في عملية واسعة استغرقت قرابة ستة أسابيع بين أواخر مارس/آذار وبداية مايو/أيار 2002، بمشاركة قرابة 30 ألف جندي من قوات الاحتلال، قامت قوات الاحتلال باقتحام مدن وبلدات ومخيمات الضفة الغربية واجتياحها ضمن عملية السور الواقي، بزعم القضاء على هجمات المقاومة التي تركزت في العمليات الاستشهادية.

اليوم، وبعد واحد وعشرين عاماً من انتهاء تلك العملية، تزايدت الدعوات الإسرائيلية لتنفيذ نسخة جديدة منها لمواجهة موجة العمليات المتصاعدة في الضفة الغربية منذ شباط/ فبراير 2022، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى الإسرائيليين، مما أسهم في تبدّد الردع الإسرائيلي، بالرغم من عدم وضوح الرؤية الإسرائيلية لطبيعة العملية المتوقعة، في ضوء تباين المواقف العسكرية والأمنية والسياسية، ووجود جملة من المحاذير التي تحول دون إخراج العملية الى حيز التنفيذ على الأرض.

التقدير التالي يحاول استقراء المواقف الإسرائيلية تجاه العملية العسكرية المزمع تنفيذها، من خلال تسليط الضوء على أسبابها ودوافعها، مع إبراز كوابحها التي قد تحول دون تنفيذها، بجانب إظهار أهم المواقف الإسرائيلية من هذه العملية، لا سيّما التي تمثل المؤسسات ذات العلاقة: الأمن والجيش والحكومة، إضافة إلى استعراض جملة من السيناريوهات المتوقعة لشكل وطبيعة وحجم وعمق هذه العملية، مع ترجيح واحد منها، واختتام التقدير بتقديم التوصيات اللازمة بهذا الخصوص.

أولاً: دوافع العملية

عديدة هي الأسباب والدوافع التي زادت من الدعوات الإسرائيلية، لا سيّما في الجناح اليميني من الخريطة السياسية، للمطالبة بتنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق بالضفة الغربية عموماً، وفي شمالها خصوصاً، تتركز في مدينتَي جنين ونابلس ومخيماتهما، ويمكن تحديد أهم هذه الأسباب والدوافع في النقاط التالية:

