على عكس جمال طقسه يطل علينا أبريل كل عام بمزحة -إن جاز التعبير عنها بالمزحة- أو كذبة أبريل كما يُطلق عليها المُعظم.

الرغبة في افتعال خدع أو مواقف كوميدية بالتأكيد ليس بالشيء السيئ ولكن تكرار نفس الشيء في نفس الموعد من كل عام هو السخافة بعينها حيث يفقد الخداع بغرض المرح ميزته وهي المُفاجأة ويصبح الكُل مُنتظر الأول من أبريل لتلقي الأخبار وعدم تصديقها!. يُقال إن السبب في تكرار تلك العادة هو أن «شارل التاسع» وضع تقويمًا مُعدّلاً وجعل الناس تحتفل برأس السنة الميلادية من 21 مارس/آذار إلى 1 أبريل/نيسان إلى أن قام «جريجوري الثالث عشر» ليجعل احتفالات رأس السنة من 25 ديسمبر/كانون الأول إلي 1 يناير/كانون الثاني وبالتالي بدأ الناس بالسخرية ممن ظلوا يحتفلون في أول أبريل لأنهم ما زالوا يُصدقون كذبة أبريل.

لم يتم التأكد من مدى مصداقية بداية العادة ولكنها على الأرجح الرواية الأكثر صحة، يُقال أيضًا إن بدايتها كانت في الهند حيث كان يخرج الفقراء وأصحاب الأعمال البسيطة ويقوم كل منهم بمهمة أخرى غير عمله ولا يكشف للناس عن حقيقته إلا في نهاية اليوم.


كيف تصنع حربًا أهلية؟

لم يترك أبريل كرة القدم وشأنها بل أشركها معه في لعبته السنوية، وفي الأول من أبريل كل عام يتم إطلاق الشائعات الخاصة بكرة القدم حيث تكون أخبارًا غريبة وصعبة الحدوث والتصديق، العجيب أنه مع نوع الخبر وغرابته وموعد إطلاقه وما زال الكثيرون يقعون في الفخ.

الشائعات رغم سخافة الكثير منها كان بعضها يستحق أن تلتفت إليه نتيجة الحرفية الشديدة في صياغة الخبر خاصة المُتعلق بانتقالات اللاعبين كالذي حدث تحديدًا في 1989 حيث قامت مجلة «shoot» بإطلاق قذيفة وليس خبرًا، «أيان راش» إلى إيفرتون.

الويلزي أيان راش أسطورة ليفربول في ثمانينيات القرن الماضي والهداف التاريخي للريدز والفائز معهم بكل الألقاب المُمكنة فجأة ينتقل إلى إيفرتون الجار والعدو التاريخي، تخيل ردة فعلك كمشجع لليفربول.

الأمر لم يكن بتلك البساطة التي تجعل المُشجعين يعتقدون أنها مُجرد مُزحة ليس بسبب غرابته وحسب بل لأن راش بالفعل كان مُرتديًا قميص إيفرتون بالاتفاق مع المجلة، كما أن أحد مديري أعماله صرح بأن لون تيشيرت إيفرتون الأزرق يُلائم لون عين أيان راش!، عمل أكثر من رائع من مجلة «shoot».

أيان راش بقميص إيفرتون علي غلاف مجلة shoot
أيان راش بقميص إيفرتون على غلاف مجلة shoot

على العكس لم يكن موقع جول بتلك البراعة عندما قرر مرواغة جمهور برشلونة بادعاء انتقال النجم «ليونيل ميسي» من برشلونة إلى ريال مدريد في الأول من أبريل/نيسان من عام 2016، فالصورة الموضوعة لميسي كان من الواضح أنها مُفبركة، كذلك قمصان ميسي البيضاء في متجر ريال مدريد.

كما أن الخبر كان يحتوي على تصريحات لا يُصدقها عاقل عن ليونيل؛ مثل أنه طلب 50 مليون يورو في السنة الواحدة وأن هذا ليس بكثير على رجل بمكانته ويخت بمساحة 2000 متر مثل «رومان أبراموفيتش» رئيس تشيلسي، وأنه اقترح على إدارة برشلونة بيع الكامب نو لتمويل تلك المطالب رفضوا حينها تحطم قلبه وقرر الانتقال لريال مدريد. الأمر كان يحتاج إلى حرفية أكثر من ذلك بكثير.


