تكمن متعة الرياضة في المنافسة. محاولة الوصول لأقصى ما تستطيع لكي تتغلب على منافسيك. تلك الفرحة الجنونية بأنك الأفضل، أو هذا الحزن الحقيقي بأنك لم تكن. حتى إن بعض الألعاب لا تحظى بالاهتمام الجماهيري رغم جمال فنيات تلك الألعاب، فقط لأنها لا تكفل التنافس المحموم بين اللاعبين.

يفضل البعض إزالة المنافسة من الرياضة تمامًا. وهو أمر خطير وفقًا لدراسة أجراها نادي ماريليبون للكريكيت. تؤكد الدراسة أن ثقافة «الجوائز للجميع» التي تغلغلت في المدارس البريطانية قد تركت جيلًا من الأطفال غير مهتم ولا يتفهم فكرة الفوز والخسارة.

أدى ذلك لخلق جيل غير مستعد للواقع التنافسي. عندما تفشل في الحصول على وظيفة ما فليس هناك جائزة للمركز الثاني. لكن هناك سببًا آخر ربما لا يمكن أن تفصح عنه دراسة ماريليبون، وهو أن الرياضة تُعِدُّ الفرد للواقع غير العادل أيضًا.

ولأن الرياضة تشبه الواقع الذي نؤمن جميعًا أنه ليس عادلًا أبدًا، فهناك العديد من القصص التي تؤكد أنه في كثير من الأحيان لا تكون المنافسة شريفة أبدًا.

ما سنتناوله معًا الآن قصص من قلب الرياضة لم يعترف أصحابها بفكرة المنافسة الشريفة. وقبل أن تتحسس زر العودة، نحن لن نتحدث عن يد مارادونا الإلهية أو البرازيلي كارلوس كايزر. نحن هنا رفقة قصص أغلب الظن أنك لا تعرف عنها شيئًا.

التركي: أن تنافسك الآلة فتشك في قدراتك

تعود تلك القصة إلى سبعينيات القرن الثامن عشر. بطل القصة مخترع من فيينا يدعى «فولفغانغ فون كمبلن»، وقد اخترع هذا الرجل لعبة شطرنج آلية من أجل الأرشيدوقة ماريا تيريزا. تتكون الآلة من رجل ميكانيكي يرتدي الزي التركي التقليدي في وضع الجلوس وأمامه خزانة خشبية مغطاة بلوحة شطرنج.

تم تصميم هذا الرجل الذي عرف باسم التركي للعب الشطرنج، بل تحدي أي خصم على دراية بقواعد اللعبة. يبدأ التركي اللعب بتحريك رأسه من بداية رقعة الشطرنج لنهايتها، ثم يقرر اتخاذ خطوته الأولى. يسمع الجميع صوت التروس المنبعث من داخل التركي، ثم تتحرك ذراعه اليسرى إلى الأمام وتتباعد الأصابع لتلتقط قطعة شطرنج وتنقلها إلى مربع آخر.

كان الأمر مبهرًا للجميع من حيث القدرة الأتوماتيكية لتحريك الآلة، لكن قدرات التركي في لعب الشطرنج كانت أكثر إبهارًا. كان قادرًا على لعب الشطرنج بشكل حقيقي ومجابهة خصومه حد أنه استطاع الفوز على بعض محترفي اللعبة. دعنا لا ننسى أننا هنا في عصر بعيد تمامًا عن الذكاء الاصطناعي.

شرع الجميع في محاولة تفسير الأمر. اعتقد البعض أن المهندس كمبلن يتحكم في آلته عن طريق استخدام مغناطيس قوي وأوتار خفية، بينما اعتقد البعض أن المخترع الذكي يمتلك جهاز تحكم عن بعد.

على مدى عقود قام خلالها التركي بالعديد من الجولات في أماكن عديدة كان الأمر يؤرق الكثير من المفكرين، هل تستطيع الآلة أن تمتلك ذكاء الإنسان. شك البعض في قدراته لأن منافسة الآلة والخسارة منها كانت أمرًا محرجًا حينئذٍ.

لكن الحقيقة أن تلك المنافسة لم تكن كما توقعها البعض. لقد كان كمبلن مهندسًا عبقريًّا لكنه كان محتالًا أيضًا. كان التركي يعمل من خلال العامل البشري بشكل كلي.

يختفي دومًا شخص تحت الخزانة ويتحكم في كل حركة من الداخل. يسحب الرافعات لتشغيل ذراع التركي، ويتتبع الحركات على لوح شطرنج خاص به. كان كمبلن يتفق مع لاعبي شطرنج جدد في كل رحلة من رحلاته، ثم يعطيهم إرشادات سريعة حول كيفية العمل من داخل التركي، ثم يضعهم في الخزانة.

منتخب إسبانيا للمعاقين: إنها سليمة

اندلعت الفضيحة في نوفمبر 2000 عندما ادعى «كارلوس ريباجوردا» عضو فريق كرة السلة الإسباني الحائز على الميدالية الذهبية للمعاقين فكريًّا في أولمبياد سيدني أنه والرياضيين الآخرين في فئات مثل سباقات المضمار وتنس الطاولة والسباحة لم يعانوا أبدًا من نقص عقلي.

يفترض أن يتألف الفريق من لاعبين أصحاب معدل ذكاء أقل من 70، وهو ما توافر في لاعبين فقط من المنتخب الإسباني، بينما تظاهر العشرة اللاعبين الآخرين بأنهم لاعبون معاقون عقليًّا بمساعدة شهادات طبية مزورة تم تزويدهم بها.

