في مدينة كيوتو عاصمة اليابان القديمة، وُلِد طفل وحيد لعائلة شغوفة بالثقافة الوطنية، حيث كان كل من والده ووالدته يدرِّسان الأدب الياباني بالجامعة. وعلى الرغم من ذلك فقد نشأ غير مكترث بالثقافة والأدب الياباني، بل كان متطلعًا لثقافة أوسع من حدود وطنه ومنشئه.

بزغت براعم تطلعاته الأولى للثقافة والأدب الغربي منذ أن انتقل مع والديه إلى مدينة كوبه اليابانية، حيث إنها مدينة شاغرة بالأجانب بصفتها ميناء، تجمع السائحين والزوّار من شتّى البِقاع.

فتحت موسيقى الجاز وأفلام هوليوود والروايات الشعبية الأمريكية الآفاق أمامه، فراح ينهل من قراءة شتّى صنوف الأدب الغربي بخاصة الأدب الروسي، وبينما كان يتزايد عمره، كانت تتنامى قراءاته، فكان متأثرًا ببعض الكُتّاب الغربيين منهم «فرانز كافكا» و«جوستاف فلوبير» و«تشارلز ديكنز» وغيرهم… حتى انصهر استقاؤه وتأثره بأولئك الكُتّاب في حصيلته الثقافية واللغوية، وتشكّل في أسلوبٍ أدبيٍّ خاص يمتاز ويتفرّد به بين مختلف الأدباء اليابانيين.

عندما بلغ الثالثة والعشرون كان قد استقر اختياره على رفيقة دربه «يوكو»، فتزوجا وكان يعتمد في دخله السنوات التالية على نادي الجاز الذي افتتحه في طوكيو «بيتر كات». وبعد صدور روايته الأولى أخذت شهرته وشعبيته- ككاتب- تتزايد، إلى أن انبلج نجمه الأدبي الساطع مع صدور روايته «الغابة النرويجية» Norwegian wood ، فتضاعفت شعبيته وتألقت مكانته الأدبية.

ولأن موراكامي كان دائمًا يهوى الهدوء والانفراد بذاته والانغماس بين تفاصيله وهواياته وروتينه الخاص؛ فلم يستطع التأقلم مع شهرته المتزايدة في وطنه، وقرر الانتقال والاستقرار بالخارج حتى يكفل لنفسه المسافة التي يحتاجها للحفاظ على نمط حياته الشخصية.

شغف طفل يختبر الحياة

لطالما كان هاروكي شغوفًا باهتماماته الخاصة كموسيقى الجاز والقراءة وسباقات الماراثون، بالتأكيد إلى جانب القطط التي لعبت دورًا بارزًا في حياته وبين سطور حبكاته الروائية أيضًا. كان شغفه فطريًا محتدمًا متجددًا لا يفتر بالاعتياد ولا يخفت بالملل، كشغف طفل يختبر الحياة بجمالياتها لأول مرة، فتجده ينعكس وميضًا بارقًا في حدقتيه كلما تحدث عن أحد اهتماماته وما شكّلته على حياته من أثر.

كان شغفه بمفضّلاته هو المحرك الأول في حياته؛ ففي عام 1974 أنشأ أول مشروع له، وكان لم ينه دراسته الجامعية بعد، وكأنه قرر ألّا يفعل في حياته ولا يحيط نفسه سوى بما يحب وفقط مهما كلّفه الأمر. فكان مشروعه الأول مقهى خاصًا بموسيقى الجاز في ضواحي طوكيو وسماه «بيتر كات» (وهو اسم قطِّه في ذلك الوقت). وكانت المقطوعات الموسيقية الأساسية المنبعثة من زوايا المقهى هي مقطوعات الخمسينيات المفضلة لديه، بينما يقدم فقرات العزف المباشر في نهاية الأسبوع.

عمل في المقهى بالمشاركة مع زوجته التي كان قد ارتبط بها حديثًا، حيث كره كلاهما العمل في الوظائف المكتبية بعد التخرج. اختار موراكامي رفيقته التي خاض معها مشقة البدايات كلها وأعان كلاهما الآخر على تحملها واجتيازها بقوة ورضى وحب. واستمر عمل موراكامي بالمقهى إلى أن نشر رواياته الأولى «مطاردة الخراف الجامحة» في عام 1981.

