بعد معاناته من إصابة في الكاحل ضد مارسيليا يوم الأحد الماضي، كان «نيمار» وناديه باريس سان جيرمان يستعدان لخوض سباق ضد عقارب الساعة، من أجل استعادة البرازيلي وتجهيزه بدنيًا قبل حلول موعد المواجهة الحاسمة والمنتظرة أمام ريال مدريد في جولة الإياب من دوري أبطال أوروبا.

لكن قبل ساعات أعلن النادي الباريسي عن إصابة نجمه الأول بإصابة مزدوجة في الكاحل ومشط القدم. الكثير من التفاصيل الدقيقة التي لا يكترث لها المتابع الرياضي، الذي يهمه في نهاية الأمر قراءة خبر يوضح كم ستطول فترة غياب البرازيلي عن الملاعب.

هذا التفصيل المنقوص، والتجاهل المقصود في الإعلان الباريسي، ليس هدفه خلق التكهنات أو تشتيت ذهن المدريديين وإرباك حساباتهم؛ بل لأن فترة الغياب ترتبط بقدرة جسم البرازيلي على التعافي بالطبع، لكنها تتعلق بعاملين مهمين هما موقع الكسر وشدة الإصابة. إصابة قد تمتد لأسابيع وقد تطول لأشهر، وخاصة بأن الإعلان كان مبهمًا عندما ذكر كلمة «شق» بدلًا من شرخ أو كسر.

بطبيعة الحال، إن الجدول الزمني لعودته هو الأكثر أهمية في الإعلان بأسره، ليس بسبب المباراة الفاصلة التي سيحتضنها استاد حديقة الأمراء الأسبوع المقبل، لكن بسبب اقتراب انطلاق كأس العالم ودنو موعدها.

ربما ستحرم الإصابة البرازيلي من خوض منافسات كأس العالم إن طالت فترة تعافيه. أمر سيجعل مشجعي السامبا قلقين على نجم منتخبهم الأول بعد انتكاسة أليمة على أراضيهم في عام 2014.


شد وجذب قبل الفاجعة

بالعودة إلى يوم المواجهة أمام مرسيليا يوم الأحد الماضي، أزعج البرازيلي لاعبي مرسيليا فنيًا بتحركاته ومهارته، وأيضًا من خلال ممارسته أسلوبه المعتاد في مداعبة الكرة أو مراوغة الخصم بطريقة تعتبر استفزازية خاصة في حالات الخسارة. قائد الباريسيين «تياجو سيلفا»ادعى أنه سمع مهاجم مرسيليا الفرنسي «ديمتري باييه» يخبر الحكم بأنه سيؤذي «نيمار» إن تمادى بشكل أكبر.

إنه أمر مخز. باييه أخبر الحكم أنه يريد إيذاء نيمار. هذه ليست كرة القدم.
تصريحات «تياجو سيلفا» عن نية «باييه» إصابة مواطنه.

«رودي جارسيا» مدرب مارسيليا نفى هذه الإدعاءات، وأوضح أن هذا الأسلوب لا يناسب أفكاره ولا يمكن أن يعتمده حتى لو كان خاسرًا بنتيجة أكبر،وقال: «إنه نيمار لاعب كبير، وآمل بأنه لم يصب بشكل بالغ. في نهاية الأمر نحن نفضل أن نرى اللاعبين الكبار على العشب، حتى لو كانوا ضدنا»

أما «أوناي إيمري» وقبل تشخيص الإصابة من قبل أطباء النادي، قال إنه متفائل رغم مغادرة «نيمار» الملعب على العكازين. و عبَّر عن رغبته الكبيرة بلحاق البرازيلي بمباراة الإياب.

تصريحات «أوناي إيمري» عن إصابة نجم فريقه.

وعلى الرغم من استفادة فريقه من إصابة النجم الأول للباريسيين،عبَّر «زين الدين زيدان» مدرب الفريق الاسباني عن خيبة أمله بسبب إصابته ورغبته بتعافي «نيمار» في الوقت المناسب وعودته للعب في مباراة الإياب.


كسر جونز!

دفع الباريسيين مئات الملايين بسخاء من أجل انتدابه بهدف المشاركة في لحظات كبرى كهذه أمام عمالقة دوري الأبطال. وتفويته المناسبة الأهم في أجندة بي إس جي هذا الموسم تعد خيبة أمل كبيرة جدًا بالنسبة له وللنادي ككل وعلى رأسهم رئيس النادي «ناصر الخليفي».

الإصابة بلا شك ضربة موجعة للباريسيين على الصعيد النفسي والفني، وستؤثر على فرصهم وحظوظهم في التأهل. لكن بغض النظر عن حسابات التأهل والألقاب، يبقى السؤال الأهم هو كم من الوقت سيبقى نجم السامبا خارج حسابات مدربه؟ هل سيعود قبل نهاية الموسم؟ هل مشاركته في كأس العالم بخطر؟ قبل التكهن والتخمين، ماذا يقول الطب عن الإصابة التي تعرض لها «نيمار» بعد أن تعثر وأصاب نفسه بنفسه؟

بحسب التقرير الطبي، فإن إصابة البرازيلي تتركز في المشط الخامس، والذي يسمى بـ«كسر جونز» نسبة للطبيب «روبيرت جونز» أول من اكتشف تشخيص الإصابة بعد تعرضه لها خلال ممارسته إحدى الرقصات. عظمة المشط الخامس هي العظمة الخارجية الطويلة التي تصل الكاحل بخنصر القدم.

