نبذة عن الكاتبة

هي تيتسوكو كويوياناغي

ولدت ونشأت في طوكيو تخرجت من قسم الصوتيات بجامعه طوكيو للموسيقى، انتخبت كأحسن ممثلة بالإذاعة والتلفزيون لخمس سنوات متتالية، وعملت على برنامج اسمه (مضيفة تيتسوكو) ونالت عليه أكبر جائزة للإذاعة التلفزيونية.

لديها العديد من النشاطات الخيرية مثل جمعية الرفق بالحيوان، ومديرة الصندوق العالمي لإنقاذ حياة الحيوان البري، وكانت سفيرة سلام اليونسيف عام 1984.


القصة الرئيسية

الرواية أشبه بقصة أطفال طويلة بسبب تقسيم الرواية إلى أجزاء قصيرة ذات أفكار سهلة يسهل إيصال الحكمة منها سريعًا إلى الإنسان. تدور القصة على لسان الطفلة توتوتشن التي تطرد من المدرسة بسبب وقوفها الطويل عند الشباك وتنتقل إلى مدرسة أخرى بعيدة بعض الشيء ويكون امتحان القبول في المدرسة الجديدة بشكل غير متوقع.

لم تتوقع الطفلة أن يطلب منها المدير التحدث بينما يأمرها الجميع بالصمت، لذا تحدثت توتوتشن لمدة تزيد عن الأربع ساعات بينما المدير يستمع!.


مدرسة ليست مثل أي مدرسة

منذ حديثها مع المدير عرفت الطفلة أن مدرسة توموي الابتدائية ليست مثل أي مدرسة، خاصة أنه لا توجد فصول للطلبة بل مبنى الاجتماعات وست عربات قطار تمثل كل عربة صفًا دراسيًا من الأول وحتى السادس ولا يزيد عدد طلاب المدرسة جميعًا عن خمسين طالبًا.

عربات القطار ليست الاختلاف الوحيد عن باقي المدارس بل لا يوجد لدى مدرسة توموي جدول حصص أو منهج ثابت بل يختار الطفل عدة مواد يمكنه التبديل بينها يوميا، ويبدأ بالتعلم الذاتي وحده في بعض الأجزاء و ترك أخرى للمعلم ويؤجل بعض المواد التي لا يحبها إلى نهاية اليوم، ويتخلل اليوم استراحات وأنشطة منوعة لا يشارك فيها إلا الطالب الذي أنهى حصته من دروس اليوم وقام بالمشاركة في نشاط مدرسي سواء التنظيف أو ترتيب الملفات.

قد يبدو نظام المدرسة فوضويًا ولكنه في الحقيقة محكم للغاية، خاصه لأطفال يعلم كل منهم ماذا يريد أن يدرس، ولكن لطالبة جديدة مثل توتوتشن في الصف الأول الابتدائي فقد شعرت بالضياع جراء عدم معرفتها لموادها المفضلة ونظام الحرية الجديد، ولكن سرعان ما اعتادت على تنظيم دراستها سريعًا كونها مثل أغلب الأطفال تتميز بصفاء الذهن.

لكن لنتخيل طرح هذا النظام على شباب الثانوية في أغلب الدول، فإنه غالبًا سوف يفشل لعدم قدرة الطلاب على تحديد ماذا يذاكرون ومتى دون توجيه أو عقاب أو جزاء.


الجانب الإنساني من المدرسة

ربما ما ركزت عليه الكاتبة بشكل كبير هو الجانب العملي، وهو على عكس المتوقع لا يشمل العلوم و طريقة التعليم المفيدة التي طرحتها مدرسة توموي بل ركزت على الجانب الأخلاقي والإنساني للأطفال وتعليمهم القيم، ليس عن طريق التلقين وضرب الأمثلة القديمة والحديثة بل بإدخالهم في خبرات إنسانية مباشرة وناتج هذه الخبرات هو بناء شخصية سوية قوية للأطفال ناتجة عن اقتناع بأغلب القيم.

وهنا تتحول القيم إلى شكلها الحقيقي الفعال من خلال عدة تجارب؛ مثل المشاركة في الجنازات والاحتفالات والتحضير لها معًا وتكريم العديد من الطلاب المتفوقين وذوي الاصابات.

