يُقدر أحد أجهزتنا الاستخبارية أن 80% من مشاكلنا الأمنية يقف وراءها النظام الإيراني، فالنظام ما يزال يهدد إسرائيل بالإبادة. فقد كان واضحًا لنا منذ أول لحظة أن إيران هي التي تقف وراء عملية استهداف السفارة الإسرائيلية في الأرجنيتين. إن إيران بادرت لها وخططت لها ونفذتها وتابعها حزب الله، فهناك ضرورة لمكافحة هذا الإرهاب لأنه مجرد ذراع من أذرع العدوان الإيراني.

تصريح لبنيامين نتانياهو في مراسم أقيمت في مقر وزارة الخارجية الإسرائيلية، إحياءً للذكرى الـ ٢٥ للعملية التي استهدفت السفارة الإسرائيلية في بوينس آيرس في الأرجنتين.

هكذا أثارت إيران الخوف والقلق في أنفس الكيانات والقوى الدولية والإقليمية، وبخاصة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، فإيران لا تعتمد على الحركات المسلحة فقط في سبيل بسط نفوذها، بل تسعى أيضًا إلى حشد قواها وتطوير أسلحتها النووية، حتى باتت هي وذراعها «حزب الله» العدو الأوحد الذي يهدد أمن إسرائيل واستقرارها.


لبنان ساحة المعارك

لطالما وضعت إيران الملفات الملتهبة في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين نصب عينيها، وسعت إلى زرع الحركات والكيانات التي تدعمها من أجل تحقيق أهدافها. ويُعد حزب الله اللبناني هو «الابن الشرعي للثورة الإسلامية» على حد وصف السفير الإيراني السابق محمد حسن اختيري، ووكيلها الذي يخضع لرغباتها، والذي أكد أنه بدون شبكة العلاقات الخاصة التي تكونت بين إيران وسوريا وفلسطين ولبنان لم تكن طهران لتتحرك بالسلاسة نفسها وبشكل مباشر في لبنان أو مع الفصائل الفلسطينية.

فباتت لبنان هي ساحة المعركة التي تتنازع فيها القوى الإقليمية والدولية، والورقة التي يتلاعب بها الأطراف، كُل وفق مصلحته، سواء كانت الحرب حربًا باردة مُقتصرة على التهديدات والتوعدات، أو حربًا اقتصادية قائمة بالأساس على فرض العقوبات أو الحرمان من المساعدات، أو حربًا عسكرية كحربها الأخيرة في عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، والتي دعّم فيها كلا الطرفين أطرافًا دولية أخرى، فمنحت الولايات المتحدة إسرائيل الضوء الأخضر كي تفعل ما يحلو لها من أجل كسر ذراع إيران، ودعمت إيران حزب الله في المقابل.


لماذا تخشى إسرائيل حزب الله؟

لا أحد على ما يبدو في أوقات السلم على استعداد أن يقدم لإسرائيل اقتراحًا بناءً حول كيفية التعامل مع منظمة إرهابية إيرانية تمتلك ترسانة ضخمة على حدودها الشمالية.

تصريح يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق في إسرائيل، في لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في صيف عام 2013

يعتبر حزب الله حتى الآن الفاعل العسكري العربي الوحيد الذي أجبر إسرائيل على الانسحاب العسكري مرتين في عامي 2000 و2006. لذا، فإسرائيل تعلم جيدًا حجم ما يمتلكه حزب الله من قوة بشرية هائلة وترسانة أسلحة ضخمة، ومدى تهديد ذلك وخطورته على أمنها القومي.

ففي مقالة كتبها الصحافي «ويلي ستيرن» في «ويكلي ستاندرد»، أشار إلى أن حزب الله لديه ترسانة ضخمة تحتوي على أكثر من 130 ألف صاروخ بعيد المدى، ويشمل الرقم الصواريخ الباليستية بعيدة المدى M-600، التي تحمل رءوسا متفجرة بزنة 500 كيلو جرام. بالإضافة إلى 100 ألف صاروخ قصير المدى. أي تمتلك أكثر مما تمتلكه دول الناتو مُجتمعة باستنثناء الولايات المتحدة.

كما نشرت مجلة «جينز البريطانية» المتخصصة في شئون الدفاع والتسلح أن حزب الله لديه القدرة في الوقت الحالي على أن يُصوب مائتي صاروخ ذات قوة تدميرية نحو كل مدينة إسرائيلية، وأن حزب الله نشر صواريخ أرض أرض متطورة من طراز M-600 على الأراضي اللبنانية والتي تصل بشكل كبير لمناطق واسعة في إسرائيل ولديها القدرة على التصويب الدقيق للأهداف والتدمير المُروع لمدن إسرائيلية.


مؤشرات حرب لبنانية جديدة

للحرب القادمة مؤشرات لا تنفك عن كونها جرس إنذار لحرب أكثر تدميرًا وسوءًا من الحرب السابقة، إذ يعتبر بعض المحللين أن اندلاع الحرب على الأراضي اللبنانية مسألة وقت لا أكثر، وأن المؤشرات باتت تتداعى بالشكل الذي يرجح بشدة سيناريو الحرب.

1. الحرب الكلامية بين إيران والولايات المتحدة

إن أي اعتداء عسكري من قبل أمريكا على إيران سيُقابَل بضرب تل أبيب بالصواريخ الإيرانية، التي لا تحتاج سوى سبع دقائق للوصول إلى تل أبيب، بالإضافة إلى تدمير القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في المنطقة.

تصريح عضو لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في البرلمان الإيراني «مجتبى ذو النور».

