لم أفهم مطلقًا معنى تلك الجملة: «الأفضل في العالم». ما هو ذلك المصطلح أصلاً؟ فهل من أطلقه رأى بالفعل كل العالم وما يوجد به فاكتشف أن هناك أحدهم بالفعل يستحق ذلك اللقب؟ أم هو مجرد تعلق عاطفي من الجماهير ناحية أشخاص بعينهم لمجرد أنهم يلعبون لفريقهم المفضل؟

بالطبع هناك العديد من الأشخاص الذين يحبون أن يطلق عليهم ذلك المصطلح، وهناك من بالفعل نعت نفسه به، زلاتان إبراهيموفيتش على سبيل المثال، منذ عدة أسابيع وصف نفسه بأنه أفضل من لعب بالدوري الأمريكي على الإطلاق، هذا بالطبع بعد فترة قاربت العامين من تخطي كريستيانو رونالدو لتلك المرحلة عندما نعت نفسه بالأفضل عبر التاريخ بأكمله، لكن أنا لا، أو ربما أحب ذلك في المستقبل لكي لا أكذب عليك.

الدجاجة أولاً أم البيضة؟

أنا فابينيو تافاريس متوسط ميدان ليفربول الذي يكتب لك تلك الكلمات الآن، واليوم أنا أريد أن أفتح لك قلبي لأتحدث عن ما يشغل رأسي حاليًا، أستيقظ من نومي بعد عدة أيام من انتهاء لعبتنا أمام توتنهام بالدوري، لأجد مقالاً محررًا «Four Four Two» جاك لوسبي، بعنوان: «كيف تحول فابينيو إلى أفضل متوسط ميدان دفاعي في العالم؟» هو أول شيء تقع عليه عيناي في ذلك اليوم.

ومع احترامي لما كتبه جاك بمقاله، إلا أن ذلك «التحول» حسب وصفه لم يظهر فجأة بذلك الموسم، بل هو نتاج عمل طويل بدأ معي منذ أن وطأت أقدامي الأراضي الإنجليزية في العام الماضي.

دعني أعود بك للوراء قليلاً، بيوليو/تموز عام 2018 أتممت انتقالي إلى ليفربول قادمًا من موناكو، ثم تطلب مني الأمر ثلاثة أشهر كاملة بين الجلوس على دكة البدلاء أو عدم التواجد في القائمة من الأساس كي أحصل على دقائقي الأولى بالبريميرليغ، وكانت عبارة عن عشرين دقيقة من مباراة هدرسفيلد.

يمكنني أن أطلق على تلك الفترة من حياتي بأنها الأكثر إزعاجًا طوال مسار حياتي المهنية بأكملها، لماذا؟ بسبب تلك الكلمتين: «أين فابينيو؟»

كان ذلك هو السؤال الأكثر تداولاً بين الجميع، أتجول قليلاً في المدينة أو في طريق ذاهبًا إلى التمرين فأجد أحدهم يهرول إليّ مسرعًا ليسألني متى سألعب أو آخر يسألني متى سأحل لهم مشاكل منتصف الملعب بالعصا السحرية خاصتي، أو الآخر الذي يستفسر عن ما إذا كنت مجرد صفقة مقلب أخرى أم لا. صدقني، أنا شخصيًا لا أعرف إجابة ذلك السؤال.

وصراحةً، لا أعرف كيف تمالكت نفسي طوال تلك المدة، فنعم كنت أركز بشدة في جلسات التدريب وكنت أنصت إلى كل تلك المتطلبات الجديدة التي طلبها مني يورجن كلوب لكي أناسب احتياجاته في الميدان، بجانب ردودي الدائمة مثل: «ما زلت أتأقلم مع الحياة في ليفربول» أو كلمات كلوب عني دائمًا كلما تم سؤاله عن غيابي، بأنني ما زلت أحتاج الوقت للتعلم.

يمكننا اعتبارهم جميعًا بأنهم مسكنات لكل ما كنت أشعر به، لأن ما أنهى ذلك الشعور تمامًا هو عندما بدأت أخيرًا في اللعب.

