تولى هرتسي شلومو هاليفي بشكل رسمي مهام منصبه كرئيس لأركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليصبح رئيس الأركان الثالث والعشرين في تاريخ الدولة العبرية، ووصل هاليفي إلى منصبه رغم محاولات إفشال ذلك، لكنه بحسب صحيفة «هآرتس» وصل لهذا المنصب نتيجة خبرته والتقدير الذي يحظى به بين قيادات الجيش، ويأتي تعيينه في وقت تواجه فيه دولة الاحتلال عديدًا من التحديات سواء في الضفة الغربية أو غزة ولبنان وكذلك التحديات الإيرانية والروسية بحسب موقع «تايمز أوف إسرائيل»، فمن هاليفي وما أبرز التحديات التي تواجهه؟

من هرتسي هاليفي؟

وُلد هرتسي هاليفي في القدس في عام حرب الأيام الستة كما يسميها الإعلام العبري، وتحديداً في 17 ديسمبر 1967، أي في وقت كانت تسود فيه جنون العظمة لدى دولة الاحتلال بعد احتلال سيناء والأراضي المصرية، والده هو حاييم شلومو هاليفي من أصول روسية وهاجر للأراضي المحتلة في 1926، أي قبل قيام دولة الاحتلال الصهيوني بأكثر من عشرين عاماً، واكتسب هاليفي اسمه هرتسي نسبةً إلى عمه الذي قتل في معركة القدس في حرب الأيام الستة، بحسب موقع «ماكور ريشون».

هاليفي لديه 4 أبناء، وحصل على بكالوريوس الفلسفة من الجامعة العبرية، ودرجة الماجستير في إدارة الموارد الوطنية من جامعة الأمن القومي في واشنطن، التحق بالجيش الإسرائيلي عام 1985. خدم لأول مرة في قوات الناحال داخل إحدى المستوطنات شمال إسرائيل. بعد ذلك، تطوع في لواء المظليين، ثم خضع لدورة تدريبية كمقاتل، ودورة ضابط مشاة، بحسب صحيفة «هآرتس»، وعاد بها إلى قوات المظليين ليتولى منصب قائد فصيلة، ثم ضابطاً لعمليات الكتيبة، ثم قائداً لسرية في الكتيبة 101، وفي عام 1992 تولى قيادة قوات المظليين التي قادها في حرب جنوب لبنان، بحسب موقع «ماكور ريشون».

وفي مرحلة قيادية أخرى انتقل هرتسي هاليفي للعمل في دورية لهيئة الأركان العامة عام 1993، كقائد لفصيلة التدريب في الوحدة، بعد ذلك تم تعيينه «قائداً» للعمليات، بحسب ما نشره معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. خدم في وقت لاحق في وحدة العمليات الخاصة في شعبة الاستخبارات العسكرية وعين في ما بعد نائباً لقائد الدورية، وشارك في مهامه في عديد من العمليات، بما في ذلك عملية اللدغة السامة التي اختُطف خلالها القيادي اللبناني في حركة «أمل»، مصطفى الديراني الذي خطفه الجيش الإسرائيلي لاستخدامه كورقة مساومة لإعادة الجنود المختطفين لدى حزب الله وحركة حماس، في 7 مارس/ آذار 2001 ترقى هاليفي إلى رتبة مقدم وعين قائداً داخل هيئة الأركان العامة، وقادها في القتال في عملية الجدار الصامد وعمليات أخرى. في نهاية ولايته عام 2004 تمت ترقيته إلى رتبة عقيد، وذهب للدراسة في الولايات المتحدة، ومن عام 2005 وحتى عام 2007 عين قائداً للواء «منشيه» العاملة قرب جنين، ومن أغسطس 2007 حتى أغسطس 2009 عين قائداً للواء المظليين، وقاده في عملية «الرصاص المصبوب» على قطاع غزة في 2008، وترك منصبه كقائد للواء المظليين في 20 أغسطس 2009، وكان حينها برتبة عقيد، بحسب موقع «ماكور ريشون».

المناصب القيادية العليا

وبعدما ترك هرتسي هاليفي منصبه كقائد للواء المظليين تمت ترقيته لرتبة عميد، ليكون رئيسًا لقسم العمليات التشغيلية في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «أمان»، وكانت وظيفة القسم الخاص به متابعة ورصد جميع وسائل الإعلام العربية، وظل في هذا المنصب حتى أكتوبر 2011، ليتولى بعدها قيادة «قسم 91 الجليل» الذي ينشط في الحدود الشمالية، وفي 2012 انتقل هاليفي إلى قيادة الأركان ليكون قائدًا لوحدة «سيريت ميتكال»، ليتولى بعدها قيادة كليقة القادة والأركان في 2014، بحسب تقرير مفصل نشره موقع «يسرائيل هيوم» تحت عنوان «كل ما تريد معرفته عن هرتسي هاليفي».

