وأنت تشاهد الرياضات المختلفة في التلفاز وتنبهر بمرونة وقوة أجساد اللاعبين، هل راودتك أفكار بشأن صحتك الآن إذا كنت مارست الرياضة بشكل جدي منذ الصغر؟

في الغالب فور شعورنا كآباء لأطفال صغار عندما تراودنا تلك الأفكار أن نسعى سعياً عظيماً لنلحقهم بنواد أو مراكز متخصصة لممارسة الرياضة، يبدو هذا بديهياً تماماً، الرياضة تحسن من صحة الإنسان على المدى القريب والمدى البعيد كليهما معاً، ولكن هل ممارسة الرياضة مفيدة فقط للصحة البدنية؟ الواقع أن ممارسة الرياضة للأطفال لها فوائد عديدة على النواحي النفسية والاجتماعية أيضاً.


4 رياضات لطفلك

1. ممارسة الأطفال للنشاط البدني لمدة متوسطها 60 دقيقة يومياً يساعد على بناء النسيج العضلي والعظمي، مما يقوي من العضلات والعظام ويحسن من أدائهم وقدرة تحملهم.

2. ممارسة الرياضة تحفز الجسد على إفراز مواد كيميائية تسمى الأندروفين، تلك المواد لها علاقة قوية بالحالة المزاجية للطفل وتقلل من مستويات الإجهاد الذهني وتحسن من نومه.

3. عند ممارسة الأطفال للرياضة فإنهم يتعاملون بشكل مباشر مع أشخاص من مختلف الأعمار والخلفيات الثقافية مما يعزز من مهاراتهم الاجتماعية.

4. الانضباط والثقة في النفس والتواضع والعمل في سبيل تحقيق هدف ما من أهم المهارات الحياتية التي تكسبها الرياضة لمن يمارسها بانتظام.

عند البحث في الرياضات المتاحة لأطفالنا قد نجد أن الأمر محير ومربك لتعدد الاختيارات واختلاف كل رياضة منها عن الأخرى، هذه أمثلة على بعض أشهر الرياضات التي يلتحق بها الأطفال وما تقدمه له من مهارات:

السباحة

تعتبر السباحة مهارة حياتية مهمة، في الشهور الأولى للطفل لا تعتبر السباحة رياضة، ولكنها إعادة للطفل في الوسط المائي الذي عاش فيه طوال تسعة أشهر في رحم أمه، هذا لا يساعد فقط في ممارسة السباحة بشكل أسهل وأمهر لاحقاً، ولكنه أيضاً يساهم في تنمية مهارات التوازن والتناسق العضلي العصبي والتنفس.

الجمباز

هذه الرياضة من أنسب الرياضات للأطفال ذوي النشاط العالي والمفرطي الحركة، فهي توفر جميع أنماط الحركات المطلوبة والمهمة للنمو العضلي للأطفال، وتحسن المرونة والتركيز بجانب الجمالية عند التحكم في الجسم، وتعتبر حجر أساس لباقي أنواع الرياضات جميعاً.

كرة القدم

أبرز ما يميز رياضة كرة القدم أنها يسهل ممارستها في أي مكان ولا تتطلب إعدادات معينة، فقط تحتاج لكرة وأرض فضاء وقد يكون هذا أحد أسباب انتشارها وشعبيتها على مستوى العالم، تحسن كرة القدم من اللياقة والثقة والتحكم في الجسد والتوازن بشكل كبير لأن تحريك الكرة وتوجيهها بالقدم بالتزامن مع الجري وتغيير السرعة والحركة يتطلب مهارات جسدية عالية، هذا بجانب المهارات الاجتماعية الناتجة من التفاعل مع الآخرين في الفريق وتوزيع الأدوار.

التنس

رياضة التنس رياضة تحتاج لركض ورد فعل سريع، بجانب الحركة بالجسد من أعلى لأسفل ومن الأسفل لأعلى مما يقوي من عضلة القلب والأوعية الدموية، بجانب تناسق العين واليد ومهارات حل المشاكل بشكل سريع.

هناك أيضاً رياضات عديدة مناسبة للأطفال منها الرياضات الفردية كالرماية والفروسية والإسكواش وكرة الريشة والفنون القتالية، ومنها الرياضات الجماعية ككرة السلة وكرة اليد والهوكي،وغيرها. إذًا كيف نختار الرياضة المناسبة للطفل؟


عمر الطفل

من أهم معايير اختيار رياضة مناسبة للطفل هو عمره الحالي والذي يترتب عليه قدرته الجسدية.

