كذلك أعلن عن إقامة ميادين، ونصب تذكارية، ومسجد، وطوابع بريدية، بل ومتحف،تخليدا لـ«الشهداء»، مع خطط لاستضافة ذلك المتحف لأرشيف «سيوثق سجل كل جندي، ليشمل سيرة كل منهم الذاتية». ومع ذلك، تشن السلطات الإماراتية حملة أمنية في ذات الوقت تستهدف من ينشر قائمة، تحمل أسماء مزعومة لبعض الجنود الذين لقوا حتفهم، على وسائل التواصل الاجتماعي.

وصف موقع «ناشيونال » الحكومي الإماراتي تلك القائمة بأنها «مزورة»، واقتبس عن المحامي العام لأبو ظبي قوله إن أيا من يطلق شائعات أو معلومات خاطئة، أو أي معلومات تهدف إلى «إضعاف الروح المعنوية للشعب»، سيحاكم. كما ذكر أن مكتب المحامي العام في أبو ظبي أمر باعتقال شخص نشر القائمة المذكورة آنفا.

راجع موقع «المونيتور» القائمة، والتي تشمل الأسماء والصور المزعومة لـ23 من الجنود الـ45 المقتولين الذين يمثلون الإمارات. عبر الإحالة المرجعية مع البيانات مفتوحة المصدر مثل موقع «ناشيونال»، ووكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، ومواقع التواصل الاجتماعي، يستطيع «المونيتور» أن يؤكد تقارير دفن 20 جندي من الـ23 جندي.

علاوة على ذلك، من خلال تحليل البيانات مفتوحة المصدر بالعربية والإنجليزية، حدد «المونيتور» 12 جنديا آخرين من الـ45 جندي بناء على تقارير حول دفنهم. إلا أن الصورة تبدو أكثر قتامة عند مراجعة تفاصيل الوفيات المذكورة في الإعلام عن قرب، التي تصل إلى 32 جنديا وفق إحصاء «المونيتور».

أوقات ومواقع الدفن التي أوردها موقع «ناشيونال» الحكومي تفيد بدفن 19 جنديا، بالإضافة إلى عدد غير محدد في رأس الخيمة. ومن خلال تحليل البيانات مفتوحة المصدر، وكذلك الصور، يستطيع «المونيتور» أن يذكر دفن 12 جنديا في رأس الخيمة. وبناء على إحصاء موقع «ناشيونال»، يرفع ذلك عدد الجنود المدفونين إلى 33 جنديا.

دخل نظام التجنيد الإجباري الإمارات عام 2014 ليمتد إلى عامين للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما و9 أشهر لمن أتموا الدراسة الثانوية

أدخلت الإمارات نظام التجنيد الإجباري عام 2014، حيث يمتد إلى عامين من الخدمة الوطنية للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، وتخفض المدة إلى تسعة أشهر لمن أتموا الدراسة الثانوية، وتقضي النساء فترة تسعة أشهر تطوعية.

إلا أن الجيش الإماراتي لم يكن دائما إماراتيا. ففي الثمانينيات، كانت الإمارات الدولة الوحيدة في العالم التي «اعتمدت بشكل شبه حصري على المرتزقة». في حينها، «كانت الإمارات تجند الأجانب – خصوصا من عمان واليمن – ويتم اجتذاب الضباط من بريطانيا، وباكستان، والأردن».

ويبدو أن تلك العادة قد استمرت في بعض الجوانب. بشكل ملحوظ، وبناء على أسماء عائلاتهم، كان الكثير ممن دفنوا مؤخرا من أصل جنوب آسيوي واضح.

بعيدا عن الاعتماد على قوات عربية، وجنوب آسيوية، وغربية لتضمن أمنها، وصلت الإمارات في السنوات الأخيرة إلى أمريكا الجنوبية وجنوب أفريقيا لتجتذب قوات، وفق تقارير إعلامية.

في عام 2011، أوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ولي عهد أبو ظبي منح عقدا للملياردير المؤسس للشركة سيئة السمعة «بلاك واتر وارلد وايد» (المعروفة حاليا باسم «أكاديمي») لجمع كتيبة قوامها 800 فرد مكونة بشكل أساسي من الكولومبيين والجنوب أفريقيين، «بهدف تنفيذ مهام القوات الخاصة داخل وخارج البلاد، وإخماد الثورات الداخلية». مقتبسة عن موظفين سابقين، استطردت الصحيفة بأن «المسؤولين الإماراتيين قد تحدثوا عن استخدامهم في هجوم بحري وجوي محتمل لاستعادة سلسلة من الجزر في الخليج العربي، والتي تعتبر محل نزاع بين إيران والإمارات».

وبعد عام، في 2012، تواردت تقارير حول تعيين 842 كولومبيا بالفعل، وأن الإمارات قد سعت لتجنيد ما إجماله 3000 جندي كولومبي. جدير بالذكر توقف استقدام الجنود الجنوب أمريكيين، وفق تقارير، من خلال مؤسس «بلاك واتر»، بل أصبح لديهم عقود مباشرة «مع الحكومة الإماراتية».

