قبل أكثر من عشرين عامًا قدم لنا المخرج الأسترالي بيتر وير واحدًا من أفضل الأفلام في تاريخ السينما وهو فيلم حياة ترومان. تدور قصة الفيلم حول رجل بسيط يدعى ترومان يحيا حياة بسيطة في مدينته الصغيرة والتي لا يحاول أن يغادرها أبدًا. لكننا نكتشف مع الوقت أن تلك المدينة ما هي إلا استديو ضخم تم تصميمه لبث حياة ترومان اليومية من خلاله في أضخم برامج تلفزيون الواقع.

منذ ولادة ترومان وكل أحاديثه وأفعاله تبث من خلال الكاميرات للمشاهدين دون أن يعلم. دعنا من ترومان الآن، وحاول أن تتخيل أنك محاط بالكاميرات طوال الوقت، حتى لو كنت تعلم ذلك وترى الكاميرات تلك أمامك طوال اليوم فحتمًا ستصاب بالملل مع الوقت ولن تحسب لها حسابًا. الجميع يخطئ لكن قلة تلتقطهم دومًا الكاميرات لأنهم محاطون بها ومن هؤلاء بالطبع لاعبو كرة القدم.

لا تمرر له الكرة. أقسم بحياة والدتي إنه يلعب كأنه يلعب ضدنا لا معنا.
بنزيما محدثًا ميندي حول زميلهم فينيسيوس

تفوه الفرنسي كريم بنزيما مهاجم ريال مدريد بتلك الكلمات لزميله الفرنسي الآخر فيرلاند ميندي بعد أن عانى طوال شوط كامل من الأداء السيئ للجناح البرازيلي للفريق فينيسيوس. حاول بنزيما استغلال عامل اللغة الذي يجمعه بميندي ويجعل فينيسيوس خارج دائرة الفهم تمامًا لكن الكاميرات لم تتح له ذلك.

المثير هنا أن ميندي لم يمرر إلى فينيسيوس إلا ثلاث مرات فقط خلال الشوط الثاني بالفعل واستطاع مدريد أن يخرج من المباراة متعادلًا بعد أن كان مهزومًا خلال الشوط الأول. إلا أن المشهد الأهم كان مشهد بنزيما ميندي بالطبع. اعتذر كريم لفينسيوس خلال التدريبات لينتهي الموقف تمامًا.

تمتلئ كرة القدم بأحاديث مثل تلك لكن الكاميرات لا تكون متواجدة على الدوام. حسنًا دعنا نستخدم حيلة ترومان هذه المرة ونتعرف على بعض القصص التي لم يعلم أصحابها في حينها أنها ستصبح بعد ذلك معروفة للجميع.

سيدي الحكم هل نلعب المباراة النهائية بالفعل؟

خلال نهائي كأس العالم 2014 أصيب لاعب الوسط الألماني كريستوف كرامر بارتجاج في المخ عقب كرة مشتركة مع الأرجنتيني إيزيكيل جاراي. أفادت بعض التقارير بعد المباراة بأن كرامر تعرض لفقدان ذاكرة مؤقت وكان يتصرف بشكل غير طبيعي أثناء وجوده على أرض الملعب. وهو ما أكده الحكم نيكولا ريزولي بالفعل حيث صرح بأن كرامر قد جاء إليه للاستفسار عما إذا كان بالفعل يلعب الآن في نهائي كأس العالم. أبلغ ريزولي قائد ألمانيا شفاينشتايجر بالأمر وتم استبدال كرامر على الفور.

أكد كرامر بعد ذلك أنه بالفعل لا يتذكر شيئًا على الإطلاق حول تلك الفترة، وهو ما دفع زملاءه في المنتخب الألماني لتسجيل فيديو مضحك مستغلين أنه لا يتذكر شيئًا.

قال فيليب لام إنه لم يكن قلقاً في البداية لكن الأمور أصبحت مقلقة عندما جاء كرامر إليه وقال إنه يريد أن يأخذ شارة الكابتن من فوق ذراعه ثم قرر أنه يجب على كرامر الخروج من الملعب بعد أن وجده يريد مبادلة القمصان مع الحكم. أما نوير واصل المزاح وأكد أن كرامر طلب منه أن يلعب كحارس مرمى بعضًا من الوقت.

كلمات بسيطة تفوه بها كرامر لينفضح أمره وهو الفخ الذي لم يكن مارادونا ليسمح به أبدًا خاصة أنها كانت مباراة توج بعدها مارادونا بكأس العالم أيضًا.

إنها يد الله .. إيش عرفك انت

ربما هو الهدف الأشهر في تاريخ كأس العالم. نحن هنا بالطبع نقصد الهدف الذي أحرزه مارادونا بيده في مرمى بيتر شيلتون حارس مرمى إنجلترا في ربع نهائي كأس العالم 1986.

صرح مارادونا حينئذ أنها كانت يد الله التي أحرزت الهدف، لكنه وبعد أكثر من ثلاثة عقود كشف بالضبط ما حدث في أعقاب لحظة الهدف ورد فعل الموجودين على أرض الملعب.

