«أنا مش هاعمل زي «إيهاب جلال» وأمشي من المصري في نص الموسم، أنا باحترم تعاقدي والإدارة والجماهير اللي التزمت معاهم، ولو عايزين يمشوني يمشوني».

هكذا أخبر «حسام حسن» لاعبيه مطلع هذا العام عقب الخسارة من سموحة بالدوري بثلاثة أهداف مقابل هدفين، قبل التوجه لمقابلة الأهلي في مباراة السوبر بالإمارات. التاريخ ليس ببعيد، لكن يبدو أنها كانت فترة كافية ليتبدل الحال ويغير «الأخوان حسن» مبادئهما التي طالما تغنيا بها.

يفاجئ نادي بيراميدز الجميع ويعلن تولي المشاكس حسن مهمة تدريب الفريق خلفًا للأرجنتيني «ريكاردو لافولبي»، وبالتبعية سيتولى توأمه منصب مدير الكرة، ليعلنا بداية فصل جديد في عدائهما مع جماهير القلعة الحمراء في انتظار المزيد من الجدل والصراعات.

ذلك الجدل الذي لم تعد الكرة المصرية تقدم سواه، في ظل التردي الملحوظ في مستوى الأندية مع استمرار حرمان الكرة من جماهيرها. كل شيء أصبح معدًا؛ التوأم المصري الأشهر مع «حسام البدري» والصقر «أحمد حسن» تحت رعاية أموال سعودية في نادٍ أصبح له من النفوذ ما ينافس به القطبين، هي حرب ضد الجميع، ولن يجدوا أفضل من حسام حسن لتصدر المشهد.


المدرب الشاب دائمًا

ما زال البعض يصنف المدرب صاحب الـ 52 عامًا على أنه مدرب شاب/ لأننا في مصر اعتدنا أن نطلق هذا الوصف حتى يبلغ الرجل عامه الستين. أدرك حسام حسن الخمسينات، وتخطاها، ولديه مسيرة تدريبية ليست بالقصيرة؛ بدأت منذ عام 2008 وحتى الآن.

لا يمكننا أن نصنف المدربين في مصر كما نصنف مدربي الكرة العالمية؛ لأننا هنا لم ندرك بعد ما أدركوه من تفاصيل اللعبة. لكن يمكننا أن نصنف لاعب الأهلي السابق على أنه مدرب شجاع، يحب أن يضغط خصومه، يتمتع لاعبوه بلياقة عالية تمكنهم من فرض سيطرتهم في معارك الكر والفر تلك، لا يهاب الكبار، ولا يفرق بين الخسارة بهدف أو بدستة من الأهداف، لذلك يغامر حتى النهاية مهما كلف الأمر.

يتفق الجميع على امتلاكه عينًا خبيرة تمكنه من انتقاء اللاعبين المغمورين، وتحويلهم إلى لاعبين يُعتمَد عليهم، وتتهافت عليهم الأندية فيما بعد، لكن حتى الآن محصلته التدريبية تساوي صفرًا من البطولات.

نادي بيراميدز هو المحطة السابعة لحسام حسن على صعيد الأندية. كان دائم الترحال؛ فتولى تدريب كل من: المصري البورسعيدي «ثلاث ولايات»، والزمالك «ولايتان»، والاتحاد السكندري، ومصر المقاصة، والمصرية للاتصالات، والإسماعيلي «مباراتين فقط». وكان أبرز إنجازاته الوصول مع فريق القنال في ولايته الثالثة إلى نهائي كأس مصر، ونصف نهائي الكونفدرالية.

مسيرة تدريبية مقبولة -هنا في مصر-، لكن ما يعيبها هو ما صاحبها من أحداث وانفعالات غير منضبطة من الأخوين. ومع كل خطوة لهما في عالم التدريب، كانا يكتسبان عدوًا تلو الآخر.


كيف تجذب الأعداء؟

تاريخ طويل من المناوشات كلاعب وكمدرب. أخوان يعامَلان كشخص واحد؛ تصريحات هذا تنسب لذاك والعكس. كل خطأ له ما يبرره، لأن الجميع ضدنا، ونحن ضد الجميع. تركا النادي المصري في بداية الموسم، لتبدأ حملة تقليب الجمهور على إدارته. الإدارة لم توفر لنا الدعم،لم يتصل بنا رئيس النادي ليدعمنا ويطمئن علينا قبل مباراة فيتا كلوب! لا نلعب على ملعبنا، نحن الوحيدون في العالم الذي يعيش هذه المعاناة. حسنًا، سنبرر قدر الإمكان فلا يمكننا خسارة جمهور بورسعيد أيضًا.

يسب جمهور الأهلي التوأم، ليلوح لهم حسام بالتي شيرت الأبيض ويعلن ولاءه لنادي الزمالك. ثم يتلقيان السباب من جماهير الزمالك، ليشير لهم حسام بالقميص الأحمر ليعلن ولاءه مجددًا للقلعة الحمراء، ويذكّر الجميع بأنه سيظل ابنًا للنادي الأهلي. يخسر أمام الأخير في كأس السوبر، ليصرح بأنه لا يخسر بالثلاثة مثل الغريم. يودع الكونفدرالية برباعية نظيفة أمام «فيتا كلوب»، ليصرح بأنه لم يخرج من الأدوار التمهيدية مثل أندية كبيرة أخرى.

