محتوى مترجم
المصدر
معهد بروكينجز
التاريخ
2015/03/18
الكاتب
ناتان ساكس

انتهت الانتخابات الإسرائيلية التي تمثل استفتاء على فترة حكم «نتنياهو» الثلاثاء الماضي بفوز الليكود على المعسكر الصهيوني. وبعد حساب أكثر من 99% من الأصوات، تصدر حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو بـ 29 مقعدا، على الأقل، من مقاعد الكنيست البالغ مجموعها 120، بينما حصل الاتحاد الصهيوني على 24 مقعدا، وبالتالي سيقود نتنياهو الحكومة المقبلة، المتوقع أن تتألف من أحزاب يمينية ودينية ووسطية.

وفي الأنظمة الديمقراطية، يخسر الذين يحتلون المناصب أكثر مما يخسر متحدوهم، وفي تلك المرة تجنب نتنياهو فقدان السيطرة على الأمور، متحديا توقعات مبكرة بهزيمته. ويرجع أحد أسباب احتفاظ نتنياهو بمنصبه إلى الضعف النسبي لمنافسه، قائد الاتحاد الصهيوني، «إسحق هارتزوج» الذي يفتقد الكاريزما الطبيعية للقائد، كما لم يأسر الخيال الإسرائيلي برسالة جديدة، رغم تمتعه بقدرات سياسية.

لعب هارتزوج منذ البداية على أخطاء نتنياهو في السياسة الداخلية، وعدم التركيز على نقاط ضعفه في الأمن القومي والسياسة الخارجية، ولذلك كانت معظم المنافسة معركة تحديد أجندة.

سافر نتنياهو إلى واشنطن لنقل رسالته حول إيران فيما سلط هارتزوج بؤرة تركيزه خلال حملته على القضايا الاجتماعية والاقتصادية. وكما هي العادة في إسرائيل، تحدد السياسة الخارجية هوية رئيس الوزراء، وهو السبب الذي كان قد أعاد نتنياهو إلى السلطة، وأبقاه على رأسها.

عودة «بنيامين نتنياهو» إلي السلطة في إسرائيل ينذر بأزمة مستقبلية وزيادة التضييق علي السلطة الفلسطينية

عموما، فإن حكومة جديدة بقيادة بنيامين نتنياهو تعني أن إسرائيل ستستمر في معارضتها العنيفة للسياسة الأمريكية بشأن إيران،كما تنذر بأزمة تلوح في الأفق للسلطة الفلسطينية التي تواجه أزمة مالية حادة جراء نقص التبرعات، وبسبب حجب إسرائيل لأموال الضرائب الفلسطينية انتقاما من لجوء السلطة الفلسطينية لمنظمات دولية، الأمر الذي تعتبره تل أبيب محاولة لعزلها، لكن من المحتمل أن تشتد وتيرة التحركات الدولية الآن.

Fمن جانبه، توقع «موشيه كحلون»، رئيس حزب «كولانو» المنتمي لتيار الوسط والذي فاز بعشرة مقاعد، حاجة نتنياهو إلى دعمه، وافترض أن رئيس الوزراء لا يريد تشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة.

وعرض نتنياهو على كحلون حقيبة وزارة المالية، حتى قبل انطلاق الانتخابات، معلنا اعتزامه فعل ذلك بغض النظر عن عدد المقاعد التي سيفوز بها حزب كولانو.

وإذا تقلد كحلون بالفعل حقيبة المالية، ستحين له الفرصة لقيادة أجندة إصلاح جريئة، تستهدف زيادة وتيرة المنافسة داخل الاقتصادي الإسرائيلي المركزي، وتخفيض تكاليف المعيشة.


آلية الانتخابات

في الانتخابات الإسرائيلية، لا يصوت الإسرائيليون لأفراد بل لأحزاب، حيث يضع كل حزب مقدما قائمة مرشحين، ويختار الناخبون القائمة.

وبعد ذلك يتم تقسيم مقاعد الكنيست الـ 120 بين القوائم، بموجب نسبة التصويت التي حصلت عليها كل قائمة، بشرط أن يحصل الحزب على الحد الأدنى من الأصوات، والذي يساوي حاليا 4 مقاعد بالكنيست.

