محتوى مترجم
المصدر
Haaretz
التاريخ
2016/04/04
الكاتب
أمير أورن

لا يحدث كل يوم أن تُكرّم عائلة شخص مشتبه في ارتكابه لجريمة خطيرة – والذي، إن أدين، قد يواجه حكمًا بالسجن لعشرين عامًا – بمكالمة هاتفية داعمة ومتعاطفة من قبل رئيس الوزراء. ولكن هكذا يعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بشكل يومي؛ يعيق بشكل منهجي ومستمر إجراءات ومؤسسات دولة إسرائيل. يُفترض أن الحكومة والدولة تُمثّلان الشيء ذاته. لكن في الواقع الإسرائيلي، أصبحت الدولة عدوة للحكومة.استخدم نتنياهو نهج «بحوث العمليات» أو «تحليل النظم» لتحييد الدولة. وهو ما حاولت إسرائيل فعله في جهودها العسكرية ضد القوات الجوية المصرية في يونيو 1967، والتخصيب الإيراني لليورانيوم، وأنفاق حماس في غزة؛ إنها دراسة السلسة البشرية والتنظيمية الكاملة لتحديد حلقتها الأضعف.يُطبق هذا الفكر أيضًا ضد دولة إسرائيل، باعتبارها عدوة للحكومة: حيث تكون القيادة السياسية في السلطة التنفيذية ضد السلطتين التشريعية والقضائية، ونظم الرقابة، وعملية الرقابة والتوازن. وذلك بعد أن كان القصد من جميع تلك العناصر أن تحافظ على توازن القوى.

باتت السلطة التنفيذية في عهد نتنياهو، تقف ضد السلطتين التشريعية والقضائية.

لا يعد الهجوم على محكمة العدل العليا في قضية «الغاز الطبيعي» حدثًا استثنائيًا بالنسبة لشخص دعم «بشكل شخصي» المطالب الوقحة لزوجته، بأن ترد قاضية بمحكمة العمل الإقليمية نفسها عن القضية، بعد أن تجرأت على منح القوة القانونية إلى الانطباع العام عن سلوك «سارة» العدواني تجاه الموظفين المناضلين من أجل حق كسب العيش.يبث نتنياهو والمتملقون بحزبه – وهم مجموعة من المتلونين سليطي اللسان المتنافسين فيما بينهم قبل تحديد قائمة الحزب لخوض انتخابات الكنيست القادمة – رسائل مفادها أن المحكمة ليست المُفسِر المُرخِص للقانون، بل مجرد لاعب آخر على الساحة السياسية. علاوة على ذلك، ليست هيئة بارزة فقط، بل تابعة للحكومة. وإن لم يفهم القضاة ذلك، سيوضح الأمر لهم عبر تغيير تركيبة المحكمة العليا أو إجراءات لجنة التعيينات القضائية.ينعكس الهجوم على الكنيست عبر ما يطلق عليه «قانون التعليق» (وهو قانون يُجيز تعليق عضوية النواب العرب في الكنيست)، الذي لا يقصد به تغيير توازن القوى بين الأحزاب في المجلس، بما أنه حتى إن عُلقت جميع عضويات الأعضاء الـ 13 من القائمة العربية المشتركة، سيدخل الأشخاص الـ 13 التاليين على قائمة الحزب إلى الكنيست، وسيكونون مستعدين للمعارك بنفس قدر سابقيهم. بل يُقصد به التهديد الشخصي والمُوجَه؛ فأعضاء الكنيست المُعلَقة عضوياتهم سيخسرون حصاناتهم البرلمانية وسيفضلون السكوت، خشية أن يصبحوا عرضة للإجراءات الجنائية.بُذلت الجهود الرئيسية ضد مكتب مراقب الدولة، ومكتب النائب العام، ومكتب المدعي العام للدولة والشرطة. وفي جميع هذه الحالات، تعرضوا للفحص الدقيق والإذلال.قبل تعيين رئيس الشرطة الجديد العام الماضي 2015، قام وزير تُعد سلطته في هذا الشأن مطلقة، بجس نبض قائدٍ كبير بالشرطة. حيث تساءل حول إذا ما كان ممكنًا إعطاء «قبلة الموت» لقضية متعلقة بمنازل لعائلة نتنياهو. لكن الضابط رفض ذلك التلميح، وأعلم الوزيرَ أن الشرطة ستستمر في العمل ضد الفساد العام.يبدو أن الشخص المنعزل للغاية عن كيفية عمل حكومته، غير مناسب لقيادة الشرطة. فقُدم زي الشرطة، مع رتبة مفوض الشرطة، إلى روني الشيك من مكتب الشاباك، والذي لم يفعل أي شيء منذ تعيينه في ديسمبر الماضي. ويعتبر النائب العام الجديد، أفيخاي ميندلبليت، منافس الشيك في عدم فعل أي شيء.

لحسن حظ نتنياهو، ليس لديه معارضة تواجهه. حتى إسحاق هيرتسوج، يعتبر نسخة باهتة منه.

لحسن حظ نتنياهو، ليس لديه معارضة تواجهه. وسواء أتعرض رئيس حزب الاتحاد الصهيوني والعضو بالكنيست إسحاق هيرتسوج للتورط في متاعب إجرامية أم لا، فقد كُشف عن موقفه الإشكالي تجاه المعركة ضد الفساد قبل الانتخابات الأخيرة مباشرة، عندما تدخل لاستبعاد ضابط الشرطة السابق وعضو الكنيست عن حزب العمل موشيه مزراحي، الذي حقق مع هرتسوج بشأن تمويلٍ غير ربحي لحملة انتخاب إيهود باراك عام 1999. ليس الأمر أن هرتسوج أنظف كثيرًا من نتنياهو؛ بل يُمثل نسخة باهتة من رئيس الوزراء.تظل جزيرة واحدة من العقلانية وسط هذا البحر من الجنون؛ إنه الجيش الإسرائيلي. ليس لدى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال جادي أيزنكوت وقت لتلك الألعاب بسبب ضرورة الاستعداد للحرب. لذلك أصر على منع حدوث فراغ في منصب رئيس شعبة العمليات، بعد أن أُبعد الجنرال أوفيك بوخريس ليتولى أمور أخرى. فاستجاب نتنياهو، وموّه بتقديم الدعم لأيزنكوت، ثم طعنه في ظهره.لا يسعنا سوى حسد جيراننا إلى الشرق، المملكة الأردنية الهاشمية. فهناك، عندما وضع التاج على رأس شخص مشكوك فيه – مثلما حدث مع الأمير طلال، الذي يُقال إنه مصاب بانفصام الشخصية، بعد اغتيال الملك عبد الله الأول عام 1951 – اجتمع مجلس الحكام لإيجاد حل للحفاظ على تعقل البلاد.