يحكي ريباجوردا أنه خلال المباراة الأولى بالبطولة عندما كانوا يتفوقون على المنتخب الصيني بفارق 30 نقطة صاح بهم المدرب: أيها الشباب، تحركوا بسرعة وإلا فسيعلمون أنكم لستم معاقين.

استطاع الفريق الفوز بجميع المباريات بالطبع، وفيها مباراة التتويج بالميدالية الذهبية ضد روسيا. نشرت صحيفة ماركا صورة لاحتفالات اللاعبين بالفوز في الملعب.

سرعان ما بدأ القراء في التعليق بأنهم يعرفون بعض اللاعبين، وأنهم متأكدون أنهم لم يكونوا معاقين على الإطلاق. استقال مارتن فيسينتي من منصبه كرئيس للاتحاد الإسباني لرياضات المعاقين ذهنيًّا، حيث كان مسئولاً عن فحص بعض المشاركين في الألعاب البارالمبية في سيدني.  

اضطر لاعبو الفريق إلى إعادة ميدالياتهم، وتم حذف فئة كرة السلة لذوي الإعاقة الذهنية من برنامج الألعاب الأولمبية للمعاقين بعد ألعاب عام 2000.

هنا القاهرة: المعجزة تحدث في بولندا فقط

سافر منتخب مصر لكرة الجرس، وهي الرياضة التي تتعلق بلاعبي كرة القدم من المكفوفين، لخوض بطولة دولية في بولندا. لكن المثير هنا أن 12 فردًا من البعثة المسافرة لبولندا كانوا مبصرين.

استطاع هؤلاء خداع الجميع والسفر بدلًا من المكفوفين الحقيقيين، لكنهم كانوا رحماء بمنافسيهم، حيث قرروا الهرب إلى أراضي أوروبا، ولم يشاركوا في البطولة. طبقًا للأخبار المتداولة فإنه لم يتم ضبط أي من هؤلاء إلى الآن،بينما تعرض 4 من المتورطين في الأمر للمحاكمة في مصر.

لا يمكن أن تكون توجو بهذا السوء

قرر منتخب البحرين لعب مباراة ودية استعدادًا للمشاركة في بطولة غرب آسيا لكرة القدم خلال عام 2010. كانت ترتيبات المباراة وجميع الإجراءات الرسمية المعتادة من خلال وكيل يتعامل معه الاتحاد البحريني منذ عدة سنوات، والذي استطاع أن يرتب مباراة ضد فريق توجو.

بدأت المباراة، لكن بعد وقت قليل لاحظ الجميع انخفاض جودة لاعبي توجو. إنهم حتى لا يمتلكون اللياقة اللازمة للعب 90 دقيقة. كانت المباراة مملة للغاية وذات مستوى فني واضح السوء.

اكتشف المسئولون عقب المباراة أن هذا الفريق لا يمت للمنتخب التوجولي بصلة. بل هم مجموعة من النصابين قرروا انتحال صفة المنتخب التوجولي. أكد وزير الرياضة في توجو السيد «كريستوف تشاو» أنه لا يعلم شيئًا عن تلك المباراة، كما أنه سيجري تحقيقًا لكشف كل المتورطين في تلك القضية.

المثير في الأمر هنا أن المنتخب البحريني لم يستطيع الفوز إلا بثلاثة أهداف فقط!

لا تسأل سيدة عن عمرها، كذلك لاعب كرة القدم!

تعج كرة القدم بالعديد من قصص الاحتيال، لكننا هنا قررنا الحديث عن لاعبين قرروا الاحتيال على العدو الأساسي لهم قبل منافسيهم. يقف العمر دومًا عائقًا أساسيًّا أمام لاعب كرة القدم. إنه المؤشر الأساسي بأن قدرات اللاعب في طريقها للذبول.

دعني أعرفك بالسيد «انجل تشيمي». لم يكذب تشيمي بشأن عمره فحسب، بل قام أيضًا بانتحال شخصية رجل آخر. غيَّر لاعب كرة القدم الإكوادوري اسمه إلى جونزالو بالما، واستخدم هذا الاسم في معظم حياته المهنية.

ادعى الرجل أنه ولد في عام 1984، وهذا سمح له باللعب في مسابقات الشباب، لكن تم اكتشاف أن هذا الاسم هو اسم للاعب أصغر منه بثلاث سنوات. كان اللاعبان قد التقيا عندما خضع كلاهما لاختبارات في نادٍ محلي، حيث سرق تشيمي هوية بالما وعاش بها لسنوات.

بخصوص الهويات المزيفة فلا أحد أفضل من الكاميروني «توبي ميمبو». استخدم ميمبو خلال كأس الأمم الأفريقية 1996 وثيقة ميلاد تفيد بأنه ولد عام 1964، أي أنه كان يبلغ 32 عامًا. ثم في عام 1997 انضم إلى غنتشلر بيرليغي التركي بوثيقة ميلاد تفيد بأنه ولد عام 1974 مما جعله يبلغ من العمر 23 عامًا.

لم يكن هذا كل شيء. في كأس الأمم الأفريقية التالية في عام 1998 قدم ميمبو وثيقة ميلاد جديدة كان تاريخ ميلاده بها عام 1970، أي أنه كان في عمر الثامنة والعشرين.

واحدة من أكثر حالات الغش في السن غرابة حدثت في الهند. حيث احتفل الجميع باللاعب «جوراف موخي» كأصغر هداف للدوري الهندي، فهو في عامه السادس عشر فقط.لكن بمجرد رؤية اللاعب تعرف على الفور أنه من المستحيل أن يكون في عامه السادس عشر. لاحقًا اكتُشف أن موخي كان في الواقع يبلغ من العمر 28 عامًا مما جعله يتعرض للإيقاف.