ورغم أن النتيجة تضمن تمثيلا حزبيا مرتفعا، لكنها تسفر أيضا عن نظام سياسي مشرذم يتألف من الكثير من الأجزاء، إذ أن الكنيست المقبل رقم 20 سيضم عشرة فصائل على الأقل، تمثل نطاقا متسعا من المواقف الأيديولوجية والدوائر الديموغرافية. وفي مثل هذا النظام، تجد الأقليات بكافة أنواعها، بما في ذلك الأقلية العربية كبيرة العدد، ممثلة في البرلمان.

ونتيجة لذلك، ينبغي تشكيل ائتلافات بشكل مدقق واستمرارها من أجل القدرة على الحكم، حيث أن الانتخابات المبكرة دائما ما تأتي جراء فشل في تكوين الائتلاف، وبات ذلك عادة في إسرائيل، لا استثناء.

وعندما تنشر النتائج النهائية للانتخابات، يرسل كل حزب ممثليه إلى الرئيس الإسرائيلي «رؤوفين ريفلين» ليوصي بأحد أعضاء الكنيست ليكون رئيس الوزراء الجديد. وإذا حصل رئيس عضو كنيست على أكثر من 60 توصية، كما سيفعل نتنياهو، سيكلفه ريفيلين بتشكيل ائتلاف جديد، والفوز بثقة الكنيست.


النتائج

ثمة ملاحظة مفادها أن اليسار في إسرائيل يشير إلى الأحزاب التي تتخذ مواقف «حمائمية» تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، أما اليمين فهي الأحزاب «الصقور» التي تتبنى مواقف متشددة تجاه القضية. كلا المعسكرين (الصقور والحمائم) يضمان أحزابا ذات توجهات اقتصادية واجتماعية مختلفة.

وشهد الأسبوع الذي سبق الانتخابات، قوة دفع منحت انطباعات مفادها أن «الاتحاد الصهيوني» في سبيله إلى الفوز، وهو يتألف من تكتل يجمع بين حزب العمل بقيادة إسحق هرتزوج، وحزب الحركة الذي تتزعمه «تسيبي ليفني»، في ظل توقعات بقدرة ذلك المعسكر على إزاحة ليكود نتنياهو.

نجحت حملة «الدقائق الأخيرة» التي شنها نتنياهو في جذب أصوات لم تكن حليفة لليمين مثل حزب «البيت اليهودي»

وكرد فعل لذلك، شن نتنياهو حملة «الدقائق الأخيرة»، مناشدا إنقاذ الليكود، وأعلن تخليه عن حل الدولتين، متعهدا بعدم إقامة دولة فلسطينية حال فوزه. وفي يوم الانتخابات، لجأ الليكود إلى اتهام خصمه بشن حملة غير مشروعة لاجتذاب أصوات عرب إسرائيل المناهضين بوجه عام لنتنياهو.

وحققت حملة الليكود نجاحا ملحوظا بالفعل، لم يتمكن فحسب من غلق الفجوة مع المعسكر الصهيوني بل تجاوزه، حيث فاز بـأصوات لم تكن حليفة لليمين، مثل حزب البيت اليهودي بقيادة «نفتالي بينيت».

وعلى المستوى النظري، لا تغير الانتخابات بشكل جوهري حسابات التكتلات داخل الكنيست، التي يعول عليها هرتزوج بالرغم من أن السياسة قادرة على تغيير النظريات.

القائمة المشتركة، التي وحدت أحزابا شديدة التباين مثل الأقلية العربية، حققت نجاحا، بل أصبحت الكتلة الثالثة داخل الكنيست، بحصولها على 14 مقعدا. حزب «هناك مستقبل»، بزعامة يائير لابيد، فاز بـ 11 مقعدا، بالرغم من عدم تمكنه من تكرار أداء 2013. أما حزب «ميرتس» اليساري فقد تفادى بالكاد وقوعه تحت حاجز الأدنى للكنيست، ونجح في أن يكون أحد ممثلي الكنيست.