أوضح مارادونا في البداية أنه لم يشعر بأي ندم عقب تسجيله هذا الهدف ولن يتغير ذلك بمرور الزمن. عقب إحراز الهدف ركض مارادونا للاحتفال، واصل مارادونا الركض ولم ينظر إلى الوراء أبدًا متعمدًا ذلك حتى لا يشك أحد في الأمر ويفتضح أمره. إلا أن لاعب الوسط سيرخيو باتيستا ركض وراءه وهو يصيح: «لقد أدخلتها بيدك أليس كذلك؟ هل استخدمت يدك بالفعل؟».

لم يجد مارادونا ما يقول سوى: «أغلق فمك القذر واستمر في الاحتفال». كاد مارادونا أن ينفجر غيظًا خوفًا من أن يقوم حكم المباراة التونسي علي بن ناصر بإلغاء الهدف.

إذا كنت تعتقد أن التونسي لم يكن ليفهم باتيستا فعليك أن تعرف قصة الأرجنتيني الأخر كانيجيا.

الحكم الرابع ورهان خسره مارادونا

يسرد لوسيانو بيرنيكي في كتابه «أغرب الحكايات في تاريخ المونديال» أن المهاجم الأرجنتيني المخضرم كلاوديو كانيجيا لم يتوقع أن يتم طرده وهو على مقاعد البدلاء. حدث ذلك خلال مباراة الأرجنتين ضد السويد والتي شهدت خروج الفريق الأرجنتيني من دور المجموعات لكأس العالم 2002.

فسر كانيجيا الأمر بمنتهى البساطة كالتالي: «أعتقد أنني قلت له أمك عاهرة أو شيئًا من هذا القبيل».

لم يفهم الحكم الإماراتي علي بوجسيم حرفًا مما قاله كانيجيا. لكن على بعد أمتار قليلة من كانيجيا كان الحكم الرابع الجامايكي بيتر بريندرجاست متواجدًا وقد سمع كانيجيا جيدًا وهو من طلب من بوجسيم طرد كانيجيا.

 كان مارادونا على صواب إذن عندما صرخ في وجه باتيستا، لكن هناك حديث آخر دار في أرض الملعب وكان بطله مارادونا كما سرد لوسيانو في نفس الكتاب.

خلال مباراة جمعت بين نابولي وسبورتينج لشبونة في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي لموسم 1989 وبعد أن احتكم الفريقان لركلات الترجيح، وجد مارادونا نفسه مطالبًا بتسديد ركلة جزاء ليفوز نابولي بالمباراة وينتهي الأمر إلا أن حارس مرمى لشبونه قرر أن يعبث بأعصاب مارادونا.

خرج الحارس اليوغسلافي توميسلاف إيفكوفيتش من مرماه متوجهًا نحو مارادونا حيث اقترح عليه رهانًا بقيمة مائة دولار أنه سيضع تلك الركلة ولن يسجلها أبدًا. المثير في الأمر أن حيلة إيفكوفيتش نجحت بالفعل واستطاع التصدي لركلة مارادونا الذي سدد قيمة الرهان لليوغسلافي بعد المباراة.

أحاديث للتاريخ

قبل بداية موسم 2005 كان ميسي في بداية عهده مع فريق برشلونة ولا يعرف أحد أن هذا الصغير سيصبح أهم لاعب في كرة القدم فيما بعد. إلا أن صامويل إيتو كان يعلم ذلك قبل أي شخص، حيث كشف إيتو عن حديث دار بينه وبين باتريك فييرا لاعب وسط أرسنال حينذاك قبل نهائي بطولة كأس جوان جامبر الودية.

كان الحديث حول الارجنتيني الصغير حيث أكد إيتو لفييرا أن هذا الصغير ذات يوم سيقولون إن كل لاعب جاء قبله لم يكن يلعب كرة القدم من الأساس.

أما باتريك فييرا نفسه فلديه تصريح مماثل يلخص مرحلة كاملة من تاريخ نادي أرسنال. رحل فييرا عن نادي أرسنال عام 2005 نحو فريق اليوفنتوس الإيطالي، لكنه وبعد 14 عامًا أصبح مديرًا فنيا لفريق نيس.

وقبل مباراة نيس ضد موناكو وقف فييرا بجوار رئيس نادي نيس مشيرًا إلى سيسك فابريجاس لاعب موناكو حينئذ قائلًا: «سيدي الرئيس دعني أقدم لك الطفل الذي جعلني أرحل عن فريق أرسنال».

كان فابريجاس في عامه السادس عشر بالفعل عندما قرر فينجر الاعتماد عليه والموافقه على رحيل فييرا عن الفريق اللندني وهو الرحيل الذي يؤكد الكثيرون أنه غير من تاريخ نادي أرسنال وهويته.

لم تنته الأحاديث طالما لم تنته كرة القدم، ولن يتوقف الأمر طالما أن هناك شخصًا ما قرر أن يتحدث ويلعب دور الكاميرا في حياة ترومان.