الناس فى مصر متعودين على نوع من الإعلاميين بيتكلموا ودايمًا فى أسباب أو نية ورا كلامهم، لو بيحبوا حد بيرفعوه السما، ولو زعلانين من حد بيشتموه. فى جيل جديد من الإعلاميين المحترمين اللي بيراعوا ربنا في كلامهم. أتمنى الناس تعرف الفرق.
كريم خطاب.

وجه إعلامي شاب، لبق بشكل كبير، حقق انتشارًا جيدًا في الآونة الأخيرة. إذا دخلت على حسابه الخاص على موقع تويتر فستجد تلك التغريدة مثبتة منذ عام ونصف تقريبًا. وإذا كنت من قدامى المتابعين للكرة المصرية وفكرت فيما يقصد خطاب بالجيل القديم من الإعلاميين، ففي أغلب الظن لن يخرج تفكيرك عن اسمين: أحمد شوبير، ومدحت شلبي.

بالطبع إذا سألت خطاب عن الأسماء التي يقصدها بتلك التغريدة، فسيجيب بشكل دبلوماسي لينفي نفيًا قاطعًا أنه يقصد أحدًا بعينه. لكن دعنا نكتفي بذلك القدر الجيد من شجاعته، ونسأل سؤالًا آخر: لماذا قرر كريم خطاب أن يخوض ذلك التحدي من الأساس؟ وأين هو من الجيل الجديد من الإعلاميين؟

مذاكر كويس

منذ أيام كنت أشاهد إحدى حلقات كريم خطاب على قناة تايم سبورت، والتي استضاف فيها عمرو الدسوقي لاعب النادي المصري السابق. وصل بهم الحديث إلى فريق النادي المصري الذي ظهر فيه الدسوقي في منتصف التسعينيات.

استعرض خطاب قدراته في مجاراة الدسوقي باسترجاع عناصر ذلك الفريق، مثل إبراهيم المصري وعماد العمدة. ثم يخبره الدسوقي بناصر التليس، فيرد كريم: نعم في منتصف الملعب. يقول الدسوقي: هل تتذكر القط القديم، فيقول له: نعم، محمد القط الذي رحل بعد ذلك إلى بلدية المحلة.

هذا الموقف لم يكن الوحيد، بل يتكرر بمعدلات مختلفة في حلقات كريم خطاب مثل حلقته مع وائل القباني ومحمود أبو الدهب وبشير التابعي وأحمد صالح. وفي كل مرة يظهر حديث مشابه لحديثه مع الدسوقي أتذكر وصف أحد الأصدقاء لخطاب بأنه «مذاكر كويس».

هؤلاء الأشخاص الذين يكونون على دراية بخبايا الكرة المصرية في فترة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة عادة ما يكون لحديثهم نكهة خاصة هذه الأيام. هم أغلب الأحيان يكونون على صفحات النوستالجيا الكروية بمواقع التواصل الاجتماعي.

صحيح أن خطاب قد لا يكون على نفس القدر من القوة، لكن وجود شخص يحمل ولو مسحة بسيطة من هذا النمط شيء مميز ونادر بكل تأكيد. شيء يميزه عن كل إعلاميي الجيل القديم باستثناء شوبير، وعن أبناء جيله الذين إذا حاولوا إظهار قدرات مشابهة تكون مصبوغة بصبغة فريق الإعداد لا القدرات الشخصية.

بيت من كل قصيدة

أما عن الجيل الجديد فخطاب يحتل مكانة مميزة بينهم؛ لأنه شرب من كل نبع قطرة. فهو مهذب حاله حال إبراهيم عبد الجواد، ولكنه ليس روتينيًّا مثله، يعرف كيفية الحصول على الأسرار من ضيوفه، ولكن ليس بقسوة ومبالغة إبراهيم فايق، بل يقوم بذلك بقدرة مبهرة بكل أناقة دون إظهار أي ضغط على الضيف.

يتمتع بكاريزما كبيرة وثقة أمام الكاميرا كهاني حتحوت، ولكنه لم يقع في فخ الانتماء – حتى الآن – مثله. يعرف كيفية إدارة الحوار ومتى يقف ومتى يجعل الضيف يتكلم ولا يبلع طعم الفضائح بابتسامة وإيماءات غريبة مثل كريم رمزي.

جمع خطاب بين كل هذه المزايا بالرغم من أنه خريج كلية تجارة، وليس إعلام، ولم يبدأ مشواره بالبرامج الرياضية، بل بدأ ببرامج الفن. ولكن لماذا ورغم كل هذه المزايا لا يحتل خطاب مشهد الصدارة بين أبناء جيله من الإعلاميين حاليًّا؟

لا تقف في منتصف السلم

السبب الأول في بُعد كريم خطاب عن مشهد الصدارة حتى الآن هو ساعات الظهور المبالغ فيها بعض الشيء على الشاشة، سواء في تقديم برنامج سوبر تايم، أو في الاستديوهات التحليلية، أو في برنامجه الأسبوعي في الاستاد على نجوم إف إم.

«ملء الهواء» إن صح التعبير ليس بالمهمة السهلة، وله رواده في الإعلام المصري، وعلى رأسهم مدحت شلبي بحضوره الطاغي. الأمر يتطلب استضافة نجوم «Class A» بشكل دائم ودوري ثري ومثير متعدد الأحداث يخلق حالة لا تنتهي من الجدل الدائم. الأمر لا يتوفر في كريم خطاب.

السبب الثاني هو بطيء تطور خطاب فنيًّا وعدم اهتمامه بزيادة وعيه التكتيكي ودرايته بتفاصيل كرة القدم العالمية حتى الآن. يمكنك ملاحظة ذلك بسهولة في حلقاته مع محللي الأداء المتمكنين مثل: أحمد عز.

يجب على خطاب عدم ارتضاء وضعه الحالي حتى وإن كان متميزًا بعض الشيء. فالوسط الرياضي المصري سهل التميز فيه لضعف المنافسة والبقاء في المنطقة الآمنة فيه مغرٍ تمامًا. عليه أن يستغل تقدمه الحالي على أبناء جيله في سلم المنافسة الآن الذي يقف في منتصفه.

لأنه لو لم يفعل ذلك فسينزل درجات كثيرة في السلم الذي سيكون مكتظًا بالفعل بعد 10 سنوات. فلن يكون هناك صراع شلبي وشوبير الذي بدأ في التلاشي بالفعل هذه الأيام بعد أفول نجم كل منهما مؤخرًا. ستتسع دائرة الصراع لتشمل فايق وعبد الجواد وخطاب وعفيفي وحتحوت، سيكون الأمر أشرس بكل تأكيد.