لطالما أرادت شركة الهند الشرقية فتح المواني الصينية أمام بضائعها، وسنحت الفرصة أخيرًا عندما أبحرت أول سفينة حربية بريطانية تجاه بكين بقيادة الجنرال جورج مكارتني في سبتمبر/ أيلول 1792، حاملةً على متنها وفدًا من الدبلوماسيين ورجال الأعمال.

رست السفينة في مكاو الخاضعة للاستعمار البرتغالي، وأمضى أفراد طاقمها أربعة أشهر من المفاوضات مع ممثلي الإمبراطور للزحف تجاه بكين، وحين بلغوها تقدَّم الجنرال مكارتني بعريضة مطالب للإمبراطور جيانجلونج لفتح موانٍ جديدة للتجارة أمام الأجانب بدلًا من قصر وجودهم على ميناء جوانجزهو.

كانت السفينة محملة بأحدث المنتجات التقنية البريطانية من التليسكوبات والساعات والبارومترات وبنادق الهواء طمعًا في إثارة إعجاب الإمبراطور، الذي أعرب عن رفضه القاطع للعرض البريطاني في رسالة وجهها إلى الملك جورج الخامس: «لا نعير الآلات العبقرية أي اهتمام، وليست لدينا أي حاجة لمصنوعات بلادكم». فشلت البعثة التجارية البريطانية في إدراك أهدافها، وخرج الجنرال مكارتني بانطباع مؤداه أن الإمبراطورية الصينية الرافضة للنفوذ البريطاني سوف ترتطم بالشاطئ وتتحطم أجزاء صغيرة.

بعد ثلاثة عقود صدق توقعه عندما أصدرت الصين قرارًا بحظر تجارة الأفيون المتدفقة لبرها الرئيس بواسطة شركة الهند الشرقية، فردَّت بريطانيا بقصف جنوب الصين حتى الاستسلام الذي أعقبه فتح خمسة موانٍ أمام حركة التجارة وتسليم هونج كونج للسيادة البريطانية بموجب معاهدة نانكينج، ودفع التعويضات. كانت حرب الأفيون فاتحة لمائة عام من التكالب الغربي والإملاءات التجارية واقتطاع الأراضي والغزو الياباني، فيما سوف يُعرف في الذاكرة الصينية باسم «قرن الذل».[1]

اقرأ أيضًا: حرب الأفيون: كيف أذل «الكيف» شعبًا كاملًا؟

أنهى انتصار الحزب الشيوعي التفسخ الداخلي والخضوع للسيادة الأجنبية، واندفع ممثلو الجمهورية الشعبية لبناء ترسانة من الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية لمضاهاة التقنية العسكرية الغربية، بيد أن الصين في عهد ماو لم تسجل نموًا متوازيًا على كل المؤشرات الاقتصادية والتكنولوجية، فاحتفظت بموقعها في المقعد الأخير بين قوى الصف الثاني. لكن مؤتمر الحزب الشيوعي في ديسمبر/ كانون الأول 1978 حمل التطور الأهم في مسيرة الصين المعاصرة، عندما أطلق دينج شياو بينج استراتيجية الانفتاح والإصلاح، وأعلن عن تحديثاته الأربعة في مجالات «الزراعة، والتعليم، والصناعة والتكنولوجيا، والدفاع».

خلال السنوات الأربعين القادمة سوف تُحقق الصين نموًا إعجازيًّا يرفع ناتجها القومي من 240 مليار دولار إلى 12 تريليونًا، ومتوسط دخل مواطنيها من 165 دولارًا إلى 8800 دولار، ويحولها من مجرد «مرشح للقوة»، يمتلك مقومات عضوية نادي القوى العظمى بالإقليم الواسع والموارد الطبيعية وعدد السكان، إلى قوة عظمى حقيقية، تمتلك ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وجيشًا كفؤًا يسيطر على ترسانة نووية فضلًا عن 7000 دبابة و2600 طائرة هجومية ومقاتلة و700 قطعة بحرية و73 غواصة.[2]

وإذا كان التأسيس والوحدة الداخلية هما سمتا عصر ماو، والتحول نحو اقتصاد السوق والمعجزة الاقتصادية هما منتجا عصر دينج، فإن مراكمة مصادر القوة الشاملة، والسعي لترجمتها إلى نفوذ عالمي هما خصيصتا عصر الرئيس الحالي شي جين بينج، الذي أعلن عام 2013 عن مشروع «حزام واحد، طريق واحد» أو ما يُعرف بـ «طريق الحرير الجديد».

خلال خمس سنوات من طرح المبادرة، التي تُخصص الصين من أجلها استثمارات بقيمة 900 مليار دولار بهدف ربط آسيا وأفريقيا وأوروبا، انضمت إليها 67 دولة تضم 62% من سكان العالم، وتمتلك 36% من الناتج العالمي. مبادرة تحمل لقادة الصين فرصًا جيوستراتيجية عملاقة، ولحكام أفريقيا سبيلًا للحصول على قروض رخيصة دون مشروطية سياسية، ولقادة الاتحاد الأوروبي في برلين وباريس قلقًا متناميًا من انقسام فضاء الشنجن إلى كتل يربطها ببكين ما يخل بالتزاماتها الحيوية مع بروكسل.


