إذا كنت قد شاهدت المسلسل الشهير «The Crown» الذي يجوب بك في القصر الملكي البريطاني في فترة التسعينيات التي شهدت تعاظم شهرة الأميرة ديانا حول العالم وتأثيرها الطاغي في تلك الحقبة، فبالتأكيد أنت تتذكر جيدًا مفاوضات الملياردير المصري البريطاني محمد الفايد من أجل الاستحواذ على فندق «ريتز» الشهير.

بخلاف حدة الرجل في تلك المفاوضات، وتغليبه لـ«العِرق السكندري» في تلك المسألة، ووصوله إلى الاتفاق الذي يريده، فإن هناك جملة في تلك المفاوضات أطرت كل ما يمكن تأطيره في مسيرة محمد الفايد العملية، وهي حين عبرت مالكة أصول الفندق الشهير عن قلقها من سمعة الفايد ومصادر ثروته الحالية ومدى قدرته على ضمان توفير الملاءة المالية لتطوير اسم بحجم «الريتز»، فأجابها بحدة : «أنا أحب هذا المكان. أنا هنا لأعيد (الريتز) إلى سابق عهده».

لكن وبمنتهى الدقة، والطرافة أيضًا، سترى أن الفايد، لم يترك مجالًا إلا وأرسى فيه هذه القاعدة، هل هناك دخل لأقراص «الفياجرا» بهذا الأمر؟ هذا ما ستعرفه في السطور التالية.ض

في عام 1927 ولد واحد من أكثر رجال الأعمال صيتًا عبر التاريخ، بالإسكندرية وتحديدًا بحي الجمرك، كانت عائلة بسيطة تلك التي ترعرع فيها شخص سيدخل بقوة إلى القصر الملكي البريطاني بعد بضعة عقود.

وفي عام 2023 الجاري ودع الفايد عالمنا، وما بين التاريخين إرث طويل من الأعمال والجدل أيضًا. لكن هناك فكرة واحدة يمكن أن تلخص حياة هذا الرجل، لقد حرص دومًا على بعث الأشياء بعد أن يظن الكل أنها قد ماتت وإلى الأبد.

العتال الذي يحيي الموتى!

تمامًا كما تحول هو نفسه من عامل في ميناء الإسكندرية «عتال» كما يعرف المصريون معنى الكلمة، إلى شريك في ميناء دبي، إلى رجل أعمال بارز في بريطانيا، إلى مقتحم عبر نجله قصرها الملكي.

وتمامًا كما أعاد «الريتز» إلى سابق عهده بعد فترات من الموت للعلامة التجارية الفندقية التي تعد من بين أشهر العلامات في العالم.

وتمامًا كما تملك فريق فولهام بهدف إعادته لمصاف «البريميرليج» ولم يتركه في 2013 إلا وقد عاد بشكل أو بآخر، ولا يزال إلى الآن في مصاف النخبة الإنجليزية الأعلى، هذه هي ميول الفايد في كل شيء.

لكن قصة رواها أحد لاعبي فولهام في فترة ملكية الفايد للنادي، تنبئك أنه ربما كان مهووسًا بتلك الفكرة، وبالبحث وراءها نجد أنه لم يكن يقوم بالسلوك ذاته في فولهام فقط!

المهاجم الإنجليزي باري هايلز الذي كان في تلك الفترة لاعبًا لفولهام إبان ملكية الفايد، ذكر أنه حين قدم إلى النادي -وقد وعده الرئيس أن يعيده لسابق عهده- أشار في تصريحات عقب وفاة الفايد إلى أن الأخير أعطى اللاعبين هدايا في أيديهم بغرف الملابس بعد أن فازوا بإحدى المباريات المهمة، تضاحك اللاعبون جميعًا وبدؤوا يسألونه بصفته وافدًا جديدًا على الفريق: «هل تعرف ما الذي يوجد في هذه الهدايا؟». فأجاب نافيًا، فأخبروه أنها «أقراص فياجرا» قبل أن يؤكد اللاعب في حديثه لصحيفة «دايلي ستار» ذلك الأمر.

