نحن ميلان، لا يمكن أن نجلس بالخلف وننتظر ماذا يكون
ماركو فاسوني، المدير الرياضي للروسونيري.

كان منتصف أبريل/نيسان يشهد وضع اللمسات الأخيرة علي صفقة بيع العملاق الإيطالي وانتهاء ولاية مالكه التاريخي «سلفيو بيرلسكوني»، حين أطلق المدير الرياضي الجديد للنادي «فاسوني» وعده لجمهور الأحمر والأسود بالعودة مرة أخرى لمنصات الشامبيونزليج.

«ماركو» لم يكن يجهل حقيقة ابتعاد «مونتيلا» عن المنافسة على المراكز الأولى خلال الموسم وبالتالي ابتعاد فرص المشاركة بالبطولة الأوربية الأولى، لكنه كان يستشرف المستقبل. إن هي إلا أسابيع وكانت خطوات «فاسوني» تتسارع في سبيل تحقيق وعوده المستقبلية، فالرجل يقود نتفاضة ميلان بالميركاتو الصيفي حاسمًا عددًا من الصفقات بعد أيام من فتح الباب ومثيرًا للتساؤل عن المحطة التي يمكن للروسونيري الوصول لها بعد تلك التدعيمات.


قبل السيد/ لي يونجهونج

لا يمكن حصر مساوئ إدارة الروسونيري الرياضية عبر السنوات القليلة الماضية، والتي كانت لها كلفة باهظة على أداء الفريق حيث أطاحت به خلف المراكز المتقدمة للكالشيو وحرمته المشاركات الأوروبية، وانتهى به الحال ككتيبة تضم لاعبين متوسطي المستوى، وآخرين يستعدون للرحيل بعد إثبات جدارتهم، بالإضافة لمختلف أنواع المصابين!

لكن إسناد الإدارة الفنية لـ«مونتيلا» لم يكن أحد تلك القرارات السيئة، والسبب بسيط وهو أن «فينتشينزو» مدرب واعد، قدم أوراق اعتماده مع «فيورنتينا» كما «سمبادوريا»، وأثبتت الأيام قدرته علي التطور واستيعابه لمختلف الأفكار التكتيكية بجانب العمل الرائع مع المواهب الجيدة.

والأهم أن «مونتيلا» يجيد التدريب تحت ضغط الظروف الصعبة، فبالوقت الذي يعزز «اليوفي» من سيطرته المحلية، بدا لـ«نابولي» حضور يُحترم صنعه العقل الفذ «ماوريزيو ساري»، وبقي لأندية العاصمة الصراع الشرس على المراكز من الثاني للرابع، قبل أن تفاجأ «أتالانتا» الجميع بأكاديميتها متفجرة المواهب، ناهيك عن ملاحقة الغريم التقليدي الذي تتشابه ظروفه في كثير مع ميلان، فكان لـ«فينتشينزو» أن يحدد أهدافه في ضوء الإمكانيات المتاحة بالموسم.

وأهداف «مونتيلا» كانت واضحة بداية من النصف الثاني بالموسم، أهمها الوصول لمقعد أوروبي وإعادة فريقه للفوز بالمباريات الكبري.

لقد كان موسمًا إيجابيًا، تطور أثناءه لاعبونا، عدنا للمنافسات الأوروبية، فزنا ببطولة
مونتيلا، عقب نهاية الموسم الحالي.

كان «مونتيلا» يعلم أن تحقيق تلك الأهداف هو حجر الأساس لطريق ميلان بالموسم المقبل، فالميركاتو القوي سيحتاج للضغط بالورقة الأوربية إلى جانب تجديد الثقة فيه كمدرب لموسم آخر من المالك الجديد السيد «لي يونجهونج»!

فينتشينزو مونتيلا المدير الفني لنادي آسي ميلان الإيطالي.
فينتشينزو مونتيلا المدير الفني لنادي آسي ميلان الإيطالي.

أكثر من سد ثغرات

حسنًا فعلت إدارة الميلان بإسناد مهام الإدارة الرياضية لـ«فاسوني»، الإيطالي الذي يمتلك خبرة طويلة تمتد لأكثر من 14 عامًا عمل خلالها داخل أسوار «اليوفي، نابولي، الإنتر»؛ يعرف الكالشيو كما يعرف كف يديه. «ماركو» سيكون همزة الوصل بين أهداف المستثمر الصيني وثقافة نادي بعراقة الميلان بجانب احتياجات «مونتيلا» بالسوق.

الاستراتيجية التي يتبعها الرجل بالسوق تبدو أكثر من مثالية لظروف ميلان، لقد حدد له «مونتيلا» إطار ومواصفات اللاعبين المستهدفين، فبالتعاقد الرسمي مع الرباعي الرائع «ماتيو موساكيو، ريكاردو رودريجز، فرانك كيسي، أندريا سيلفا» نجد أن الروسونيري يبحث عن الحيوية في كل خطوط تشكيلة الموسم المقبل، يؤكد لك ذلك عامل صغر السن الذي يتراوح بين الحادية والعشرين والسادسة والعشرين، بذلك يمكن للفريق الاعتماد على تلك الانتدابات لسنوات مقبلة.

