للغة العربية العديد من العلوم، وكل علم يُصنِّف ويدرِس جزءًا معينًا وجانبًا من هذه اللغة. العلوم الاثنا عشر للغة العربية هي: علم اللغة، علم الصرف، قواعد اللغة، علم الدلالة، البلاغة، البديع، النوتة الموسيقية، القوافي، قوانين الكتابة، قوانين القراءة، الخطابات والمواعظ، قراءة العلوم، والتاريخ. وفي هذا المقال سنتحدث عن علمي النحو والصرف وتعريفهما والفرق بينهما.

القواعد النحوية هو من العلوم التي تبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد النحو، حيث تهدف إلى تحديد طرق تكوين الجملة، ومواقف الكلمات، ووظيفتها، وكذلك تحديد الخصائص التي تكتسبها الكلمة بالحركة أو الموقع، أو مكانها في الجملة، سواء كانت خصائص نحوية مثل البدء، أو الموضوعية، أو التصرفات النحوية مثل التأخير والبناء والنحو. بينما يُعرَف علم التشكل بأنه أحد أنواع العلوم العربية المعاصرة، فقد أُطلق عليه علم التصريف، ويُعرف تقنيًّا بعلم القواعد، وهي المبادئ التي تُعرف بها ظروف الكلمة الواحدة، وهيكلها النحوي.

القاعدة هي اللبنة الأولى في بناء أي شيء، والقواعد هي مجموعة معقدة من القوانين واللوائح التي تتحكم في تبني أي لغة طبيعية ونقلها. والقاعدة في اللغة هي فكرة تؤدي إلى قواعد مترابطة، وتُشكِّل هذه القواعد، من خلال ترابطها، المفهوم الصحيح للصوت واللغة من حيث التركيب والمعنى. فاللغة بحر لا نهاية له، ولا يحيط باللغة العربية إلا نبي، وهذه المقالة مخصصة للحديث عن الفرق بين قواعد اللغة والصرف في اللغة العربية.

تعريف النحو والصرف

تعتبر دراسة النحو من الدراسات اللغوية الأساسية، حيث إنه من المهم للغاية فهم بناء الجمل بشكل صحيح وبدون تداخل، خاصة أن اللغة العربية تتميز بقدرتها على إدخال وتأخير بعض الكلمات على الأخرى.

كان من الضروري أن تكون هناك قواعد وأحكام لتوضيح نية الكلام ومعناه، ومن أجل ذلك طُوِّر علم النحو ليبين بوضوح العلاقات بين الكلمات للقارئ، حتى لا يُخلَط بين الأمور، وحتى لا تلتبس معاني الكلمات.

وقد قال «أبو إسحاق الزجاج» إن وظيفة النحو لا تقتصر على ذلك، بل للقواعد أهمية كبيرة، وهي تعميق فهم الكلمات العربية. فهو من العلوم الضرورية في علوم اللغة العربية، وذلك لتعميق فهم معاني القرآن الكريم وأحكامه، والتفسير الصحيح لكلام الله تعالى.

ويمكن التفرقة بين الصرف والنحو على النحو التالي:

علم النحو:

هو علم تُعرف به حقائق المعاني، ويتوقف عليه معرفة أصول الجمل ومقدماتها. سواء كانت أحكامًا نحوية، مثل: التأخير، والعرض، والبناء، والتحليل، أو السمات النحوية مثل: الموضوعية، والنشاط، والتعلم، والقواعد، فهو علم ضروري ليكون لدى الشخص القدرة الكافية على الانغماس في أحكام كتاب الله، سبحانه وتعالى.

علم الصرف:

الصرف يعني التغيير، وهو العلم الذي يصف الظواهر الصرفية، ويشرح حدوثها، ويحدد قواعدها، وهو علم يقتصر على دراسة الأفعال التصريفية والأسماء المعربة. ويتعامل علم الصرف مع تقسيم الكلمات إلى ثلاثة أقسام وظيفية، وهي: الاسم، والفعل والحرف، ثم دراسة كيفية إنشاء الكلمات وزيادتها بالاشتقاق أو الجمع.

مؤسس علم النحو

إن الحديث عن القواعد يمر بالضرورة بالحديث عن اللغة، لأن القواعد علم ظهر في أحضان اللغة وكان وثيق الصلة بها، وهنا يُطرَح سؤال مهم أمامنا، ما هي العلاقة بين القواعد واللغة؟

للإجابة على هذا السؤال من الضروري معرفة أن اللغة تعني اسم الجنس للكلام المنطوق أو المكتوب، وأن القواعد تعني العلم الذي يقيد هذا الكلام بقوانين وأحكام خاصة، وكلاهما يعتمدان بعضهما على بعض. فلا وجود للغة بدون قواعد، ومن المستحيل أن تكون هناك قواعد بدون لغة.

وتعددت الآراء حول المؤلف الأول لعلم النحو، فقد دلَّت بعض الآراء على أن «علي بن أبي طالب» -رضي الله عنه- هو أول من صاغها وأسَّس قواعدها؛ وذلك عندما بعث برسالة إلى «أبي الأسود الدؤلي» يقول فيها: «الكلام كله اسم وفعل وحرف». ثلاثة أجزاء من الخطاب باختصار، وأنهى رسالته بقوله: «أعطه هذه القواعد وأضف ما حدث لك». إلا أنها أضافت إلى النحو عدة فصول منها: (باب اللطف، باب الاستجواب، باب الصفات، باب التعجب، وغيرها).