السخرية من مويس وأحلام فيرديناند وانهيار جوزيه

لم يسلم المدربون أيضًا من شائعات بداية الربيع، حيث أراد «يورجن كلوب» أن يضم «ديفيد مويس» كمساعد في طاقمه الفني حسب موقع «empireofthekop» الذي كان أكثر خفة ولطفًا من حيث ابتكار تصريح على لسان يورجن يقول فيه إنه يُريد أن يلعب كُرة أكثر مللًا في موسم 2016/2017 ومويس مُلائم لهذا. الموقع مشهور بتشجيعه لليفربول وبالتالي سخريته من مُدرب درّب إيفرتون ومانشستر يونايتد ليس بالشيء بالمُفاجئ.

نظل في الشمال الغربي لإنجلترا حيث قام فيرديناند تلك المرة بخداع جمهور اليونايتد حين قام بوضع صورة له بالملابس الرسمية في مدخل ملعب الأولد ترافورد مُدعيًا أنه سيقوم بتولي مُهمة تدريب النادي بعد لويس فان جال زاعمًا بأنه فصل جديد في حياته وأنه تم توقيع العقود بالفعل.

فيرديناند علي حسابه الشخصي علي تويتر يعلن توليه مسئولية تدريب الشايطين الحمر
فيرديناند على حسابه الشخصي على تويتر يعلن توليه مسئولية تدريب الشياطين الحمر

أما في لندن فبعد إقالة مورينيو من تدريب تشيلسي الموسم الماضي خرج علينا موقع جول بخبر تدريب جوزيه مورينيو لمُنتخب نيجيريا وزعم جول بأن مورينيو صرّح بسعادته البالغة بإكمال سلسلة الفرق الكبرى التي دربها مثل تشيلسي وإنتر وريال مدريد، وأنه يريد إثبات أحقية نيجيريا بلقب أقوى فريق في القارة ومساعدته للتأهل في كأس العالم.


البيتزا طعام للأسود والملاعب حمراء في ألمانيا

لم تكتفِ الصحافة باختلاق القصص والدعابات حول اللاعبين والمُدربين فقط بل وطالت الإشاعات الأندية أيضًا وأحيانًا الاتحادات الوطنية. فهنا جريدة «الأس» الإسبانية الشهيرة تقوم بنشر خبر يدّعي أن ريال مدريد وبرشلونة سيقومان بإنشاء فريقي كريكيت، من المعروف أن كليهما يمتلك فريقين لكرة القدم وكرة السلة فقط.

كما قامت الأس بفبركة تصريحات على لسان مُدرب فريق برشلونة للكريكيت -غير المتواجد أساسًا- الهندي « وهاداي ايست » يقول فيه إن ميسي شخصية تُحب القتال.

وفي ألمانيا داعب الموقع الرسمي للبوندسليجا جماهيره بخفة ظل شديدة حينما زعم أن أندية ألمانيا ستقوم بتغيير لون أرضية الملاعب طبقًا لألوان قمصان فرقها، فسيقوم بايرن ميونخ بجعل أرضية ملعب الأليانز أرينا حمراء، بينما في ديربي الرور بين شالكة ودورتموند لن يتم تغيير لون الأرضية لأن شالكة يرتدي اللون الأزرق ودورتموند يرتدي اللون الأصفر وجمع اللونين سيصبح أخضر وبالتالي لا حاجة لتغيير لون العشب.

أما في إنجلترا قامت جريدة «الصن» بأن الاتحاد الإنجليزي قد قام بتوقيع عقد رعاية مع «بيتزا هات» بعد كأس العالم 2018 بقيمة 24 مليون إسترليني مُقابل ارتداء لاعبي المُنتخب قمصان تحمل شعار بيتزا هات.