1. أقل من 3 أعوام

الطفل بفطرته التي جبل عليها أنه في هذه المرحلة يعمل بجدية على تطوير مهاراته الحركية، لذلك بدلاً من محاولات تحجيم محاولاته في اختبار وتنمية قدراته، فمن الممكن تأمين محيطه بل وتوفير فرص أكبر له ليزيد من نشاطه البدني، مثل توفير لوح خشبي ضيق نسبياً يرتفع عن الأرض ببضعة سنتميترات ليحاول التوازن عليه أو المرور حبواً من أسفله أو القفز من فوقه، ونزول المياه بصحبة الأب والأم كما أشير سابقاً، وممارسة بعض حركات اليوجا المناسبة للرضع والدارجين، والقفز على الترامبولين. في هذه المرحلة لا يوجد ممارسات رياضة بشكلها المعتاد ولكن بدلاً منها يفضل توفير فرص كافية لممارسة الأنشطة البدنية والحركية المتنوعة بصحبة الوالدين.

2. من 3 إلى 6 أعوام

في هذه المرحلة يبني الطفل الحجر الأساسي لممارسة الرياضة وهو التحكم في الجسد، لذلك يناسب هذه المرحلة أن يلتحق الطفل بدروس الجمباز والسباحة والرماية والجري والرقص، لا تهم صحة الحركات الرياضية نفسها بقدر أهمية البيئة التي يقضي فيها الطفل وقته، أن تكون بيئة مشجعة ولطيفة ومرنة حتى تخلق رابطة مريحة للطفل بالرياضة.

3. من 6 إلى 9 أعوام

عندما يصل الطفل لهذه المرحلة يكون تركيزه وصل إلى حد مناسب ليستطيع استيعاب دقة الحركات المطلوبة منه بجانب مهارات جسدية تؤهله للتمرن على تنفيذها، قد يكون مناسباً للطفل تجربة العديد من الرياضات لاكتشاف ميوله واستعداده لكل منها مثل الفنون القتالية وألعاب كرة القدم والسلة واليد والتنس والإسكواش والفروسية.

4. من 9 إلى 12 عاماً

الطفل في هذه المرحلة يصبح لديه رؤية واضحة للرياضات المختلفة ويستطيع تحديد ميوله الرياضية واختيار أنسبها له، بجانب أنه يصبح لديه القدرة على الإدراك لمفهوم الاستراتيجيات الرياضية، فهو لا يلعب بعشوائية ولكن بخطة واضحة وذات جوانب محددة.

أكبر من 12 عاماً: مع بداية المراهقة غالباً ما ينتاب الأطفال حالات من التمرد والرفض للأنشطة المعتادة ومن ضمنها ممارسة الرياضة ويميلون أكثر إلى الخبرات الجديدة، قد تفيد في هذه المرحلة رحلات التسلق على الجبال، والغوص في البحر، والسفاري والتخييم في الصحراء، وسباقات السيارات في الحلبات المخصصة لها، واستخدام لوح التزلج والدراجات، هذه التجارب والمغامرات فيها الكثير من المتعة بجانب أنها تكون تطبيقاً عملياً لاستخدام المهارات الرياضية التي اكتسبها الطفل في مراحله السابقة ولكن في حياته العملية.


طبيعة الطفل

قد تؤثر الخصائص البدنية للطفل في اختيار الرياضة المناسبة له ككرة اليد التي تحتاج لجسد عريض ويد كبيرة نسبياً، أو كرة القدم التي تتطلب جسداً رشيقاً، أو كرة السلة والعدو اللتين تحتاجان قامة فارعة، أو التنس الذي يحتاج سرعة في الحركة وتناسقاً قوياً بين اليد والعين، ولكن ليست دائماً هذه العوامل تكون قاعدة فأحياناً المهارة والشغف باللعبة يمدان الطفل بقدرات تعوض المتطلبات الخاصة هذه.

أيضاً طبيعة شخصية الطفل لها دور كبير في تحديد ميوله الرياضية فالطفل الذي لا يفضل التنافسية سيميل للرياضات الفردية والاعتماد فقط على مهاراته الخاصة، بعكس الطفل الذي لديه ميول قيادية ومهارات تواصل عالية يفضل الرياضات الجماعية أكثر.


التكلفة المادية

أحد أهم عوامل اختيار الرياضة المناسبة لأطفالنا هو الكلفة المادية التي يتوجب علينا دفعها مقابل ممارستها، عند النظر في هذا الأمر يجب الانتباه للمصاريف الإضافية مثل تكلفة الأدوات والمعدات والملابس ومهم أيضاً التفكير في المستقبل وحساب كلفة زيادات مصاريف الرياضة مع كل مرحلة يجتازها الطفل وكلفة تغيير أدواته باستمرار، بجانب أن الطفل يحتاج تجربة العديد من الرياضات المتاحة حتى يستقر على الرياضة التي يحب أن يقطع فيها شوطاً أطول.