  1. ارتفاع أعداد القتلى الإسرائيليين بصورة غير مسبوقة منذ سنوات طويلة، فقد سجلت الأرقام أنه منذ اندلاع سلسلة الهجمات الفلسطينية المسلحة مطلع فبراير/شباط 2022 وحتى اليوم يونيو/حزيران 2023، وقوع 56 قتيلاً إسرائيلياً، وفيما سجَّل العام الأول كاملاً سقوط 29 منهم، فقد سجَّل النصف الأول من العام الجاري فقط مقتل العدد الباقي وهو 27 آخرين، مما يعني أن الإسرائيليين أمام نصف عام مُتبقٍ قد يكون أكثر دموية.
  2. الارتقاء اللافت في أساليب عمل المقاومة، وانتقالها تدريجياً من العمليات الفردية التي سمتها قوات الاحتلال «الذئاب المنفردة»، التي اعتمدت إطلاق النار على المواقع العسكرية الإسرائيلية ومركبات المستوطنين بصورة عشوائية، بما في ذلك عمليات الدعس، وصولاً إلى الكمائن المعدّ لها جيداً، وانتهاء بـ«كمين جنين» المتمثّل بتفجير عبوة ناسفة أوقعت عدداً من الجرحى في صفوف الاحتلال، مما أشعل أضواء حمراء في أوساط دوائر صنع القرار الإسرائيلي، خشية تدحرج أوضاع الأراضي الفلسطينية لما يعدونها ظاهرة «اللبننة»، واستنساخ الوضع في غزة إلى الضفة الغربية.
  3. الانزياح الجاري في الساحة الإسرائيلية نحو اليمين الفاشي، والإحراج الذي يجد الائتلاف فيه نفسه أمام عجزه عن وقف تمدّد المقاومة، وتهاوي سرديّته التي يعاير بها المعارضة بإخفاقها أمام تردّي الوضع الأمني في الضفة الغربية، مما أثار مخاوف من انفراط عقد الائتلاف الحكومي مع صدور اتهامات من بعض أوساطه لقيادة الحكومة والجيش بالضعف أمام الفلسطينيين.
  4. اعتبار العملية العسكرية المزمعة جهداً استباقياً وقائياً كي لا تَتَّسع رقعة المقاومة لمناطق أخرى من الضفة الغربية بجانب شمالها، مع وجود معطيات إسرائيلية تشير لزيادة نفوذ قوى إقليمية معادية من منظمات ودول تبحث عن موطئ قدم لها في الضفة الغربية، لا سيّما بعد عملية تفجير العبوة الناسفة في مجدّو شمال فلسطين المحتلة في مارس/آذار 2023 التي أوقعت مصاباً إسرائيلياً بصورة خطيرة، وزعم الاحتلال حينها أن حزب الله يقف وراء العملية، بجانب زيادة انخراط المقاومة في غزة بما تشهده الضفة الغربية، وتوجهها لمزيد من إشعالها، واستنزاف الاحتلال فيها.
  5. رغبة الاحتلال باستعادة زمام المبادرة من المقاومة عقب الضربات التي تلقاها في أكثر من جبهة، وتحوّل الضفة الغربية إلى ساحة مكشوفة للمقاومين لاستهداف المستوطنين، الذين باتوا كـ«البط في مرمى النيران»، مع فشل كل الإجراءات والاحتياطات الأمنية، وقدرة المقاومة على تجاوزها، وتنفيذ عملياتهم بصورة لافتة، مما أشار لتنامي قدراتها بصورة لا تخطئها العين، وتعالي الانتقادات والاتهامات الموجهة للجيش والحكومة بعدم تأمين حياة المستوطنين، لا سيّما وأنه عقب كل عملية يثبت فشل الادعاءات الإسرائيلية بالقضاء على خلايا المقاومة، واستئصال شأفتها.

ثانياً: كوابح العملية

في الوقت الذي تكتسب فيه الأسباب المشجعة على تنفيذ عملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية كثيراً من الوجاهة والموضوعية، من وجهة نظر الاحتلال، لكن هناك جملة من الموانع التي قد تحول دون تنفيذها، ليس من بينها الحرص على دماء الفلسطينيين الذين سيرتقون شهداء بأعداد كبيرة، ومن أهم هذه الكوابح:

  1. عدم وجود قناعة حقيقية، لا سيّما لدى الأوساط العسكرية والأمنية، بأن مثل هذه العملية كفيلة بوقف تمدّد المقاومة في الضفة الغربية، في ضوء تصاعدها، وظهورها كمن «شبّت على الطوق»، وقد أعلن هذه القناعة العديد من القادة العسكريين والمسؤولين السياسيين، الذين تخوّفوا ألا تسفر هذه العملية عن الأهداف الموضوعة لها.
  2. التخوف الإسرائيلي المتزايد من إمكانية أن تسفر هذه العملية عن وقوع مزيد من الخسائر البشرية في صفوف الجنود والمستوطنين، بدلاً من وضع حدّ لها، في ضوء ما باتت تحوزه المقاومة من عمليات من إمكانيات تسلّحية وقدرات عسكرية متقدمة ومتطورة، لا سيّما في الأسلحة النوعية كبنادق الـ«إم16»، والعبوات الناسفة، والقناصة، مما يجعل مسألة وقوع قتلى وجرحى إسرائيليين مسألة مرجحة جداً، الأمر الذي من شأنه إثارة الرأي العام ضدّ الحكومة، التي لا ينقصها مزيد من الاحتجاجات المضادة لها، بجانب ما تواجهه من مظاهرات رافضة لانقلابها القضائي.
  3. وجود احتمال إسرائيلي بإمكانية انضمام جبهات فلسطينية أخرى رافضة للانفراد بالضفة الغربية، لا سيّما المقاومة في غزة، وفي هذه الحالة قد يعاد سيناريو معركة «سيف القدس» التي جسّدت قاعدة «وحدة الجبهات»، مما يعني تشتيت قوات الاحتلال، واضطرارها للقتال على أكثر من جبهة، وهو السيناريو الذي تسعى لتجنّبه قدر الإمكان، مع أن المقاومة في غزة حذَّرت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي عدوان واسع على الضفة الغربية، بالإضافة إلى إمكانية انضمام جبهات أخرى، لا سيّما جنوب لبنان.
  4. التقديرات الإسرائيلية السائدة بأن مثل هذه العملية، بما قد تشمله من سقوط ضحايا وشهداء فلسطينيين، وبأعداد كبيرة، قد تثير الرأي العام الدولي على الاحتلال، لا سيّما زيادة التوتر مع الإدارة الأمريكية التي حذّرته أكثر من مرة بعدم التدهور لعدوان واسع على الضفة الغربية، بالإضافة إلى إمكانية تراجع مسار التطبيع الجاري مع الدول العربية والاسلامية.
  5. بدا لافتاً أن التحذير من الاستجابة لضغوط اليمين بتنفيذ عملية عسكرية في الضفة الغربية، تزامن مع إمكانية أن تسفر عن مزيد من ضعف السلطة الفلسطينية، وتصدّع وجودها، علماً بأنها تشهد غياباً شبه كامل عن بؤر المقاومة المتصاعدة في شمال الضفة، وتتزايد المخاوف الإسرائيلية، لا سيّما الأمنية والعسكرية، من التبعات المتوقعة لهذه العملية على وضعية السلطة المتردّية أصلاً، والتخوف أن تستثمر قوى المقاومة، لا سيّما حماس، التراجع الجاري في مكانة السلطة الفلسطينية وفق كل استطلاعات الرأي، للإحلال بدلاً منها، ومدّ نفوذها على مناطق واسعة في الضفة الغربية.