أوروبا الشرقية: محطة الاختراق التقليدية

شي جين بينج، الصين
الرئيس الصيني شي جين بينج

خلال العقد التالي لتأسيسها سعت جمهورية الصين الشعبية إلى كسر الطوق المفروض عليها دوليًّا، وبالأخص في أوروبا التي لم يعترف سوى ثلاث من دولها الإسكندنافية بالدولة الشيوعية، إضافةً إلى بريطانيا التي لم يشجعها اعترافها على إقامة علاقات دبلوماسية مع بكين. في سياق مماثل برزت أهمية الكتلة الاشتراكية في شرق أوروبا كرأس حربة صينية لتوسيع رقعة حلفائها الأوروبيين. سرعان ما نجحت الصين في تأمين صفة مراقب في مجلس التعاون الاقتصادي المتبادل، وتدفقت الخبرات الفنية من تشيكوسلوفاكيا، المجر، بولندا، وألمانيا الشرقية للمساهمة في بناء عشرات المصانع الصينية، وارتفع حجم التبادل التجاري بين دول الكتلة الشرقية والصين ليُسجل 670 مليون دولار عام 1958.

ازدهار العلاقات بين الصين وشرق أوروبا كان مدفوعًا بالتقارب الصيني السوفيتي الذي تجلَّى في توقيع معاهدة الصداقة عام 1950، وكان من شأن توتر العلاقات بين موسكو وبكين غداة صعود خروتشوف إلى القيادة، أن يؤثر سلبًا على علاقات الصين بالكتلة الشرقية الخاضعة للنفوذ السوفيتي، ولم يمضِ وقت قبل أن تسحب موسكو وحلفاؤها كل خبرائهم التقنيين من الصين، وتنهار العلاقات على المستوى الحزبي بين الشيوعي الصيني ونظرائه في الكتلة الشرقية باستثناء ألبانيا ورومانيا.

إزاء هذا التراجع انفتحت الكتلة الغربية على الصين لملء الفراغ السوفيتي الشرق أوروبي، انفتاح حذر شكَّلت العلاقات التجارية قلبه الصلب بتبادل تجاري قياسي بين بكين وباريس ولندن وبون ناهز الـ 340 مليون دولار، مصحوبًا باختراق دبلوماسي رمزي باعتراف ديجول بالصين عام 1964، وظلَّ الأمر على حاله إلى أن اكتسبت العلاقات بعدًا جماعيًّا، حينما شجَّعت زيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيسكون إلى بكين عام 1972، التكتل الاقتصادي الناشئ في غرب أوروبا EEC على الاعتراف الجماعي بالصين.[3]

انتهت الحرب الباردة وتجاوزت العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي نقطة التوتر القصوى في أعقاب مجزرة الميدان السماوي، تجاه التطبيع الكامل على المستويين التجاري والدبلوماسي، وفي حين بدا أن العلاقات الثنائية تسير تجاه شراكة استراتيجية بين بكين وبروكسل، طفت إلى السطح بوادر نزاع رافق صعود ميركل وساركوزي وبراون إلى سدة السلطة في الأقطاب الأوروبية الثلاثة الأقوى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

شكَّكت الترويكا في نوايا بكين بعد بلوغ العجز التجاري مستويات قياسية ناهزت 170 مليار يورو لصالح بكين، متبوعًا بانكشاف التجسس التجاري الصيني، وأعادت بروكسل إحياء البعد الحقوقي المهمل في سياساتها الخارجية تجاه بكين بتسليط الضوء على ملفات تايوان والتبت وشينجيانج، مدعومة في ذلك بتضامن دول الكتلة الشرقية السابقة المنضمة حديثًا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، والتي اعتمدت مقاربة حقوقية متشددة إزاء الصين بسبب خبرة الماضي الشيوعي القريب.[4] عبَّر التوتر الأوروبي الصيني عن حدته على مستويات ثلاثة: أولها دبلوماسي بقائمة المطالب الحقوقية الاقتصادية التي أعلنتها المفوضية الأوروبية وصدَّق عليها المجلس الأوروبي في اجتماعه الحادي عشر في ديسمبر 2006، وثانيها إجرائي بمقاطعة ميركل وساركوزي حفل افتتاح أولمبياد بكين، واستقبالهما منفردين لزعيم التبت الدلاي لاما، وثالثها تجاري شعبي عندما استعر الغضب الصيني من مؤسسات اقتصادية بحجم ستروين على خلفية توظيف صورة ماو تسي تونج في كاريكاتير ساخر، وكريستيان ديور بفعل استخدام الأخيرة صورة شارون ستون في منتجاتها الدعائية، وهي الممثلة التي سبق أن اعتبرت الزلزال الذي ضرب إقليم سيشوان الصيني «انتقامًا إلهيًّا» بسبب التمييز الصيني ضد التبت، ثم استهداف المتظاهرين الصينيين فروع متاجر كارفور على خلفية استخدام الأخير مزودًا متهمًا بتمويل حملة الدلاي لاما في المنفى وهو LMVH.

شرعت الصين خلال الأعوام التالية في اختراق التضامن الجماعي الذي تقوده كتلة غرب أوروبا، من خلال ابتكار آلية جديدة تتجاوز بروكسل تجاه بناء صيغة تعاونية موازية مع 16 دولة في شرق أوروبا ووسطها، فيما عُرف بمجموعة 16+1 والتي عقدت أول اجتماعاتها في العاصمة البولندية وارسو عام 2012. غير أن تلك الجهود لم تكن لتتحقق لولا صعود بعض الزعامات الأوروبية الشرقية الموالية لبكين، وفي مقدمتها السياسي الذي لطالما جاهر بعدائه للصين في عقد التسعينيات، قبل أن يعود ليصنع نفوذه المحلي على أكتاف إحدى شركات الطاقة الصينية الخاصة، وهو الرئيس التشيكي ميلوش زيمان، الذي شهد عهده طفرة هائلة في التعاون بين البلدين، إذ استقبل في قصره الرئيس الصيني شي جين بينج في زيارة تاريخية هي الأولى لزعيم صيني منذ 67 عامًا، وتمخض عنها توقيع مذكرات تفاهم لمشاريع جيوستراتيجية عملاقة على رأسها ربط البحر الأسود وبحر البلطيق وبحر الشمال بموانيها الرئيسية الثلاثة: هامبورج، وكونستانتا، وسيتشن، عبر إقامة قناة على الأراضي التشيكية تربط بين أنهار الدانوب والأودر والإلبه.

هذا المشروع الذي يدمج التشيك في خطة الحزام والطريق شكَّل على ضخامة أهدافه معلمًا واحدًا للتقارب بين البلدين، أما المعلم الثاني فقد صاغه تايكون الطاقة الصيني يان زيمانج، رئيس مجلس إدارة شركة CEFC، والذي عيَّنه الرئيس التشيكي في خطوة مفاجئة، على رأس قائمة مستشاريه، وهو الموقع الذي أمَّن لزيمانج نفوذًا امتد لشراء حصص في منشآت سياحية وأندية كرة قدم، فضلًا عن الشركة الُمشغلة للناقل الجوي التشيكي الرسمي.

كان من الطبيعي أن يُفضي ذلك التقارب الاقتصادي إلى هبوط النبرة التشيكية إلى ما دون مستوى خطاب بروكسل عندما يتعلَّق الأمر بالملفات الحقوقية، لاسيما عندما رفض الرئيس التشيكي تسليم ميدالية لأحد الناجين من الهولوكست على خلفية لقاء أحد أقاربه بالدلاي لاما، وكذلك عندما تدخَّلت الشرطة التشيكية لقمع المتظاهرين المحتجين على زيارة الرئيس الصيني إلى براج، بعد أن استبدلوا بالأعلام الصينية التي تزين الطريق الرئيس من المطار إلى وسط المدينة أعلام التبت. نجحت المراوغة التكتيكية الصينية إذن في الالتفاف على المطالب الاقتصادية الحقوقية للاتحاد الأوروبي. ونقطة الاختراق الأولية تظل على الدوام أوروبا الشرقية.[5]


اليونان: الاستثمار في الأزمة

راقب بحذر، تمسَّك بالأرض التي تقف عليها، كن هادئًا، من السيئ بشدة أن تفقد الصبر، كن هادئًا من جديد، وحينما تسنح الفرصة، يجب أن ننقض لتحقيق شيء كبير لأنفسنا؛ للصين.
دينج شياو بينج، الزعيم الصيني (1978 – 1989)

صاغت الصين استراتيجية الحزام والطريق بغية تحقيق رزنامة من الأهداف الحيوية، تبدأ من تفعيل التنمية المتوازنة عبر ربط المناطق الداخلية الأكثر تأخرًا مثل إقليم شينجيانج بخريطة التجارة العالمية، في إطار أكثر شمولية، يهدف إلى تحويل الصين من «مصنع العالم» إلى «عقله المُفكِّر» من خلال تقليص حصة الصناعات كثيفة العمالة لحساب زيادة قدرة الصين التنافسية في المجالات التكنولوجية فائقة الحساسية من صناعة الرقائق والبرمجيات إلى السيارات الكهربائية وصناعة الفضاء أو ما يُعرف بخطة «الصين 2025»، مرورًا بتعزيز الوجود الصيني الخارجي عبر الدفع باستثمارات في مناطق النزاع، الأمر الذي يتطلَّب توفير حماية شبه عسكرية صينية، كما في الدفع بأربعة آلاف متعاقد تحت غطاء مدني لحماية مشاريعها النفطية في السودان، وكذا في توظيف شركة ديوي الأمنية المحدودة لحماية مشاريع الطرق الكينية، وتنتهي بتعزيز النفوذ الصيني في قلب العالم الأوراسي الممتد من أقصي شبه الجزيرة الإيبرية غربًا حتى تخوم الشرق الروسي، ومن المحيط الشمالي المتجمد وصولًا إلى الخليج الفارسي.