لم تطل مدة قيادة هاليفي لكلية القادة والأركان حتى أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعلون قراراً بتعيينه رئيساً لشعبة الاستخبارات العسكرية خلفاً لأفيف كوخافي في 2014، وشغل المنصب حتى 28 مارس 2018، بحسب تقرير نشره موقع القناة الثانية الإسرائيلية، وفي يونيو 2018 تولى هاليفي قيادة المنطقة الجنوبية وبقي في منصبه حتى مارس 2021 بحسب موقع إذاعة الجيش الإسرائيلي، وكان هاليفي على موعد في 11 يوليو 2021، ليكون نائباً لرئيس الأركان، وظل في منصبه حتى 31 أكتوبر 2022، في 4 سبتمبر 2022 ، أعلن وزير الدفاع بيني غانتس عن نيته تعيينه في منصب رئيس الأركان ليكون القائد رقم 23 للجيش الإسرائيلي، بحسب ما نشره موقع «والا» العبري ووسائل إعلام عبرية عديدة، وفي 23 أكتوبر، وافقت الحكومة على التعيين وتولى منصبه في 16 يناير 2023.

تحديات تواجه الفيلسوف

أطلقت وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية منها «هآرتس» وكذلك «نيويورك تايمز» لقب الفيلسوف على هرتسي هاليفي بسبب دراسته للفلسفة، الذي تسلم مهام منصبه الثلاثاء 16 يناير الجاري، حيث بدأت مراسم تسليم واستلام المنصب الساعة العاشرة صباحاً في ديوان رئيس الوزراء بالقدس، حيث تمت ترقية هاليفي (54 عاماً) إلى رتبة لفتنانت جنرال، بحسب ما نشره موقع «تايمز أوف إسرائيل».

ويواجه هاليفي جملة تحديات في وقت تولت فيه قيادة إسرائيل حكومة يمينية متشددة، وهي الأكثر تطرفاً في تاريخ دولة الاحتلال، التي تسعى لهيكلة السلطة العسكرية في الضفة الغربية، وسط اعتراضات من قادة الجيش على آمال وطموحات بعض الوزراء المتطرفين داخل الحكومة منهم، وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، خصوصاً أنهما أكثر الوزراء تطرفاً وسعياً لإحداث تغييرات جوهرية في القيادات الأمنية وكذلك القوانين التي تجعل إسرائيل أكثر تطرفاً في توجهاتها.

وبحسب «تايمز أوف إسرائيل»، فإن وزير الدفاع، يوآف جالانت سيسعى لتسهيل مهمة هاليفي، وكبح جماح أي ضغوطات خارجية في إشارة إلى بن غفير وسموتريتش، وفي هذا السياق قال جالانت أثناء حفل تسليم وتسلم مهام منصب قيادة الجيش: «بين السلطة والمسؤولية في الجيش، هناك مفهوم أساسي واحد: وحدة القيادة، لكل جندي وضابط، هناك قائد واحد، وفوقهم جميعاً هناك رئيس الأركان، أعلى قيادة في الجيش، الخاضع لوزير الدفاع والممتثل للحكومة»، وتابع بقوله: «بحكم منصبي وحسب ما يقتضيه القانون، سأعمل حتى يتمكن رئيس الأركان، من الاضطلاع بمسؤولياته، في غضون ذلك، سأتأكد من أن الضغوط الخارجية السياسية والقانونية وغيرها ستتوقف عندي ولن تصل إلى أبواب الجيش»، وكان رئيس الأركان المنتهية ولايته أفيف كوخافي قد حذر من خطة الحكومة لإعادة هيكلة السلطة العسكرية في الضفة الغربية.

هاليفي يهدد الجميع

وفي مراسم تسلم مهام منصبه وفي كلمته حول التحديات التي تواجه الجيش الإسرائيلي ومهام منصبه، قال هرتسي هاليفي بلغة تحذير بحسب ما نشره موقع والا العبري:

في 75 عامًا، تحولنا من دولة محاطة بالأعداء إلى دولة تحيط بأعدائها بقوتها وقدراتها المتقدمة، ولكن ما زالت تتطور حولنا عديد من التهديدات المختلفة، من مشكلة إيران التي تتحمل إسرائيل مسؤوليتها الحاسمة في تقديرات حلها، عبر الحدود الشمالية وقطاع غزة، إلى التحديات في الضفة الغربية، ردنا على التهديدات هو ميزتنا الأمنية والدفاعية وقوتنا في الردع والقدرات المتقدمة والكفاءة العالية لدينا، دع أعداءنا يعرفون: ما نقوله نعرف أيضاً كيف نفعله، ونحن مستعدون لفعل المزيد أكثر بكثير مما نقوله.

وأضاف بحسب «تايمز أوف إسرائيل»:

سنجهز الجيش الإسرائيلي للحرب على ساحات بعيدة وقريبة. سنقوم بتوسيع جودة التجنيد لجيش الدفاع من جميع طبقات السكان، مصدر قوتنا؛ وسنعزز جيش الاحتياط ونحافظ على جيش إسرائيلي موحد ومركّز وأخلاقي ومهني، بعيداً عن أي اعتبار آخر غير الأمن.

وفي كلمة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو في حفل تنصيب هاليفي، واتساقاً مع لغة التحذير في خطاب رئيس الأركان الجديد، قال نتنياهو: «اليوم الحكومة الإسرائيلية تدرك الخطر وتوجه الجيش الإسرائيلي لإعداد خطة لصد التهديد لوجودنا، النظام الإيراني يهدد بتدميرنا، الجيش والشاباك والموساد سيفعلون كل ما يلزم للرد على أعدائنا، لن ننجر إلى حروب لا داعي لها»، بحسب ما نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم».