إذا كنت جديدًا في عالم الساحرة المستديرة كمشجع، فلابد أن تعلم الحقيقة التالية: عالم الكرة منقسم إلى معسكرين، المعسكر الأول هو معسكر أصدقاء «بيب جوارديولا»، يقابله معسكر ثان هو أعداء الفيلسوف. بين هذين المعسكرين معركة لن تنتهي إلا حين يقرر بيب أنه اكتفى من تلك المهنة، وبالتالي تدخل المعركة في إطار التاريخ الذي له مختصون يفصلون بين الطرفين. وإلى أن تأتي تلك اللحظة، أظن أنه من الواجب أن أقدم للمبتدئين في كراهية بيب هذا الدليل البسيط، الذي لا يجب على أي حاقد على الفيلسوف أن يدخل الحرب بدونه. صحيح أنه يمكنك التجويد على تلك القواعد، لكن لتعلمها أولًا.


القاعدة الأولى: بيب يتولى تدريب الفِرق الجاهزة

قاعدة جيدة ومنطقية، فالرجل بدأ حياته التدريبية مدربًا للفريق الثاني لبرشلونة، ولم يقض مع الفريق الرديف سوى موسم واحد، قبل أن يتوسط له الراحل «يوهان كرويف» عراب البارسا لدى «خوان لابورتا» كي يتولى تدريب الفريق الأول.

كان الفريق الأول لبرشلونة يقضي أزهى أوقاته تحت قيادة «ريكارد»، فاستطاع الفريق بعد تحقيق لقبي الدوري ودوري الأبطال موسم 2005- 2006، تحقيق موسمين صفريين في 2006- 2007 و2007- 2008، في إنجاز لا يحققه إلا فريق جاهز! وليس أكثر دلالة على جهوزية الفريق من أن نجمه الأول «رونالدينهو» الذي استطاع في آخر موسمين له مع البارسا الجمع بين بطولات لم تتحقق في الملعب، وبطولات أسطورية على بارات كتالونيا وفي ملاهيها الليلية!

الفريق الجاهز دمره الفريق الرديف بقيادة بيب في أحد اللقاءات التحضيرية، بينما كان «روني» يجر أقدامه في الملعب وزملاؤه غير قادرين على مجاراة نسق الفريق الثاني للبارسا، أما ريكارد فكان يمارس عادته الجديدة في تلك الأيام: التدخين على مقاعد البدلاء وهو يشاهد فريقه الجاهز ينسحق تحت أقدام مغموري اللاماسيا.

بالتالي، فقد استلم بيب نجومًا كـ«تشافي» و«إنيستا» و«ميسي» كان أولهم، على وشك الرحيل لليونايتد، وثانيهم، تائه في ترهات ريكارد التكتيكية وهو يلعب على الخط، وثالثهم، حل ثالثًا في ترتيب أفضل لاعبي العالم. تلك الإمكانيات هي التي حقق بها ريكارد أرقامه القياسية في آخر موسمين له، وهي التي صنعت بيب وسداسيته وخماسيته وكرته الشاملة واستحواذه. بيب لم يحتج إلى أي شيء وأداء هؤلاء قبله ليس أقل من أدائهم بعده، والسداسية هي امتداد للموسمين الصفريين بطبيعة الحال، فكلها أرقام قياسية!


القاعدة الثانية: الحديث عن الأداء بدعة وكل بدعة ضلالة

دائمًا ما يجادل معسكر أصدقاء بيب بأن الرجل أينما حل يجعل فريقه يؤدي بشكل جمالي، يحول الفريق كله إلى لوحة جميلة منتصرًا للفكرة الأساسية، وهي أن كرة القدم لعبة غرضها إمتاع الجماهير. لكن هذا ليس حقيقيًا، فالأندية التي دربها بيب تؤدي بشكل ممل، وتطمع دومًا إلى الاستحواذ عن طريق التمرير العرضي، الاستحواذ لأجل الاستحواذ. حتى أن البيب نفسه صرح مرارًا: أنا أحب التيكي تاكا، وأيضًا: ليس مهمًا أن أخسر، الأهم أن أستحوذ على الكرة!