تتراوح فترة الغياب نتيجة إصابة مشط القدم بين شهر وبضعة أشهر، لأنه لا يوجد قاعدة عامة في تحديد مدة الغياب أو الفترة اللازمة للتعافي من الكسر، وهذا هو السبب الذي جعل «بي إس جي» يتجنب ذكر المدة. التفصيل المهم هو شدة الكسر، لكن الأهم هو الزمن االلازم للتعافي، والذي يختلف بشكل كبير بين لاعب وآخر وإصابة وأخرى.

تتمثل المنطقة التي تكسر فيها عظمة المشط الخامس بتباطؤ عملية شفائها بسبب فقر إمدادات الدم إليها. علاوة على ذلك، فإن الكسر في كثير من الأحيان يرتبط بالإجهاد المتكرر والضغط على موقع الكسر، لذلك هناك قلق دائم من أن تكرار الكسر.


تباين في العلاج والغياب

إنه مجرد التواء، لكننا سنجري المزيد من الاختبارات. إذا كان عليّ القول الآن إن كان بمقدرته اللعب ضد ريال مدريد، أود أن أقول نعم

على الرغم من أن الكسر عادة يشفى من خلال الراحة، فإن فترة التعافي ستكون طويلة بسبب فقر التغذية الدموية كما ذكر، بالإضافة إلى أن فترة التأهيل ستأخذ مدة زمنية أطول. يتم وضع الجبيرة لمدة تتراوح بين ست وثمان أسابيع حتى يتم التعافي من الكسر. وتتم الاستعانة بالعكازات والمستلزمات الطبية الخاصة مثل حذاء «Cam Walker»، وحذاء النعل القاسي لتجنب تجدد الكسر.

لذلك غالبًا ما يوصى بالجراحة لكثير من الأفراد الذين يعانون من كسور جونز أو كسور مشط القدم. وهذا ينطبق بشكل كبير على الأفراد الرياضيين. الجراحة الأولية تتطلب تثبيت موقع الكسر بواسطة المسامير. يساعد تثبيت العظم على مقاومة العوامل التي يمكن أن تبطئ الشفاء، بالإضافة لأن الحفر عبر الكسر يحفز تدفق الدم لتسريع عملية الشفاء.

ميزة العمل الجراحي بأن عملية التأهيل والعودة إلى الأنشطة الرياضية تكون أسرع بكثير، أما سلبيته أنها تمتد لفترة طويلة قد تصل لـ6 أشهر . كما أنه ليس من المألوف أن تكون هناك مضاعفات خلال عملية إعادة التأهيل. عديد من النجوم قد تعرضوا لكسور في منطقة مشط القدم، لكن فترة الغياب والعلاج قد تباينت تبعًا لقوة الكسر وشدته ووفقًا لمكانه.

لاعب وسط ريال مدريد «توني كروس» عانى من كسر المشط الخامس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، وكان من المتوقع أن يغيب لمدة شهرين، لكنه عاد إلى الملاعب بعد 31 يومًا فقط. أما مهاجم مانشستر سيتي «جابرييل جيسوس» -زميل نيمار في المنتخب- غاب في الموسم الماضي لمدة شهرين ونصف بإصابة مماثلة.

أما إصابة «مانويل نوير» حارس مرمى بايرن ميونخ كانت أكثر حدة من معظمها، فالدولي الألماني لم يعد من إصابته في مشط القدم التي عانى منه في سبتمبر/ أيلول الماضي، وكان من المتوقع عودته في يناير/ كانون الثاني، لكن مازال يأمل هو وناديه اللحاق بتشكيلة الفريق قبل انقضاء الموسم.

على سبيل المثال، اللاعب الإنجليزي «سكوت باركر»تعرض لنفس الإصابة في عام 2004، وكان من المتوقع أن يعود للملاعب خلال 8 أسابيع، لكن لم يتمكن من العودة للعب إلا بعد8 أشهر بسبب مشاكل خلال فترة تأهيله.

ما زالت الأنباء تتضارب بشأن إجراء نيمار لعمل جراحي من عدمه، لم يتحدد شيء بعد وما زال الأمر طي الكتمان. لا أحد يعرف على وجه اليقين كم ستطول مدة غيابه، هل سيكون جاهزًا بعد أسابيع أم سيفتقده منتخبه في نهائيات كأس العالم كما فقده خلال منافسات المونديال الماضية بسبب إصابة ظهره.

كلمة «شق» التي ذكرها التقرير الطبي توحي بأنه لا يوجد حاجة للذعر من قبل الجماهير، لكن الأخبار المتضاربة لا تبشر بذلك إطلاقًا. في نهاية الأمر، وكما قال «رودي جارسيا» نحن نفضل أن نرى اللاعبين الكبار على العشب.