«هم مجموعة من المصارعين»، «طريقتهم الدفاعية تقتل المتعة»، تلك التعليقات ومثلها الكثير دائمًا ما نسمعها أو نقرؤها بعد تقديم فريق أتليتكو مدريد لمباراة قوية من الناحية البدنية والدفاعية خاصة أمام إحدى الفرق الكبرى التي تنتهج الأساليب الهجومية عند مواجهتهم، وبالطبع كُلنا يعرف أن عناصر الأتليتي معروفون بصلابتهم الدفاعية وتدخلاتهم القوية التي قد تصل في بعض الأحيان إلى حد الخشونة.

ولكن بعيدًا عن تلك المناقشات واختلاف وجهات النظر في تلك النقطة، يخرج لنا من بين صفوف هذا الفريق لاعب أنيق راقٍ مختلف عن أقرانه، لما لا وهو ذات الأصول الفرنسية يُدعى «أنطونيو جريزمان»، فهو يعتبر اللاعب الوحيد في تشكيلة فريق العاصمة البعيد كل البعد عن أسلوب زملائه في اللعب.

بالطبع إنهواحد من أفضل ثلاثة لاعبين في العالم
دييجو سيميوني متحدثًا عن جريزمان.

الدفاع قبل الهجوم

وبما أننا نتحدث عن أتليتكو مدريد الذي أصبح في غضون سنوات قليلة مردافًا للخطط الدفاعية والأسلوب المتحفظ، إذن فلا يمكن أن يمر أحد من تحت يد المدرب دييجو سيميوني إلا ويجب عليه أن يأخذ نصيبه من تلك الواجبات البدنية والدفاعية القوية التي ينتهجها منذ توليه قيادة الفريق، لذلك فلا تستغرب عندما تجد لاعبًا مثل جريزمان الذي بالرغم من ضآلة حجمه وفنياته العالية وقدراته الهجومية التي يمتلكها لكنه دائما ما يؤدي دوره المطلوب منه في الشق الدفاعي، سواء كان الضغط على دفاع الخصم وقطع الكرات منه في منطقته أو الارتداد للخلف من أجل معاونة زملائه وتشكيل خط دفاعي، فهذه أمور لا يتهاون فيها سيميوني.

http://gty.im/607241546

في تقرير لجريدة آس الإسبانية بعنوان «أنطوان جريزمان خط دفاع أتليتكو الأول»، والذي جاء بعد مواجهة بنفيكا في الجولة السادسة بدوري الأبطال الموسم الماضي سُلط فيه الضوء على المساهمات الدفاعية الكبيرة التي قدمها الفرنسي خلال المباراة، حيث تمكن من استعادة الاستحواذ 12 مرة أكثر من أي لاعب آخر، وأن ما قدمه من مجهود دفاعي مُضاعف قد أثر على حيويته الهجومية، الأمر الذي جعله يُلقي بالمسئولية الهجومية وتسجيل الأهداف على عاتق زميليه «ساؤول نيجويز وفيتو».

وبالنظر إلى ما يقدمه جريزمان على المستوى الدفاعي طوال الموسم بالمقارنة مع مهاجمين آخرين سواء معه بالفريق كفيرناندو توريس أو في أندية منافسة ككريم بنزيما -مع الوضع في الاعتبار اختلاف طرق اللعب- نجد أنه لا يوجد ثمة مقارنة على هذا الجانب بينهم، فما بين لاعب يقوم بدوره الأساسي على أكمل وجه في منطقة جزاء الخصم ثم القيام بما يطلب منه من واجبات دفاعية وما بين آخر يتفنن في إضاعة الفرصة تلو الأخرى أمام مرمى الخصم، وبالمقابل لا يقدم أي دور دفاعي يُذكر .

مقارنة بمجمل درجة الأداء الدفاعي ما بين جريزمان وفيرناندو توريس وكريم بنزيما بالليجا خلال الموسم الماضي، المصدر: موقع "squawka" العالمي.
مقارنة بمجمل درجة الأداء الدفاعي بين جريزمان وفيرناندو توريس وكريم بنزيما بالليجا خلال الموسم الماضي، المصدر: موقع “squawka” العالمي.

