هذا التقرير جزء من مشروع «الحج إلى واشنطن» الذي أنجزه فريق ساسة بوست لتغطية أنشطة لوبيات الشرق الأوسط في الولايات المتحدة بين 2010 و2020. ومعظم المعلومات الواردة في التقرير تستندُ لوثائق من قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل الأمريكية، تتبع لقانون «تسجيل الوكلاء الأجانب (فارا)»، الذي يُلزم جماعات الضغط بالإفصاح عن أنشطتها وأموالها، وكل الوثائق متاحة للتصفح على الإنترنت.

يقدم حزب الانتماء اللبناني نفسه بوصفه حزبًا سياسيًّا شيعيًّا معتدلًا. لبناني المبتدأ والمنتهى، وصوتًا معارضًا لهيمنة حزب الله وحركة أمل على الطائفة الشيعية في لبنان. وكما يعلن في وثيقته الفكرية السياسية هو صوت معارض للفساد والترهل السياسي في لبنان، ويقدم نفسه عدوًّا للحركات «المتأسلمة»، التي تعطي إسرائيل ذريعةً لضرب الحدود الجنوبية للبنان، وينادي بأنه لا سلاح إلا سلاح الجيش.

ومرتكزًا على هذه المبادئ؛ أعلن أحمد الأسعد، المؤسس والأمين العام، تأسيس حزب الانتماء عام 2010، بعد أن نشط الحزب على امتداد الجنوب اللبناني وعرف باسم «تيَّار لبنان الكفاءات»، يتبنى العلمانية أيديولوجيًّا، والليبرالية سياسيًّا واقتصاديًّا. فماذا يفعل «تيار الكفاءات» في العاصمة الأمريكية برفقة صهيوني أمريكي؟

في هذا التقرير نستعرض جهود الضغط السياسي للتيار في واشنطن، ونحكي تاريخ الحزب وقصته.

مجموعة فريدلاندر… البوابة للتمويل الأمريكي

وردَ اسم الحزب الصغير عددًا والكبير في تطلعات مؤسسه، في سجلات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، «فارا»، بوزارة العدل الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، متعاقدًا مع شركة «مجموعة فريدلاندر– Friedlander Group»، لخدمات الضغط السياسي.

تعاقد أحمد الأسعد مع مجموعة فريدنلاندر
من تعاقد أحمد الأسعد مع «مجموعة فريدنلاندر»، ويظهر في الصور توقيع الأسعد.

وتوحي قائمة زبائن الشركة وخدماتها ومشروعاتها بوزن وحضور قويين في أروقة الكونجرس الأمريكي، والشركة مملوكة لعزرا فريدلاندر، مؤسس الشركة ومنفذ الخدمات الرئيس فيها، وهو يهودي أرثوذكسي، وينشط سياسيًّا لتعزيز المصالح الإسرائيلية في الولايات المتحدة.

في محاولة لمنافسة حزب الله وحركة أمل على قلوب أهل جنوب لبنان وعقولهم، جاء تعاقد أحمد كامل الأسعد مع فريدلاندر لتحقيق هدفين محددين، وفقًا للوثائق، هما: تمثيل مصالح الحزب ورئيسه في الكونجرس الأمريكي والمؤسسات الأخرى، إلى جانب السعي لتحصيل تمويل من «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)»، وخصوصًا أن الرجل يؤمن، كما أشار تقرير لصحيفة «الأخبار» اللبنانية، إلى أن انتشار القوى السياسية الشيعية البارزة سببه خدماتها للناس، وإلى وجود متفرِّغين لديها، فضلًا عن خدماتها السياسية الحقيقية التي لا يقدمها حزبه، ما يفسر سعي الحزب المستمر للحصول على التمويل ليستطيع المنافسة.

يبدو أن الحزب الذي يعاني منذ وقت طويل من أزمة الكوادر والتمويل التي تعوقه عن المنافسة مع خصميه، وجد ضالته في شركة فريدلاندر المسجلة في نيويورك. ونظرًا إلى أن مديرها ومالكها من الشخصيات النافذة في عالم واشنطن السياسي، ويتمتع بشبكة علاقات واسعة مع أهم الشخصيات والمؤسسات الأمريكية، فالرجل الذي قاد جهود قانون منح ميدالية الكونجرس الذهبية للرئيس المصري الراحل، أنور السادات، عام 2018 «تقديرًا لإنجازاته البطولية وإسهاماته الشجاعة في السلام في الشرق الأوسط»، يرتبط بكبرى مؤسسات التمويل الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى صلة قوية، كما تشير لذلك نشاطاته، مع عدد من أهم نواب وشيوخ الكونجرس الأمريكي.