العامل الآخر المشترك هو طموح اللعب، فقد فضل الرباعي الانتقال للنادي الذي سيضمن لهم مشاركة أساسية بدلًا من الجلوس دكّة بأندية أخرى، وبالتالي سعيهم ليكونوا جزءًا من مشروع تتشكل أولى ملامحه بالمنافسة على الدوري الأوروبي!

أما على مستوى الإمكانيات ومدى ملاءمتها لأسلوب لعب «مونتيلا»، فجاءت موفقة للغاية. البداية مع قلب دفاع فياريال «موساكيو»، الأرجنتيني مدافع جيد جدًا علي صعيد الرقابة والمواجهات المباشرة، ممتاز بالتمركز والتوقع، سريع وقوي بالالتحامات ويعرف كيفية التعامل مع المساحات الناتجة عن تقدم الأظهرة وبالتالي مواجهة المرتدات السريعة.

المميز أيضًا بـ«موساكيو» هي القدرة علي بناء الهجمة من الخلف عن طريق التمرير الطولي والعرضي وكشف الملعب، وهو الأمر الذي من المؤكد لفت انتباه «مونتيلا»!

https://www.youtube.com/watch?v=MTFR8YDV5kY&t=339s

أما «كيسي» فقد لفت الأنظار مبكرًا هذا الموسم مع الصعود الفني لـ«أتالانتا»، وقد دارت حوله عدد من الأخبار برغبة ناديي البريميرليج «تشيلسي، مان يونايتد» بضمه قبل أن ينجح «فاسوني» بالظفر بتوقيعه.

«كيسي» هو الدينامو المنتظر لوسط ملعب ميلان، فاللاعب العاجي يمتلك قدرات بدنية مذهلة تجعله قادرًا علي دفع فريقه للأمام والوقوف كالوتد أمام الخصوم طوال التسعين دقيقة، «فرانك» ربما يكون رجل «مونتيلا» الأول على دائرة ملعب السان سيرو والذي بدوره سيسهم بتحرير «لوكاتيلي أو مونتوليفو» من بعض الأدوار الدفاعية، العاجي يمتلك ميزة إضافية وهي قدرته على صناعة الفرص لزملائه المهاجمين.

وثالثهم هو «ريكاردو رودريجز» الذي تعوّل عليه جماهير ميلان بوضع حد لمشكلة الظهير الأيسر، السويسري قدم مستويات ثابتة مع فريقه السابق فولفسبرج بفضل قدرته علي قراءة الملعب والتمرير السلس وإرسال العرضيات المتقنة بجانب تميزه بالتغطية العكسية والألعاب الهوائية، «ريكاردو» يجيد أيضًا التوغل لعمق الملعب بجانب الطرف، وهو ما سيتيح لمدربه حلولًا جديدة. وإجمالًا فهو لاعب جيد، قد يعيبه البطء بالريتم والتحضير، ولكنه يستحق الاستثمار بإمكانياته.

وأخيرًا يأتي البرتغالي الدولي صاحب الـ21 عاما «أندريا سيلفا»، هداف بورتو السابق الذي توقع له «كريستيانو رونالدو» خلافته يمتلك إحصائيات رائعة، فقد سجل 28 هدفًا في 52 مباراة بجميع مسابقات هذا الموسم.

«سيلفا» مهاجم يتميز بالتحرك الفعّال سواء داخل أو خارج منطقة الجزاء، فهو سريع ويجيد التحكم بالكرة ومراوغ جيد وفوق كل ذلك نادرًا ما يخطئ أمام المرمى بالفرص السهلة، فقد سجل أثناء الموسم من عرضيات بقدميه أو رأسه ومن تمريرات طولية أو حتى بمتابعات لفرص الآخرين. البرتغالي لاعب جماعي، قادر على صناعة الفرص لزملائه أو خلق مساحة بعيدًا عن أعين الرقابة، وهو أمر يمنحه مرونة تكتيكية باللعب في أكثر من مركز كالمهاجم الصريح والوهمي. فقط يعيب «سيلفا» بعض التسرع والرعونة، وهو أمر مفهوم بسنه وخبراته الحالية.

البرتغالي أندريا سيلفا المنتقل حديثًا إلى صفوف الميلان الإيطالي.
البرتغالي أندريا سيلفا المنتقل حديثًا إلى صفوف الميلان الإيطالي.

هناك ملاحظتان على استراتيجية الشراء تلك المرة؛ الأولى أن ميلان لا يسعى فقط لسد ثغرات استشرت بالفريق، ولكن البناء للمستقبل والاعتماد على المواهب المهمة بدلًا من الأسماء الجاهزة.

وبالتالي ستكون تشكيلة «مونتيلا» للموسم المقبل مزيجا من الأسماء القديمة المهمة كـ«لوكاتيلي، بونافينتورا، سوسو، رومانيولي» وتلك الجديدة!