جوهرة سيميوني النفيسة

ليس غريبًا على الأتليتي أن يكون بين صفوفهم مهاجم بقيمة جريزمان فخلال العقد الأخير قد اعتادوا على أن تحتوي قائمة فريقهم على مهاجمين يُعدّون دائمًا من بين الأفضل في أوروبا بدءًا من فيرناندو توريس وسيرجيو أجويرو، مرورا بـدييجو فورلان ورادميل فالكاو وصولًا لديفيد فيا ودييجو كوستا، ولكن بالنظر لتلك الأسماء المذكورة نجد أنهم جميعًا يمتازون بلعب دور المهاجم الصريح فقط، وهذا عكس ما يقوم به المدرب الأرجنتيني مع جريزمان، فمع تغيير خطط اللعب خلال الموسم وعلى حسب حاجة المباراة فهذا لا يمنعه من استخدام مهاجمه في أكثر من مركز في الثلث الهجومي، مستفيدًا من المرونة التكتيكية التي يتمتع بها الفرنسي غير مكتفٍ بتسجيله للأهداف، وإنما صناعتها أيضًا.

ولذلك فإنه بالعودة لإحصائيات الفريق خلال الموسم الماضي نجد أن جريزمان قد اعتلى قائمة هدافي الفريق في بطولتي «الدوري برصيد 22 هدفًا» و «دوري الأبطال برصيد 7 أهداف»، وجاء الأكثر صناعة للأهداف بواقع 5 تمريرات حاسمة في الدوري خلف اللاعب كوكي صانع ألعاب الفريق.

فإن تمتلك لاعبًا يمكنه اللعب في كل تلك المراكز ويستطيع أن يقدم في كل مرة الأداء المنتظر منه، فهو بمثابة العثور على جوهرة ثمينة لا تقدر بثمن ويصعب التفريط فيها.

جريزمان أصبح الآن الهداف التاريخي لأتليتكو مدريد في دوري أبطال أوروبا برصيد 9 أهداف
مراكز جريزمان المختلفة في تشكيلات دييجو سيميوني، المصدر: www.whoscored.com
مراكز جريزمان المختلفة في تشكيلات دييجو سيميوني، المصدر: www.whoscored.com

المستقبل لجريزمان

أما على المستوى الدولي فيبدو أن مستقبل الهجوم في المنتخب الفرنسي سيكون بخير في ظل وجود لاعبين موهوبين أمثال أنتوني مارسيال وكنجسلي كومان وعثمان ديمبلي، وعلى رأسهم جريزمان.

فمسيرة اللاعب الدولية، التي بدأت في عام 2014، بالرغم من أنها تعتبر قصيرة فإن ما قدمه بقميص بلاده خلال تلك الفترة خاصة في بطولة الأمم الأوروبية الأخيرة عندما حصل باقتدار على لقب أفضل لاعب في البطولة وهدّافها أيضًا، وهو ما يجعلنا نستنبط أنه سيكون خلال المستقبل القريب على رأس أهم اللاعبين، ليس فقط في تشكيلة الديوك، وإنما على مستوى العالم، وسنراه دائمًا حاضرًا ومنافسًا بقوة على الألقاب الفردية، وهو الأمر الذي بدأ بالفعل عندما جاء منافسًا على جائزة أفضل لاعب أوروبي للعام الماضي أمام كل من كريستيانو رونالدو وجاريث بيل.

إنه يستحق الفوز بهذه الجائزة، لقد خسر نهائيين وذلك حظ سيئ بالنسبة له، لكني أعتقد أنه لاعب رائع

كريستيانو رونالدو متحدثًا عن جريزمان بعد التتويج بأفضل لاعب في أوروبا.

المراجع
  1. صحيفة الآس الأسبانية.