نحفظ جميعًا عن ظهر قلبٍ مقولة (المعدة بيت الداء)، لكن في الواقع، فالمعدة بيت الداء والدواء معًا، فالطعام هو المُبتَدَأُ والمُنتهى بالنسبة للصحة والمرض.

في تلك الجولة سنسلط الأضواء على حبوب الشوفان التي بدأت شعبيتها في التضاعف في السنوات الأخيرة، وأصحبت من أركان العديد من الأنظمة الغذائية الصحية، لا سيَّما تلك الهادفة إلى إنقاص الوزن أو الخاصة بأصحاب الأمراض المزمنة الذين يمثل الشق الغذائي جزءًا مهمًا من مسار العلاج لهم.

اقرأ: طعامك .. الداء والدواء

الشوفان وصحة الإنسان

تكتظ حبوب الشوفان بالعديد من المكونات الغذائية المهمة للصحة، كما يمكن دخولها بمرونة في العديد من المنتجات الغذائية لا سيما المخبوزات والمقرمشات التي يحبها الكثيرون من مختلف الأعمار. عبر النقاط التالية سنؤكد أبرز ما يتعلق بعلاقة الشوفان بصحتنا.

قيمة غذائية استثنائية

يحتوي الشوفان في مكوناته التفصيلية على قائمة عريضة من المغذيات الأساسية والأملاح المهمة والفيتامينات، منها على سبيل المثال لا الحصر:

  • مصدر غني للكربوهيدرات، مما يجعله مصدرًا مهمًا للطاقة، فكل 100 جرام من الشوفان تحتوي على 389 سعرًا حراريًا تقريبًا.
  • يحتوي على قدرٍ جيد من البروتين، يفوق معظم الحبوب الأخرى، فكل 100 جرام من الشوفان تحتوي أكثر من 16 جرامًا من البروتين، والذي يدخل في بناء كافة أنسجة الجسم، وفي إنتاج معظم إنزيماته وهرموناته، وبالتالي فالشوفان مفيد جدًا للأطفال وللحوامل، الذين تزداد حاجة أجسامهم للمغذيات. كما يحتوي نحو 7 جرامات من الدهون المفيدة.
  • الشوفان غني بالألياف الطبيعية والتي تحسن عمل الجهاز الهضمي، وتعزز الشعور بالشبع.
  • يحتوي الشوفان على وفرةٍ من الأملاح المعدنية المهمة مثل المنجنيز والحديد والماغنسيوم والفوسفور والنحاس والزنك، وبعض البوتاسيوم والكالسيوم.
  • بالنسبة للفيتامينات، يحتوي الشوفان على بعض فيتامينات ب، لا سيما 1 و5 و 6. وكذلك يحتوي على حمض الفوليك المهم لبناء خلايا الدم.

صحة القلب وعوامل الخطر

تؤكد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن حبوب الشوفان الكاملة تساهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية، والتي تُعَدُّ من أهم أسباب المرض والوفاة حول العالم. وأظهرت دراسة دانماركية موسَّعة، خضع لها 54 ألف شخص، أن احتمالات خطورة الإصابة بأمراض القلب أقل بمقدارٍ نحو الربع لدى الشرائح الأكثر تناولًا للحبوب الكاملة، ومنها الشوفان.

يساهم الشوفان بطرقٍ متعددة في مواجهة عوامل الخطر التي تزيد فرص الإصابة بأمراض القلب، مثل السمنة، واختلال دهون الدم، والسكر، والضغط. يحتوي الشوفان على نوعٍ مفيد للغاية من الألياف الطبيعية، هو البيتا-جلوكان، والذي يسهم إيجابيًا في مواجهة السمنة عن طريق زيادة الشبع، كما أنه يقلل من نسبة الكولسترول الضار في الدم، وكذلك يمنع أكسدته، والتي تساهم في حدوث تصلب الشرايين.

كذلك يُحسَن البيتا-جلوكان من حساسية الإنسولين، ويقلل من امتصاص السكر من الأمعاء، فيقلل نسبة السكر في الدم، وبالتالي يساعد مرضى السكر من النوع الثاني على السيطرة عليه، وبالتالي تقليل فرص حدوث مضاعفاته وعلى رأسها أمراض شرايين القلب. ويحتوي الشوفان على بعض مضادات الأكسدة والتي بجانب دورها في حماية أنسجة الجسم من التلف، فإنها تسهم في تقليل ضغط الدم بشكلٍ طفيف.