ثالثاً: المواقف من العملية

عاشت الساحة السياسية والأمنية الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة جملة من المواقف المتباينة من العملية العسكرية المزمعة، بين مؤيد ومعارض، وكل لأسبابه الخاصة، وقد تأثرت هذه المواقف بالخلفيات الأيديولوجية والحزبية لكل دعوة.

فالمؤيدون لتنفيذ العملية العسكرية في معظمهم من أقطاب اليمين الفاشي الحاكم، الذين وجدوا في فرصة وصولهم للسلطة مناسبة لتنفيذ مخططاتهم الدموية ضدّ الشعب الفلسطيني، وفي الوقت ذاته فإنهم يتخوفون من استغلال المعارضة لهذا التردّي الأمني خشية زيادة هجومها على الائتلاف الحكومي، الذي يواجه تصدّعًا في تماسكه، وخشية من انفراط عقده.

في الوقت ذاته، فإن جهة أخرى تبدو مؤيدة للعملية وهم الجنرالات والضباط السابقون الذين يظهرون مزايدة على القيادة العسكرية الحالية، ويتهمونها بالضعف والتراجع أمام المقاومة الفلسطينية، في محاولة لاستعراض ما قاموا به في عملية السور الواقي الأولى في 2002.

في المقابل، فإن المعارضة الإسرائيلية تبدي تردّدها إزاء دعم الحكومة باتجاه تنفيذ عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية خشية أن تكون بالأساس مخرجاً لامتصاص غضب الجمهور الإسرائيلي من الفشل أمام تصاعد المقاومة، بحيث تكون «عملية عسكرية بأهداف حزبية».

أما الجيش بقيادته الحالية، فلا يُظهر تحمّساً إزاء تنفيذ العملية العسكرية، للاعتبارات الواردة أعلاه، مقترحاً بدلاً منها تنفيذ عمليات يسميها «جراحية» عاجلة، بالرغم من أن تصاعد الهجمات الفلسطينية من شأنه أن يعمل على زيادة الأصوات المطالبة بتنفيذ العملية داخل هيئة الأركان لقيادة جيش الاحتلال، مع تخوفها في الوقت نفسه من نتائجها العسكرية غير المضمونة.

دأبت الماكينة الدبلوماسية الإسرائيلية ممثلة بوزارة الخارجية على تقديم تقارير للحكومة بشأن المخاوف الدولية، لا سيّما الأمريكية، من تنفيذ العملية العسكرية المشار إليها، وفق ما تتابع سفاراتها حول العالم، في ضوء التغطية الصحفية لوسائل الإعلام الدولية للعدوان الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، مما يجعلها متخوفة من تسويق الرواية الفلسطينية أمام تراجع السردية الإسرائيلية.