كانت دعائم الأُلفة والمشاركة والأمان بين الحبيبين وكل أركان حياتهما التي أسساها باختيارهما الحُرّ على بساطتها ومحدوديتها كافية ومُرضية لكليهما، حتى تجاوزا معًا صعوبات تلك المرحلة وتطورت حياتهما وانبلجت أحلامهما من عُنق المشقّة، فإذا بهما يريانها رأيَ العين، فيصير موراكامي كاتبًا وروائيًا تتُرجم حكاياه وسطوره إلى أكثر من 50 لغة حول العالم.

يوم أن حلّقت كرة البيسبول

يُسميها موراكامي «لحظة التجّلي» خاصته، حيث كان جالسًا بأحد ملاعب البيسبول بطوكيو يشاهد إحدى المباريات لفريقه المفضّل؛ كان اللاعب «ديف هيلتون» يضرب الكرة التي حلّقت جهة اليسار، حينما دوَى صدى المضرب في أرجاء الملعب، وفي تلك اللحظة همس موراكامي لنفسِه: «أعتقد أنه بإمكاني كتابة رواية».

استقرت في عقل موراكامي خاطرة الكتابة وكأنما سقطت عليه من عنان السماء حيث لا يدري. وفي طريق عودته قام بشراء أوراق وقلم وظل يكتب كل ليلة بعد إغلاق المقهى. كانت لحظة تحول فارقة في حياته، فترسخت حيّة في ذاكرته بأدق تفاصيلها وأجوائها التي ظل يستحضرها منذ ذلك الوقت. وجاءت كتاباته ذات طابعٍ تلقائيّ بسيطٍ صادقٍ عفويّ بقدر ما تتسم به الطريقة التي اتخذ بها موراكامي قرار الكتابة.

أولى الخطوات

على الرغم من أن حصيلة موراكامي من القراءة كانت غنية وكثيفة للغاية، فإنه حينما قرر كتابة روايته الأولى كان لا يملك بعد الأدوات والفصاحة الأدبية التي تمكّنه من صياغة نصٍّ روائي مُحكم. إلا أنه استمر في الكتابة على أي حال بالأسلوب الذي كان يراه جيدًا، وعندما فرغ من عمله وأعاد قراءة نَصِّه الأول، شعر أنه رتيبٌ ومتكلّف.

لم يرضَ موراكامي عن ذلك ثم قرر بذل محاولات أخرى لتطوير واكتساب أسلوبٍ أدبي منمَّق ومميز، فأخرج آلة الكتابة من خزانته الخاصة ثم راح يكتب بالإنجليزية بلا توقف. وهكذا ظل يحاول تطوير أسلوبه الأدبي شيئًا فشيئًا بعباراتٍ قصيرة وتعبيراتٍ بسيطة.

يقول موراكامي: «لم أحاول إثارة الإعجاب» وبعد انتهائه من الفصل الأول، قام بإعادة كتابته باليابانية. جديرٌ بالذكر أن العديد من النقاد أطلقوا على الأسلوب الأدبي لموراكامي «أسلوب الترجمة»، حيث تبدو كتاباته كأنها مُترجمة من الإنجليزية. وعقّب موراكامي عن ذلك بأنه يرى أن أي لغة هي مجرد أداة تعبيرية للسرد، وبالتالي فإنها ليست مُقيدة بطريقة واحدة لذلك، بل هناك العديد من الأساليب المختلفة.

كثيرًا ما تطالبني المجلاّت بكتابة نصّ ما، ودائمًا أجيب طلبهم بالرفض؛ أكتب فقط عندما أريد الكتابة، أكتب ما أريد كتابته، وبالطريقة التي أفضّل.