لاعبو بيب يمررون بالعرض رغم أن كل خصومه يفتحون الملعب ويهاجمون، ويتيحون مساحات كثيرة للعب المباشر، لكن الرجل مريض بالاستحواذ. وبالتالي فالجمال في اللعبة أمر ثانوي، ومعايير الجمال الحقيقية هي قدرة اللاعب على الركض، الركل، الاعتداء على الخصم، والحصول على البطاقات الملونة. من يبحث عن التمريرة الجميلة أو المراوغة الجميلة فليذهب إلى السيرك.


القاعدة الثالثة: الكرة الجميلة لا تحقق بطولات

تلك قاعدة تؤكدها تجربة جوارديولا التدريبية، الرجل لم يحقق في 4 سنوات مع برشلونة سوى 14 بطولة، رقم ضئيل مقارنة بالإمكانيات الجبارة لفريق حقق موسمين صفريين متتاليين قبلها! بينما في مجمل مسيرته كرمز مزعوم للكرة الجميلة حقق 22 بطولة في 9 سنوات تدريبية، بحساب كأس الكارباو ودون احتساب البريمييرليج الذي يوشك أن يدخل خزائن السيتي.


القاعدة الرابعة: بيب اشترى البريمييرليج بنصف مليار يورو تعاقدات

تدفقت أموال الخليج على خزائن السيتي فتعاقدوا مع المدرب الأعلى أجرًا ليتعاقد بدوره مع لاعبين بنصف مليار يورو، وليدفع 60 مليونًا في «لابورت» و50 في «ستونز»، وأرقامًا تدل على أن المافيا الجوارديولاوية هي التي حققت البريمييرليج. كيف يدفع 60 مليونًا في لابورت، ألا يعلم أن «فان دايك» قد وقّع لـ«كلوب» بـ75 قرشًا؟! و أن غريمه «مورينيو» جلب «بوجبا» بـ105 جنيهات مصرية دفعها على أقساط؟!

إن السلوك السفيه لبيب في سوق التعاقدات يضعنا أمام الحجم الحقيقي لفقاعته. الرجل الجاحد اشترى خطًا كاملًا للدفاع، واستغنى عن لاعبي الخبرة أصحاب الأعمار الثلاثينية، ولأن هذا التصرف ملعون ، فقد قضى الموسم بلا ظهير أيسر بعد إصابة ظهيره الأيسر «بنجامين ميندي» بقطع في الرباط الصليبي منذ بداية الموسم. لكن ذلك لا يدخل في إطار القاعدة الرابعة بل في إطار القاعدة التالية.


القاعدة الخامسة: حين ينتصر بيب التمسوا الأعذار لخصومه، وحين يخسر فهو عديم الموهبة

بيب ليس مدربًا، هو مجرد مشعوذ لديه أموال تشتري الحكام واللاعبين، حتى حين يحرم خصمه من تسديد كرة واحدة على المرمى طوال 90 دقيقة كما فعل مع تشيلسي في مباراة الدور الثاني هذا الموسم، فإن ذلك ليس لعبقريته، إياك أن تخدعك وداعته وهالة الفلسفة التي أضفاها عليه معسكر أصدقائه، هو فعل ذلك لأن تشيلسي و«كونتي» على سبيل المثال وقعوا تحت تأثير التنويم المغناطيسي، كما أن «سيسك» عميل مزدوج لمدربه السابق. تلك الهيمنة مهما تكررت لابد لها من سبب كامن خارج عبقرية بيب!

القاعدة الخامسة: ملحق رقم 1

بيب ينتصر كثيرًا وهذا مؤسف، لا تستطيع فعل شيء حيال ذلك، وهو يوحي لك أحيانًا أن الكرة ليست انتصارًا وهزيمة، بل انتصارًا فقط، لكن حين ينهزم ويمر بفترة تصبح أعماله السفلية غير ذات جدوى، فلا تفوت الفرصة، لأنها لا تأتي كثيرًا.