رابعاً: سيناريوهات العملية

في الوقت الذي ضجّت فيه الساحة السياسية والإعلامية الإسرائيلية بتزايد الدعوات لتنفيذ العملية العسكرية المقصودة، لكنها لم تأتِ على ذات الوتيرة، بل تباينت حول طبيعتها المتوقعة وفقاً للسيناريوهات التالية:

1. «السور الواقي 2»

يتمثل السيناريو الأكثر تطرفاً في التحضير لتنفيذ نسخة جديدة من السور الواقي التي شهدت قبل أكثر من عشرين عاماً اجتياحاً واسعاً للضفة الغربية، وإعادة احتلالها، وَطيّاً لواقع سياسي فرضه اتفاق أوسلو، واستهدافاً للسلطة الفلسطينية، بما فيها ضرب الأجهزة الأمنية التي انخرط العديد من أفرادها في خلايا وقوى المقاومة المسلحة.

على الرغم من أن هناك عديداً من الدوافع التي تهيئ البيئة الميدانية لمثل هذا الخيار، لكن الواقع القائم في 2023 ليس هو ذاته في 2002، في أكثر من جانب:

  • واقع المقاومة اليوم 2023 المتركز في شمال الضفة الغربية، وتحديداً في جنين ونابلس ومخيماتهما، ليست هي المقاومة التي اندلعت في انتفاضة الأقصى بين 2000-2004 التي عمّت كل أرجاء الضفة الغربية، بلا استثناء، مما أوجد في حينه تبريرات وذرائع وجدت قبولاً بين الإسرائيليين للذهاب إلى تلك العملية الواسعة.
  • السلطة الفلسطينية اليوم برئاسة محمود عباس الذي لا يتردد في ملاحقة المقاومة، ليست هي برئاسة ياسر عرفات الذي أجرى استدارة عاجلة في تفكيره السياسي، وسعى لجباية ثمن باهظ من الاحتلال عبر تفعيل العمل المسلح، ودعم القوى العسكرية الفلسطينية.
  • البيئة السياسية الإسرائيلية المتصدّعة اليوم المتمثلة بائتلاف يميني، غير مستقر، برئاسة بنيامين نتنياهو الخاضع لابتزاز شركائه الفاشيين، بينما علاقته مع المؤسسة العسكرية ليست على ما يرام، فهو الذي سبق له إقالة وزير الحرب يوآف جالانت، ولا يبدي قادة هيئة الأركان برئاسة هرتسي هاليفي رضاهم عن توجهات الحكومة الحالية، في المقابل، فإن أريل شارون الذي ترأس الحكومة التي نفَّذت السور الواقي في حينه، أخضع كل شركائه لقراراته السياسية، وامتازت علاقته بالمؤسسة العسكرية بانسجام كبير، لا سيّما مع وزير حربه بنيامين بن أليعازر ورئيس أركانه شاؤول موفاز.
  • البُعد الدولي الغربي لم يكن غائباً عن السور الواقي في حينه، مما منح الاحتلال «مشروعية» كان بحاجتها، لا سيّما العلاقة الاستثنائية التي ربطت شارون مع الإدارة الأمريكية برئاسة جورج بوش الابن، الذي وفّر الغطاء السياسي الكامل للاحتلال، خصوصاً في ضوء الدعوة الأمريكية آنذاك للإطاحة بالرئيس عرفات، أما اليوم فإن العلاقة الإسرائيلية الأمريكية في أضعف صورها مقارنة بالفترات الماضية، وما زالت واشنطن تقاطع وزراء في حكومة نتنياهو، في حين ما زالت تبقي على التواصل مع عباس، بعكس التوجه الإسرائيلي.

كلّ هذه الاعتبارات الواردة أعلاه تجعل تنفيذ هذا السيناريو غير مرجح، على الأقل في المرحلة الحالية.