منذ الوهلة الأولى التي ترى فيها موراكامي يتحدث في أحد لقاءاته ستلحظ أنه كاتب شديد التلقائية والعفوية والصدق، ليس فقط كطبع شخصي، ولكنها سمة مسيرته الأدبية أيضًا. لم يسع يومًا لأن يكون معروفًا أو ذا صيتٍ أدبيّ برّاق، حتى أنه لم يتخذ الكتابة يومًا كمهنة، ولذا فإنه يؤكد أنه لم يُصَب يومًا بما يُعرف بـ«الانقطاع الكتابي» Writer’s block، الذي يصيب العديد من الكتّاب، فلم يكن يومًا مضطرًا لأن يدفع السطور من قلمه دفعًا أو أن يعتصر عقله في محاولة تدوين أحد نصوصه، لأنه مقيد بعقدٍ مع إحدى الهيئات أو مُلاحق بموعد ما لتسليم نصوصه، لذا لم يكن في حاجة الكتابة إلا حينما يكون لديه ما يكتبه.

حيث يرى أن الكتابة تمثّل له فيضًا عفويًا من الأفكار والنصوص؛ حين يتأتّى لعقلِه أولُ الغيث ويمازج خاطرَه النزعةُ لسرد رواية، ينفرد بذاته أو ربما يسافر بمعزل عن المشتتات، ومن ثَمَّ يبدأ روتينه الصباحي بالاستيقاظ مبكرًا وتدوين ما لا يقل أو يزيد على عشر صفحات كل صباح.

لا أنخرط في النشاطات الاجتماعية كثيرًا. أحب أن أنفرد بذاتي في مكانٍ هادئ حيث الكثير من المقطوعات الموسيقية المُسجَّلة وربما القطط، وتلفاز لمشاهدة مباريات البيسبول. أعتقد أن هذا جُلَّ ما أحتاجه.

في لقائه مع «ديبورا تريسمان» عندما سألته عن روايته «مقتل الكومنداتور» وكيف انبثقت فكرة الرواية في عقله؛ أفاد بأن الأمر كله بدأ بفقرة قصيرة دوّنها على صفحة بيضاء ملقيًا إياها في درج مكتبه ونسيها حتى بعد مرور ثلاثة أو ستة أشهر قرر تحويل تلك الفقرة إلى رواية وبدأ في كتابتها، لم يكن لديه خطة، أو جدول زمني، أو مسار سردي، فقط بدأ بهذه الفقرة واستمر في الكتابة وقادته الأحداث حيث النهاية مُعقبًا:

إذا كنت تعلم النهاية منذ البداية، فلن تكون كتابة تلك الرواية ممتعة. لربما يقوم الرسام ببعض الاسكتشات كمسوّدة، لكنني لا أفعل. طالما أن لدي لوحة بيضاء، وفرشاة، فقط أقوم بالرسم مباشرةً.

وعندما سُئل عن استلهام شخصية الكومنداتور من أوبرا موتزارت «دون ﭽيوفاني»، أجاب أنه لم يستوحِ أي شخصيات في أعماله من شخصيات واقعية سوى مرة واحدة، عدا ذلك فإنه يختلق شخصيات رواياته منذ البداية، وكل ما يفعله أن يترك الشخصية تتصرف كما يحلو لها، وكأن قلمه ينساب طوعًا لكينونة تلك الشخصية وليس العكس، مُعقبًا:

أنا كاتب، وعلى الرغم من ذلك أشعر أثناء كتابتي وكأنني أقرأ عملًا مشوّقًا؛ لذا فأنا أستمتع بالكتابة.

وعن سبب تداخل الموسيقى دائمًا في أعماله، وأن العديد من شخصياته كثيرًا ما يستمعون إلى فرق موسيقية أو أنواع موسيقى مفضلة؛ أكد موراكامي أنه دائمًا يستمع إلى موسيقاه المُفضلة أثناء الكتابة فهي كالطعام بالنسبة له:

الموسيقى تمنحني الطاقة لأكتب، لذا كثيرًا ما أكتب عن الموسيقى التي أحب، إن ذلك يفيدني صحيًا أيضًا، إن الموسيقى والقطط يساعدانني كثيرًا… لقد استلهمت عدة أشياء عن الكتابة من الموسيقى. من بينها ثلاثة عناصر مهمة: الإيقاع، والتناغم، والارتجال الحر. لقد تعلمت هذه الأشياء من الموسيقى وليس من الأدب، وعندما بدأت الكتابة، حاولت أن أكتب وكأنني أعزف الموسيقى.

