طوال أربع سنوات بقي فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، كان رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو الأقرب إليه بين حلفاء الولايات المتحدة. لكن المشهد يتغير مؤخرًا، بعد تسريبات من حديث مطول مع الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، أُجري ضمن كتاب «سلام ترامب: اتفاقيات إبراهام وإعادة تشكيل الشرق الأوسط».

وفق الكتاب، قال ترامب إنه لم يساعد أي رئيس أمريكي نتنياهو أكثر مما فعل؛ إذ اتخذ عدة خطوات بينها تغيير السياسة الأمريكية المستمرة منذ عقود، عبر اعترافه رسميًا بضم القدس المحتلة إلى إسرائيل، ومد سيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان السورية، ومنح الضوء الأخضر لبناء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

لكن نتنياهو رد بما اعتبرها ترامب «خيانة» عندما كان بين أول مهنئي منافسه جو بايدن على فوزه في الانتخابات الأمريكية 2020.

خادم نتنياهو في البيت الأبيض

أكد دونالد ترامب مرارًا وتكرارًا أنه خدم بنيامين نتنياهو شخصيًا أكثر مما فعل أي رئيس أمريكي آخر.

ضمن هذه الخدمات، وضع ترامب قراراه بالانسحاب من اتفاق إيران النووي 2015، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والإبقاء على القوات الأمريكية المنتشرة في أنحاء الشرق الأوسط، والاعتراف بهضبة الجولان السورية المحتلة كجزء من إسرائيل.

وركز ترامب على توقيت قرار مرتفعات الجولان تحديدًا؛ إذ قال إنه اتخذه «قبل الانتخابات الإسرائيلية مباشرة» في أبريل 2019، لضمان تقدم نتنياهو في استطلاعات الرأي، مضيفًا: «كان نتنياهو سيخسر الانتخابات لولاي».

ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوة قد أدت بالفعل إلى تأرجح نتيجة الانتخابات الانتخابات الإسرائيلية، التي انتهت إلى طريق مسدود، لكن استطلاعًا أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، قبل التصويت، وجد أن 66% من الإسرائيليين يعتقدون أن قرار ترامب عزز مكانة نتنياهو.

وحاول نتنياهو استخدام خطة ترامب كغطاء لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة قبل الانتخابات، في خطة تنتهك القانون الدولي، لكن كان من المحتمل أن توفر لنتنياهو فوزًا انتخابيًا ساحقًا.

ودعم سفير ترامب في إسرائيل، ديفيد فريدمان، مسعى نتنياهو للضم، وقال علنًا إن إسرائيل يمكن أن تضمها على الفور.

نتنياهو لم يرد الجميل

بعد 18 شهرًا، عندما أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع نتنياهو قبل 10 أيام من الانتخابات الأمريكية؛ للاحتفال باتفاقية التطبيع بين إسرائيل والسودان، والتي توسط فيها الرئيس الأمريكي السابق، حاول ترامب انتزاع تصريح داعم من نتنياهو، ربما يمنحه مزيدًا من دعم اللوبيات الداعمة لإسرائيل في واشنطن.

سأل ترامب نتنياهو عما إذا كان بإمكان «سليبي جو» عقد مثل هذه الصفقة. رد نتنياهو بحذر: «سيدي الرئيس، هناك شيء واحد يمكنني قوله لك. هو أننا نقدر المساعدة من أي شخص في أمريكا». وهنا أشعل حياد نتنياهو غضب ترامب.

لم يكد الموقف ليمر، حتى ازداد غضب ترامب من نتنياهو الذي كان بين أول مهنئي الرئيس المنتخب جو بايدن على فوزه في الانتخابات، حين كان ترامب لا يزال يعارض النتيجة ويرفض الاعتراف بهزيمته.

يقول ترامب: «أول شخص هنأ بايدن كان بيبي نتنياهو، الرجل الذي فعلت لأجله ما لم أفعله لأي شخص آخر تعاملت معه. كان يمكن لبيبي أن يظل صامتًا. لكنه ارتكب خطأ فادحًا».

يضيف ترامب: «أحببت بيبي»، في استخدام للقب التدليل لرئيس وزراء إسرائيل السابق. «ما زلت أحب بيبي. لكني أيضًا أحب الولاء. كان بيبي أول شخص يهنئ بايدن.. لم يهنئه فحسب، بل فعل ذلك على شريط فيديو».