اقرأ: كيف أحافظ على صحة قلبي في زمن كورونا؟

اقرأ: كيف تنقذ حياة مريض بجلطة في القلب؟

إنقاص الوزن

تتمثل المعضلة الأهم لدى الساعين لإنقاص الوزن في كيفية تحقيق المعادلة الصعبة بين تقليل السعرات الحرارية، وعدم السقوط فريسة للجوع والحرمان من المغذيات الحيوية للجسم، وهما من أهم أسباب فشل محاولات إنقاص الوزن. وفقًا لهذا المنظور، فالشوفان صديقٌ مثالي للريجيم.

تساهم الألياف التي يحتويها الشوفان بكثرة في الشعور بالشبع، بطرق عديدة، منها الإبقاء على الطعام في المعدة مدة أطول، والمساهمة في زيادة إفراز هرمونات الشبع.

كما أنه يمكن استغلال الشوفان في إنتاج العديد من الأطعمة اللذيذة، كالمخبوزات، والمقرمشات، والحساء… الخ، بقيمة غذائية أعلى، وسعرات حرارية أقل نسبيًا.

لكن ينبغي التأكيد على الاعتدال في تناول الشوفان لمن يريدون فقد الوزن، فهو غنيٌّ بالسعرات الحرارية كما ذكرنا منذ قليل في فقرة القيمة الغذائية، وبالتالي فالإسراف في تناوله قد يسبب عكس المطلوب.

اقرأ: دليلك لحمية غذائية غير مؤلمة

علاج الإمساك ومشاكل القولون

أظهرت بعض الدراسات العلمية أن تناول الأطعمة المحتوية على دقيق الشوفان بشكلٍ منتظم، يساهم بشكل فعال في تقليل مشكلة الإمساك المزمن، لا سيَّما لدى كبار السن، مما يساعد أكثرهم على عدم الاضطرار لتناول المُليِّنات الدوائية التي قد تسبب آلامًا بالبطن، واضطراباتٍ بالقولون، وحدوث الإسهال.

كذلك يحتوي الشوفان على مقدار كبير من السكريات المعقدة كالنشا، والتي تقوم بوظيفة شبيهة بما تفعله الألياف في تحسين عمل الجهاز الهضمي، وكذلك فإن بعضها غير قابل للامتصاص، فيظل في تجويف الأمعاء، ويساهم في تغذية البكتيريا المفيدة التي تسكن الأمعاء، وتقوم بوظائف حيوية في عمليات الهضم والامتصاص والمناعة داخل الجهاز الهضمي.

وهناك ميزة إضافية للشوفان، أنه في العموم مناسب للمرضى الذين يعانون من حساسية الجليوتين، والذين يسبب لهم القمح وغيره من الأطعمة مشكلات في الجهاز الهضمي والامتصاص. لكن يُنصح بانتقاء أجود أنواع الشوفان، لأن بعض الأنواع الأقل جودة قد تختلط ببعض الجليوتين أثناء عملية التجهيز والتعبئة.

اقرأ: كل ما يجب أن تعرفه عن القولون العصبي

اقرأ: الحموضة .. كيف نهزم نار الليل وألم الصباح

صحة الجهاز التنفسي

أظهرت بعض الدراسات أن الأطفال الأكثر تناولًا للشوفان، تقل لديهم فرص الإصابة بالربو الشعبي بشكلٍ واضح بالمقارنة بالآخرين.

الخلاصة

بالفعل يعتبر الشوفان من أفضل الأغذية من المنظور الصحي، لكن لا ينبغي أن يتصور أحدٌ أن كل ما نحتاجه هو غذاء سحري واحد، إذ لا مفر من غداء صحي متكامل نجمع فيه بين أكبر قدرٍ من الأغذية الصحية، من الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والأسماك والألبان قليلة الدسم و… الخ، وبشكلٍ متوازن، يراعي وضع كل شخص، وعمره، وحالته الصحية.