هل سألت نفسك ذات مرة: كم عدد القوانين التي تحكم اللعبة الأشهر حول العالم؟

إذا لم تسأل نفسك قبل ذلك فدعني أخبرك أن عددها 17 قانونًا وفقًا للنسخة الأخيرة التي أقرها الاتحاد الدولي لكرة القدم «FIFA» لموسم 2017 / 2018. سبعة عشر قانونًا تنظم كل شيء يتعلق باللعبة. أرض الملعب، كرة المباراة، زي اللاعبين، الحكام، المخالفات وكيفية تنفيذها، مدة المباراة.

لكن إفريقيا أبت أن تخضع لتلك القوانين بمفردها وقررت أن تضيف إليها قانونًا جديدًا يميزها كقارة متفردة عن نظائرها الست، ألا وهو قانون «السحر في كرة القدم». السحر بمعناه الحرفي وليس ذلك الذي رأيناه في أقدام «رونالدينهو جاوتشو» يومًا ما.

في أوروبا، نجد العديد من اللاعبين يتفاءلون ببعض الأشياء الغريبة، كقصة شعر غير مألوفة، أو وشم فجّ يذكر اللاعب بإنسان ما في حياته.على سبيل المثال جون تيري لم يغير مقعده في أتوبيس تشيلسي طيلة مسيرته مع النادي اللندني. جاري نيفيل هو الآخر اعتاد توزيع ملابسه على الفقراء عندما كانت نتائج مانشستر يونايتد لا تسير على ما يرام.

لاعبو فرنسا في مونديال 98 قالوا إنهم كانوا يتفاءلون بتقبيل صلعة الحارس فابيان بارتيز. أما في إفريقيا، فنحن مختلفون. نحن نملك الروح واللون والمهارة، نحن نفعل ذلك بشكل أفضل؛ فقط لأننا إفريقيا، قارة الـ 18 قانونًا في كرة القدم.


السحر بأوامر رئاسية عُليا

يبدو أن لعنات «جباس بودابو» قد فقدت مفعولها ولم تعد قادرة على تتبع منتخب بلادنا بعد الآن

تصريح أحد مسؤولي وزارة الرياضة في ساحل العاج بعد الفوز ببطولة الأمم الإفريقية 2015.

لم يفز منتخب ساحل العاج ببطولة كأس الأمم الإفريقية منذ عام 1992 عندما حمل كأس البطولة في العاصمة السنغالية «داكار» حتى عام 2015 عندما حمل الكأس ذاتها في غينيا الاستوائية.

قد يبدو الأمر اعتياديًا بالنسبة للكثيرين، ولكن عند إمعان النظر في الأمر تجد أنه طيلة تلك العشرين عامًا كان منتخب كوت ديفوار هو أحد أقوى منتخبات القارة على الإطلاق، بل إنه وصل إلى مستويات مرعبة تحديدًا منذ عام 2006 وحتى عام 2012 الذي خسر فيه النهائي أمام زامبيا رينارد، والتي كانت مفاجأة هزت أركان القارة السمراء. كان منتخب ساحل العاج دائمًا هو المرشح الأقوى ولكنه لا يفوز. شيء غريب!

في عام 1992 لجأ وزير الرياضة الإيفواري لأحد رجال الطب والسحر الذين تمتعوا بشهرة عريضة في غرب إفريقيا في تلك الآونة، والذي يُدعى «جباس بودابو»، لكي يساعد فريق بلاده للفوز بلقب كأس الأمم الإفريقية. وبالفعل فاز الفريق الإيفواري بالأميرة السمراء، ولكن ثمة خلافًا ماديًا قد حدث بين «جباس بودابو» والحكومة الإيفوارية، مما جعل الرجل يُنذر ويتوعد باللعنات التي ستصيب منتخب الأفيال في العشرين عامًا القادمة.

مع تكرر وصول منتخب الأفيال للنهائيات وإخفاقهم في كل مرة في اللحظات الأخيرة ترسخت تلك الأسطورة في نفوس الشعب الإيفواري، ولم لا وقد لجأ أكبر رأس في الدولة إليها منذ عقدين، وهو ليس بالزمن البعيد.


نعم يوجد سحر، ولكن

السحر جزء أساسي من العادات الإفريقية، يجب علينا ألا نخجل من عاداتنا. ولكني لا أؤمن تمامًا بمدى فاعليته، فمنتخبات أوروبا وأمريكا اللاتينية حصدت كأس العالم عدة مرات وهم لا يستخدمون السحر فلماذا لم يفز به أي منتخب إفريقي من قبل؟
«عبيدي بيليه» في حواره مع الصحفي كينيت مينساه.

أكّد «عبيدي بيليه» قائد منتخب غانا منذ عام 1992 وحتى عام 1998 اعتماد منتخب بلاده على السحر في بعض المباريات، مرة باستخدام نوع معين من المياه يتم إحضاره إليهم، أو نزول الفريق بأكمله في أحد التجمعات المائية التي يأمر بها ساحر الفريق، وأن الأمر كان يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في الأندية المحلية.