لم يكن نتنياهو أول زعيم عالمي يهنئ بايدن كما قال ترامب؛ إذ انتظر أكثر من 12 ساعة بعد إعلان المحطات الأمريكية للنتيجة. لكن ترامب يقول إنه شعر بالصدمة عندما شاركت زوجته ميلانيا فيديو نتنياهو معه: «كان الوقت مبكرًا جدًا. قبل أن يجف الحبر، لم يكتف بإرسال رسالة، بل بث شريط فيديو يتحدث عن صداقتهما العظيمة. لم يكونا أصدقاء أبدًا».

ويركز الرئيس الأمريكي السابق هنا على ما يعتبره «دعمًا» قدمه اعتراف نتنياهو بفوز بايدن، بينما كان زعماء عالميون آخرون، أمثال البرازيلي جايير بولسونارو، والروسي فلاديمير بوتين، كانوا حذرين من تقديم التهنئة، بسبب ما يراه ترامب «شعورهم أن الانتخابات مزورة».

فشل «أم الصفقات»

زعم ترامب أن أحد الأسباب الرئيسية لانهيار «اتفاقه النهائي» بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي كان يصفه بـ«أم الصفقات» هو أن نتنياهو لم يرغب أبدًا في صنع السلام.

وقال ترامب مجددًا، إن نتنياهو «استعمله» في هذه الصدد؛ إذ أراد منه الضغط المتواصل على بقية الأطراف، من دون تقديم أي تنازل في المقابل.

وقدم الرئيس الأمريكي السابق، استنتاجًا مفاده أن نتنياهو لم يرغب أبدًا بصدق في التفاوض على حل الدولتين.

وخلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، تحدث ترامب عدة مرات عن حرصه على توقيع «أم الصفقات» لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لكن ترامب يقول الآن إن الجميع أخبروه حينها أن توقيع مثل هذا الاتفاق غير ممكن.

وزعم ترامب أن «الكراهية كبيرة للغاية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. الطرفان يعلمان أطفالهما كراهية بعضهما البعض منذ نعومة أظافرهما». مع ذلك، عيّن ترامب صهره جاريد كوشنير لقيادة «فريق السلام» في البيت الأبيض بقاعدة «لا شيء نخسره».

ورغم تكرار انتقاداته العلنية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، خلال فترة رئاسته لأمريكا، يقول ترامب الآن، إنه أدرك في مرحلة مبكرة من رئاسته أن نتنياهو سيكون عقبة أمام السلام أكبر من عباس.

في الكتاب، يصف ترامب عباس بـ«الرائع والجميل مثل الأب تقريبًا»، مشيرًا إلى أنه كان يريد عقد صفقة أكثر من نتنياهو.

يقول ترامب: «حياتي كلها صفقات. أنا شخصيًا أشبه صفقة كبيرة. هذا كل ما أفعله، لذا فهمت الأمر. بعد لقائي ببيبي لمدة ثلاث دقائق. أوقفت بيبي في منتصف الجملة. قلت: بيبي، أنت لا تريد عقد صفقة. أليس كذلك؟َ، والحقيقة أنني لا أعتقد أن بيبي أراد أبدًا عقد صفقة». فيما نسبه ترامب إلى تعقيدات السياسة الإسرائيلية الداخلية.

مع ذلك، كافأ ترامب نتنياهو بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وإعلان نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها، رغم اعتراض فريق كوشنر نفسه، والذي أعرب عن قلقه من أن الرئيس الأمريكي حينها يضع عثرة في طريق عقد أي اتفاق مع الفلسطينيين، قبل أن تسوء الأمور أكثر مما توقعوا، عندما قطع الرئيس محمود عباس كل العلاقات مع إدارة ترامب باستثناء التنسيقات الأمنية. ورد ترامب بالقطع التدريجي لكامل الدعم المالي الأمريكي تقريبًا.

تعليقًا على هذا التناقض، برر ترامب خطوته بأن الجميع قال له دائمًا إن الإسرائيليين يريدون السلام، وليس الفلسطينيين، واتهامه لعباس بـ«العناق والقبلات والتواصل الرائع خلف الأبواب المغلقة، ثم انتقاده في الخطابات العلنية».

وزعم ترامب أنه كان يخطط لتقديم «ترضية كبيرة» للفلسطينيين في جزء آخر من القدس المحتلة. قال: «أكسبت إسرائيل نقطة. النقطة التالية كانت ستذهب للفلسطينيين. كانوا سيحصلون على شيء كبير جدًا».

