يقول العقاد:

أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق.

ما الذي تحتويه هذه المجموعة من المقالات؟

الحقيقة أنني أؤمن تمامًا أن القراءة لا تتمثل في قراءة الكتاب ثم المضي قدمًا فحسب، فالعلاقة بين القارئ وكتابه علاقة مختلفة، علاقة صداقة تدوم وتستمر للأبد.

وأظن أن رحلة القراءة تبدأ معنا من محاولة فهم فعل القراءة، وكل ما يتعلق بها. لذلك هذه المجموعة من المقالات هي محاولة لمساعدة من لم يبدأ في القراءة بعد، أو بدأ بالفعل، لكنه يحتاج إلى تذكر بعض الأشياء المهمة في الرحلة.

تتكون هذه المجموعة من أربعة مقالات، تتعامل مع القراءة على أنها رحلة، بدايتها في المقال الأول بإدراك الغرض من القراءة، ومن ثم المرور بمراحلها، من معرفة كيفية اختيار الكتاب المناسب للقراءة في المقال الثاني، ثم كيفية قراءته لتحقيق أفضل ناتج في المقال الثالث، وختامًا بما يحدث بعد الانتهاء من قراءة الكتاب، بذكر كيفية صناعة ملخص له وكتابة مراجعة أدبية في المقال الأخير.

في كل مقال هناك تدريبات خاصة به، وأيضًا ترشيحات كتب للقراءة؛ لتكتمل بهذا كل العناصر التي سوف نحتاج إليها للاستمتاع برحلة القراءة.


ما القراءة؟

يمكننا أن نضع تعريفا بسيطا للقراءة، على أنها محاولة لفهم الحروف المكتوبة؛ من أجل تكوين معنى عنها، يساعد في الإدراك والفهم.

وبناءً على ذلك، أوضح أن الإدراك والفهم يعتمد في الأساس على مقدار ثقافة الشخص واستيعابه للكلام المكتوب. لذلك قد تجد نفسك عندما تقوم بقراءة كتاب معين، تصل إليك نسبة معينة من المحتوى، وعندما تعيد القراءة؛ تصل إليك نسبة أعلى من المرة الأولى، وهكذا بالتكرار.

يتعامل البعض مع القراءة على أنها هواية، وأن الإنسان يقرأ في وقت فراغه فقط، لكنني أؤمن أن القراءة يجب أن تكون جزءًا أساسيًا من حياة الإنسان، نشاطًا يوميًا يقوم به بشكلٍ اعتياديّ، بدايةً من قراءة الكتاب الديني الخاص به، ومرورًا بقراءة أي نوع آخر من الكتب.

كل المجتمعات التي تبحث عن التقدم؛ تهتم بالقراءة كعنصر رئيسي في تكوين الفكر الخاص بأفرادها، وتشجعهم على القراءة المستمرة.

القراءة تجعلك تجوب عوالم مختلفة، لم تعرف عن وجودها من قبل شيئًا، تجد نفسك تحيا في تجارب الآخرين وتتعلم منها. والأمر لا يقتصر فقط على قدرتك على فهم المعاني، بل أن تستفيد مما تقرأ في حياتك بالفعل، أن تجعل القراءة تساعدك على التطوير من ذاتك في كل المجالات الممكنة.


ما أهداف القراءة؟

يظن البعض أن القراءة عملية متشابهة في أهدافها، لكن ذلك ليس صحيحًا مائة في المائة؛ لأن القراءة لها العديد من الأهداف، وإدراكك للهدف من القراءة، يعني قدرتك على التعامل مع الكتاب بالشكل الصحيح. فعندما تخطئ تحديد أهدافك، قد تجد أنك غير راضٍ عن الكتاب الذي تقرأه، رغم أنه قد يكون من أفضل الكتب الموجودة من الأساس.

1. أهداف وظيفية: وهذا الهدف يتحقق عندما تقرأ عن العمل الذي تقوم به، كالطبيب يقرأ في مراجع طبية ليعرف عن كيفية علاج بعض الأمراض.

2. أهداف تطويرية: وهذا الهدف يتحقق عندما تقرأ رغبة في تعزيز موهبتك في شيء معين، مثل الكاتب الذي يقرأ من أجل تطوير كتابته، والوصول إلى مستوى أفضل.

3. أهداف معرفية: وهذا الهدف يتحقق عندما تقرأ من أجل الحصول على الاطلاع، والحصول على مزيد من المعلومات.

4. أهداف ترفيهية: وهذا الهدف يتحقق عندما تقرأ من أجل المتعة، والترويح عن ذاتك، مثل قراءة الحكايات القديمة.