صحيح أن السحر في إفريقيا لا ينتظر أن يؤكده أحد، ولكن حين يأتي الأمر من أحد أساطير اللعبة في إفريقيا يجب علينا الانتباه إلى ما يقوله. فالأندية الإفريقية أصبحت لا تجد حرجًا في إعلان ذلك، بل وصل الأمر إلى دفن الثيران الحية بجوار ملعب المباراة، وإجبار بعض اللاعبين على غسل أيديهم ببعض التركيبات كريهة الرائحة، بل إحضار بعد السحرة بجوار وداخل ملعب المباراة لرش سوائلهم وتركيباتهم على أرض الملعب، وإن فشلوا في ذلك فاللاعبون سيقومون بالمطلوب على أكمل وجه.

https://www.youtube.com/watch?v=VHNDqo-pjgc


طرائف القارة السمراء

منذ عدة سنوات أُقيم دربي دولة مالاوي – إحدى دول جنوب شرق إفريقيا – بين فريق «دوانجا يونايتد» صاحب الأرض وفريق «مويالي باركس» الزائر. وقبل بداية المباراة مباشرة لاحظ لاعبو الفريق الضيف أن «وينتر موباتا» لاعب فريق دوانجا ينتظر في الممر المؤدي لملعب المباراة حتى يدخل جميع أفراد فريق مويالي إلى أرضية الملعب.

تعد تلك الحركة من أشهر طلبات السحرة الأفارقة في العقود الأخيرة للاعبي كرة القدم، وقبيل انطلاق صافرة المباراة انطلق اللاعب إلى الملعب ليكمل صفوف فريقه ويصيروا أحد عشر لاعبًا كما هو المعتاد. بعد الشوط الأول أمر المدير الفني لفريق مويالي لاعب فريقه «كارلس كمانجا» أن ينتظر هو الآخر ولا يدخل الملعب قبل أن يدخله «وينتر موباتا».

انتظر الحكم دخول اللاعبين إلى أرض الملعب حتى يبدأ الشوط الثاني، وهو ما لم يحدث، فأطلق الحكم صافرته وأكمل الفريقان المباراة بعشرة لاعبين، لا لطرد الحكم لاعبًا من كل فريق، بل لأن اللاعبين يقفان أمام الممر ينتظر كل منهما الآخر أن يبادر بالنزول لأرض الملعب!

الأمر ذاته كان قد حدث قبل ذلك عام 1998، ولكن هذه المرة في شرق القارة السمراء، وتحديدًا غانا، في مباراة فريق «أشانتي كوتوكو» و «هارتس أوف أوك». حيث انتظر لاعب من كل فريق في الممر المؤدي للملعب مع هيجان الجماهير في المدرجات. رفض الحكم بدء المباراة بدون اللاعبين، واتجه لهما واصطحبهما معًا لأرض الملعب.

القس الغاني لفريق أشانتي كوتوكو في حديثه مع موقع جول.

نعود مرة أخرى إلى شرق إفريقيا ولكن هذه المرة في تنزانيا، بلد الطبيعة والجمال والسحر، ولكن السحر الذي نرى به هذا البلد لطبيعته الخلابة يختلف تمامًا عن السحر الذي يتبعه أبناؤه، خاصة المهووسين منهم بكرة القدم.

فلقاء «سيمبا» و«يانج أفريكانز» عادة ما يحظى بعادات غريبة، فتارة يقوم اللاعبون بتكسير البيض أمام منطقة جزاء الفريق المنافس، وتارة يرفض لاعبو أحد الفريقين السلام على أي من لاعبي الفريق الآخر خضوعًا لأوامر ساحر الفريق، أما نزول كل لاعبي الفريقين بأكياس بها بعض المواد التي تشبه الدقيق أو الأرز أصبح شيئًا لا يثير استغراب الجمهور التنزاني.


سحر الأفارقة يصل البريميرليج

السحر ليس موجودًا في كرة القدم بمعناه المجرد، ولكنه يعطي اللاعبين شعورًا بأن هناك قوة ما تعمل في صالحهم. هذا يزيد من دوافعهم بلا شك ويزيد من حظوظهم في الفوز.
أمي لجأت لبعض رجال السحر في غرب إفريقيا لتدمير فاعليتي أمام المرمى، هذا هو الأمر ببساطة

لا عزيزي القارئ، هذا التصريح ليس من أحد لاعبي القارة السمراء المغمورين، وبالطبع ليس لرئيس نادي الزمالك مرتضى منصور.هذا التصريح كان لنجم توجو التاريخي إيمانويل أديبايور في نهاية النصف الأول من موسم 2014-2015، والذي لم يحرز فيه سوى هدفين فقط مع فريق توتنهام هوتسبيرز.

توتنهام، أديبايور، الدوري الإنجليزي، إفريقيا
اللاعب التوجولي إيمانويل أديبايور مع فريق توتنهام الإنجليزي.

ادعاءات النجم التوجولي رد عليها شقيقه بنفيها نفيًا تامًا، قائلًا إن إيمانويل لا ينفق على والدته وطردها من منزله منذ وقت طويل. وسواء ثبتت هذه الادعاءات أو تلك فستبقى حقيقة واحدة، وهي أن أحد أبرز اللاعبين الأفارقة في البريميرليج يؤمن بفاعلية السحر في كرة القدم وتأثيره على تحسن أو تراجع مستواه.

مؤشر غير جيد ومقلق تجاه قناعات باقي اللاعبين الأفارقة في الدوريات الأوروبية، خاصة بعد تصريحات اللاعب النيجيري «براون إيدي» لاعب ويست بروميتش السابق، والتي حذر فيها اللاعبين الأفارقة من اللجوء لرجال السحر . حيث وصف براون هذا المسار بالمصيدة التي لن تخرج منها إلا بفقد أموالك أو بفقد مستواك إلى الأبد، لأنك صرت تؤمن بأشياء لا تتحكم بأدائك على أرض الملعب.