وأقر ترامب بأن قطع المساعدات عن الفلسطينيين لم يكن فعالًا في إعادتهم إلى طاولة المفاوضات. لكنه وصفهم بـ«القساة».

اتفاقات التطبيع

في مارس 2019، أخبر السفير الإماراتي المؤثر في واشنطن، يوسف العتيبة، صهر ترامب جاريد كوشنير، لأول مرة، أن الإمارات ستكون مستعدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. كان كوشنير يأمل في المضي قدمًا في اتفاق التطبيع بعد الانتخابات الإسرائيلية في أبريل 2019، لكن الجمود السياسي الذي طال أمده في إسرائيل دفع بالقضية إلى الوراء.

تواصلت الاتصالات لفترة طويلة، وشهدت ما يصفها الكتاب بـ«سياسة حافة الهاوية، والاجتماعات المملوءة بالتوتر، والمكالمات الهاتفية الغاضبة، والدبلوماسية الرشيقة»، خصوصًا بسبب تزامنها مع تهديد نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

تعقدت الأزمة في مايو 2020، عندما تمكن نتنياهو أخيرًا من تشكيل حكومة من خلال اتفاق لتقاسم السلطة مع خصمه اللدود، الجنرال المتقاعد بيني غانتس، والذي تضمن قنبلة موقوتة، عبر إصرار نتنياهو على تحديد موعد 1 يوليو لبدء عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.

وبينما سارع زعماء العالم لوقف نتنياهو، وقال الأردن، إن الضم سيقوض اتفاق السلام مع إسرائيل، وقطعت السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني، وهدد دبلوماسيون أوروبيون بفرض عقوبات.. كانت المفاجأة في واشنطن أن الإمارات انضمت إلى حملة عرقلة خطة نتنياهو.

كتب يوسف العتيبة افتتاحية باللغة العبرية، خيّر فيها إسرائيل بين ضم الضفة الغربية أو التطبيع. مشكلة المقال بالنسبة لنتنياهو أنه قوض فكرة حاول ترويجها مرارًا بأن العالم العربي لا يهتم بضم الضفة المحتلة من عدمه.

السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر قابَل العتيبة للاحتجاج على المقال. لكن العتيبة قال، إن قرارًا مماثلًا سيكون له عواقب وخيمة على المنطقة، وأيضًا سيضع الولايات المتحدة في مكان محرج للغاية؛ لأنه سيتعين عليهم الدفاع عن قرار لا يحظى بشعبية كبيرة في المنطقة.

في هذه الأثناء، داخل إدارة ترامب، كان السفير الأمريكي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان يضغط بقوة لصالح خطة نتنياهو للضم. بل حاول التوسط بين نتنياهو وغانتس لحل خلافاتهما بشأن القضية.

لكن كوشنر طلب من فريدمان أن يبطئ تحركاته؛ باعتبار أن كورونا والانتخابات الأمريكية أولى بالتركيز من الاعتبارات الإسرائيلية.

مع ذلك، ضغط فريدمان من أجل اجتماع المكتب البيضاوي بشأن ضم الضفة الغربية، وهو الاجتماع الذي جرى بالفعل في 24 يونيو، وحضره ترامب، الذي بدا سريع الانفعال وفي حالة نفاد صبر.

قطع ترامب خطاب فريدمان، متسائلًا: «لماذا نتحدث عن هذا؟» وبينما حاول فريدمان عرض قضيته، أصر ترامب على أنه منح إسرائيل أكثر مما منحها أي رئيس آخر.

في مرحلة ما، أشار فريدمان إلى وجود خلاف داخل الحكومة الإسرائيلية حول ما إذا كان ينبغي المضي قدمًا في عملية الضم. في تلك المرحلة، كان ترامب قد اكتفى. أشار إلى وزير الخارجية مايك بومبيو بأن «يتخذ القرار الذي ستسقط سلبياته على رؤوس الجميع».

وانتهى الاجتماع بقرار يقضي بسفر فريدمان ومبعوث البيت الأبيض آفي بيركوفيتش إلى إسرائيل للقاء نتنياهو وغانتس، وتحديد ما إذا كان الضم سيمضي قدمًا بشكل ما، أو سيجري تأجيله إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية.

وضع كوشنر بعض الأسس للرحلة، بالقول إن ضم نتنياهو يجب ألا يحدث من دون ضوء أخضر من البيت الأبيض، وبعد تقديم تنازلات للفلسطينيين.

وعلى مدى أربعة أيام، عقد بيركوفيتش وفريدمان ثلاثة اجتماعات مع نتنياهو، شهدت «خروجًا عن الدبلوماسية» من جانب نتنياهو، الذي علم أن ترامب لم يعد متحمسًا لتقديم المزيد.

هنا غضب نتنياهو، وهدد بالمضي قدمًا بإرادة ترامب أو من دونها. لكن بيركوفيتش حذره من عداوة من الرئيس الأمريكي وحسابه على تويتر.

بعد الاجتماع، واصل نتنياهو التفكير في تحدي ترامب. وفي الاجتماع الثاني، أخبر الموفدين الأمريكيين أنه ماضٍ في ضم 13% من الضفة الغربية دون إعطاء الفلسطينيين أي شيء على الإطلاق في المقابل. أبلغ بيركوفيتش، كوشنرـ برسالة نتنياهو، فنقل إليه فكرة تنفيذ عرض الإمارات بالتطبيع. ووافق نتنياهو على التفاوض، دون تنحية موضوع الضم جانبًا.

بدأت المفاوضات غير المباشرة بعد عدة أيام، حيث مرر بيركوفيتش وكوشنير الرسائل ومسودات الاتفاق بين إسرائيل والإمارات. 

استغرق الأمر 115 مسودة وثلاثة أسابيع للتوصل إلى اتفاق. وكانت إحدى النقاط الشائكة الحاسمة هي مدة وعد نتنياهو بإزالة الضم من الطاولة. سعى العتيبة لالتزام دائم لكن إسرائيل رفضت. وفي النهاية، وتصلوا إلى التأجيل ثلاث سنوات.

في 26 يوليو، حسم الاتفاق، بانتظار المشاورات بين ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد وحكام الإمارات الست الأخرى. وبحل هذه المشكلات، حدد الطرفان 13 أغسطس للإعلان عن الاتفاق.

لكن، في اليوم السابق للتوقيع، أي 12 أغسطس 2020، حاول نتنياهو التراجع. كان يفكر في الدعوة لانتخابات جديدة بسبب أزمة الميزانية، وأبلغ الولايات المتحدة أنه لن يوقع.

تلى ذلك العديد من المحادثات الصاخبة بين أمريكا وإسرائيل. وأصر ترامب أن الاتفاق سيوقع في موعده. وتبقت فقط تسميه الاتفاق، ليستقر الجميع على «اتفاقات إبراهام»، وفق اقتراح الجنرال ميغيل كوريا، أحد كبار المديرين في مجلس الأمن القومي، رغم أن ترامب اقترح أن تسمى باسمه «اتفاقات ترامب».

بعد ساعة، كان القادة الثلاثة على اتصال لإبرام الصفقة، لكن خط محمد بن زايد خرج عن الخدمة فجأة. يتذكر عتيبة: «في تلك المرحلة، كانت يداي تتعرقان. كل هذا العمل الشاق قد لا ينجح بسبب خلل فني».

عندما عاد محمد بن زايد إلى المكالمة، جرى الاتفاق على كل شيء، ثم حان الوقت لترامب لمفاجأة العالم. وأعلن الاتفاق في تغريدة «تويتر».

الأب الروحي: شيلدون أديلسون

في المقابلات، أشار ترامب مرارًا إلى اسم المانح الجمهوري الراحل شيلدون أديلسون، باعتباره أحد أهم مستشاريه غير الرسميين بشأن سياساته في الشرق الأوسط.

أديلسون نفسه كان جالسًا في الصف الأول من الحفل الذي أقيم بمناسبة نقل الولايات المتحدة سفارتها من تل أبيب إلى القدس في عام 2018. وهو رجل أعمال أمريكي من أهم داعمي إسرائيل. كان يطلق عليه لقب «صانع الملوك» في الحزب الجمهوري.

وُلد لأبوين يهوديين مهاجرين. ترك دراسته وانضم للجيش، ثم عمل كاتب محكمة في وول ستريك، ومن هناك وجد طريقه إلى عالم المال. تخصص أولًا في تجارة الكمبيوتر، رغم أنه لم يعرف أبدًا كيف يمكن استخدامه أصلًا، ثم استغل العائد في دخول عالم إدارة كازينوهات القمار، والتي استثمر أرباحها في دعم إسرائيل، وتمويل الحملات الانتخابية الأمريكية لضمان وصول مؤيدي إسرائيل إلى المناصب الحاكمة.