مع العلم أن أصحاب هذا القول يعتقدون أن سبب استدعائه لذلك يرجع إلى رجل سمعه يخطئ في قراءة إحدى آيات القرآن الكريم. فقال الدؤلي عن القواعد النحوية التي كانت عنده، وكيف أتى بها، قال: «جعلت حدوده من علي بن أبي طالب».

وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة الأخرى ترى أن «أبا الأسود الدؤلي» هو مؤسس علم النحو. وبحسب الروايات الواردة في زيارته لأمير البصرة (زياد) يستأذنه أن ينزل للعرب ما يعرفونه من أقواله. لأن كلام العرب كان مختلطًا بكلام غير العرب في ذلك الوقت، وقد نفاه الأمير في البداية، ولكنه سمح للدؤلي أن يفعل ما يشاء ويخبره، كما جاء في الرواية: «ضعوا على الناس ما نهى عنكم».

أهمية علم النحو

تعتبر القواعد النحوية أساسية في دراسات اللغة؛ لأهميتها في فهم تراكيب الجمل بطريقة صلبة وغير متداخلة، خاصة أنها لا تخفي عن العارض في اللغة العربية وبلاغتها، تقنيات تقديم بعض الكلمات فوق الأخرى، التأخير في بعض الجمل لأغراض مختلفة، وعدم التوازن الناتج في المعنى والهدف إذا كانت الضوابط التي ترسم العلاقات بين الكلمات محددة بوضوح، حتى لا يقع القارئ في الارتباك، ولهذا طُوِّر علم النحو، الذي تتمثل وظيفته في تحديد وظائف الكلمات النحوية في الجمل.

يُلخِّص علماء اللغة والبلاغون المتأخرون أهمية القواعد في الوصول إلى التفاصيل الدقيقة لمعاني النص الأدبي وخصائص هياكله، وتتبع دلالاته الحقيقية، من خلال تجاوز هيكل السطح، والتعمق في القواعد، للوصول إلى المعنى المنشود، لا سيما في آيات القرآن الكريم.

تتضمن القواعد النحوية العديد من الجوانب، وفي ذلك الصرف والأنظمة، والنحو، والتي تتعامل مع التفاصيل الدقيقة للجمل والتراكيب. كما تدرس قضايا النوع الاجتماعي مثل المذكر والمؤنث.

اختلف اللغويون والكُتَّاب في طريقة تصنيف موضوعات القواعد، فيمكن لأحدهم أن يُصنِّف كتاب القواعد حسب «الجملة»، فيبدأ الكاتب بالحديث عن الجملة، ثم يُقسِّمها إلى أنواعها (جملة اسمية وجملة فعلية)، ثم يقوم بتحليل كل جملة على حدة، مع توفير عناصرها وطريقة التعبير عنها، بالإضافة إلى الحالات التي يمكن من خلالها تمرير الجملة وما إلى ذلك. ومن ناحية أخرى هناك من يُصنِّف كتب القواعد حسب العلامة النحوية، بحيث تنقسم المواضيع على النحو التالي: (التقديمات، الاتهامات، الاستحقاقات… وهكذا).

مُؤسِّس علم الصرف

يمكن إرجاع صعود علم التشكل (الصرف) إلى أسباب مختلفة، لكنه لم يظهر بوضوح خلال الفترة الزمنية بين عصر ما قبل الإسلام والعصر الأول من الصحابة؛ إلا أن الفتوحات الإسلامية التي أعقبت هذه المراحل، والتي دخل خلالها كثير من الأجانب إلى البلاد العربية، أدت إلى اختلاط اللغات بعضها ببعض، مما تطلب خلق صيغة وقواعد للحفاظ على اللغة العربية وعلومها.

ويمكن حصر الاحتياجات التي أدت إلى تطور هذا العلم على النحو التالي:

الحاجة الدينية:

وهذه الحاجة هي إيجاد قواعد للغة العربية يمكن للمسلمين الفاتحين أن يثقوا بها ويرجعوا إليها عند تعليم غير العرب أمور الدين، وقد ظهر ذلك خلال فترة الفتوحات الإسلامية لبلاد فارس والروم، وهي قواعد اللغة العربية ممثلة بعلمي الصرف والنحو.

الحاجة الاجتماعية:

تنبع هذه الحاجة من حقيقة أن الإنسان كان اجتماعيًّا منذ أن خلقه الله، مما يعني أنه يحتاج دائمًا إلى التواصل مع الآخرين، وكان لاختلاط العرب بالآخرين بسبب الفتوحات الإسلامية تأثير كبير على الحاجة إلى إيجاد رابط بينهم، وذلك لتسهيل تواصل الناس بعضهم مع بعض وإشباع حاجاتهم، حيث إن ظهور عدد كبير من الموالين -غير العرب- من ذوي المهارة في مسائل اللغة العربية والذين يتفوقون فيها، دليل على أهمية خلق هذه الرابطة اللغوية.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.