة للحصول على عشر قطع ثم عشرين قطعة… وأخيرًا ألف عملة نقدية، ليكتشف فجأة أنه صار ثريًا، فحين يتعلم تحقيق رغبته الصغيرة المحددة، فهو يدرب نفسه على تحقيق رغبة أكبر، تلك طريقة جمع الثروة؛ فتكون أولاً في صورة مبالغ صغيرة، ثم مبالغ أكبر كلما تعلم المرء وصار أكثر حنكة».

كما يحث الكاتب على الحرص على تحسين أداء العمل والمثابرة في بذل الجهد لما له من صلة وطيدة بزيادة القدرة على زيادة الكسب.

«فهذا الرجل الذي يسعى لتعلم المزيد من حرفته سيكافأ بسخاء، فإن كان حرفيًا ربما سعى لمعرفة أفضل الأساليب والأدوات التي يستخدمها أمهر الحرفيين في هذا المجال، وإذا كان يعمل بالقانون أو الطب، لعله يستشير ويتبادل المعرفة مع الآخرين ممن يعملون بمجاله… فالرجال الأذكياء يسعون لتعلم مهارة أكبر”.

الحظ السعيد والحذر القليل والتخطيط المناسب

لا يؤمن الكاتب بالحظ، إنما يؤمن بأن المرء يجلب الحظ إليه بأن ينتهز الفرص؛ فالحظ السعيد عادة ما يتبع الفرصة، ونادرًا ما يصادفنا بطريقة أخرى.

يمضي الكتاب بعد ذلك في الحديث عن مرحلة ما بعد الربح، فعند كسب الأموال نقابل في حياتنا محاولة الكثير للتقرب منّا، وربما الاقتراض منّا كذلك، وهنا ينصح الكاتب الشخص الذي يقوم بالإقراض ومساعدة غيره قائلاً: «إن أردت مساعدة صديق لك، عليك أن تفعل ولكن بطريقة لا تجعلك تتحمل أعباء صديقك». فينبغي أن يكون المُقرِض حكيمًا؛ فيستطيع أن يرى إذا كان المُقترض قادرًا على رد مبلغ الدين أم لا. كما على المُقرِض أن يحتفظ بـ رهن من كل شخص أقرضه حتى يرد القرض إليه.

في نهاية الكتاب يؤكد الكاتب على ضرورة وضع خطة لما يتم كسبه من مال، حتى لأولئك أصحاب الديون الذين يظنون بعدم جدوى تلك الخطط لهم. وتتضمن تلك الخطة أن يكون سبع أعشار الدخل للمصاريف اليومية، وعشر الدخل يتم ادخاره مهما كان ما عليك من ديون، فذلك العشر يمكن تصور وكأنه لم يكن موجودًا من الأساس. أما العُشران المتبقيان فهما لسداد الديون، حيث على المدين أن يُسدد ما عليه من ديون إذا كانت كبيرة، بدفع عُشرين ما يكسب شهريًا للدائنين، وذلك بالاتفاق معهم على تقسيط السداد. وبذلك يمكنه الإنفاق على احتياجاته وتسديد ديونه والادخار في آن واحد.