أكثر من 50 مليون حول العالم لديهم حساسية من نوع ما من الطعام، وتشير الإحصائيات إلى أن حساسية الطعام  تؤثر على 4% – 6% من الأطفال، و4% من البالغين، وهي أكثر شيوعًا عند الرضع والأطفال، لكنها قد تظهر في أي مرحلة من مراحل العمر.

وتعتبر حساسية الطعام عند الأطفال واحدة من أبرز المشاكل التي تؤرق أمهات الرضع عند بدء الفُطام، ولكن هل حساسية الرضع لبعض أنواع الأغذية تصير مشكلة دائمة، أم أن هناك طرقًا للتغلب عليها؟

تختلف حساسية الطعام من طفل لآخر ومن شخص لآخر حتى عند الكبار، ولأن الحساسية الغذائية متنوعة، فمن المهم التعرف على أنواعها، لكن على الجهة الأخرى ما يهم الأمهات هي أنواع الحساسية عند الرضع والصغار الذين لا يستطيعون التعبير عن أنفسهم، لذلك نقدم لك بعضًا من أنواعها وكيفية التعامل معها.

كيف أعرف أن طفلي مصاب بحساسية الطعام؟

 على الرغم من الاختلاف في أسباب وأعراض الحساسية  فإن هناك لبسًا كبيرًا حول  حساسية الطعام وعدم تحمل الطعام، الفرق بينهما: أن عدم تحمل الطعام، هو تفاعل الجسم تجاه الأطعمة التي لا يستطيع هضمها بصورة سليمة، مثل حالات عدم تحمل اللاكتوز الذي ينتج عن نقص إنزيم اللاكتاز الضروري لهضم سكر اللبن المعروف باللاكتوز.

أما الحساسية للطعام: فهي استجابة غير طبيعية من جهاز المناعة تجاه أنواع معينة وغير ضارة للجسم من الطعام حتى لدى تناولها بكميات ضئيلة جدًا.

تحدث الحساسية من الطعام عندما يخطئ جسمك في تعريف البروتين في بعض الأطعمة ويصنفه كمادة مضرّة بالجسم وينتج عن ذلك ردة فعل تحسسية جرّاء مقاومة الجسم الذي بنظره هو بروتين ضار.

الأعراض

تظهر حساسية الطعام لدى الأطفال من خلال أعراض كثيرة ومتنوعة إلا أن أكثرها شيوعًا مرتبطة بالجهاز التنفسي، إضافة إلى المشاكل الجلدية، كما تظهر أعراض بنسبة أقل في الجهاز الهضمي.

1. الإسهال أو الإمساك: الإسهال هو عرض منتشر بين الرضع على وجه التحديد، ولكن في حالة تكرار الإسهال أكثر من 4 مرات يوميًا، فمن الممكن أن يكون مؤشرًا واضحًا على أن الطفل يعاني من حساسية الحليب والبروتين، وبالأخص إذا وجدتِ دمًا في براز الطفل. وفي بعض حالات الصغار، يحدث الإسهال كثيرًا أيضًا، وأحيانًا الإمساك، وأحيانًا أخرى يتناوب على الطفل الحالتين في وقت واحد، وعندها يعد مؤشرًا على أن طفلك يعاني من حساسية الجلوتين.

2. آلام في البطن وانتفاخات زائدة: يعاني الرضع بشكل عام من الانتفاخات في معظم الوقت، ولكن إذا لاحظتِ حدوثها مع باقي الأعراض الأخرى بالتوازي، فهذا مؤشر على وجود نوع من الحساسية، سواء كانت الحليب أو البروتين أو الجلوتين.

3. القيء المستمر: يعاني جميع الرضع من القيء، ولكن هناك حالات يكون واضحًا فيها أنها غير طبيعية مثل استمرار القيء لمدة ساعة أو أكثر، ومع كل مرة يتناول فيها الحليب أو أي من البروتينات ومنتجات القمح ومشتقاته.

4. انخفاض أو عدم زيادة في الوزن: معظم الرضع يتضاعف أوزانهم عند بلوغ ستة أشهر، ويصبح وزن الرضيع ثلاثة أضعاف مع بلوغ عامه الأول، ولكن في حالة معاناته من حساسية أحد الأطعمة، أو كانت تتكرر لديه حالات الإسهال والقيء بشكل مستمر، بالتأكيد لن يزيد وزنه بشكل طبيعي وسيكون عرضة للإصابة بالنحافة.

5. الطفح الجلدي: هناك العديد من الأسباب للطفح الجلدي عند الرضع مثل الإكزيما، فحساسية الحليب والجلوتين تكون أحد الأسباب المحتملة، خاصة في حالة حدوث طفح جلدي مع وجود الأعراض الأخرى.