الأمر لا يبدو غريبًا حتى تستخدمه الصحافة خدعة، ولكن بالنظر إلى مُدرب المُنتخب «جاريث ساوثجيت» والذي كان لاعبًا لإنجلترا في يورو 1996 بل وكان سببًا في خروج المنتخب الإنجليزي عندما أضاع ضربة جزاء أمام مُنتخب ألمانيا في نصف النهائي، قامت بعدها بيتزا هات بحملة دعائية كبيرة كان ساوثجيت بطلها مع ستورات بيرس وكريس وادل اللذين أضاعا ضربتي جزاء في كأس العالم 1990 أمام ألمانيا الغربية، حيث يقول بيرس في الإعلان إنه استغرق ست سنوات فقط لينسى ضربة الجزاء الضائعة في سخرية واضحة.


الوجه الطفولي لتشارلتون أتليتك وليفربول

خارج الصحافة قررت بعض الأندية اللعب مع جماهيرها مثلما فعل نادي «تشارلتون أتليتك» في بداية أبريل/نيسان من عام 2002، حيث كان من المقرر أن يلعب تشارلتون مع أرسنال، حينها أعلن النادي عن أنه تلقى شكاوى من السيف الموجود في شعار النادي وأنه يرمز للعنف وذلك عكس قيم الرياضة وأنه الآن بصدد تغيير شعاره لواحد من ثلاثة مطروحين أحدهم يُشبه شعار جاره ومنافس نادي فولهام والثاني به رمز سمكة ضاحكة تلعب بكرة قدم والآخر يحتوي على طائر مرسوم بشكل كارتوني!.

شعار نادي تشارلتون الحقيقي (أعلى اليسار) مع الشعارات الأخرى غير الحقيقية.

كذلك قرر ليفربول بالاتفاق مع لاعبه فلانجان في مخادعة سيمون مينيوليه بتعيين سائق جديد للفريق ويقوم ذلك الشخص بمُضايقة مينيوليه بشتى الطرق منها مثلًا أنه لا يعرف طريق الملعب.


هل تحتاج الكرة للكذب؟

كُرة القدم -كما يصفها الجميع- الساحرة المُستديرة يصعب التنبؤ بما ستفعله بنا وبذلك كذبة أبريل التي نستخدمها في حياتنا العادية لإطلاق أخبار غريبة كنوع من المزاح لا نحتاجه في كرة القدم. فهل وصل خيال أحد مؤلفي تلك الأخبار بأن يصنع خبرًا بفوز ليستر سيتي بالدوري الإنجليزي أو بفوز اليونان بيورو 2004؟، هل كان يتوقع أحدهم بأن يكون إيدير الذي لم يُسجل ولا هدف رسمي في حياته هو من يُحرز أغلى هدف في تاريخ البُرتغال؟.

ولماذا قد لا نُصدق خبر انتقال ميسي إلى ريال مدريد؟ ألم تحدث من قبل مع فيجو وهو كابتن برشلونة وحائز على الكُرة الذهبية؟.

خصوصية كرة القدم لا تجعل بعض الأخبار غريبة فهي في ذاتها تُعتبر مُمتعة بغرابتها وأحداثها غير المُتوقعة.


أبريل 2017

شعار نادي تشارلتون الحقيقي (أعلى اليسار) مع الشعارات الأُخرى غير الحقيقية.
شعار نادي تشارلتون الحقيقي (أعلى اليسار) مع الشعارات الأُخرى غير الحقيقية.

كما يعلم الجميع بأن الشهر الحالي ستُلعب فيه مُباريات قمم أوروبا في مُختلف الدول بالإضافة لدوري أبطال أوروبا، فهل سيوفي أبريل بوعوده التي وعدها للجماهير بمُباريات ساخنة ومثيرة، أم سيكذب علينا كعادته؟

المراجع
  1. خبر إنتقال أيان راش إلي إيفرتون
  2. خبر إنتقال ميسي إلي ريال مدريد
  3. خبر طلب كلوب تعيين مويس مُساعدًا له
  4. خبر تدريب مورينيو لمُنتخب نيجيريا
  5. خبر تكوين فريقي كريكيت لبرشلونة وريال مدريد
  6. خبر تغيير ألوان أرضية الملاعب في البوندسليجا
  7. خبر توقيع عقد رعاية بين الإتحاد الإنجليزي وبيتزا هات
  8. خبر تغيير شعار نادي تشارلتون أتليتك