ولذا خلال ستة أشهر من التعاقد بين الطرفين، سعت شركة فريدلاندر للتواصل مع أعضاء كونجرس غالبيتهم من الحزب الجمهوري لحساب حزب الانتماء اللبناني. وتواصلت والتقت أعضاء في لجان المخصصات، والشؤون الخارجية، وكلتاهما تشرفان على قيمة المساعدات الأمريكية وحجمها ونوعيتها. كما تواصلت الشركة مع السيناتور الجمهوري ديفيد بيردو، رئيس لجنة إدارة الدولة وإدارة الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، بغرض التعريف بأفكار أحمد الأسعد وحزبه، وتوفير الدعم المادي له، وقد دفع الحزب مقابل هذه الخدمات 5 آلاف دولار أمريكي فحسب.

وتشير سجلات لاحقة تعود إلى عام 2017 إلى أن الشركة ذاتها قدمت خدمات ضغط سياسي وبحث عن تمويل لمنظمة خيرية لبنانية باسم «جمعية إنقاذ الأجيال الصاعدة– Saving the Next Generation»، وتعود المنظمة لأحمد الأسعد مؤسسها ومديرها، وتهدف إلى إنقاذ الشباب اللبناني من «التطرف الديني»، وتذكر السجلات تلقيه 6 آلاف دولار بنهاية 2015، تلتها 12 ألف دولار مطلع عام 2016، وبذلك يكون مجموع ما دفعه الحزب لمجموعة فريدلاندر يصل إلى 23 ألف دولار في المُجمل.

عزرا فريدلاندر… عرَّاب السياسة اليهودية الأرثوذكسية في واشنطن

مالك الشركة، رجل في منتصف العمر. طويل القامة ذو لحية طويلة غير مرتبَّة، بُنِّية اللون تميل للحمرة، وجسم ممتلئ، ذو بشرة بيضاء. أمريكي الجنسية، يهودي الديانة، أرثوذكسي الطائفة. ابن لعائلةٍ متدينة، من الناجين من محارق الحروب الأوروبية وتعود أصولهم لهنغاريا.

وفريدلاندر من قادة يهود أمريكا الأرثوذكس، واسم مهم في الجالية اليهودية لعلاقاته المتشعبة ونشاطه المجتمعي والسياسي في سبيل مصالح أبناء جاليته، ورجل يؤمن بضرورة رعاية إسرائيل وتسخير كل ما هو ممكن ومتوفر في سبيل هذه الغاية. ولا يتوانى أبدًا عن نقد ومهاجمة كل من يخلُّ بهذا المبدأ ممن يفترض أنهم محسوبون على الفضاء اليهودي الأمريكي، ومن ورائه إسرائيل.

يعود اهتمام فريدلاندر بالسياسة إلى وقتٍ مبكر من حياته، ففي طفولته سمع عن قصة 400 حاخام يهودي أمريكي انتظروا لساعات طويلة خارج أسوار البيت الأبيض في محاولة للقاء الرئيس الأمريكي الأسبق، فرانكلين روزفلت، الذي رفض لقاءهم، واعتقد الفتى الصغير وقتها أن الانخراط في كافة المستويات السياسية الأمريكية والاشتباك معها يجب أن تكون أولوية لليهود الأرثوذكس، وهي القناعة التي تعكسها نشاطاته في أروقة الكونجرس ومجموعة الضغط التي أسسها لهذه الغاية.

بوصفه رجلًا يؤمن بأهمية سلام إسرائيل في محيطها، ويشجع أي «اتفاق سلام» لها مع جيرانها العرب، شكَّل مجموعة ضغط سياسي من قادة المجتمعات اليهودية الأرثوذكسية في الولايات المتحدة نجحت بعد عامين من العمل المتواصل في تأمين تصويت 270 عضوًا في الكونجرس لمنح الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، ميدالية الكونجرس الذهبية عن «شجاعته وجهوده لإحلال السلام بين مصر وإسرائيل».