إلا أن محللا أمنيا مطلعا، ومقيما في الخليج، قال للـ«مونيتور»: «أشك في وجود الكولومبيين في اليمن»، مضيفا أن «معظم الجنود» على الأرض كانوا «إماراتيين». وتابع بأن مسألة هويات الجنود الإماراتيين المقتولين تمثل «قضية ساخنة للغاية»، ويتابع: «هناك مشكلتان: إن كان القتلى غير إماراتيين، فالأمر يبدو سيئا. وإن كانوا غير إماراتيين على نحو غير ملائم، فهناك مشكلات كبيرة تتعلق بعائلات هؤلاء الجنود».

بعد هجوم 4 سبتمبر الذي حصد أرواح 60 من جنود مجلس التعاون الخليجي،أصدر وزير الدفاع السعودي توجيها بمعاملة «الشهداء» الإماراتيين والجنود البحرينيين تماما كالسعوديين، «ماديا ومعنويا». لدى دول مجلس التعاون الخليجي، والبحرين تحديدا، تاريخ مميز في اجتذاب أفراد أمن باكستانيين. وبالفعل، قوبل الرفض الباكستاني للإذعان للطلب السعودي لتقديم قوات برية بانتقادات حادة من قبل الرياض وأبو ظبي.

ولكن بدلا من مشاركة الآسيويين والأمريكيين الجنوبيين في اليمن، وردت تقارير حول قتال قوات أفريقية إلى جانب قوات مجلس التعاون الخليجي.

في عام 2012 تواردت تقارير حول تعيين 842 كولومبيا بالفعل وأن الإمارات قد سعت لتجنيد ما إجماله 3000 جندي كولومبي

في مايو، أعلنت دولة السنغال، الأفريقية الغربية، عن اعتزامها إرسال 2100 جندي إلى السعودية لينضموا إلى العملية «العربية» في اليمن. علاوة على ذلك، وفي الأيام الأخيرة، ظهرت تقارير عن إرسال السودان – التي اعتبرت طويلا حليفا إيرانيا رغم استمالتها للانضمام إلى العملية اليمنية – لـ 6000 جندي.

جدير بالملاحظة أن البنك المركزي السوداني قد أكد تلقيه مليار دولار من السعودية، كما أعلن وزير المالية في أبريل عن إيداع مليار دولار أخرى من قطر أيضا. وفي سياق منفصل، بدأت مصر أيضا، وفق تقارير، إرسال 800 جندي، بينما ترسل قطر 1000 جندي.

إلا أنه يبدو أن «الجنود الأفريقيين» الذين ذكرتهم التقارير في اليمن قد لا يكونوا سنغاليين ولا سودانيين. بل قد يكونوا آتين من الجارة اليمنية التي مزقتها الحرب، الصومال.

في أبريل، أعلن وزير الخارجية الصومالي عبدي سلان عمر هدلي، أن بلاده سوف تسمح للقوات تحت قيادة مجلس التعاون الخليجي باستخدام مجال بلاده الجوي، والبري والبحري في عملياتها باليمن. وبعد شهرين، في مطلع يونيو، قام وزير الخارجية الإماراتي بزيارة نادرة إلى الصومال، حيث التقى بالرئيس الصومالي ومسؤولين بارزين. وبعد أيام، وصلت عربات مصفحة، وعربات من نوع «تويوتا لاند كروزر» ومعدات أخرى كحاملات الدبابات من الإمارات.

في مطلع سبتمبر، قبل أيام فقط من الهجوم الحوثي الذي حصد أرواح 45 جنديا إماراتيا،أوردت تقارير اتهام دبلوماسي صومالي مجهول الهوية للرئيس الصومالي، حسن محمود، بـ«السماح للإمارات بتدريب الجنود الصوماليين من أجل القتال في اليمن، بدلا من قتال تنظيم الشباب».

زعم الدبلوماسي المجهول أنه بينما كان جنود الاتحاد الأفريقي يقاتلون المتمردين الصوماليين، «قاتل بعض الجنود في اليمن، ويجب أن يعرف العالم أجمع بذلك». كما أضاف الدبلوماسي أنه قد يكون هناك أكثر من 500 جندي صومالي يتدربون للقتال إلى جانب القوات الإماراتية، وأن الرئيس الصومالي «يفعل ذلك حتى يحصل على تمويل من الإمارات ليحمي نفسه في ظل المذكرة المقدمة ضده حاليا في البرلمان».

في سياق منفصل، في 9 سبتمبر، اقتبس تقرير آخر دهبو عبدي فرح، رئيس جالية اللاجئين الصوماليين في العاصمة اليمنية، صنعاء، «مؤكدا على وجود الصوماليين المدربين على يد الإمارات بين صفوف القوات العربية».

حيث تظل جالية اللاجئين الصوماليين، الذين هربوا من بلدهم، عالقة وسط تبادل النيران بين الفصائل اليمنية المتنازعة والضربات الجوية تحت قيادة مجلس التعاون الخليجي حاليا. بالفعل، اقتبس عن عبدي فرح قوله: «نحن خائفون للغاية بسبب تلك القوات الصومالية. فوجودهم قد يمهد الطريق لهجمات تمييزية تستهدف الصوماليين في صنعاء».

بغض النظر عن صحة المشاركة الصومالية للإمارات في اليمن، يبدو أن عملية إعادة الأمل بقيادة مجلس التعاون الخليجي تتخذ منحى أفريقيا بشكل متزايد.

*محمد على شعباني محرر «نبض إيران» بموقع «المونيتور».

*ترجمة فريق موقع راقب

المراجع
  1. Yemen's African connection