عهد الأصدقاء

ولكي لا أبخس الناس حقوقهم، فلا أستطيع أن أنكر إسهامات العديد من الأشخاص طوال تلك الفترة، أبرزهم بالطبع هو روبيرتو فيرمينو، السبب الأساسي في قدومي إلى ليفربول كان هو، محادثات طويلة جرت بيننا في معسكر المنتخب البرازيلي كانت كفيلة بأن أنقل حياتي كلها أنا وزوجتي إلى هنا.

يبحث معي عن منزل لأسكن به، وساعات طويلة نقضيها لكي يحدثني عن نمط الحياة في المدينة ونمط الفريق في التدريب. صدقني، حتى الآن لا أعرف كيف يستطيع أن يكون رائعًا داخل وخارج الملعب بذلك الشكل. يكفي أنه أنهى التفكير بكل ما كان يشغل بالي عن تقدم مستواي وتعاملي مع المدرب الألماني عندما قال لي: «يورجن مدير له الكثير من المتطلبات التي يريدها من لاعبيه، لكنه سيحسنك».

وجود فيرمينو سهل لي الكثير من المحطات للانخراط مع الفريق، هو وأليسون بالطبع الذي وصل في نفس توقيت وصولي إلى الفريق، كنا بمثابة «العصابة البرازيلية» بالنادي، داخل الملعب نتمرن باجتهاد، وخارجه نستغل بوبي الذي يمهد لنا كيف سنعيش أيامنا القادمة بالمدينة، بالطبع الآن الأمور تغيرت، فالعصابة البرازيلية أصبحت منخرطة تمامًا مع باقي زملائهم بالفريق.

نعم أنا ولدت باسم فابينيو، لكن لا أحد يدعوني بذلك الاسم أصلاً، هناك من يناديني بفلاكو، أي النحيف بالإسبانية، وهناك فيرجيل فان دايك الذي أطلق علي اسم «المفتش غادجيت» بالنسب إلى المسلسل الكوميدي الشهير الذي يحمل نفس الاسم.

بجانب المدرب المساعد بيبين ليندرز الذي أطلق عليّ اسم «المنارة»؛ بسبب معنى عميق يؤمن به أنه داخل الفوضى المنظمة التي يريدونها بالملعب، أنا الذي أتحكم لهم بالأمور وأحافظ لهم على الشكل الذي يريدونه، بالطبع حطم يورجن كل تلك الأفكار العميقة التي حاول بيبين بثها إلينا عندما ناداني باسم «دايسون» هكذا بدون سبب.

لماذا نحن هنا؟

سهلت كل تلك الأمور عملية تأقلمي وتخطي فترتي الصعبة الأولى مع الفريق، لكن نحن لسنا هنا لكي نتحدث عن كل ذلك أصلاً، أتتذكر؟ فأنا ما زلت متعجبًا من لقب الأفضل في العالم الذي يطلقه الجميع علي الآن.

رأيت كل الإشادات التي قالها الناس في حقي بعد مباراة توتنهام، نعم، لقد لعبنا مباراة جيدة حقًا، 68% هي نسبتنا في الاستحواذ بتلك المباراة، و21 تصويبة وجهناها صوب مرمى جازانيجا، لم أكن ألعب وحدي بالطبع لكي أحصل على كل ذلك الثناء، لكن يمكنني أن أقول إنني قدمت مباراة معقولة.

عرفت بعد المباراة أنني كنت ثالث أكثر من لمس الكرة في المباراة ككل، بعد زميلي أرنولد وديان لوفرين، وربما ما سمح لي للوصول إلى تلك المرتبة هو الضغط الذي قمنا به على مرمى توتنهام في شوط المباراة الثاني، عندما تمركزت حول دائرة منتصف الميدان لقطع الكرات وبدء الهجمات لصالح فريقي. ولكي أكون صريحًا معك، فالتغطية على المساحات التي يتركها كل من أرنولد وأندي خلفهم مهمة صعبة للغاية.

لا أعرف صراحة كيف أقوم بها حتى الآن، لكن رأيت تشابي ألونسو في مرة من المرات يتحدث بأحد تحليلاته عن أدائي أنني بمثابة متوقع جيد لما يحدث من حولي، وأنني أتخذ بعض الخطوات في الملعب دون أن يشعر أي أحد آخر حولي بها بما فيهم الجمهور أيضًا، الذي يكون مشغولاً بمتابعة اتجاه سير الكرة أكثر من اللاعب وما يقوم به، ربما يكون ذلك هو التفسير المنطقي لما حدث في تلك الليلة بالفعل.