ولإنفاذ تلك الأهداف تسعى الصين إلى تدشين شبكة عملاقة من الطرق التي تتوزع على مسارين؛ المسار البري الذي يتفرع بدوره إلى ستة ممرات، تصل بين غرب الصين وغرب روسيا، شمال الصين وشرق روسيا، غرب الصين وتركيا، جنوب الصين وسنغافورة، جنوب الصين والهند، وجنوب غرب الصين وباكستان، أما المسار البحري فيستهدف إنشاء مجموعة من الطرق التي تربطها بأوروبا بداية من بحر الصين الجنوبي مرورًا بالمحيط الهندي، وكذا من بحر الصين الجنوبي مرورًا بجنوب المحيط الهادئ. هنا تحديدًا عند المسار البحري لطريق الحرير الجديد تكمن أهمية اليونان الحيوية في الاستراتيجية الصينية.[6]

الحزام والطريق

لطالما شكَّلت صناعة السفن والشحن البحري أحد القطاعات العصبية للاقتصاد اليوناني، إذ توظف ما بين 200 و300 ألف عامل، يضخون قرابة 19 مليار دولار في الاقتصاد القومي، ومع بدء الأزمة المالية العالمية تضرَّرت إحدى كبرى المدن اليونانية المساهمة في تلك الصناعة، مدينة بيراما، التي يعتمد عشرون ألفًا من سكانها على قطاع السفن.

إثر ذلك توجَّه رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو عام 2010 إلى بكين طالبًا المساعدة في إنقاذ ملاك السفن، وهو الأمر الذي تلقفته بكين بمحفظة قيمتها 5 مليارات دولار لتمويل شراء الملاك اليونانيين لأساطيل بحرية صينية. نجح الملاك في تجاوز ضائقتهم بينما غرقت مدينة بيراما في أزمة كساد أدَّت إلى هجرة 80% من يدها العاملة التي اختارت التوجه صوب مرافئ دبي وسنغافورة، في حين انتعشت أحوال العمالة الصينية التي استفادت من الدعم الحكومي السخي لمصانع السفن بهدف تخفيض كلفة الإنتاج بنسبة تصل إلى 15%.

الاستحواذ على صناعة السفن المنهارة لم يكن سوى الخطوة الصينية الأولى للسيطرة على بيراما، المدينة الحيوية على خريطة طريق الحرير الصيني الجديد. في عام 2008 تقدَّمت شركة الشحن الصينية «كوسكو» بطلب إلى الحكومة اليونانية لتأجير نصف الميناء الوطني الأهم «بيريوس» لمدة 35 عامًا مقابل نصف مليار دولار، وفي غضون سنوات ضخَّت كوسكو استثمارات بقيمة 200 مليون دولار، ساهمت في مضاعفة عدد الحاويات أربع مرات، وتوسيع الطاقة الاستيعابية للميناء إلى خمسة ملايين حاوية، وهي المؤشرات التي ساهمت في رفع تصنيف الجزء الصيني من الميناء من المرتبة الـ 93 إلى المرتبة الـ 44 عالميًّا. تلك الصورة الوردية غابت عن الشق اليوناني من بيريوس، إذ ظلَّ على حاله مُسجلًا أعدادًا متدنية من الحاويات ومأزومًا بعدد كبير من إضرابات العمال الذين يتلقون رواتب أعلى من نظرائهم في الشطر الصيني، مع تسجيل معدلات إنتاجية أدنى.

وفي الوقت الذي كانت كوسكو تُسجل نجاحًا ملحوظًا في إدارة بيريوس، كانت اليونان بأسرها على أعتاب الغرق في أسوأ أزمة مالية في تاريخها، حين سجَّل عجز الموازنة رقمًا قياسيًّا بلغ 15% أي خمسة أضعاف ما تُقرِّه القواعد المالية الأوروبية. آنذاك عرضت اليونان بيع ما قيمته 50 مليار دولار من أصولها المالية من أجل الهبوط بالعجز إلى نسبة توافقية مع بروكسل قُدِّرت بـ 7.5%.[7]

لن تفوِّت بكين الفرصة للسيطرة على موضعين حيويين، أولهما الاستحواذ على مطار «هيلينكين» والمُغلق منذ عام 2001، عبر شركة لامدا اليونانية الشريكة للتكتل الصيني العملاق «فوسان»، والذي يمتلك خبرة سابقة في إدارة علامات ترفيهية أوروبية مثل كلوب ميد وسيرك دو سوليه ونادي ولفر هامبتون، مع وضع خطة تطوير عقاري لتحويل أرض المطار التي تبلغ ثلاثة أضعاف مساحة إمارة موناكو إلى أكبر منتجع سياحي في أوروبا. أما الموضع الثاني فلم يكن سوى المتبقي من ميناء بيريوس عندما وقَّعت كوسكو الصينية عام 2016 عقدًا لشراء 67% من الميناء في صفقة تبلغ قيمتها 1.3 مليار يورو، تذهب 800 مليون يورو منها إلى حكومة أثينا، في حين يُخصص 500 مليون لتطوير المرفأ.

