علاقة الفلسطينيين بمخيَّماتهم علاقة بالغة التعقيد، فهي التجسيد السرمدي للنكبة والتهجير والتيه، لا سيَّما تلك المخيَّمات خارج أرض فلسطين التاريخية، في لبنان أو سوريا أو الأردن، التي تمنحُ الفلسطينيَّ حصنَه وسجنَه في آنٍ، لكنَّها أيضًا تمثِّلُ حلمُ العودة والتحرير الذي يبدو قريبًا على بُعد، بعيدًا على قرب، فكلمة (مخيم) تعني للفلسطيني سكنًا مؤقتًا، وإن كانت مبانيه من الخرسانة المسلحة، وكان هو الجيل الثاني أو الثالث من أبناء المخيم. ودائمًا ما كانت المخيَّمات هي منبع الثورة والانتفاض في التاريخ الفلسطيني، وتتشابكُ عوامل عديدة في ذلك، اجتماعية واقتصادية وثقافية، وفي كل الملاحم الكبرى التي خاضَها الشعب الفلسطيني في العقود الماضية، كانت معارك المخيمات هي المعارك الفاصلة إيجابًا وسلبًا.

ويبدو أن خصوم الفلسطينيين على تباينِهم قد اتفقوا على قاعدةٍ راسخة يؤكدها التاريخ، تنصُّ على أنك لا يمكن أن تدعيَ أنك قد هزمتَ الشعب الفلسطيني في أيٍ زمانٍ أو مكان، ما لم تكن قد رفعتَ علمكَ داخل مخيماتِه، وفي الأرجح لن يتسنى لك هذا إلا بحصار المخيم وتجويعه، وتدميره إلى حد تسويته بالأرض في أحيانٍ كثيرة. وأمام أعيننا الآن في نوفمبر 2023م في حرب غزة المستعرة حاليًا تأكيدٌ على صحة هذه القاعدة، وهي معركة مخيم الشاطئ غرب غزة.

لم ينجح الجيش الإسرائيلي في إحكام سيطرته على الجزء الغربي من مدينة غزة إلا بعد احتلال هذا المخيم الذي يقطنه عشرات الآلاف من اللاجئين في مساحة تقل عن ثلاثة أرباع الكيلومتر مربع، ولم ينجح في السيطرة الظاهرية على هذا المخيم بعد أكثر من أسبوع من القتال العنيف خسر فيه العشرات من جنوده وآلياته المدرعة، إلا بعد قصفٍ عنيف استهدف المنازل المأهولة بالسكان فيه، واستُخدمت فيه القنابل الفوسفورية المحظورة، والقنابل الارتجاجية التي تنفجر على مسافة أمتار في أعماق الأرض، وبلغ الإجرام ذروته في ليلة 5 نوفمبر 2023م الدموية، التي قطع فيها العدو الاتصالات والإنترنت عن غزة، ثم استهدف مخيم الشاطئ بأكثر من 100 صاروخ وقذيفة خلال نصف ساعة. ورغم ذلك، لا تزال فصائل المقاومة تشن عمليات ضد القوات الإسرائيلية في محيط مخيم الشاطئ حتى اليوم الأخير قبل الهدنة المؤقتة التي بدأت الجمعة 24 نوفمبر 2023م.

والآن نعود قرابة نصف قرنٍ إلى الوراء إلى لبنان، حيث رمز المخيمات الفلسطينية التاريخي الأبرز، تل الزعتر.

تل الزعتر 1976م: الإبادة والتجويع من أجل التركيع

كانت الحرب في لبنان في السبعينيات والثمانينيات مثالًا صارخًا على مركزية المخيمات في الجهد النضالي الفلسطيني، وأنها في نفس الوقت الخاصرة الفلسطينية الأبرز، وقد حمل أحد فصول تلك الحرب الدامية الذي استمر قرابة 3 سنوات اسم (حرب المخيمات 1985م-1988م) عندما شنّت حركة أمل اللبنانية بإيعاز من سوريا حافظ الأسد هجومًا مدمرًا ضد المخيمات لاسيّما في جنوب لبنان، للقضاء على ما بقي من نفوذٍ لياسر عرفات فيها، وفي مقال سابق لنا بعنوان: (لبنان 1987م .. شارب محلوق يشعل الحرب بين سوريا وحزب الله) أشرنا إلى بعض فصول تلك الحرب.

 اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية على نطاق واسع عام 1975م، وبحلول العام التالي، أوشكت منظمة التحرير الفلسطينية وحلفاؤها من القوى الوطنية اللبنانية اليسارية والقومية أن تحسم الحرب الأهلية لصالحها ضد المعسكر المسيحي الماروني الانعزالي الرافض للوجود الفلسطيني في لبنان، لا سيّما المسلََّح منه. هنا تدخلت سوريا، ورفضت أن يحسم الفلسطينيون والمعسكر اللبناني الداعم لهم الحرب، بحجة أن هذا سيدفع إسرائيل إلى اجتياح لبنان، وقرر حافظ الأسد بعد ضوء أخضر أمريكي وإسرائيلي وعربي أن يتدخل عسكريًا في لبنان في صيف عام 1976م ليعيد التوازن بين المعسكريْن المتحاربيْن، وأعلنت منظمة التحرير وبعض حلفائها أنها ستواجه الغزو السوري بالقوة.

سيطرت القوات السورية على منطقة البقاع اللبنانية ثم اندفعت صوب بيروت، وأرادت إنزال هزيمة قاسية بالفلسطينيين لكسر عنادهم حتى يقبلوا الخطة السورية، وكان الهدف هو مخيم تل الزعتر، الذي كان موقعه يجعل منه خاصرة فلسطينية ضعيفة، فهو يقع في شرق بيروت محاطًا بمناطق مسيحية معادية. مع وصول السوريين، تشجَّعت قوات حزب الكتائب المسيحي وميليشيات مسيحية أخرى على إحكام الحصار على مخيم تل الزعتر الذي كان قد بدأ قبل أشهر منذ مطلع العام، وقُطعت كافة الإمدادات التموينية والخدمات والكهرباء عن أكثر من 30 ألف فلسطيني يقيمون فيه آنذاك.

ومنذ 22 يونيو 1976م، بدأت معركة تل الزعتر، حيث هاجمت الميليشيات المسيحية المخيّم المحاصر، الذي تعرّض لقصفٍ عشوائي، وقتلٍ لمن يحاول الخروج منه على الهوية، وعبثًا حاول المقاتلون داخل المخيم الدفاع عنه ريثما يأتي المدد لفك الحصار، لكن عجزت منظمة التحرير وحلفاؤها في وجود الجيش السوري، عن فك الطوق عن مخيم تل الزعتر الذي أكل سكانه ورق الشجر تحت الحصار. وبحلول الثاني عشر من أغسطس، وبعد أكثر من 50 يومًا من الحصار والحرب، انسحب من بقي من المقاتلين عبر الجبال، ورفع المدنيون الرايات البيضاء، لكن لم يحمهم هذا من المذبحة، حيث قتلت الميليشيات المسيحية المئات منهم، وهجرت الباقين إلى بيروت الغربية ذات الغالبية المسلمة آنذاك. وبلغ متوسط عدد شهداء مخيم تل الزعتر ألفيْن.

وأدى سقوط تل الزعتر إلى تقوية المعسكر الانعزالي المسيحي، وانتفاء قدرة المعسكر الفلسطيني وحلفائه على حسم تلك الحرب اللبنانية لصالحهم، وعجزهم عن الحفاظ على استقلالية قرارهم خارج دائرة النفوذ السوري، وكانت تلك الهزيمة انتكاسة كبيرة في مسار النضال الفلسطيني آنذاك، الذي كان يتخذ من لبنان منطلَقًا له صوب الأراضي المحتلة.

ولأنَّ الفلسطينيين ماهرون في ألعاب الذاكرة والوجدان، وصناعة الخلود، فقد ذاع اسم تل الزعتر في شوارع وأحياء فلسطينية في كل زمكان، ومن المفارقة أن إحدى مناطق شمال مدينة غزة التي تتعرض لقصفٍ وحشي إسرائيلي مركز في هذه الحرب هي منطقة تل الزعتر التي يريد العدو أن يخترقَها بتطبيق سياسة الأرض المفتوحة، ليلِجَ منها إلى مخيم جباليا الذي اعتبره جائزته الكبرى في مدينة غزة.

مخيم جباليا: قلب غزة الذي يحاولون إخماده بالمذابح

يعطينا تاريخ النضال الفلسطيني إجابات كثيرة عن سؤال: لماذا يحظى مخيم جباليا بكل تلك الرمزية. سننتقل الآن عبرَ الزمن 36 عامًا إلى الوراء، في شهر ديسمبر 1987م، عندما كانت غزة خاضعةً للاحتلال الإسرائيلي المباشر. شاحنة عسكرية إسرائيلية تدهس سيارة تقل 4 عمال فلسطينيين فيرتقون شهداء. تندلع مظاهرات عارمة في مخيم جباليا في التاسع من ديسمبر 1987م، ويرتقي حاتم السيسي، أحد شباب المخيم الصغار شهيدًا برصاصة إسرائيلية في القلب، وتمتد المظاهرات في الأيام التالية إلى مناطق مختلفة من قطاع غزة، ثم إلى الضفة الغربية، لتكون بداية ما عرف بالانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987م-1993م)، التي شهدت بزوغ نجم حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي أصبحت خلال العقود الثلاثة التالية الرقم الأصعب في معادلة النضال الوجودي الفلسطيني.