ما بين الواقعية والخيال

على الرغم من أن العديد من كتابات موراكامي تتسم بمزج الواقعية بالخيال؛ فإن ذلك أيضًا لم يكن مُتعمّدًا منه؛ فعندما سُئل عن ذلك، أكد أنه لم يتعمد تبني خطة ممنهجة تهدف لمزج الواقعية بالخيال؛ لكنه كلما كتب عن أفكار وقضايا واقعية تسرب الخيال تلقائيًا بين سطوره.

يُشكِّل العالم غير الواقعي أو الخيالي عند موراكامي الضفّة الأخرى للحياة، فعندما سألته «ديبورا تريسمان» عمّا إذا كان ذلك الجانب الآخر- كما يسميه- مظلمًا. أجاب أنه ليس بالضرورة أن يكون مظلمًا ولكن الأمر متعلق أكثر بالاستكشاف؛ حيث يعتبر موراكامي الكتابة بمثابة باب مُغلق يدلف إليه ويستكشف ما وراءه.

عندما يبدأ بكتابة رواية فإنه يستيقظ كل صباح نحو الرابعة فجرًا، ويجلس إلى مكتبه يتناول قهوته ويبدأ بالكتابة، وعندها يدلف إلى عالمه الآخر، يفتح الباب ويستكشف ماذا هناك ولا يكترث كثيرًا إذا كان ذلك واقعيًا أم لا، فيكون في كتابته كمنْ يُنقّب في أعماق الحكاية يستكشف ويرى من الغرائب ما يبدو له حيًا ومألوفًا للغاية، وإذا واجهه جانب مظلم يقترب منه محاولًا استكشاف ما إن كان ذلك يُفضي إليه برسالةٍ ما ويقوم بوصف وتدوين ما يراه.

وفي نهاية رحلته اليومية إلى عالمه الغرائبي الممتع، يعود إلى الواقع بعد ما أثمرت رحلته عن نصٍّ، ليمثل اكتماله رحلة ممتعة، ليس للكاتب فقط، بل لجميع قُرّائه في شتى البقاع حول العالم.

إحدى الأفكار الرئيسية المتكررة في كتابات موراكامي هي فقد شيء ما، والبحث عنه ومن ثَمَّ العثور عليه، سواءً كان ذلك الشيء قضية أو هدفًا أو شخصًا أو حتى هويَّة، ولكن غالبًا ما تكون النهاية غير سعيدة.

تكمن فلسفة موراكامي في التعبير عن أفكار وقضايا أكثر عمقًا وتعقيدًا باستخدام أسلوب روائي سلس وبسيط وشيِّق، فيرى أنه من السهل التعبير عن أفكار سطحية وضئيلة باستخدام أساليب رنّانة معقدة، بينما التحدي الحقيقي هو توصيل مستوى أعمق من الأفكار والقضايا المُركبة بأسلوب بسيط سلس لا يستعصي على القراءة ولا يُضني الاستيعاب.

عندما يرسو شراع الحالمية إلى الواقع

على الرغم من أن المتتبع لطقوس وروتين موراكامي ونزعته التأملية يجزم بأنه شخص حالم من الطراز الرفيع أو ما يعُرف بـDaydreamer، وهذا صحيح. إلا أن عقلّه الطوّاف المُحلِّق في عالم موازٍ يحمله شخصٌ تطأ أقدامه أرض الواقع بخطا ثابتة، مُدركة لجميع أحداث الواقع ومآلاتِه.

إلى جانب الموضوعات والأفكار الفلسفية والرمزية الممتزجة بالعالم الخيالي السريالي المتدفق في حبكات موراكامي، فإنه كاتب شديد التفاعل والتأثر بحوادث الواقع ومآسيه؛ فبعد زلزال 1995 في مدينة كوبه اليابانية، والتي نشأ فيها موراكامي، وحيث تدمر منزل والديه الذي شهد طفولته ضمن العديد من منازل أقاربه وأصدقائه. كتب موراكامي مجموعته القصصية «بعد الزلزال» المُؤلفة من 6 قصص قصيرة مُستلهمة من فاجعة الزلزال.