5. أهداف واقعية: وهذا الهدف يتحقق عندما تقرأ من أجل التفاعل مع الواقع، كالشخص الذي يقرأ عن الزواج قبل إقدامه على هذه الخطوة، والأب والأم يقرءان عن التربية قبل الحصول على مولود.


لماذا يجب عليك معرفة أهدافك من القراءة؟

كما ذكرت في مقدمة الفقرة الماضية، إن معرفة الهدف من القراءة يساعدك على الاستفادة مما تقرأ، وكيفية اختيار الكتب المناسبة. وبالتالي فإن ما يحدث هنا هو أنك تحقق الفائدة التي تريدها، كما أنك تتجنب الوقوع في فخ الحكم الخاطئ على الأعمال الأدبية. فمثلًا يظن البعض حتى الآن أن قراءة الروايات لا فائدة لها، وهي من أكبر الاعتقادات الخاطئة في القراءة، لكن في الأغلب فإن هذا الشخص يربط دائمًا غرضه من القراءة بتحقيق المعلومات، وهذه ليست مهمة الرواية كفن أدبي، لذلك تحدث المشكلة بسبب ذلك.

وبناءً على ما سبق فإن معرفتك بأهدافك من القراءة، سوف يساعدك عندما تبدأ في الخطوة التالية، وهي اختيار الكتب التي تناسبك، لأنك سوف تتمكن من الوصول إلى ما تريد من خلال هذا الأمر.


تدريب المقال

فكرة التدريب: هو نشاط أو مجموعة من الأنشطة التي يؤديها الشخص عندما ينتهي من قراءة المقال، وهي مبنية على رغبة الشخص في التعلم، لذلك فإنه يؤدي النشاط بمفرده في المنزل ليتأكد من فهم المقال بالشكل الصحيح.

التدريب الخاص بهذا المقال سيكون تدريبا بسيطا جدًا، وهي أن يكتب الشخص مفهومه الشخصي حول القراءة، والأهداف التي يمكنه تحقيقها منها، مع مقارنتها بالأهداف التي ذكرناها في المقال.


قائمة المقال

لأن رحلة القراءة تحتاج إلى الزاد، وزادها بالطبع هو الكتاب، فخلال هذه القائمة ستجد مجموعة من الترشيحات، لكتّاب مؤثرين في عالم الكتابة، مع وجود أسماء كتب لهم لتقرأها أثناء الرحلة.

قائمة كل مقال تتكون من ترشيح لكتاب روايات وكتب وشعر عربي وروايات لكتّاب أجانب، والتنوع في الاختيارات جاء ليناسب كل الأذواق في القراءة، بحيث يجد كل شخص نوعه المفضل من الكتب.

الاختيارات في المجموعة هي اختيارات شخصية تمامًا، فبالتأكيد هناك الآلاف من الأسماء المؤثرة في عالم الكتابة، لكن كما ذكرت هي رؤية شخصية فقط في الترشيحات.

1. رضوى عاشور: روائية مصرية.

الترشيحات: ثلاثية غرناطة، الطنطورية، فرج.

2. نجيب محفوظ: روائي مصري.

الترشيحات: ثرثرة فوق النيل، الحرافيش، أولاد حارتنا.

3. أنيس منصور: كاتب مصري.

الترشيحات: حول العالم في 200 يوم، في صالون العقاد كانت لنا أيام.

4. أحمد خالد توفيق: أديب مصري.

الترشيحات: يوتوبيا، دماغي كدة، زغازيغ.

5. محمود درويش: شاعر فلسطيني.

الترشيحات: أثر الفراشة، في حضرة الغياب، لا تعتذر عما فعلت.

6. أحمد مطر: شاعر عراقي.

الترشيحات: لافتات «يتكوّن من سبعة أجزاء، ويمكن قراءة كل جزء بمفرده».

7. غابرييل غارسيا ماركيز: روائي كولومبي.

الترشيحات: مائة عام من العزلة، الحب في زمن الكوليرا.

8. راي برادبوري: أديب أمريكي.

الترشيحات: فهرنهايت 451، التواريخ المريخية.

9. دان براون: روائي أمريكي.

الترشيحات: شفرة دافنشي، ملائكة وشياطين، الجحيم، حقيقة الخديعة.

10. أجاثا كريستي: روائية إنجليزية.

الترشيحات: ثم لم يبقَ أحد، جريمة في قطار الشرق السريع، قضية ستايلز الغامضة.

تحدثنا في هذا المقال عن القراءة وأهدافها، في المقال القادم سوف نتحدث عن كيفية اختيار الكتاب المناسب للقراءة، ألقاكم على خير إن شاء الله.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.