تأتي التهديدات الإيرانية في سياق الحرب الكلامية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، والتي بدأها ترامب أثناء حملته الانتخابية، ولعل أشهر المواقف له ضد إيران حين انتقد أداء إدارة أوباما مع إيران والاتفاق النووي الذي اعتبره اتفاقا كارثيا لابد من تفكيكه، بالإضافة إلى إشارته في أكثر من سياق إلى أن إيران تلعب بالنار، وأنه لا يستبعد أي خيارات في التعامل مع سياساتها العدائية.

وفي خطوة أكثر تصعيدًا فرضت إدارة ترامب عقوبات على نحو 25 شركة وشخصية إيرانية وغير إيرانية مهتمة بالتعامل مع إيران في إطار تطوير برنامجها الصاروخي، ويرجع ذلك إلى قيام القواعد الإيرانية بإطلاق صاروخًا بالستيا جديدًا، بالإضافة إلى إعلانها في وقت سابق عن قرب الكشف عن خمسة إنجازات عسكرية في مجالي الدفاع الجوي والبري، فضلاً عن قيام الحرس الثوري بمناورات «الدفاع عن الولاية» ويشمل ذلك إطلاق الصواريخ.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة على أتم الاستعداد في أن تخوض حربًا مع إيران تعطي إسرائيل فيها الضوء الأخضر وتقدم لها كل الدعم، كما فعل بوش عندما أعطي إسرائيل الحرية الكاملة لها في حربها على لبنان 2006، إذ مثّلت إيران بالنسبة لأمريكا في ذلك الوقت قبلة التيارات الإسلامية المعادية لها، وذلك على خلفية أحداث 11 سبتمبر وحرب الولايات المتحدة على «الإرهاب».

2. تأجج العداء بين إسرائيل وحزب الله

زعيم حزب الله حسن نصر الله في مقابلة على القناة الأولى الإيرانية

في فبراير/شباط الماضي، نُشر على موقع العهد الإخباري تهديدًا لزعيم حزب الله حسن نصر الله، وذلك في ذكرى الشهداء القادة، بضرب المفاعل النووي الإسرائيلي في جنوب مدينة ديمونا وخزان الأمونيا في مدينة حيفا الشمالية، وقام نصر الله بسرد مواقع تسعة يستهدفها حزب الله في حربه القادمة مع إسرائيل، ولم يكتفِ بنشر صور لتلك المواقع، بل أشار إلى كيفية العمل بها وعدد المباني ومما تتكون وما تحتويه من أسلحة نووية وصواريخ باليستية، بالإضافة إلى استعراضه لمواقع أبحاث الأسلحة النووية الخاصة بالسلاح الإسرائيلي.

وجاء رد إسرائيل على لسان وزير الاستخبارات الإسرائيلية «يسرائيل كاتس»، قائلا: «إن الأيام التي امتنعت فيها إسرائيل عن ضرب البنية التحتية للبنان قد ولت، وإذا تجرأ حزب الله على قصف العمق الإسرائيلي فسترد إسرائيل بضرب كل الأهداف المتاحة في لبنان». كما ناشد كاتس المجتمع الدولي بضرورة فرض العقوبات على حزب الله وممارسة الضغط على إيران حتى تتخلى عن دعمها وتمويلها لحزب الله.

3. التصعيد الأمني في مخيم عين الحلوة وبرج البراجنة

هناك دعم إيراني لحزب الله في إطار دعم المقاومة، وهذه المساعدة تحولت إلى ما يوصف بمحاربة الإرهاب في سوريا، وقد يكون ذلك إلى أمد لا نعرفه فمن الممكن أن يستمر.

تصريح الرئيس اللبناني ميشال عون في مقابل مع صحيفة للشرق الأوسط السعودية

ربط بعض المحللين في لبنان تصريحات ميشال عون الأخيرة وتأييدها لحزب الله بما شهده مخيم عين الحلوة وبرج البراجنة في الأسابيع الماضية من تصعيد أمني واندلاع اشتباكات عنيفة أسفر عنها أضرار مادية وإصابة بعض الجرحى، واعتبروا أن ما تشهده لبنان من اضطرابات في أكثر من منطقة ما هو إلا محاولة من إسرائيل لبث القلاقل في لبنان وجر البلاد إلى حرب داخلية بدس بعض العناصر التي تثير الشغب دون أن تظهر إسرائيل في الصورة.

وفي هذا السياق، دعا قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون العسكريين في أول خطاب له بعد تعيينه في 8 مارس/آذار، إلى الاستعداد لمواجهة الأطماع والمخططات التخريبية الإسرائيلية، على حد وصفه.

4. إعلان إيران عن إنشائها لمصانع أسلحة في لبنان

لا خطوط حمراء في حربنا القادمة مع إسرائيل، وعلى إسرائيل أن تفكر ملايين المرات قبل أن تشرع في حرب مع لبنان، فحزب الله مستعد لأي تهديد.

صرّح أحد مساعدي قائد الحرس الثوري الإيراني لجريدة كويتية يوم السبت 11 مارس/آذار، بأن إيران أنشأت بالفعل مصانع صواريخ وأسلحة في لبنان لدعم ميليشيات حزب الله، وأنه بدأ تسليم المصانع إلى حزب الله تدريجيا، ومنذ قرابة الثلاثة الأشهر أصبحت تلك المصانع تحت الإشراف الكامل لحزب الله، وأضاف أن هذه المصانع مبنية في أعماق تزيد على 50 مترا، فوقها طبقات مختلفة من المتاريس المتنوعة.

ربما يشير هذا التطور إلى تصعيد إيراني كنوع من الردع لتهديدات إدارة دونالد ترامب، فامتلاك حزب الله لهذه الترسانة يعني مزيدا من الضغط على حليف أمريكا في المنطقة، إذ يجعل حزب الله لديه اكتفاء ذاتي من الأسلحة وبالتالي تبقى إسرائيل رهينة التهديدات الإيرانية.