محتوى مترجم
المصدر
Gulf News
التاريخ
2016/10/17
الكاتب
ديانا بوتو
بموجب النظام الحالي، الفلسطينيون هم بشر بدرجة أقل، يخضعون لقوانين مختلفة، ولكنهم يأملون أن يُسقِط مجلس الأمن تمثيليته الهزلية ويضع الأشياء بمسمياتها.

بتلك الكلمات رصدت المحللة السياسية الفلسطينية «ديانا بوتو» ملامح ما وصفته بالأبارتهايد الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، مُنتقِدة دور مجلس الأمن وعجزه عن إيقاف بناء المستعمرات الإسرائيلية، والمزيد من جرائم الحرب المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني.

المحللة الفلسطينية انتقدت أيضًا خلال مقالها السياسات الأمريكية ودورها في التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، وعدم اكتراث إدارة الرئيس باراك أوباما بمعاناة الفلسطينيين، حيث إنها أول إدارة أمريكية منذ عام 1967 تمتنع عن إدانة الإجراءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وتقول بوتو: «إن مجلس الأمن عقد جلسة خاصة من أجل مناقشة المستعمرات غير القانونية لإسرائيل، وفي نهاية الجلسة أدان مجلس الأمن مجددًا المستعمرات الإسرائيلية، مشيرًا إلى أنها تُجسّد حقيقة الدولة الواحدة».

وتضيف بوتو: «ونحن على مشارف العام الخمسين للحكم العسكري الإسرائيلي وإنكار الحرية الفلسطينية، فإن الجوانب الخاصة بتلك الجلسة تتلخص في أن الاجتماع كان عبارة عن إدانة دولية للسياسات الاستعمارية لإسرائيل، وسرقتها للأرض، وإنكارها المؤسف لحرية الفلسطينيين، وجميعها أشياء تبررها تل أبيب دون خجل».

وخلال ذلك الاجتماع، استمع مجلس الأمن إلى شهادة اثنين من المنظمات غير الحكومية الإسرائيلية، حيث أقرتا بأن قرابة 700 ألف مستعمر إسرائيلي يعيشون بين 2.3 مليون فلسطيني. لقد سمعنا أن قرابة 60% من أراضي الضفة الغربية تستولي عليها المستعمرات الإسرائيلية، إضافة لاستهلاكها كميات كبيرة من الماء.

لم تتم دعوة فلسطيني واحد إلى مجلس الأمن لوصف وحشية جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يتم محاكمته بأكثر من نسبة 2% من جرائمهم.

وتدّعي بوتو أنه على الرغم من أن الفلسطينيين هم ضحايا المستعمرين الإسرائيليين، لم تتم دعوة فلسطيني واحد للحديث عن الأثر الذي تركه هؤلاء المستعمرون على حياتهم. إننا لم نحضر أحداث 50 عامًا من ترويع الإسرائيليين للفلسطينيين بالأسلحة الآلية والمعسكرات المسلحة التي يدعمها في ذلك أحد أقوى الجيوش في الشرق الأوسط.

لم تتم دعوة فلسطيني واحد ليصف الهجمات اليومية للجيش أو المستعمرين على الفلسطينيين، والذين لا يتم محاكمتهم بأكثر من نسبة 2% مما يرتكبونه. لم يتم دعوة الفلسطينيين للحديث عن آثار سرقة الأراضي، وما تتخذه الحواجز الأمنية الإسرائيلية من إجراءات ضد الفلسطينيين أثناء سفرهم، والمنازل والمدارس الفلسطينية التي ينبغي هدمها لتمهيد الطرق أمام تلك المدن التي يقطنها الإسرائيليون فقط.

وهنا تكمن المشكلة: فالأمم المتحدة ودولها الأعضاء يبدو أنهم مهووسون بفكرة «حل الدولتين» أو «واقع الدولة الواحدة» للدرجة التي تجعلهم يتجاهلون أن حياة الفلسطينيين تتعرض لاضطهاد دائم من قبل إسرائيل.