عمل عزرا على القرار بمساعدة شخصيات أخرى من خارج الدوائر السياسية الأمريكية، مثل رجل الأعمال المصري شفيق جبر، والإسرائيلي من يهود سوريا إسحاق مورس دباح مدير شركة «دلتا الجليل» لصناعة الملابس في مصر والأردن، إضافة إلى تزيلي كارني زوجة ليون كارني مستشار مفاوضي اتفاقية كامب ديفيد.

كما أنّ الفضل يعود له أيضًا في تشكيل مجموعة ضغط من شيوخ ونواب الكونجرس لعبت دورًا أساسيًّا في بناء الدعم الأمريكي المالي والتقني لبرنامج القبة الحديدية الإسرائيلي. وكان فريدلاندر وراء الجهود الناجحة لتكريم شيمعون بيريز بميدالية الكونجرس الذهبية، وقاد جهود الضغط السياسي لمعارضة سياسة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، تجاه إيران والاتفاق النووي معها، وضغط ضد أي محاولة لإدانة إسرائيل في أروقة الأمم المتحدة.

ويمتدّ اهتمام الرجل ليتناول قضايا اليهود في كل مكان في العالم تقريبًا، فمرَّة يحتجُّ على إساءة بعض الساسة الأوروبيين لذكرى المحرقة النازية، ومرَّة يدعو أبناء مجتمعه من اليهود الأمريكيين للانخراط أكثر في الانتخابات الأمريكية، كما يدعوهم لتنويع انتماءاتهم الحزبية بين القطبين الديمقراطي والجمهوري حتى يكونوا ذوي صوت مؤثر في السياسة الأمريكية. وبهذه الرؤية أسس فريدلاندر شركته في نيويورك لخدمات الضغط السياسي عام 2011، التي اختارها أحمد الأسعد لتمثيله وتقديمه للدوائر السياسية في الولايات المتحدة.

المال الأمريكي من بوّابة اللوبي الإسرائيلي

متحدرًا من عائلة سياسية عريقة تراجعت مكانتها في السنوات الأخيرة على الساحة السياسية اللبنانية، تساءل أحمد كامل الأسعد عمَّا يمكن فعله لاستعادة المكانة الاجتماعية التي كان يحظى بها والده وجده قبله. فالأب كامل بك الأسعد الذي توفي عام 2010 تقلَّد منصب رئاسة مجلس النواب اللبناني لثلاث دورات بلغ مجموعها أكثر من 14 عامًا، والجد أحمد عبد اللطيف الأسعد المتوفى عام 1961 كان نائبًا ورئيسًا لمجلس النواب ووزيرًا لوزارات متعددة.

لم يكن أحمد الابن بمثل حظ والده وجده من المكانة السياسة لأسبابٍ لا متسع لسردها هنا. ففي الوقت الذي شهد فيه لبنان صعود نجمي حزب الله وحركة أمل في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي على حساب عائلة الأسعد التي كان لها نفوذ سياسي لوقت طويل في تاريخ جبل عامل، كان على أحمد محاولة بناء مجد سياسي لنفسه من خلال حزبٍ ما، وإن كان متكئًا على إرثه العائلي في الوقت نفسه. ليطلق حزب الانتماء اللبناني، الذي في اسمه إشارة إلى مرجعية الحزب اللبنانية الصرفة، مقابل عروبية حركة أمل، والمرجعية الإيرانية لحزب الله.

إلا أن عجز أحمد الأسعد عن أخذ مساحته في لبنان الذي يعجُّ بالحركات والتيارات والأحزاب السياسية دفعه باكرًا للجوء إلى الجوار العربي، وتحديدًا المملكة العربية السعودية، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام مُعارضة للحزب، ليحصل على تمويل لحزبه أثناء انتخابات عامي 2005 و2009، وذلك قبل أن يتجه نحو الولايات المتحدة مستعينًا بشركة فريدلاندر علَّه يجد ضالته في واشنطن.