حتى عندما يذكّر جمهور الأهلي بإنجازاته مع النادي، والتي لا ينكرها أحد بالمناسبة، يصر على التقليل من رموزهم. لقد أحرزت أهدافًا أكثر من الكابتن رئيس النادي «محمود الخطيب»، وفزت ببطولات أكثر من «صالح سليم». تشعر كأنه لا يريد أن يكسب أحدًا في صفه، بل يريد خسارة الجميع.

التوأم لا يعرف متى يتوقف عن التصريحات، لذلك يخرج منهما ما لا يتوقعه أحد؛ بداية من معاداة ثورة 25 يناير، ومطالبة الجيش بحصار الشباب داخل الميدان، حتى وصلنا للمطالبة باستفتاء لاختيار جنسية مدرب المنتخب بعد رحيل «كوبر».

لم يفهم التوأم بعد أن ذاكرة السمك لم يعد لها مكان في عقل الجمهور، وأن المشاهد لا يحتاج للتقليل من هذا أو ذاك حتى يقدرك حق قدرك. ما بذله حسام وإبراهيم من عرق داخل الملعب كان كافيًا تمامًا.

حسام حسن يرد على سباب جمهور الزمالك


فرصة لن تُعوّض

يدرك حسام حسن أنه لم ينل في مسيرته التدريبية ولو قليلاً مما ناله في مسيرته كلاعب. لا يمكن للرجل الذي فاز مع الأهلي والزمالك ومنتخب مصر بكل شيء أن يكون راضيًا. لو كان الاستسلام خيارًا متاحًا، لانتهت مسيرته عقب مغادرة القلعة الحمراء. لم يكن الأول ولن يكون الأخير، لكن عالم التدريب يختلف تمامًا.

وصل مع النادي المصري لأقصى ما يمكن الوصول إليه، وبأقل الإمكانيات. الوقت يمضي وما زال الرقم صفر يطارده. لا يمكن العودة إلى الزمالك في وجود «مرتضى منصور»، وباب الأهلي مغلق في وجود «بيبو» رئيسًا للنادي. يحلم بتدريب المنتخب فيسألونه كم تمتلك من البطولات حتى تنال شرف تدريبه؟

كان سيئ الحظ؛ تولى تدريب الزمالك في فترات عنفوان غريمه الأزلي، وباقي الأندية التي تولى تدريبها من أندية وسط الجدول. حسام يثق في نفسه حتى الغرور. لو دخلت عقله، ستجده يتساءل إلى متى سأظل واقفًا هنا أشاهد أنصاف المدربين يفوزون بالبطولات؟ فرصة تدريب نادي بيراميدز قد تكون رياحه التي يجب أن يغتنمها. ستتوافر له الإمكانيات كما لم تتوافر من قبل، ونفوذ «تركي آل الشيخ» سيمهد له الطريق، وسيغير موقفه تمامًا في لعبة المصالح التي طالما كرهها.


لعبة المصالح

حسام حسن, الزمالك
حسام حسن, الزمالك
تركي آل الشيخ, حسام حسن
المستشار تركي آل الشيخ يمينًا والتوأم حسام حسن يسارًا

لطالما كان العميد -سابقًا- مندفعًا، لا يعرف الدبلوماسية أو بالأحرى التملق. لا أقصد هنا تملق النظام السياسي الحالي أو نظام «مبارك» لأنه نافقهما بالفعل، بل أقصد الوسط الرياضي. العلاقات والمصالح المتبادلة هي التي تحكم، وعلى الرغم من تجاوزات التوأم الأخلاقية إلا أنهما لا يجيدان أبدًا لعبة المصالح تلك.

لو حاولت أن تبحث عن اسم إعلامي واحد كان دائم الدفاع عنهما فحتمًا لن تجد، تبحث الكاميرات عنهما دائمًا دون غيرهما. سأحاول أن أوضح لك الصورة؛ حسام البدري -على السبيل المثال لا الحصر- كان دائم التلفظ بألفاظ خارجة تجاه لاعبيه أثناء المباريات، وكانت الكاميرات تلتقط تلك المشاهد لكن دون أن يركز عليها الإعلام، بل ويستمرون في تصدير صورته الحسنة وإنجازاته التدريبية العظيمة، هكذا تدار الأمور في الوسط الرياضي المصري.

الوصول إلى تدريب المنتخب يحتاج إلى تلك العلاقات أيضًا، وحسام حسن يدرك ذلك، وقد قرر أخيرًا أن يخوض لعبة المصالح تلك بل ويستخدم الكارت الأقوى في هذه اللعبة، ولا يوجد أقوى من معالي المستشار الهابط علينا من السعودية.

قد تكون خطوة الانتقال إلى بيراميدز هي الأهم في مسيرة حسام حسن التدريبية، وقد تساهم في تحقيق أحلامه بالفوز بالبطولات وتدريب المنتخب. قد يصبح مدربًا ناجحًا، لكن هل سيكفي هذا لكسب محبة الجمهور من جديد؟ هو لا يريد أن يرى الصورة من وجهة نظرنا.

لا أحد يستطيع محو تاريخك في الملاعب، وتاريخك في الملاعب لا يمكنه محو ما تمارسه من تجاوزات أخلاقية وتلاعب بمشاعر الجماهير. أنت من يختار الصورة التي تحب أن يراك بها الجمهور، لكن عليك أن تدرك أن حسام حسن اللاعب الأسطوري والمدرب المجتهد كان يستحق أفضل من تلك الصورة.