محتوى مترجم
المصدر
AI-telligence
التاريخ
2023/4/18
الكاتب
younes Asri

بعد تقديم مفهوم الذكاء الاصطناعي (AI) إلى مجال تخطيط المدن، أصبحت المدن قادرة على تطوير رؤى مختلفة كلياً للتنمية المستدامة الذكية، فباستخدام تقنيات كالذكاء الصناعي الموّلد Generative AI يمكن للمخططين الحضريين استحضار حلول خلّاقة وفعّالة واقتصادية للتحديات التي تعيشها المدن.

تلك الثورة التي يقوم بها الذكاء الاصطناعي تتخطى منهجيتنا الفكرية التقليدية في علم التخطيط الحضري، لتقفز بالمدن إلى آفاق أكثر استدامة وقابلية للعيش بآثار بيئية أقل.

الذكاء الاصطناعي والتخطيط الحضري

يُمهِّد التخطيط الحضري المبني على الذكاء الاصطناعي، الطريق، نحو مستقبل المدن المستدامة، من خلال توظيف التطورات التقنية المختلفة، التي تجعل المدن الذكية واقعاً ملموساً. وبالنظر لتلك التقنيات الجديدة وقدرتها الكامنة على تحويل مدننا الحالية لأماكن رحبة صديقة للبيئة، تصبح الأمور أكثر إثارة.

تكمن إحدى أبرز مميزات استخدام الذكاء الاصطناعي بعمليات التخطيط الحضري في تزويد صانعي القرار بالرؤى المبنية على تحليل البيانات، فعلى سبيل المثال، بوسع خوارزميات تعليم الآلة أن تقوم بتحليل أنماط حركة المرور واقتراح تغييرات في شبكات الطرق لخفض الزحام والانبعاثات.

كما يستطيع الذكاء الاصطناعي الموّلد Generative AI أن يساعد المخططين الحضريين في وضع عدد من السيناريوهات التخطيطية ونتائجها المحتملة عبر محاكاة تصاميم أو مواد أو طرق إنشاء مختلفة.

هناك جانب أساسي آخر للذكاء الاصطناعي في التخطيط الحضري، ألا وهو قدرته على إشراك المواطنين بعملية التخطيط باستخدام مناهج التحليل الاستنباطي وتقنيات المعالجة اللغوية العادية التي تمكن المخططين من جمع تقييمات السكان حول مواقع المتنزهات أو مسارات المواصلات العامة وغيرها من التفضيلات.

مميزات استخدام الذكاء الاصطناعي بمجال التخطيط الحضري

بدءًا من توقع أنماط حركة المرور إلى تحديد مناطق خطورة الفيضانات، يمكن للذكاء الاصطناعي تزويدنا بعدد من المميزات الإضافية، منها:

  • كفاءة أعلى.
  • تحليل بيانات أكثر دقة.
  • صناعة قرار مميكنة.
  • سلاسة حل المشكلات.
  • تعزيز المشاركة المجتمعية.

تمثل الفعالية المُعززة التي يمتاز بها الذكاء الاصطناعي أكبر امتيازات دمجه بعلم التخطيط الحضري، حيث يمكن للمخططين الحضريين الآن القيام بالعمليات الصعبة والمستحيلة سابقاً كتحليل كميات كبيرة من البيانات وتحديد الأنماط بسرعة قياسية ويسر، باستخدام خوارزميات تعلم الآلة.

تنعكس تلك الفعالية بدورها على اتخاذ قرارات أفضل بشأن تخصيص الموارد وترتيب أولويات المشاريع، مما يؤدي إجمالاً إلى استغلال أكفأ للوقت والمال.

تحديات تطبيق الذكاء الاصطناعي

يتسم مجال التخطيط الحضري بالتعقيد والتغير الدائم، مما يتطلب كثيراً من الاعتبارات الحذرة للعديد من العوامل.

مؤخراً، تمكن الذكاء الاصطناعي من جذب الانتباه نظراً لما يطرحه من إمكانية حل لتلك التحديات التخطيطية، لكن الأمر لا يخلو من العواقب التي يجب تذليلها أولاً كي يتم دمج الذكاء الاصطناعي كلياً بمجال التخطيط الحضري.

يتربع نقص البيانات على عرش تلك المعوقات السالف ذكرها، ليتم تطبيق الذكاء الاصطناعي بكفاءة في التخطيط الحضري، يجب توافر بيانات دقيقة وشاملة لعدد من الجوانب (ككثافة السكان، تدفق المرور، استعمالات الأراضي… إلخ).

يصعب تذليل تلك العقبة بشكل خاص نظراً لاعتبارات الخصوصية أو عدم اكتمال قواعد البيانات من المصادر المتنوعة، وبخلاف تلك الاعتبارات، فحتى عند توفر عنصر الكفاية الكمية ستواجهنا مشكلة كفاءة ودقة البيانات لضمان جودتها واعتمادها.