بيريوس مثَّل حجر الزاوية لإيجاد منفذ بحري صيني على أطراف الاتحاد الأوروبي، غير أن وظائفه لن تتوقف عند ذلك الحد.[8] في عام 2013 وقَّعت حكومات الصين والمجر وصربيا اتفاقًا يقضي بإنشاء خط سكة حديدية يربط بين بودابست وبلجراد، بطول 340 كم، يقع 160 كم منها داخل الحدود المجرية، و180 كم في صربيا، على أن يتولى الكونسرتيوم الذي تقوده مجموعة سكك حديد الصين CRG تغطية 80% من كُلفة الإنشاء والتشغيل المُقدَّرة بـ 1.2 مليار يورو، بقرض طويل الأجل لحكومتي البلدين وبفائدة لا تتجاوز 2%. هذا الخط الحديدي سيكون بمقدوره وصل ميناء بيريوس بغرب أوروبا عبر البوابة المقدونية، ما سوف يتيح للصين الاستفادة من بيريوس كنقطة تجميع للبضائع الصينية قبل دخولها فضاء الشنجن، وكذلك تغيير مسار صادراتها الأوروبية التي كانت تمر عبر قناة السويس، ثم تعبر جبل طارق وصولًا إلى مواني الساحل الغربي لأوروبا في هامبورج، أنتويرب وروتردام، لتأخذ مسارًا يبدأ من قناة السويس وصولًا إلى ميناء بيريوس مرورًا بمقدونيا الشمالية قبل الاتصال بخط السكك الحديدي المجري الصربي وصولًا إلى غرب أوروبا، وهو المسار الذي لن يرفع فحسب القيمة الاستراتيجية لبيريوس في مواجهة المواني البلجيكية والألمانية والهولندية، بل سيؤدي أيضًا إلى تقليص زمن النقل بنحو أسبوعين.[9]

ذات مرة وقف دينج شياو بينج مخاطبًا الحضور في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بشأن نهجه في إدارة علاقات الصين بمحيطها الدولي: «راقب بحذر، تمسَّك بالأرض التي تقف عليها، كن هادئًا، من السيئ بشدة أن تفقد الصبر، كن هادئًا من جديد، وحينما تسنح الفرصة، يجب أن ننقض لتحقيق شيء كبير لأنفسنا؛ للصين». شي جين بينج استكمل فلسفة المؤسس الثاني؛ بكين راقبت والتزمت الهدوء وحين اندلعت الأزمة، انقضَّت، والثمن كان كبيرًا؛ اليونان.


إيطاليا: غنيمة الصين الكبرى

لم تقتصر زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى ألمانيا عام 2014 على العاصمة برلين، إذ اختار أن يضيف إلى جدوله المزدحم مدينة تقع في قلب حوض الرور الصناعي وتضم أكبر مرفأ داخلي في العالم. أخذ الرئيس الصيني موقعه في المنتصف بين وزير الاقتصاد زيجمار جابرييل ورئيسة وزراء ولاية نوردراين فيستفالن هانلوره كرافت وهو يستقبل أول رحلة لقطار شحن بضائع ينطلق من شونكدينج الصينية قاطعًا مسافة 11 ألف كم عبر سهول كازخستان وروسيا وبيلاروسيا وبولندا وصولًا إلى مدينة دويسبورج.

في الجارة فرنسا وبعد عامين سوف تستقبل مدينة ليون بدورها أول رحلة لقطار بضائع محمل بالمواد الكيماوية والميكانيكية من مدينة ووهان خاصرة مقاطعة كوبي الصينية في رحلة استغرقت 16 يومًا لعبور 12 ألف كم. [10] فرنسا وألمانيا تتقاسمان ليس فقط خطوط السكك الحديدية الرابطة بين بكين وبروكسل، بل أيضًا القلق المتنامي تجاه أهداف الصين الاستراتيجية.

تتخوف برلين من أن يتحوَّل مشروع طريق الحرير إلى أداة صينية لتقسيم أوروبا وتجاوز القواعد المنظمة للمنافسة بين أقطارها، وهو تخوف ترتفع قيمته من عجز برلين عن ضبط إيقاع الخلاف مع أوروبا الشرقية التي اختارت إطارًا موازيًا للعمل مع الصين في صيغة 16+1، وفي حين تشارك باريس برلين الهاجس نفسه فإنها تمتلك دافعًا أكبر يتعلق بالمخاوف الأمنية من نمو الحضور الصيني في المياه العميقة على امتداد النقاط الساخنة من كولمبو السيرلانكية إلى جودار الباكستانية وبيريوس اليونانية وصولًا إلى القرن الأفريقي، حيث تزامن نمو الاستثمار الصيني في المرافئ البحرية والبنية التحتية مع افتتاح أول قاعدة عسكرية صينية في جيبوتي.