باختصار كان كل فرد من مدرسة توموي مميزًا بحد ذاته والفضل يرجع إلى المدير الذي آمن بأهمية التعليم الابتدائي وآمن بالفطرة الخيرة لدى الأطفال.


رواية خيالية، ولكن

قد تكون رواية توتوتشن من أفضل الروايات التي قرأتها ولكن تملكتني رغبة قوية في معرفة نتيجة هذه الطريقة التعليمية.

هل سوف يظل الأطفال مميزين و متفائلين إلى ما لا نهاية؟

هل سوف ينجح نظام التعليم الحر؟

وانتهت الرواية للأسف قبل أن أعرف المستقبل التنبؤي للأطفال، ولكن المفاجأة كانت أن نتيجة التعليم في مدرسة توموي كانت في يدي منذ البداية؛ لأن الكاتبة تيتسوكو هي نفسها الطفلة الصغيرة من مدرسه توموي!.

وظهرت الحقيقة أن الرواية هي مذكرات قصيرة للكاتبة، ولكن بعقل طفلة صغيرة توضح مشاعر الأطفال بكل موضوعية وليس من وجهة نظر سيدة ناضجة وناجحة في عملها.

عند معرفة هذه الحقيقة يجب علينا مراجعة الرواية من البداية و قراءة كل موقف أخلاقي أو قاعدة تعليمية مبهرة كحقيقة وقعت ولسوف تندهش تمامًا من إمكانية إيجاد مدرسة مثل هذه على وجه الأرض.

المدرسه تم إنشاؤها عام ١٩٣٧ وأحرقت بالكامل أثناء الحرب العالمية عام ١٩٤٥٥، ولم يفقد مدير المدرسة الأمل في بناء المدرسة من جديد بل شارك في بناء جزء كبير لتعليم الأطفال في إحدى كليات طوكيو، وساهم في إنشاء مدرسة ابتدائية أخرى، ولكن في أثناء تحضير خططه لبناء المدرسة المثالية الجديدة على نظام توموي توفي الأستاذ كوباياشي مدير المدرسة عام ١٩٦٥ والبطل الحقيقي لهذه الرواية أو البطل لكل المتخرجين من مدرسة توموي.


تقول الكاتبة

الآن تكلمي في أي شيء تريدين.
لقد حاولت أن أصف طرق تعليم الأستاذ كوباياشي في هذا الكتاب: إنه يعتقد أن كل الأطفال يولدون مفطورين على طبيعة طيبة ولكنها من السهل أن تفسد على حسب الظروف والمؤثرات الخارجية، وكان قصده أن يكتشف طبيعتهم الطيبة وينميها حتى يكبر الأطفال بين الناس ولهم شخصيتهم الذاتية.

والآن بعد مرور العديد من الأعوام قام طلاب المدرسة القدامى بالتجمع في مكان المدرسة وأصبح اللقاء سنويًا ومختلطًا بين جميع الدفعات المتخرجة من المدرسة في سنواتها القليلة، وأوضحت الكاتبة أن جميع شخصيات الأطفال بلا استثناء هي شخصيات حقيقية وكلهم نجحوا في المدارس الثانوية والكليات ومنهم عالم فيزيائي بارز ورياضي مشهور والعديد من الأطباء والمهندسين، ولا ننسى أن الكاتبة اللامعة واحدة من طلاب المدرسة.

فهل هذه صدفة أن يصبح كل طلاب المدرسة شخصيات متوازنة وناجحة؟ حتى الطالب الوحيد الذي لم يلتحق بالكلية استطاع بمهارة إدارة أرض زراعية بسيطة وتحويلها إلى حدائق ومزارع كبيرة يسهم بها عدد كبير من العمال ويشرف عليهم.

إذًا هدف هذا المقال ليس فقط عن رواية توتوتشن بل أيضًا عن نظام تعليمي بسيط أخرج لليابان ثروة بشرية صغيرة متفائلة وناجحة ومتوازنة نفسيًا، ولا عجب أن تكون اليابان اليوم من مصاف الدول الكبرى بسبب قوتها البشرية.

لقد أدرك هذا البلد مفتاح التنشئة الحقيقية حتى لو لم يكن على نظام الأستاذ كوباياشي المثالي، فإن هذه الدولة على الطريق الصحيح، ونحتاج إلى تغير في أنظمة التعليم أولاً وليس مطالبة الأجيال بعد الكبر بالتكيف لملاءمة أوضاع جديدة.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.