واستهدف دونالد ترامب ضمان دعم أديلسون خصوصًا لحملته الرئاسية في 2015، وكان المفتاح للحصول على دعمه هو الوعد بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

وقدم أديلسون ما مجموعه 82 مليون دولار لتمويل حملة ترامب.

اغتيال قاسم سليماني

لم يدل ترامب بتفاصيل حول دور إسرائيل في اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، مكتفيًا بالقول إنه «يشعر بخيبة أمل كبيرة في علاقة إسرائيل بهذا الحدث».

موقع أكسيوس الأمريكي نقل عن مساعد سابق لترامب قوله، إن الرئيس الأمريكي السابق كان يتوقع أن تلعب إسرائيل دورًا أكثر نشاطًا في اغتيال سليماني في يناير 2020، لكنه شعر أن نتنياهو كان «على استعداد لمحاربة إيران حتى آخر جندي أمريكي».

مسؤول في جيش الاحتلال قال، إن نتنياهو اقترح دورًا أكبر لقواته في اغتيال سليماني، لكن الولايات المتحدة أصرت على تنفيذ غارة الطائرة من دون طيار.

وبحسب ما ورد، قدمت إسرائيل معلومات إلى الجيش الأمريكي أثناء العملية، بما في ذلك تتبع هاتف سليماني، وتسليم الأمريكيين تفاصيل استخباراتية رئيسية أخرى.

لم تتوفر تفاصيل إضافية في ظل تفضيل ترامب الصمت مؤقتًا. لكن مسؤولًا سابقًا في البيت الأبيض قال، إن ترامب شعر كما لو أن نتنياهو قد استخدمه.

حساسية التوقيت

حاليًا، انتقل بنيامين نتنياهو إلى زعامة المعارضة في الكنيست الإسرائيلي. لكنه منخرط في حملة مستمرة لاستعادة رئاسة الحكومة؛ باعتبار أن حزب الليكود الذي يرأسه هو أكبر الأحزاب التي تملك مقاعد نيابية. بالتالي، يكفيه بذل جهد لتفكيك التحالف الحكومي الهش، لإجبار الأحزاب على منحه رئاسة الحكومة مجددًا، أو الذهاب إلى انتخابات جديدة.

ضمن هذه الحملة، كانت إحدى أهم البطاقات السياسية التي يملكها نتنياهو هي علاقته الوثيقة باللاعبين الرئيسيين في السياسة الأمريكية، ومع رجل واحد على وجه الخصوص لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة في إسرائيل: دونالد ترامب.

وسرعان ما تحولت تصريحات ترامب إلى عاصفة نارية سياسية وإعلامية في إسرائيل. ورأى كثيرون أنها تضر بنتنياهو؛ لأنها كسرت الأسطورة القائلة بأنه وترامب حليفان مقربان.

والتزم نتنياهو الصمت بشأن هذه القضية، بخلاف بيان قصير شكر فيه ترامب على دعمه إسرائيل. لكنه دافع عن قراره بتهنئة الرئيس الجديد.

في غضون ذلك، لجأ أنصار نتنياهو وحلفاؤه السياسيون إلى السوشيال ميديا واستوديوهات التلفزيون للدفاع عنه، قائلين إنه لم يكن أمامه خيار سوى تهنئة بايدن، وأنه فضل مصالح إسرائيل على مصالحه السياسية.

كما استغل أنصار نتنياهو ملاحظة ترامب بأن نتنياهو «لم يرغب أبدًا في السلام» مع الفلسطينيين للتأكيد على أن نتنياهو هو الزعيم الحقيقي لليمين الإسرائيلي الذي كان على استعداد للوقوف حتى في وجه ترامب في معارضة حل الدولتين.

في المقابل، يغامر ترامب على ما يبدو بخسارة جزء من داعميه الإنجيليين، الذين حذروه من أنه يخاطر بخسارة قاعدته المسيحية من خلال هجومه على نتنياهو. مايك إيفانز، أحد أهم الداعمين الإنجيليين الأوائل لترامب، ومستشاره السابق، قال نصًا، في رسالة للرئيس السابق: جاء في الرسالة: «أرجوك، أرجوك، لا تضعنا في وضع يسمح لنا بالاختيار بينك وبين أرض الكتاب المقدس. ليس هناك احتمال أن تفوز مجددًا مرة أخرى إذا رآك الإنجيليون المؤمنون بالكتاب المقدس تهين نتنياهو».