وبقدر ما ينمو التوافق الألماني الفرنسي على تعزيز الشراكة الاقتصادية مع الصين شريطة تأطيرها ضمن القواعد الاقتصادية المنظمة للعمل الأوروبي، في مقابل فتح بكين أسواقها بحرية أمام المنتجات الأوروبية مع رفع يد الدولة الصينية عن دعم منتجاتها الوطنية، بقدر ما يزداد تباعدهما عن مقاربة ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو تجاه الصين.

يحفل التاريخ السياسي الإيطالي القريب بعديد المحطات الداعمة للاندماج الأوروبي. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية شارك السياسيون من كل الأحزاب الرئيسية في كونجرس هاج عام 1948 لدعم إنشاء فيدرالية أوروبية، وبعد عام ستوقع روما معاهدة سان جيمس المنشئة لمجلس أوروبا، وحين طرح روبرت شومان فكرة إنشاء سوق أوروبية موحدة للفحم والصلب عام 1952، نحَّت حكومة دي جاسبري مخاوف قطاع الصناعة جانبًا ووقعت الميثاق التأسيسي رفقة ألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورج. في أعقاب ذلك مرَّ المشروع الأوروبي بمرحلة شك عندما سقطت مشاريع التكامل الدفاعي EDC والسياسي EPC بين مجموعة الفحم والصلب، فكانت إيطاليا حاضرة لرأب الصدع عندما جمعت الفرقاء في قمتي ميسينا وصقلية، وتكللت جهودها بالنجاح مع توقيع معاهدة روما التاريخية المؤسسة للتجمع الاقتصادي الأوروبي عام 1957، وحين استقرت الرغبة الفرنسية على جعل التجمع الأوروبي بمثابة نادٍ غرب أوروبي، دفعت إيطاليا تجاه توسيع الاتحاد جنوبًا تجاه ضم اليونان والبرتغال وإسبانيا رغم منافسة الدول الثلاثة لها في قطاعي الزراعة والمنسوجات.

ولن تتوقف إيطاليا حتى يقود رئيس حكومتها كراكسي الجهود التفاوضية لإصدار القانون الأوروبي الموحد عام 1985، وهي الخطوة التي قفزت بالاندماج الأوروبي خطوة واسعة للأمام عبر الاعتراف بالمجلس الأوروبي وإعطاء البرلمان الأوروبي صلاحيات تشريعية واسعة[11]. إيطاليا التي لعبت دورًا تأسيسيًّا في المشروع الأوروبي يخالطها اليوم شعور بالغبن مما تعتقده تعسفًا أوروبيًّا في مجال سياسات الهجرة والتوازن المالي، إذ يغرق اقتصادها في مديونية ثقيلة تناهز 2,8 تريليون يورو، يقابلها المحور الألماني الفرنسي بخارطة طريق لسياسات تقشفية قاسية من أجل الهبوط بعجز الموازنة، بينما تُصدِّر برلين في المقابل ما قيمته 750 مليارًا من أصل 1.2 تريليون يورو من صادراتها السنوية إلى دول الاتحاد الأوروبي محققَّة فائضًا تجاريًّا بقيمة 70 مليار يورو، برلين التي يُعتقد إيطاليًّا أنها تستخدم السوق الأوروبية الموحدة كبوابة هيمنة اقتصادية خلفية على أوروبا، فضلًا عن دورها في مفاقمة فاتورة الانقسام الأوروبي عندما سمحت بتدفق مليون ومائتي ألف لاجئ من الشرق الأوسط، وكذلك الانقسام المحلي الإيطالي حينما عدَّلت سياساتها المحلية تجاه تقييد حركة اللاجئين من طريق شرق المتوسط بتوقيع الاتفاق الأوربي التركي مارس/آذار 2016، تاركةً إيطاليا بمفردها لمواجهة الأعباء الاجتماعية والاقتصادية لتدفق 160 ألف لاجئ من أفريقيا جنوب الصحراء عبر الطريق المركزي للمتوسط. ولا أنسب للصين من تلك البيئة المأزومة بالديون للدفع بأذرعها الاستثمارية، لا سيما في عهد الحكومة الائتلافية الجديدة في روما، والتي تحمل أجنحتها اليمينية المتطرفة والشعبوية توجهات معادية للمحور الألماني الفرنسي، ومناقضة لتراث الآباء الإيطاليين المؤسسين للتضامن الأوروبي.