ولتقليل مصاريف الأدوات المطلوبة لكل رياضة في فترة التجارب ممكن الاستعانة بالمعسكرات الخاصة بالأطفال متعددة الأنشطة والتي تمثل فرصة جيدة للمرور على رياضات مختلفة كالسباحة والجري وكرة القدم والتنس وألعاب القوى، وملاحظة مدى اهتمام الطفل بكل منها ومراقبة استجابته لها.


افعل ولا تفعل

1. الابتزاز

الضرب والإهانات والابتزاز النفسي والعاطفي بكل صورهم مرفوضين، المكان الذي يتبع هذه الأساليب في تدريب الصغار يجب الفرار منه فوراً. المكان الذي يعطل الأطفال أكثر من اللازم لأغراض مادية أو يتعجل تطورهم أكثر من اللازم دون تدرج ومراعاة للفروق الفردية يجب الفرار منه فوراً، المكان الذي لا يتخذ معايير الأمان في تجهيزات صالات التمرين وفي اختيار المدربين ومراقبتهم يجب الفرار منه فوراً.

اقرأ أيضًا:كله يهون في سبيل الميدالية الذهبية

2. هو ليس أنت

لا تحقق أحلامك الرياضية في طفلك، فهو ليس امتداداً لك، ولكنه إنسان مستقل بميول وشخصية ومهارات خاصة به هو فقط فنجاحه في شيء ليس نجاحاً لك أنت ولا فشله فيه لا بد أنه تقصير منك أنت. ولا تختر لكل أولادك نفس الرياضة ليكونوا معًا أو لتوفير الوقت أو للاستفادة من خصم اشتراك الأخوات، فلكل منهم الحق في تحديد اختياراته بشكل مستقل.

3. ما يزيد على الحد

لا تنقل طفلك سريعاً بين الرياضات لأنه سيحتاج مدة كافية للتأقلم ومجاراة التدرب عليها، ولا تبقيه في رياضة واحدة للأبد فالأبحاث تقول إن الأطفال الذين مارسوا أكثر من نوع من الرياضة يميلون للاستمرار في ممارستهم مع تقدمهم في العمر أكثر من الأطفال الذين استمروا على رياضة واحدة لفترة طويلة.

4. الانسحاب

اعرف متى عليك التوقف إذا ظهر على طفلك مشاعر غضب تجاه اللعبة أو المدرب، أو إذا كان يتعرض لمشاكل اجتماعية، فليس دائماً الحل يكون بالمواجهة، بل أحياناً يكون الانسحاب أفضل للجميع.

5. المبالغة

لا تثقل الطفل بالعديد من الأنشطة الجسدية إن كان لا يريد ذلك، فأثناء الدوام الدراسي بعد عودة الطفل من يوم طويل ومرهق جسدياً وذهنياً بالتأكيد طاقته ستكون أقل كثيراً من فترة الإجازات السنوية، إذا كنت تحاول استبدال أوقات الشاشة الطويلة لطفلك بنمط حياة نشيط وصحي ففي هذه الأوقات يمكن الاكتفاء ببعض الأنشطة الجسدية الممتعة كالتنزه في حديقة أو ركوب الدراجة. وراعي الحالة الصحية للطفل إن كان مرهقاً أو مريضاً فبعض من المرونة مفيد كما هو الالتزام.

6. المُصادقة

العب مع طفلك بشكل حر الرياضات التي يمارسها بعيداً عن تمارينه المعتادة خصوصاً في مرحلة المراهقة وما قبلها، هذا كفيل بإعطائك بطاقة سماح منه لدخولك لعالمه واهتماماته الخاصة.

7. الموازنة

ممارسة الرياضة فرصة ليتعلم طفلك المسؤولية والاعتماد على نفسه فلنحسن استخدام هذه الفرصة ولا نحولها لعبء إضافي فوق كاهلنا، لا تدفع طفلك دفعاً ليلتزم بالرياضة ولكن أعطه فرصة الاختيار.

اقرأ أيضًا:رحلة منذ الصغر- كيف تعلم طفلك المسؤولية؟

هناك فرق كبير بين أن تدعم طفلك ليمارس الرياضة وبين أن تجبره على ممارستها، ففي الأولى يكون الأمر باختيار الطفل ورغبته وأنت فقط تقوم بدور ثانوي وهو التوجيه وتوفير الاحتياجات الضرورية، أما في الثانية، فالطفل كما لو كان مكبل اليدين وأنت تحركه وتضعه في المكان الذي تريده وهو عليه السمع والطاعة، فادعمه ولا تجبره.

خير ما تقدمه لطفلك في رحلة ممارسته الرياضة أن تعلمه أن النجاح ليس هو الفوز، فقد لا يفوز في العديد من المرات ولكن في كل مرة سيكون نجحًا في اكتساب مهارة ما أو صديق ما أو درس ما، وهذا هو كنز الرياضة.