وفي مخيم جباليا، امتزجت دماء الفصائل الفلسطينية كثيرًا، فمثلًا في الأول من نوفمبر من عام 2005م، أطلقت مروحية إسرائيلية صاروخًا دمر سيارة مدنية في مخيم جباليا للاجئين، كانت تقل حسن المدهون، القائد في كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح، وفوزي أبو القرع، أحد قادة حماس، ليستشهدا معًا. 

خلال الحرب المندلعة حاليًا في قطاع غزة، وفي الأيام الأخيرة قبل الهدنة المؤقتة التي سرت صباح الجمعة 24 نوفمبر 2023م، لم يكن هناك صوتٌ يعلو في الإعلام العسكري الإسرائيلي فوق صوت معركة مخيم جباليا. خصص العدو الفرقة 162 المدرعة (تضم مئات الآليات المدرعة والدبابات، وآلاف الجنود) لاقتحام هذا المخيم الذي تبلغ مساحته أقل قليلًا من كيلومتر مربع ونصف، ولا يزال عشرات الآلاف من سكانه – من أصل ما يقارب 120 ألف نسمة – معتصمين به رافضين النزوح جنوبًا رغم القصف الوحشي والمذابح والحصار المُطبِق. ومن المفارقات المعبّرة أن الفرقة 162 المدرعة قد شاركت قبل 50 عامًا في المحاولة الفاشلة يوم 24 أكتوبر 1973م لاحتلال السويس، التي نجحت المقاومة الشعبية في المدينة الباسلة في إلحاق الهزيمة بها، وتكبيدها خسائر فادحة في الأفراد والمدرعات.

اقرأ: الثغرة: الدم المصري حاول إصلاح ما أفسده السادات

ويبدو أن العدو قد استعدَّ لمعركة جباليا منذ الأسابيع الأولى للحرب، فقد طالت المخيَّم ثاني أكبر مذابح القصف، عندما دمرت غارة جوية إسرائيلية أكثر من 20 منزلًا يوم الثلاثاء 31 أكتوبر 2023م، واستشهد قرابة المائتين، ولا يكاد يمر يوم من دون مذبحة مؤلمة في جباليا ومخيمها، واستهداف لأماكن النزوح بها مثل مدرسة الفاخورة التي شهدت مذبحة مروعة قبل الهدنة بأيام قليلة، في تكرار لما حدث قبل 15 عامًا في حرب 2008م. والعدو يريد بتلك المذابح كسر صمود المخيم ومقاومته، لاسيما وهو على قناعة راسخة بأن كتيبة جباليا في كتائب القسام التي تدافع عن المخيم من أقوى وأشرس وأكبر الكتائب في مدينة غزة، ومنذ بدأت معركة ذلك المخيم، اضطر العدو للاعتراف بمقتل قرابة 20 من جنوده في أقل من 72 ساعة.

وفترة الهدنة المؤقتة لتبادل الأسرى التي بدأت من الجمعة 24 نوفمبر قد خلطت الأوراق، ولا يُعرف هل ستُستَكمَلُ الحرب بنفس الزخم بعد انتهاء الهدنة أم لا. لكن لا شك أن الحرب إن استؤنفت، فستعود معركة مخيم جباليا إلى الواجهة مرة أخرى، فتدميرُ هذا المخيم واحتلاله، سيخلُّ كثيرًا بالجهد الدفاعي للمقاومة في شرق مدينة غزة، وفي شمال قطاع غزة بوجهٍ عام، وسيؤدي النجاح في تهجيره، وهو من أكثر مناطق الشمال تمسكًا بالبقاء رغم المذابح، سيعني نجاح مشروع الإخلاء التام لشمال قطاع غزة، ويحقق مكسبًا استراتيجيًا كبيرًا للعدو، الذي قد يطمع في محو أجزاءٍ كبيرة من شمال القطاع من الخارطة، ليصنعَ صورة انتصار، وليُنشئ منطقة عازلة كبيرة داخل القطاع. والأهم في رأيي، توجيه ضربة معنوية كبيرة إلى المقاومة في غزة تكسر ظهرها كما فعل سقوط مخيم تل الزعتر عام 1976م في مسار الحرب بين منظمة التحرير وخصومها.

لكن هناك خاصية في المخيمات الفلسطينية من المفترَض أن العدو على درايةٍ بها، وهي أنها تحمل بعض صفات العنقاء، فتنبعث من رمادها، ولا نجد نموذجًا لهذا أوضحَ من مخيَّم جنين.