بدأ الاهتمام الصيني بإيطاليا عام 2015 عندما استحوذت شركة الكيماويات الوطنية الصينية التي تدير رساميل بقيمة 40 مليار يورو على شركة بيريللي الإيطالية الرائدة في صناعة الإطارات في صفقة قُدرت بـ 7.7 مليار يورو. بعد ذلك بعام سوف تستحوذ الصين على ميناء بيريوس اليوناني، تطور لا يبدو للوهلة الأول وثيق الصلة بإيطاليا، بيد أن الأرقام الواردة من أكبر مرافئها البحرية تثبت عكس ذلك، إذ فقد ميناء جويا توور موقعه في المنافسة المتوسطية بعد هبوط حجم التجارة من 3,4 مليون إلى 2,5 مليون وحدة مكافئة لعشرين قدمًا، يُضاف إلى ذلك انكماش القدرة التنافسية لموانيها الأدرياتيكية الثلاثة: تريستا ورافينا وفينيسا، التي تُسجل في مجموعها 2,1 مليون وحدة مكافئة لعشرين قدمًا، وهو رقم أقل من طاقة ميناء بيريوس بمفرده.[12]

إزاء تلك التغيرات صاغت إيطاليا مبادرة من شأنها أن تُعيد للمواني الإيطالية موقعها، لكن تلك المرة من باب جديد كحلقة الوصل الصينية الأوروبية الأهم، حملت اسم «المواني الخمس»، والتي تضم تحالفًا بين المواني الإيطالية الأردياتيكية الثلاث فضلًا عن مينائي كابودريستا السلوفيني وفيومي الكرواتي. تسعى روما عبر المبادرة إلى جذب حاويات الشحن الصينية العملاقة المارة عبر قناة السويس، وتقليص الرحلة التي تقطعها من شنجهاي بمقدار 8 أيام بعد اختصار 2400 ميل من مسافة الرحلة المُقدَّرة بـ 11 ألف ميل، قبل نقل البضائع إلى وسط وشمال أوروبا عبر نفق سان جوتهارد السويسري، الذي يستوعب رحلات يومية لـ 250 قطار نقل بضائع و65 قطار ركاب، فضلًا عن تدشين شبكة قطارات داخلية انطلاقًا من ميلان لربطها بميناء جنوة في الغرب ومواني الأدرياتيكي في الشرق. لاقت المبادرة اهتمامًا رسميًّا صينيًّا منذ اللحظة الأولى، لأنها أولًا تضمن سيطرة بكين على مسار بحري موازٍ لميناء بيريوس، وثانيًا لأنها تقضي على المنافسة المحتملة لمينائها اليوناني إذا ما قرَّرت إيطاليا تطوير موانيها الأدرياتيكية، وهي التي شرعت بالفعل في ضخ 350 مليون يورو من أصل كلفة المشروع المقدرة بـ 2,5 مليار يورو. وبالفعل وقَّعت إيطاليا 29 اتفاقية تجارية بقيمة 2,8 مليار يورو أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى روما في 23 مارس 2019، اثنان من تلك الاتفاقيات يمنحان بكين حق النفاذ إلى مينائي تريستا وجنوة.[13]

اقرأ أيضًا: قمة روما: إعادة إطلاق الاتحاد الأوروبي

ربما يكون النفوذ الاقتصادي الصيني أكثر وضوحًا في أقطاب أوروبية جنوبية أخرى مثل البرتغال، أين تدفقت 5,27 مليار دولار من الاستثمارات الصينية خلال الفترة من 2000-2015 من أجل الاستحواذ على 21% من شركة الكهرباء الوطنية عبر شركة ثري جورجز الصينية، و25% من مزود الطاقة REN عبر ستايت جراد الصينية، و80% من شركة التأمين المملوكة لبنك البرتغال الوطني CGD لصالح تكتل فوسان الصيني [14]. لكنها رغم ذلك لم تُثر القلق الأوروبي الذي نجم عن التقارب الإيطالي الصيني، وذلك لعوامل عدة، أولها أن اقتصاد البرتغال يُعادل بالكاد عُشر الاقتصاد الإيطالي العضو في مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، وثانيها أن البرتغال، على العكس من إيطاليا، تمسكت بعدم الانضمام رسميًّا إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية، وثالثها أن روما رخَّصت لشركات الاتصالات الصينية دخول السوق الإيطالية، وهو ما استتبعته مخاوف من احتمالية تجسس شركة هوواي على الحكومة والقطاع الخاص، ورابعها أن القرار الإيطالي اتُخذ دون العودة إلى بروكسل ما يُشكِّل اختراقًا صينيًّا نوعيًّا لأحد المراكز الوازنة في صنع القرار الأوروبي، وخامسها يتمثل في القلق العميق من أن تسقط إيطاليا المثقلة بالديون في «فخ الديون الصينية»، الفخ الذي تذهب ضحيته الدول التي تعجز عن سداد التزامتها المالية للصين، فتُضطر في الأخير إلى بيع أصولها الوطنية، كما حدث في الحالة السيرلانكية عندما دعمت الصين الرئيس الموالي لها راهباندا راجباسكا، ووفَّرت له غطاءً أمميًّا ضد الاتهامات المتعلقة بجرائم حرب، وضخَّت في المقابل 8 مليارات دولار للاستثمار في المرافئ، وحينما وقعت سيرلانكا، في عهد الرئيس التالي المعادي للصين مايتريبالا سريسينا، في أزمة اقتصادية أفضت إلى عجزها عن سداد مستحقاتها، لم تجد أمامها مفرًّا من بيع 80% من مرفأها الاستراتيجي هامبنوتنا إلى بكين لقاء 1,2 مليار دولار مرفقًا بحق إدارة لمدة 99 عامًا. [15]

ختامًا

الحزام والطريق، الصين
الحزام والطريق، الصين

استبق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى باريس، والتي شهدت توقيع 15 اتفاقًا بين البلدين بقيمة 40 مليار يورو، بحديث أمام القمة التي انعقدت في المجلس الأوروبي نهاية الأسبوع المنصرم قال فيه: «انتهى عصر السذاجة الأوروبية تجاه الصين، لسنوات عديدة كان لدينا نهج غير منسق، واستغلت الصين انقساماتنا».