والثانية وهي أن «فاسوني» لم يلجأ لإنفاق مبالغ خرافية كما فعلت بعض الأندية عند بيعها لمستثمر أجنبي، فلم تكلفه تلك الصفقات الأربعة سوى 99 مليونا.


الثورة مستمرة

مونتيلا.

عند سؤاله أيهما يفضل في مركز المهاجم، جاءت إجابة «مونتيلا» مراوغة بعض الشيء، فقد ترك الاحتمالات مفتوحة وأرسل رسالة مفادها أن ميلان الجديد يمكنه استيعاب أكثر من نجم هداف من الطراز الأول.

والحقيقة أن «مونتيلا» يعلم أن ميلان الجديد بأشد الحاجة لمهاجم قوي صاحب شخصية يتطلع لخوض تجربة جديدة، والثنائي المذكور تنطبق عليه تلك المواصفات إضافة لسعيهما لظهور أوروبي جيد بالتزامن مع اقتراب المونديال!

هناك اسمان إضافيان يطاردهما «فاسوني» بقوة، الأول، هو «أندريا كونتي» ظهير «أتالانتا» الأيمن الصاعد بسرعة الصاروخ بجانب «إيميل فورسبيرج» صانع ألعاب «لايبزيج».

الأخبار تقول إن رغبة الأول حسمت انتقاله لميلان، وهو إضافة كبرى للجبهة اليمني، صاحب الـ23 عاما لاعب هجومي بامتياز، فقد سجل 8 أهداف هذا الموسم وصنع عددا وافرا من الأهداف والفرص، رائع جدًا بالتسديد على المرمى كما الزيادة لعمق منطقة الجزاء، الإيطالي ظهير يجيد الاختراق ومواقف المواجهة.

أما دفاعيًا فـ«كونتي» يعرف كيفية الارتداد الدفاعي والتغطية السريعة، لكن يعيبه بعض التهوّر الهجومي الذي ينتج خلفه مساحات أحيانًا، لكن مع مدرب كـ«مونتيلا» تمكن من تحسين منظومة ميلان الدفاعية فلا تبدو رعونة «كونتي» خطرًا كبيرًا.

أما «فوريسبرج» فقد لعب دورًا محوريًا بمشروع «لايبزيج» هذا العام، صانع الألعاب السويدي كان العقل المحرك لأغلب هجمات فريقه، فهو اللاعب الذي يمكن لأي مدرب يلعب بثلاثي هجومي أمام وسط الملعب الاعتماد عليه.

لكن لا يبدو أن ميلان دخل بمراحل متطورة مع ناديه الألماني بشأن انتقاله، ربما لوجود أكثر من لاعب بمركزه ورضا الإدارة الفنية عن أدائهم.


الطريق لذات الأذنين

بيلوتي وموراتا يمكنهما اللعب سويًا
ماركو فاسوني المدير الرياضي لنادي الميلان الإيطالي.
ماركو فاسوني المدير الرياضي لنادي الميلان الإيطالي.

لابد أن «مونتيلا» قد حدد أهدافًا للموسم المقبل الذي سوف يحمل تحديًا شخصيًا له كمدرب، وسيكون العامل الأبرز بتحديد مصيره مع مشروع ميلان الجديد إما باستمراره أو استبداله.

والأهداف تبدو تلك المرة أوضح من سابقاتها، الفريق سيسعى لإحراز تقدم بمراكزه بالكالشيو بعد هذا الميركاتو المبشر بالتوازي مع المنافسة على بطولة الدوري الأوروبي، لكن الهدف رقم واحد سيكون العودة للشامبيونزليج خلال الموسم المقبل.

هناك عمل ضخم ينتظر «مونتيلا» هذا الصيف لأجل الوصول لأفضل تشكيلة متاحة وإعداد دكّة بدلاء جيدة بخلاف السنوات الماضية، المدرب الإيطالي قدم أداء قويا أمام أغلب فرق الصف الأول كـ«اليوفي، أتالانتا، لاتسيو» إلى جانب الغريم الإنتر، سيحاول تكرار الأمر ذاته خلال الموسم الجديد وتلاشي فقدان النقاط السهلة أمام فرق متوسط وأسفل الجدول.

سيحافظ علي أسلوب لعبه القائم على الجماعية الدفاعية والهجومية كما سيمنح لاعبيه القدرة على الظهور والتألق كما فعل مع «سوسو وبونافينتورا».

التأهل للشامبيونزليج سيمنح «فاسوني» خيارات أفضل لإضافة اسم أو أكثر من نجوم الطراز الأول وبالتالي زيادة بالاختيارات الفنية، بالتوازي سيسعى لانتعاشة بقطاع الشباب ليتكرر تصعيد بعض اللاعبين.

إذا استمرت إدارة الميلان على هذا النسق من العمل والتخطيط القائم على المنهجية بجانب منح الفرص لهؤلاء الذين يستحقون كـ«مونتيلا» فربما لا يمر أكثر من عامين ونجد الروسونيري ينافس بقوة بالأدوار المتقدمة للشامبيونزليج!

المراجع
  1. انتقالات الميلان الجديدة.
  2. من هو ماركو فاسوني ؟