مخيم جنين 2002م: العنقاء والسور الواقي

كان ربيع عام 2002م ساخنًا في الضفة الغربية المحتلة، فالحكومة الإسرائيلية بقيادة الجنرال الدموي إرئيل شارون تريد إخماد الانتفاضة الفلسطينية الثانية (التي اندلعت عام 2000م) وإيقاف سيل العمليات الاستشهادية في العمق الفلسطيني المحتل بأي ثمن، لذا فقد أعلنت عن عملية عسكرية واسعة لإعادة احتلال كافة مناطق الضفة الغربية وسمتها «السور الواقي» التي بدأت يوم 29 مارس 2002م وحتى العاشر من مايو من نفس العام. وحُشد لتنفيذها 30 ألف جندي، وتضمنت حصار الرئيس الفلسطيني آنذاك ياسر عرفات في مقر المقاطعة في رام الله.

كان مخيم جنين الذي كان يسكنه قرابة 13 ألف نسمة، من أهم أهداف العملية العسكرية الإسرائيلية حيث كان منبع العشرات من الفدائيين الذين شنوا الهجمات في أثناء الانتفاضة ضد الكيان الصهيوني. وكان بالمخيم حوالي مائتيْ مقاوم من مختلف الفصائل، الذين شرعوا في تقسيم أنفسهم للدفاع عن كافة أجزاء المخيم، وكانت أسلحتهم هي الأسلحة الرشاشة، والعبوات الناسفة التي فخّخوا بها الطرق، وبعض المنازل التي يتوقعون أن يهرع العدو لتفتيشها. أما العدو فقد حشد للمخيم الصغير (1كم مربع) لواءً مدرعًا (أكثر من 120 دبابة وآلية) وما يزيد على ألف جندي، إلى جانب الإسناد الجوي بالمروحيات والمقاتلات.

في الأول من أبريل، حاصر جيش الاحتلال المخيم، وطالب سكانه بإخلائه، وبالفعل نزح 11 ألفًا منهم، وبقي في المدينة المقاومون وبضع مئات من السكان. قطع العدو الماء والكهرباء والخدمات الطبية عن المخيم، وشرع الجرافات في تدمير الشوارع، وهدم بعض البيوت. كمن المقاومون لقوات الاحتلال في كل بيت وزقاق، وقتلوا أكثر من 10 جنود خلال أسبوع، ثم جاء الكمين الأهم يوم 9 أبريل، عندما استدرج المقاومون سرية مشاة للعدو إلى منطقة قتلٍ معدَّة مسبقة، ففجروا بهم بعض العبوات الناسفة، وأمطروهم بزخات الرشاشات الآلية، وهاجموا القوة التي هرعت لنجدتهم، فخسر العدو في ذلك اليوم 13 من جنوده وأصيب العشرات. لكن في الأيام القليلة التالية، نفدت الذخائر والمؤن بحوزة من بقي من المقاتلين، ونجحت قلة منهم في الانسحاب بسلام من المخيم.

وفي يوم 12 أبريل 2002م استُشهد أبو جندل يوسف ريحان، الملازم المنشق من الأمن الفلسطيني، الذي كان أبرز القيادات الميدانية في معركة مخيَّم جنين.

وقد جرّفت ودمّرت قوات الاحتلال أكثر من ألف منزل في المخيم، وشرَّدت الآلاف من سكانه، واستُشهد على الأقل 53 منهم، وأصيب المئات وفق رواية العدو، في حين تذكر بعض المصادر الفلسطينية أن عدد شهداء المخيم بلغ 500، وتقدر أوسط المصادر عدد الشهداء بين 100 و 200. أما خسائر العدو الرسمية فبلغت 23 قتيلًا على الأقل، وأصيب أكثر من مائة من جنوده.

اقرأ: معركة جنين 2002م: مولد المدينة المقاومة

والآن، وبعد 20 عامًا مضت على اجتياح مخيم جنين وتدميره، وسنواتٍ طويلة من خمود الانتفاضة والمقاومة المسلحة في الضفة الغربية، والتنسيق الأمني الشائن بين السلطة الفلسطينية والاحتلال للسيطرة على الضفة ومنع ولادة مقاومة جديدة بها، نجد مخيم جنين قد عادَ خلال السنوات القليلة الماضية إلى واجهة النضال الفلسطيني مرة أخرى، وأصبح اسم كتيبة جنين يتردد بقوة، وهي تضم مئات المقاومين من مختلف الفصائل الفلسطينية، واضطر الجيش الإسرائيلي إلى اجتياح المخيم مراتٍ عديدة خلال عام 2023م منها 3 مرات على الأقل بالتزامن مع حرب غزة الحالية، وسبق في شهر يوليو 2023م أن قام جيش الاحتلال بعدوان واسع استمر عدة أيام ضد المخيم، أسفر عن استشهاد أكثر من 11 من سكانه ومقاوميه، وأصيب قرابة المائة، واعتقل العشرات.