6. البكاء المستمر والألم دون أسباب واضحة: لا يوجد رضيع لا يبكي، ولكن البكاء باستمرار ولفترات طويلة من الزمن غير طبيعي، عندما لا يكون هناك سبب واضح للألم مع بكاء هستيري، يحدث أحيانًا بسبب آلام المعدة والأمعاء التي تكون ناتجة عن حساسية البروتين أو الجلوتين.

7. مشكلات في التنفس: إذا لاحظتِ على رضيعك صعوبة في التنفس، وخصوصًا عند النوم، وتأكدتِ من عدم إصابته بدور برد أو أنفلونزا أو أي من الأمراض الأخرى، فإن حساسية الجلوتين والألبان لها تأثير سلبي على الجهاز التنفسي، ومن الممكن أن تكون سببًا في عدم قدرته على التنفس بشكل سليم.

بادر إلى زيارة الطبيب أو اختصاصي أمراض الحساسية إذا كنت تعاني من أعراض الحساسية بعد وقت قصير من تناول الطعام، وإن كان ذلك ممكنًا، فاستشر الطبيب عند ظهور تفاعل الحساسية لدى طفلك؛ فهذا سيساعد الطبيب في إجراء التشخيص قبل تفاقم الأمر.

ما هي أنواع الحساسية؟

1. الحساسية للحليب: تعتبر الحساسية للحليب ومنتجات الألبان واحدة من أكثر أنواع الحساسية انتشارًا بين الرضع، ولكن لحسن الحظ تقل نسبة الرضع المصابين بالحساسية للحليب إلى النصف في العام الأول من العمر. هناك فارق كبير بين حساسية الحليب وحساسية اللاكتوز عند الرضع، فقد يظن البعض أنهما واحد، لكن الفرق أن الأول حساسية ضد بروتين الحليب، بينما حساسية اللاكتوز ضد سكر الحليب -اللاكتوز-. أما عدم التحمل فهو حالة أقل من الحساسية تعني أن الجهاز الهضمي غير قادر على هضم الحليب لكنه لا يسبب أعراض حساسية.

2. حساسية القمح عند الأطفال: غالبًا ما تبدأ الأم بالقمح عند إدخال الطعام للطفل الرضيع، مثل (السيريلاك) أو الخبز، ولكن القمح من أشهر الأطعمة التي تسبب الحساسية، خصوصًا في وجود تاريخ عائلي بالإصابة بالحساسية لأطعمة مختلفة، ولذلك يجب أن تكوني على وعي بالعلامات التي تدل على إصابة طفلك بالحساسية القمح.

علامات حساسية القمح عند الرضع:

أ. علامات جلدية: وتشمل الطفح الجلدي وتورم الوجه والشفتين. ويمكن أن تظهر إكزيما (التهاب جلدي)، وهذه الأعراض غالبًا ما تظهر فور تناول القمح.

ب. انتفاخ البطن: ملاحظة إصابة طفلك بالانتفاخ واحمرار البشرة عند إطعامه طعامًا لديه حساسية منه.

ج. أعراض في الجهاز الهضمي: وتشمل حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي لدى الأطفال، مثل الانتفاخ أو القيء أو الإسهال أو الإصابة بالمغص.

د. أعراض في الجهاز التنفسي: وهذه الأعراض متنوعة وتشمل: الصفير عند التنفس، والتنفس بصوتٍ عالٍ، واحتقان الأنف والزكام، وصعوبة التنفس والبلع.

وقد يتطور الأمر إلى الإصابة بما يعرف بصدمة الحساسية (حساسية حادة)، وهو ما يستلزم الرجوع للطبيب فورًا لتشخيص الحالة واتخاذ الإجراءات العلاجية اللازمة.

3. حساسية البيض: تُلاحظ عادة في الرضع عن طريق ملاحظة اﻷب واﻷم بأن الطفل يتعب بعد تناوله البيض بفترة وجيزة، أو يشعر بالحكة، أو أي تغيير يطرأ عليه، وهنا يُنصح بالتوجه للطبيب لمعرفة هل الطفل مصاب بالفعل بحساسية البيض، قبل منع الطعام (البيض) عنه من قبل الأهل.

4. المكسرات: إن الحساسية التي تحدث عند بعض الأشخاص نتيجة تناول المكسرات تعد نوعًا من أنواع الحساسية الدائمة، والتي تكون مدى الحياة، ومن أكثر ردود الفعل شيوعًا عند تناول االمكسرات هي تورّم في الفم والبلعوم والحكة وآلام في المعدة وتقيؤ وانتشار الأكزيما، الفول السوداني عندما يتعرض الجلد المصاب ببعض الخدوش للفول السوداني أو للزيت الذي يتم استخلاصه منه، فإن ذلك قد يثير شكلًا من أشكال الحساسية.

كيف يمكن أن تكون الأم أكثر حرصًا في رصد أي تغيّرات لدى طفلها في حال إصابته بحساسية ضد أطعمة معينة؟

تعتبر مراقبة الأم لطفلها ضرورية من البداية، إذ يجب أن تكون حريصة على مراقبة جلد الطفل وحفاظاته وما إذا كان كل شيء طبيعيًا لديه، ومن خلال مراقبته يمكن أن تعرف ما إذا كانت لديه حساسية.