القاعدة الخامسة: ملحق رقم 2

يجوز أن ينهزم ريال مدريد صاحب الإمكانيات المالية من أتليتكو الضئيل ماديًا أو جيرونا أو إسبانيول، دون أن يتكلم أحد عن الميركاتو، يجوز أن ينهزم تشيلسي من وست بروم أو ليستر، أو أحد هؤلاء الذين لا تبلغ ميزانيتهم ربع ميزانية نادي «رومان إبراموفيتش» دون الحديث عن الأموال. لكن هزيمة السيتي من أحد هؤلاء لا تعني سوى أن بيب فقاعة!

ترتيبك في جدول الدوري يحدده ما تنفقه من أموال؛ وبالتالي فالصدارة في الدوري الإنجليزي لمانشستر سيتي، ولا تدع أحدهم يسألك عن عشرات الحالات التي وصلت للصدارة دون أن تكون الأعلى إنفاقًا، فمورينيو في إسبانيا أنفق ضعف ما أنفقه «بيب» و«تيتو»، ومع ذلك لم يحقق الدوري سوى مرة ولم يتهم بالفشل، لأن هذا ما تنص عليه القاعدة الخامسة.


القاعدة السادسة: لا تصدق أن مورينيو هو الرجل الشرير، بيب هو الشر كله، هو جليس إبليس

دومًا يصورون – أصدقاء بيب – أن الصراع في الكرة بين الخير والشر، الأول يمثله بيب، والثاني يمثله مورينيو. تلك «فرية» أخرى، لأن الشرير هو من يشتري لاعبين بنصف مليار ويفتح خطوطه ويهاجم، بينما الطيب الوديع هو من يحول فريقه إلى أتوبيس يقف بالعرض في منطقة جزائه، ويحول لاعبيه إلى أدوات للركل والسحل، ويتحرك على الخط ساخطًا. الطيب هو من يحاول أن يفقأ عين «تيتو فيلانوفا»، ويتشاجر مع الحكام والمشجعين ويتهم خصومه في المؤتمرات الصحفية بأبشع التهم. إن بيب هو الشر المصفى.

تلك القواعد الست بملحقاتها تحتمل إضافات كثيرة: بيب فشل مع بايرن حتى إن حاولوا إقناعك بأن بايرن ميونيخ لعب كرة قدم لم يقدمها من قبل! بيب يخرج بفضائح من دوري الأبطال، مهما قالوا إن ما يمكن اعتباره فضيحة حقًا كان موسم 2014 والخروج على أيدي الريال، بينما خروجه أمام برشلونة بمجموع 5- 3، وأمام أتليتكو مدريد بهدف اعتباري بعد تقديم كل شيء خاصة في مباراة الإياب،لا يمكن أن يندرج تحت بند الفضيحة، إلا لأن هناك رغبة في تصفية الرجل.

بينما النموذج المقابل جوزيه مورينيو فقد خرج أمام باريس الذي لعب بـ10 لاعبين، وأمام إشبيلية خامس الدوري الأسباني بعد أن قضى مباراتي الذهاب والإياب مدافعًا، رغم أن تطبيق قاعدة الميركاتو والميزانية يقول أن القيمة السوقية لفريق إشبيلية لن تزيد عن قيمة «لوكاكو» و«بوجبا» فقط، وبالتالي فلا يجوز أن ينهزم أمامهم أداءا ونتيجة.

القاعدة الذهبية: بيب يسقط كل قواعد المنطق، في حضوره يتحول النقد إلى محاولة للنقض. هو يخطئ لأنه بشر، لكن الإطار العام لمسيرته التدريبية يبقى ذهبيًا، لا تخدشه محاولة استغلال هزيمة هنا أو هناك لتعميمها، فما قدمه لعالم الكرة يراه الأعمى ويسمع به الأصم!

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.