نقد ماكرون اللاذع لا يبدو فقط أقرب لخطاب ترامب التهديدي تجاه شركاء بلاده التجاريين منه إلى اللغة الأوروبية الحذرة، بل يبدو أيضًا مُغرقًا في الجزم غير المبرر. عصر السذاجة الأوروبية لم يأفل بعد، ما زالت هناك اختلافات بنيوية تحكم الكتل الأوروبية بين جنوب لا يجد في التضامن الأوروبي مخرجًا من أزمة ديونه، وشرق أوروبي يتبنى مقاربة مختلفة في تعريفه للأخطار الاستراتيجية ومحور ألماني فرنسي سريع الحركة في تعزيز تضامنه الداخلي باتفاقية صداقة ثانية في آخن، ومتثاقل الخطى في القيام بأدواره التاريخية في إعادة بعث الفكرة الأوروبية التي تجاوزت أزمة خروج بريطانيا إجرائيًّا، دون مد جسور الثقة المفقودة في ملفات حيوية من الاقتصاد إلى الطاقة والهجرة.

وطالما ظلَّت الخطابة تطغى على الإجراء، والتضامن يفتقد إلى استراتيجية، والتكامل الاقتصادي غير مصحوب بسياسة خارجية إلزامية، فستبني الصين مزيدًا من القلاع الحصينة في إمبراطوريتها الأوروبية الناشئة على طول المواني الأوروبية، ليس بأدوات الأوروبيين في القرن التاسع عشر بإرسال البوارج الحربية لفتح المواني القابعة خلف جدار العزلة، بل بوسائل الصين في القرن الحادي والعشرين، استثمار عشرات المليارات من الفوائض المالية في مناطق المديونيات ومواطن الأزمات.


[1] جاك مارتن، «عندما تحكم الصين العالم»، فصل مهانة الصين، ص: 95-133، دار سطور الجديدة.

[2] أفيري جولدشتاين، مستقبل باهر: تفسير صعود الصين، الفصل الأول من كتاب صعود الصين، تحرير مايكل أي. براون، أوين أر. كوتي، المركز القومي للترجمة.

[3] ديفيد شامبو، العلاقات الأوروبية الصينية: رقصة ناعمة، الفصل الخامس من كتاب السياسات الخارجية الأوروبية: هل ما زالت أوروبا مهمة، تحرير رونالد تيرسكي، جون فون أودينارن، المركز القومي للترجمة.

[4] المرجع السابق.

[5] Foreign Poicy: Prague Opened the Door to Chinese Influence. Now It May Need to Change Course.

[6] شادي منصور، مشروع الحزام والطريق: كيف تربط الصين اقتصادها بالعالم الخارجي، دورية المستقبل العربي.

[7] حصان طروادة الصيني، الجزء السادس من الوثائقي الذي أذاعته الجزيرة الوثائقية مترجمًا تحت عنوان ‘‘صحوة التنين الصيني‘‘.

[8] المرجع السابق.

[9] Hungary: Along the New Silk Road across Central Europe, Tamas Matura, pp35-38, Europe and China’s new Silk Road, ETNC Report, Dec 2016.

[10] New Belts and Roads: Redrawing EU-China Relations. Xavier Richet, Joel Reut, PP 97-121, China’s Belt and Road: A Game Changer?,ISPI, 2017.

[11] مارك جلبرت، فطنة وقلق قوة من الدرجة الثانية، الفصل الحادي عشر من كتاب: السياسات الخارجية الأوروبية: هل ما زالت أوروبا مهمة؟

[12] The Belt and Road Initiative Impact on Europe: An Italian Perspective, Enrico Fardella, Giorgio Prodi, China&World Economy, 125-138, Vol .25, No زo.5l.25, ld Economy, iative الفصل الحادي عشر من كتاب: السياسات الخارجية الأوروبي: هل ما زالت أوروبا مهمة؟

.5, 2017.

[13] OBOR and Italy: Strengthening the Southern Route of the Maritime Silk Road, Nicola Casarini, PP38-41, Europe and China’s new Silk Road, ETNC Report, Dec 2016.

[14] Portugal and OBOR, Welcoming but Lacking a Strategym Carlos Rodrigues, PP49-52, Europe and China’s new Silk Road, ETNC Report, Dec 2016

[15] براهما تشيلاني، الدبلوماسية الصينية وفخ الديون، البيان، 15 يناير 2017.