2. استمرار «كاسر الأمواج»

وهي العملية التي أطلقها جيش الاحتلال منذ مارس/آذار 2022 لمواجهة سلسلة الهجمات الفلسطينية بالضفة الغربية، وتركزت في تنفيذ اعتقالات واغتيالات متلاحقة لاستئصال شأفة المقاومة، صحيح أنها أسهمت في بعض الأحيان بوقف «مؤقت» لهذه الهجمات، لكنها لم توقفها بصورة نهائية، بدليل استئنافها في الأسابيع الأخيرة، وبصورة أكثر خطورة على الاحتلال، ولعل هذا السيناريو يبدو الأكثر تفضيلاً وترجيحاً لدى قيادتيه العسكرية والسياسية.

3. زيادة العمل «الاستعراضي»

يتركز هذا السيناريو في الاستمرار بالسياسة القائمة حالياً ذاتها، مع تكثيفها وزيادتها، وإعطائها بعضاً من الجوانب الاستعراضية التي يُصاحبها المزيد من العمليات في وضح النهار، وأمام كاميرات التلفزة، بغرض توجيه رسائل دعائية: ردعية للفلسطينيين، وامتصاص غضب الاسرائيليين، لا سيّما من خلال الاغتيالات عبر الجوّ (إضافة إلى أسبابها العملياتية)، وهو سيناريو بدأ العمل به، وسيبقى كذلك، لكن ليس بصورة دائمة، كي لا تظهر الأراضي الفلسطينية خارجة عن سيطرة الاحتلال، كما هو الحال في غزة.

4. تكثيف الاستيطان

تزامن تصاعد المقاومة مع صعود حكومة اليمين المسماة «حكومة المستوطنين»، ويستغل وزراؤها كل عملية فدائية للمسارعة لإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية غير القانونية، مما قد يجعل من هذا الخيار مفضلاً لدى الحكومة للردّ على تزايد الهجمات المسلحة، بصورة تمتصّ غضب المستوطنين، وهو سيناريو سيبقى سائداً عقب كل عملية مقاومة، بالرغم مما يستجلبه من ردود فعل دولية غاضبة، لكنه قد يحقق لحكومة الاحتلال هدوءاً داخلياً نسبياً.

5. المزج بين السيناريوهات

وهو لا يقتصر على سيناريو بعينه منفصلاً عن الأخرى الباقية، بل يسعى للدمج بينها، واختيار أساليب تتضمنها جميع السيناريوهات الواردة أعلاه، حسب كلّ حالة على حدة، ولعله السيناريو الأكثر ترجيحاً، ولعله يحظى برضا دولي وأمريكي، بزعم حقّ الاحتلال في الدفاع عن النفس، في ضوء الوتيرة الحالية من العمليات، ما لم تتطور لمستويات أخطر من وجهة نظر الاحتلال، ولعل القيادة العسكرية ستضطر للعمل بموجب هذا السيناريو لتخفيف الضغط الممارس عليها من مرجعيتها السياسية.

خامساً: التوصيات

أيّاً كان السيناريو الذي سيختاره الاحتلال لتنفيذ عمليته العسكرية في الضفة الغربية، وشمالها تحديداً، فإن على المعنيين بالشأن الفلسطيني الانتباه إلى ما يلي:

  1. الاستعداد للسيناريو الأسوأ، بالرغم من استبعاده، فالمتغيرات الإسرائيلية الداخلية كفيلة بقلب الأمور رأساً على عقب، وبين عشية وضحاها.
  2. الحذر من قيام الاحتلال بإعادة العمل بالاغتيالات عبر الجوّ.
  3. عدم حصر المقاومة في مناطق مكشوفة ويسهل حصارها واغتيال أفرادها.
  4. زيادة العمل السياسي والدبلوماسي الفلسطيني الذي يفضح مخططات الاحتلال الاستيطانية، ويكشف عن توجهات الحكومة اليمينية التي تستغل عمليات المقاومة للمسارعة في تغيير الوقائع على الأرض على حساب الحق الفلسطيني.
  5. تفعيل الحماية للفلسطينيين الذين يتعرضون لجرائم المستوطنين، ومطالبة السلطة الفلسطينية، وكذلك القوى والمؤسسات الدولية القيام بواجباتها.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.