وفي نفس العام وقع هجوم غاز السارين بمترو طوكيو، والذي قامت به طائفة «أوم شنريكيو» المتطرفة، وبينما كان موراكامي خارج اليابان يتتبع أخبار الحادث ويقرأ ما تناولته الصحف والمجلات، قرر أنه بحاجة لمعرفة وتوثيق الأمر من زاوية أقرب وأصدق، قام بعمل مقابلات وتسجيلات للضحايا أنفسهم وطرح عليهم أسئلته الخاصة، ثم نشر تلك المقابلات والحوارات المُسجلة في كتابه «تحت الأرض- underground»، وفيه قرر موراكامي الاستماع لأصوات الضحايا وتوثيقها:

قمت بهذا العمل الوثائقي لأنه لم يقم به سواي. أردت أن أستمع لأصوات الضحايا، تلك الأصوات التي ما زالت كامنة بداخلي، أثق بهم، فهم أصوات حقيقية. لكن أعضاء طائفة الأوم شينريكيو لم يكونوا أُناسًا عاديّين؛ من حيث أنهم يسعون لحقائق من نوع خاص أو حقائق مُطلقة. بينما الضحايا لم يكونوا سوى أُناس عاديين متجهين إلى أعمالهم، لقد قمت بمحاورة أعضاء الطائفة أيضًا، لكن لم تلقَ أصواتهم صدى لديّ.

كان موراكامي راغبًا في مؤازرة ضحايا الزلزال وضحايا هجوم غاز السارين وغيرهما من الفواجع الإنسانية التي يضطرب لها الوجدان. كانت وسيلته في ذلك هي الكتابة، التي هي وسيلة تواصل قد يتصافح بها كفا قارئ وكاتب لم ولن يلتقيا يومًا سوى على ساحة تلك السطور، التي تنقل الرسائل والأفكار بين عقلين على مستوى واعٍ أو حتى غير واعٍ؛ عقل الكاتب والقارئ.

موراكامي مُترجمًا وأديبًا

العديد من جمهور موراكامي يعلم أنه يترجم من وإلى اللغتين الإنجليزية واليابانية، وحيث إنه لا يكتب إلا حينما يكن لديه ما يكتبه، فعدا ذلك فإنه يترجم.

يُطلِق موراكامي على هذه الممارسة اسم «عملية إعادة الضبط» لعقله الروائي، كما يُطلق على ممارسته لذلك التناوب المستمر بين الكتابة والترجمة «الشوكولاتة ورقائق الأرز» اشتقاقًا من المثل الياباني القائل بأنه: يمكنك تناول الحلو والمالح من الطعام في حلقة تناوبية مستمرة بلا ملل.

كانت قراءات موراكامي الغزيرة وإتقانه اللغتين الإنجليزية واليابانية، قد أكسباه مهارة لغوية وحسًا أدبيًا ماهرًا، بما أهّله لترجمة العديد من الأعمال لكُتّاب عالميين إلى لغته اليابانية من ضمنهم «ريموند كارفر» (Raymond Carver) و«تيم أوبراين» (Tim O’Brien) و«سكوت فيتجيرالد» (F. scott Fitzgerald) و«ريموند تشاندلر» Raymond Chandler)). كما حازت ترجماته على إعجاب كثير من القُرّاء في اليابان، وفي مقدمتهم رواية «الحارس في حقل الشوفان».

سواءً كنت من قُرّاء موراكامي أم لا، وسواءً كان أحد الأدباء المفضلين لديك أم لا، فلا يسعك إلا أن تشهد وتُقرّ بنجاحه وتميّزه على الصعيد الأدبي والإنساني. فإذا كان تعريف الأدب في جوهره هو- كما عبّر عنه الكاتب والناقد الأدبي الإنجليزي «فيليب سيدني»- أن يكون ثريًا بعُنصري الإفادة والإمتاع معًا؛ فقد نجح موراكامي في تحقيق ذلك على أكمل وجه.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.