بالنسبة للأمم المتحدة، فإن التهديد يتلخص في أن استعمار إسرائيل للأراضي يقوّض إنشاء دولة فلسطينية مستقلة؛ بمعنى أنه يقوض الحلم الفلسطيني. لكن المستعمرات الإسرائيلية بدأت في تقويض ذلك الحلم قبل 50 عامًا وليس بداية من اليوم، وواقع الدولة الواحدة لا يزال موجودًا منذ عام 1967. إن واقع الدولة الواحدة له اسم مختلف وهو: الأبارتهايد (نظام الفصل العنصري).

ووفقًا للأبارتهايد الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين هم بشر بدرجة أقل، يخضعون لقوانين مختلفة من بينها قوانين تجبرهم على تحمل محاكمات عسكرية تتسم أدلتها بالسرية، يخضعون هم وأطفالنا للتعذيب والعزل في مدن مختلفة وقيادة السيارات في طرق مختلفة.

لا يحق لهم الوصول إلى أراضيهم أو استخدام المياه بحرّية، أما الإسرائيليون فيُنظر إليهم أنهم أجدر منهم. هم محاصرون أرضًا وجوًا، ولا يقدرون على الوصول إلى البحر الذي تفصله أمتار قليلة عن منازلهم، يعيشون في مخيمات لاجئين تتعرض للقصف بشكل روتيني. عند زيارة مدنهم ومواقعهم المقدسة، يحتاجون للحصول على إذن من السلطات الإسرائيلية، ولا يمكنهم التصويت على من يحكمهم (أو في قضيتهم، على من يظلمهم).

بعد 50 عامًا من سماع البيانات نفسها من قبل منظمات غير حكومية مختلفة، وبعد إجبار دولة أخرى (جنوب إفريقيا) على تحمل قرابة 50 عامًا من الأرباتهايد، يتبادر إلى أذهاننا أن مجلس الأمن قد يعود إلى وعيه ويُسقط تمثيليته الهزلية، وأن يتمخض عن اجتماعاته توقف إسرائيل عن بناء مزيد من المستوطنات.

لن تتوقف إسرائيل عن بناء مستوطناتها، ومجلس الأمن يدرك ذلك، فهو سيستمر في مشاهدة الاعتداء، ليبدي بالغ قلقه فقط.

لن تتوقف إسرائيل عن بناء مستوطناتها، ومجلس الأمن يدرك ذلك، فهو سيستمر في مشاهدة الاعتداء، ليبدي بالغ قلقه فقط.

إن إدارة أوباما هي الإدارة الأمريكية الوحيدة حتى الآن منذ عام 1967 التي لم تُدن الإجراءات الإسرائيلية. لقد فشلت في وقف جرائم الحرب الإسرائيلية بما في ذلك ثلاث عمليات قصف على قطاع غزة في أعقاب انتخاب أوباما رئيسًا للولايات المتحدة عام 2008.

لقد فشلت الولايات المتحدة أيضًا في إدانة بناء المستعمرات الإسرائيلية وبدلاً من ذلك فقد منحت إسرائيل 38 مليار دولار، وهي أكبر حزمة مساعدات عسكرية في التاريخ على الإطلاق.

مجلس الأمن لم يمرر مشروع قرار ضد المستعمرات الإسرائيلية، حيث إن الولايات المتحدة ستمتنع عن التصويت عليه أو ستستخدم حق الفيتو ضده.

والسؤال هنا: في حال تأكدنا من أن الولايات المتحدة لن تصوت في صالح مثل ذلك القرار، فهل يعني أن تتسم بقية الدول الأخرى بالعجز في مواجهة الموقف الأمريكي المؤيد لجرائم الحرب الإسرائيلية؟.

الإجابة: (لا) بكل وضوح. فكما كانت الولايات المتحدة الدولة الأخيرة التي توقفت عن دعم نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، فستكون كذلك أيضًا مع الأبارتهايد الإسرائيلي. إن الدول الأعضاء بمجلس الأمن بحاجة لعدم الانتظار حتى حدوث ذلك الاحتمال، بل ينبغي عليهم الضغط من أجل فرض عقوبات ضد إسرائيل.

إن استضافة اجتماعات تتحدث عن واقع الدولة الواحدة لن تنهي الأبارتهايد الإسرائيلي، لكن العقوبات هي ما ستنهيه.