لتجنب ردة فعل الحساسية لدى الطفل أو على الأقل للحد من حدتها، ثمة إجراءات وخطوات يمكن اتخاذها:

الخطوة الأولى: احتفظي بمذكرة للأعراض التي طرأت والأطعمة التي تم تناولها حديثًا، فإذا تبين بوضوح ظهور أعراض محددة قد نتجت عن تناول طعام بعينه فانتقلي مباشرة إلى الخطوة الثانية. وإن لم يكن الأمر كذلك عليك تسجيل الأطعمة والأعراض المصاحبة لها لمدة أسبوعين. عند ظهور أعراض الحساسية على الطفل قومي بتدوين الأطعمة التي تناولها في الوجبة السابقة.

بعد أسبوعين راجعي السجل لتحديد الأطعمة التي تكرر تناولها في الأيام التي ظهرت فيها الأعراض، ولكن لا بد أن تتوقعي بعض الاختلافات نتيجة لاختلاف كمية الطعام التي تم تناولها. تذكري أنه على الرغم من إمكانية حدوث ردود الفعل اللا وقائية نتيجة تناول كميات صغيرة من الأطعمة التي تسبب الحساسية، إلا أن هناك أعراضًا أخرى تزيد بزيادة كميات الأطعمة التي تم تناولها (كالإسهال)، ولكن ليس إلى درجة الخطورة، قد تسوء حالة رد فعل الطفل للطعام حال كان الطفل مريضًا بحساسية مفرطة، وربما ينتج عن إعادة تقديم الطعام أذى للطفل. يجب مراجعة الطبيب قبل القيام بهذه الخطوة.

الخطوة الثانية: توقفي عن تقديم الطعام المشتبه فيه لمدة أسبوعين. سجلي أي أعراض تظهر خلال هذه الفترة، فإذا كنت قد أوقفت تقديم الطعام الذي كان فعلًا هو السبب في ظهور الحساسية فإن جميع الأعراض يجب أن تختفي؛ ذلك أن حالة غالبية الأطفال تتحسن خلال يومين، وتتحسن حالتهم جميعًا بعد أسبوع واحد من التوقف عن تناول الطعام الذي يسبب الحساسية.

الخطوة الثالثة: تقديم الطعام المشتبه فيه للطفل مرة أخرى: (تنبيه: يجب عدم الإقدام على هذه الخطوة بتاتًا إذا كان الطفل قد أصيب برد فعل حاد أو رد فعل لا وقائي للطعام). إن الغرض من ذلك هو إثبات أن الطعام المشتبه فيه هو السبب الحقيقي للأعراض التي ظهرت على الطفل.

 قدمي له كمية صغيرة من الطعام المشتبه فيه، يجب أن تظهر نفس الأعراض في أي موضع خلال 10 دقائق إلى ساعتين بعد تناوله. يجب مراجعة الطبيب أو العيادة قبل قيامك بهذه الخطوة.

الخطوة الرابعة: عدم تقديم الطعام الذي يسبب الحساسية؛ يجب أن يمنع هذا ظهور الأعراض على الطفل، إذا كنت تقومين بإرضاع الطفل طبيعيًا، فتوقفي عن تناول الطعام الذي يسبب الحساسية له إلى أن يحين وقت فطامه؛ فقد تمتص عناصر الحساسية من طعامك وتفرز مع حليب الثدي. وينصح بالاتصال باختصاصي تغذية إذا كانت لديك أية أسئلة بهذا الخصوص.

الخطوة الخامسة: تقديم البديل للمفقود من الفيتامينات أو المعادن: لا يسبب نقص نوع واحد من الأطعمة عادة أي آثار جانبية، ولكن إذا تم الامتناع عن تقديم مجموعة طعام رئيسية (كمنتجات الألبان) فإن ذلك قد يؤدي إلى إصابة الطفل بنقص الكالسيوم، إلا إذا تم تعويضه عن هذه المواد بطريقة مناسبة. ينصح بالاتصال بالطبيب أو اختصاصي تغذية للاستفسار حول هذا الموضوع.

الخطوة السادسة: من الضروري تجنب الأطعمة الصلبة التي يعجز الطفل عن مضغها وبالتالي عن هضمها كالعنب والجزر والتفاح والنقانق والفشار والسكاكر الصلبة والفستق.

أخيرًا وليس آخرًا: إذا طرأ أمر ما غير المعتاد عليه نلجأ إلى الطبيب فورًا للتدخل السريع قبل تفاقم المشكلة، فقط يتطلب الأمر عزيزتي جرعة من الصبر والانتباه والملاحظة من أجل الحرص على سلامة صغيرك، فبلا شك لا يوجد أغلى من صحة طفلك.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.