إضافة لتحديات الكم والكيف البيانية، هناك معوق آخر يتمثل في ضمان تحقيق العدالة لكافة قاطني المنطقة الحضرية.

أمثلة للذكاء الاصطناعي في التخطيط الحضري

يعد التخطيط الحضري ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة، بما ينطوي عليه من تشكيل وإدارة الفراغات العمرانية الملائمة للسكن والتنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية، وخلال الأعوام الأخيرة تزايد استعمال المخططين الحضريين للذكاء الاصطناعي لتطوير العملية التخطيطية ونتائجها.

ومن أمثلة تلك الاستعمالات تسخير خوارزميات تعلم الآلة لتحليل بيانات استعمالات الأراضي والكثافات البشرية وأنماط التدفق المروري وغيرها، ليتم -وفقاً لتلك المعلومات- اتخاذ القرارات لاحقاً فيما يخص مواقع بناء البنى التحتية الجديدة أو طرق تحسين البنى التحتية القائمة.

كما أن أدوات المحاكاة الخاصة بالذكاء الاصطناعي قد تساعد المخططين الحضريين في نمذجة سيناريوهات التنمية المستقبلية المختلفة واختبار آثارها المحتملة على عديد من جوانب الحياة بالمدينة.

كذلك يعد توزيع المستشعرات الذكية في المدن أحد تلك الأمثلة التطبيقية للذكاء الاصطناعي بالتخطيط، حيث تجمع تلك المستشعرات بيانات آنية حول جودة الهواء ومستويات الضوضاء وغيرها من العوامل البيئية التي تنعكس على جودة الحياة بالمدينة.

المخاطر المحتملة لتطبيق الذكاء الاصطناعي

على الرغم من الانتشار الواسع المدى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي بكل نواحي حياتنا اليومية، فإن هذه التقنيات تتضمن بعض المخاطر التي ينبغي الإشارة إليها، لهذا أصبح ضبط الذكاء الاصطناعي وحوكمته موضوعاً ساخناً في السنوات الأخيرة بالتوازي مع تطور التقنيات بمعدلات مُطردة.

تتمثل واحدة من تلك المخاطر في انحياز الخوارزميات الذكية، حيث تعمل تلك الخوارزميات على اتخاذ قرارات بناءً على ما يتم إدخاله لها من بيانات قد تكون منحازة، وما لم يتم رصدها ومعالجتها قد تقود لنتائج مجتمعية تمييزية تعمل على ترسيخ الفوارق واللامساواة. مثال واضح لهذا هو تطبيق التعرف على الوجه الذي أظهر صعوبة في التعرف بدقة على أصحاب البشرة الداكنة بسبب مجموعات البيانات العنصرية التي تم استخدامها في تطويره.

خطر آخر يتمثل في صعود مجتمع «الأخ الأكبر»، حيث تُشكِّل عمليات رصد البيانات المكثفة تهديداً لخصوصية الأفراد واستقلاليتهم، الأمر الذي يمثل مبعث قلق هائل، نظراً لاعتماد عديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي على كميات مهولة من البيانات الشخصية لتعمل بكفاءة.

يترتب على هذا تصاعد خطورة الهجمات السيبرانية في حقبة زمنية يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي بالبنية التحتية الحرجة للمدن (كالمنظومة الصحية ومنظومة النقل).

 إجمالاً، يجب على صانعي السياسات ورواد الصناعة وضع تلك المخاطر في الاعتبار بينما يضعون معايير ضبط وحوكمة الذكاء الصناعي.

الخلاصة: مستقبل المدن

بينما تتصاعد معدلات العمران الحضري، تتزايد أهمية النقاش حول مستقبل المدن وسماتها العامة التي ستشكل نمط الحياة المستقبلية بالمناطق الحضرية.

أولاً، سيزداد التركيز على الاستدامة بالأعوام المقبلة نظراً لإلحاح آثار التغير المناخي، مما يتطلب بدوره تركيزاً أكبر على خفض الانبعاثات الكربونية وجعل المدن صديقة للبيئة، وهذا يستدعي إجراءات كتغليب كفة النقل العام على الخاص أو تطبيق مشروعات البنية التحتية الخضراء.

ثانياً، ستستمر التكنولوجيا في لعب دورها المتزايد الأهمية بتشكيل ملامح المدن، فمبادرات المدن الذكية يتم تطبيقها بالفعل حول العالم باستخدام البيانات والتقنيات اللازمة لتحسين كل القطاعات، بدءاً من التدفق المروري وانتهاءً بإدارة المخلفات.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.