ويستعين في ترويجه لنفسه بالأفكار التي يطرحها حزبه وقد تغري صنَّاع السياسة الأمريكيين بها، خصوصًا المواقف السياسية ذات العلاقة بحركات المقاومة المسلحة ضد إسرائيل عمومًا، وبحزب الله خصوصًا الذي هاجمه الأسعد إعلاميًّا أكثر من مرَّة في الصحافة الأجنبية.

ففي مقالة له عد أن اتفاق إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، النووي مع إيران يشكِّل «دمارًا نوويًّا لمستقبل» لبنان؛ إذ يرى أن الاتفاق سيوفر لإيران كثيرًا من السيولة المالية التي بدورها ستنعش أحزابًا وحركات في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني، وحركة حماس في فلسطين، والحوثيين في اليمن، والصدريين في العراق، ما يعمق التوتر في المنطقة ويعوق تقدمها ويضع على المحك مستقبل أبنائها.

دخل الأسعد الحياة السياسية اللبنانية مرشحًا عن إحدى المناطق الخاضعة خضوعًا شبه كامل لنفوذ حزب الله وحركة أمل، في الانتخابات البرلمانية التي أعقبت خروج سوريا من لبنان عام 2005، ولا يتوانى الأسعد عن نقد سياسة الحركتين داخليًّا وخارجيًّا. ففي السياسة الداخلية يؤمن الرجل أنه «في ما يخص بدعة الأحزاب والأنظمة التي تدعي أن كل المشكلات التي يعاني منها مجتمعنا هي نتيجة المؤامرة الصهيونية والإمبريالية»، ما هي إلا «ذريعة تختبئ وراءها هذه الأحزاب والأنظمة لكي لا تواجه الحقيقة المتمثلة في أنها أنظمة وأحزاب فاشلة غير قادرة على تطوير مجتمعاتها في عصرنا هذا».

ومواقف الحزب تعبِّر عن رفضه حالة المحاصصة الطائفية والتوريث العائلي التي تقود إلى ترهل في مؤسسات الدولة. وتعوق تقدُّم الأصلح والأكثر نزاهة للمناصب الحساسة. فهو يؤمن «أن كل دول العالم التي تطوَّرت، حققت تطوُّرها لأنها، في مرحلة ما في تاريخها، أتت بقيادات وأحزاب نوعية إلى مراكز القرار». لذا بحسبه، لا يمكن القضاء على هذا الفساد إلا من خلال «إيصال طبقة سياسية تتمتع بالأخلاق والنزاهة، إلى الحكم ومراكز القرار، لتكون قدوة يحتذى بها في المجتمع»، فالمجتمع كما يقول الحزب، يكون بحسب قيادته.

أمَّا خارجيًّا لا يبتعد الحزب ومؤسسه عن مواقفه الداخلية من سياسات حزب الله، فيرى أن سلاح حزب الله هو أحد أسباب عدم الاستقرار المستمر داخليًّا بسبب ارتباطاته الإيرانية، وموقف الحزب من إيران ومن حركات المقاومة في المنطقة يتوازى مع مواقف الليبرالية الغربية من تجريمها ووصفها «بالإرهاب».

وتحت بند السياسة الخارجية، يعتمد حزب الانتماء خطًّا عامًّا يقوم على «الدفاع عن السيادة اللبنانية واسترجاع الحقوق العربية من إسرائيل» باعتماده تصورًا للعلاقات الدولية تشكَّل بعد هجمات 11 سبتمبر، وسمح لتقاطع أكبر للمصالح العربية الأمريكية يجب استغلاله، خصوصًا أن أهم نقاط التقاطع هي العداء للحركات «المتأسلمة» كما يسميها الحزب. وعلى جبهة الصراع مع إسرائيل يرى «أن الصراع العسكري مع إسرائيل ليس الصراع المناسب للوصول إلى استعادة الحقوق اللبنانية والعربية، بل العكس هو الصحيح؛ إذ إن استمرار هذا الصراع العسكري يعطي إسرائيل الذريعة المطلوبة من أجل تبرير وجودها والقيام بالمزيد من الحروب والمجازر».