رواية أكدها مدرب الفريق آنذاك كريس كوليمان الذي أشار إلى أن الفايد كان دائم إعطاء الفياجرا للاعبين مكافأة لهم على المكسب، وكان يقول لهم: «ثقوا أنكم ستفوزون، وسأضمن لكم عطلة نهاية أسبوع رائعة!».

قصة طريفة على الشاكلة نفسها يحكيها بيرس مورجان -نعم ذلك الصحفي الذي ربما أرسل كريستيانو رونالدو إلى نهاية مسيرته بعد حواره المثير الذي أدى إلى رحيله عن مانشستر يونايتد- وكان هو شاهدًا عليها وأشخاصها إلى جواره هما محمد الفايد وأسطورة تدريب آرسنال، الفرنسي أرسين فينجر.

أثناء إحدى المباريات بين فولهام وآرسنال، وفي المقصورة الرئيسة للمدرجات، يحكي مورجان أنه بعد 20 دقيقة فقط من المباراة التي كان فينجر مستبعدًا عنها للإيقاف، بدأ المدرب الفرنسي في التذمر، فأخرج الفايد من جيبه أقراصًا وأخبر فينجر أن «يعطيها لأبنائه» في إشارة للاعبي آرسنال، سوف يجعلهم ذلك «يستيقظون!».

انفجرت موجة من الضحك حين علم فينجر بمحتوى هذه الأقراص، هذه الرواية التي حكاها بيرس مورجان في مقال له يوم 1 سبتمبر الجاري عقب وفاة الفايد، ذكرت أيضًا بموقف مشابه خارج كرة القدم، بل وفي أوج التحقيقات التي فتحت في حادث وفاة الأميرة ديانا ومعها نجله دودي الفايد، وهي واحدة من أغرب حوادث القتل في التاريخ والتي يرى البعض أن وراءها أجهزة استخبارات بالغة الاحترافية والدقة.

اللورد جون ستيفنز الذي قاد فريق التحقيق الشرطي البريطاني في حادث وفاة الأميرة ديانا وصديقها دودي الفايد نجل رجل الأعمال المصري، قال إنه حين أخذ أقوال الأخير، عرض عليه أغرب هدية أتت له في حياته!

في تصريحاته عام 2022 لصحيفة «دايلي ميل» البريطانية، أكد ستيفنز أنه تلقى من الفايد «أقراص فياجرا» على هامش تحقيقات الشرطة البريطانية حول الحادث الغامض، وأخبره أن ذلك «سيجعله أفضل في ممارسة الحب» ليرد عليه اللورد بعنف: «لا أحتاج منك أي شيء لحياتي الجنسية!».

المصري الأصيل

في مصر كانوا دائمًا يتحدثون عن الفايد كما لو كان منزوع المصرية، تمامًا كما يتحدثون عن أي مصري عاش حياته في الخارج وأخذ جنسية بلد آخر. خصوصًا حين تكون ذائع الصيت كما كانت عائلة الفايد ولا تزال، فما بالك بربانها وأهم رجالها.

ولكنك ستعلم تمامًا كيف كان الرجل مصريًا حتى النخاع بعد حكاية الفياجرا تلك! هذه الحيلة التي تمارس في مصر صباح مساء بين الأصدقاء وفي المؤسسات الحكومية، «تمسية» بسيطة تعينك على «تسليك» أي مصلحة تبغيها، والرجل عمل في ميناء الإسكندرية وكما يقال في مصر «جايبها من تحت» ويعرف أن رجال العالم كلهم يضعفون حتمًا أمام عروض كتلك.

في 31 أغسطس 1997 توفي دودي الفايد، وفي 30 أغسطس 2023 وبينما كان أبوه يستعد لتأبين ذكراه، فارق هو نفسه الحياة. 26 عامًا تمنى خلالها الأب بمنتهى الحزن كل يوم أن يكون «دودي» شيئًا يمكن أن يعيد بعثه كفندق الريتز أو نادي فولهام أو الحياة الجنسية لأرسين فينجر ولاعبي فولهام وشرطيي التحقيق، لكن هيهات!