رجل أحلامك

أصبح دور اللاعب رقم 6 بالكرة الحديثة شيئًا في منتهى الأهمية، لأنه كلما زاد عدد اللاعبين التي تهاجم من حولك، كلما ازدادت أهميتك في الملعب. فابينيو ليس فقط بمثابة غالق للمساحات أو متحدٍ أو أيًا كان، إنه شخص رائع بالكرة أيضًا.

يورجن كلوب عن فابينيو بعد مباراة جينك

هكذا تحدث يورجن عني بعد المباراة، وربما حديثه يحمل الكثير من الآراء الصحيحة، فأنا أرى نفسي شخصًا يتمتع بقامة رشيقة وساقين طويلتين ورؤية للملعب مهمة ومطلوبة بهذا المركز في هذه الأيام. انظر لتلك التمريرة الحاسمة التي صنعتها لزميلي ماني أمام مانشستر يونايتد العام الماضي وستفهم قصدي.

كما أن لدي القدرة على التسديد من بعيد بدقة وقوة عالية، وربما هدفي الأخير أمام منافسنا مانشستر سيتي بمباراة الدوري الأخيرة خير برهان على ذلك، هذا بجانب أنني مميز بألعاب الهواء والقدرات الدفاعية عمومًا.

وصدقني، لست وحدي الذي يرى كل تلك الأمور بنفسي، ولست هنا لكي أتباهى بما أستطيع أن أفعله، جايمس نالتون محرر موقع فوربس، بالإضافة إلى جاك لوسبي يريان تلك الصفات بي.

يجد نالتون الكثير من الشبه بيني وبين سيرجيو بوسكيتس متوسط ميدان برشلونة، وفي الحقيقة أنا أيضًا أجد بيننا الكثير من الخواص المشتركة. بالطبع ليست منهم قصة الشعر، هذا بجانب أن الرجل يلعب معه ليونيل ميسي الذي ببساطة قادر على أن يساعد الإسباني في صناعة هدف من اللا شيء حرفيًا، وهي بالطبع ميزة ليست متاحة لي للأسف.

لذلك فأنا متفهم تمامًا لماذا أنا عنصر في غاية الأهمية بالمنظومة التي يريدها منا مدربنا الألماني على أرضية الميدان، انظر إلى مباراتنا أمام جينك التي انتهت 4-1 لصالحنا وستفهم قصدي.

لعبت في تلك المباراة وحيدًا في بعض الأحيان بمنتصف الملعب عندما اندفع للأمام كل من كيتا وتشامبرلين، ذلك حسب وصف كلوب طبعًا، لأن ببساطة شخصًا مثلي لديه كل تلك الصفات الرائعة، هذا بالطبع بجانب أن الخصم متواضع للغاية بدوره، فلماذا نقلق؟

مرة أخرى، أنا لست هنا للتباهي أو التفاخر أو أي شيء من هذا القبيل، فقط أنا أسرد بعض الحقائق التي يراها الجميع عني.

الأفضل في العالم؟

يقول الناس إنني قدمت مباراة مثالية أمام توتنهام، أربعة تدخلات ناجحة وثلاثة اعتراضات للكرة، بجانب استعادتي للكرة 11 مرة وتقديمي لتمريرتين مفتاحيتين، ولمسي للكرة 111 مرة هم حصيلتي في تلك المباراة، ومباراة رائعة أمام مانشستر سيتي، وقبلهم قدمت مباراة أمام جينك جعلت الجميع يبدأ في التحدث عن مدى التطور الذي وصل إليه فابينيو حتى الآن.

لكن هل هذا يكفي لكي تنطبق علي تلك الجملة؟ هل 15 مباراة بالموسم الحالي هي حد مناسب من المباريات كافٍ للجميع كي يبدأوا في عرض وجهات نظرهم نحوي؟ وقبل كل ذلك، هل آراء أصدقائي التي رأيتها بعينيك عني، وآراء المحللين والنقاد في محلها بالأساس؟

والآن الكرة بملعبك لكي تجيب على سؤالي، إذا كنت قد رأيت ما قدمته حتى الآن: هل أنا الأفضل في العالم بمركزي؟