وتكتسب خدمات فريدلاندر أهميتها لأنها في عام 2015، الذي شهد تحركًا نشطًا في أروقة الكونجرس بخصوص فرض تشريعات من شأنها تتبع قنوات تمويل حزب الله وقطعها، فمن ناحية السيناتور ماركو روبيو، الذي التقى به عزرا فريلاندر لحساب حزب الانتماء، قدم مشروع قرار ذلك العام لمحاصرة مصادر تمويل حزب الله، كما أن النائب الجمهوري، إد رويس، العضو في لجنتي الشؤون الخارجية والخدمات المالية قدم كذلك مشروع قرار بالموضوع نفسه في العام نفسه.

وربما تفسر هذه التشريعات لقاء شركة فريدلاندر بأعضاء اللجنة القضائية مثل السيناتور كين باك، وزميليه ستيف شابوت، وريتشاد بلومنتال، لصالح أحمد الأسعد وحزبه، وهي اللجنة ذات الدور الحاسم في الإشراف على وزارة العدل والوكالات التابعة للوزارة، بما في ذلك «مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)»، ووزارة الأمن الداخلي، وتلعب دورًا مهمًّا في التشريع وفرض العقوبات على الأفراد والهيئات.

من العمل السياسي للجمعيات الخيرية

بالعودة لحزب الانتماء، فإن خطابه يميز بين «إسرائيل متطرفة»، وأخرى مسكوت عنها، ما يلمح ضمنًا لعدم وجود إشكال لدى الحزب وقيادته في التعامل مع «إسرائيل غير متطرفة» عبر قنوات مختلفة، وربما تفسر هذه النظرة إلى إسرائيل استعانة الأسعد بشركة خدمات ضغط سياسي مالكها ومديرها من الشخصيات الصهيونية النشطة في واشنطن، بدلًا من استئجار شركة أخرى تقدم خدمات مماثلة.

وتفسر هذه الرؤية لإسرائيل التواصل مع شيوخ جمهوريين من كبار المناصرين لإسرائيل في مركز صناعة القرار الأمريكي كالسيناتور ديفيد بيردو، وماركو روبيو، أو السيناتور اليهودي ريتشارد بلومينتال، العضو في لجنتي الخدمات المسلحة والقضائية.

يبدو أن تاريخ أحمد الأسعد مع قنوات الاتصال الأمريكية– الإسرائيلية عبر بوابة شركات الضغط السياسي لا يلاقي قبولًا من عائلته، خصوصًا والده الذي أصدر بيانًا يدين فيه اتصالات ابنه السياسية بالإدارة الأمريكية، ويرى والدهُ بحسب البيان، أن «إسرائيل رأس الحربة»، ويذكر الأب أن زعامته ونيابته ورئاسته، «انطلقت من صميم المجتمع اللبناني الجنوبي وإرادته الحرة، وعملت من أجل مصالحه، ولم تنطلق من الولايات المتحدة التي وصفها بأنها الخصم الشرس، وأن إسرائيل هي فقط رأس الحربة».

اليوم وبعد سنوات من المحاولات لاقتناص موقع سياسي، يبقى حزب الانتماء بقيادة أحمد الأسعد، حزبًا متواضع الحضور على الساحة السياسية اللبنانية. تنقطع حبال الوصل بينه وبين بيئته المحلية في الوقت الذي تتصل فيه مع أروقة واشنطن وشركات الضغط السياسي الصهيونية دون جدوى تذكر حتى الآن.

وفي المقابل يبرز تركيز أحمد الأسعد وحزبه في السنوات الأخيرة على مؤسسته الخيرية وتوفير التمويل لها منذ عام 2014 ليتمكن من مساعدة أبناء الجنوب بتأمين منح دراسية وبرامج تبادل ثقافي؛ إذ تتلقى الجمعية دعمًا سنويًّا من واشنطن لنشاطاتها المجتمعية كونها مصنفة من قبل نظام للإعفاء الضريبي الأمريكي ضمن برامج التبادل الدولي للطلاب والمساعدات تحت فئة الأمن الدولي والشؤون الخارجية والأمن القومي. ويبدو أن الحزب عاد لموقعه الطبيعي في المعادلة السياسية اللبنانية.

هذا التقرير جزءٌ من مشروع «الحج إلى واشنطن»، لقراءة المزيد عن «لوبيات» الشرق الأوسط اضغط هنا.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.