قم بتشغيل حاسوبك، افتح محرك البحث جوجل وابحث عن اسم عمر السومة! فقط تحتاج ذلك لمعرفة الموهبة المطلة عليك من باب الدوري السعودي للمحترفين، فما بين شاهد هدف ولا أروع للسومة، وآخر بعنوان: لا يفوتك هل ينافس هدف عمر السومة على جائزة بوشكاش؟ ستدخل في حالة من الانجذاب لمشاهدة أهداف ذلك المهاجم السفاح وغالبًا لن تتوقف.

عمر السومة هو اسم أفضل مهاجم عربي خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، الأمر لا يحتاج إلى نقاش. تحديدًا منذ انتقاله للأهلي السعودي في يوليو 2014 حين منحته الظروف القدر الكافي من الحظ ليحظى بشهرة غابت عنه أيام لعبه بالكويت أو إبان مراهقته في سوريا. تلك الشهرة التي لم يكتسبها عمر بسبب موهبته الخارقة أو بسبب نجوميته كلاعب فحسب، لكن بسبب جنسيته أيضًا. ما يحدث في سوريا يجعل كلمة سوري لا تمر مرور الكرام على مسامع الجمهور أو الإعلام.


الحكاية من هُنا، الشكر لسوريا

لا تخفى الأحداث السورية التي انطلقت بداية 2011 وسط موجات الربيع العربي على أحد، وبالتأكيد لم يقتصر تأثيرها على الأوضاع السياسية والعسكرية فقط ولكن بالتأكيد أثرت على كل شيء هناك. لم يكن السومة ببعيد عن الأحداث وترك نادي الفتوة الذي قضى شبابه به مُتجهًا نحو الكويت للعب بنادي القادسية.

بدأت موهبته في الظهور على الساحة العربية كمهاجم كما ينبغي أن يكون، بداية من القدرات البدنية والطول الفارع مرورًا بالفطرة السليمة في التحرك في المساحة الخالية اتجاه المرمى نهاية بالقدم التي تمتلك 10 عيون لا يرون سوى المرمى. الفائدة الأولى للوضع السوري كان هو خروج السومة للبحث عن الاستقرار خارج القُطر السوري، ربما لم يكن ليخرج السومة من بوابات دمشق إذا كان الوضع مستقرًا، ربما.

هناك في الكويت قام السومة بفعل كل شيء حيث 63 هدفًا مُسجلاً وبطولتي دوري وبطولتي كأس وبطولتي سوبر في ثلاث سنوات، ليعلن الوطن العربي ميلاد نجم هجوم جديد لا ينافسه أحد.


في المملكة، السومة يحصد كل شيء

في يوليو 2014 ينتقل السومة من القادسية الكويتي للأهلي السعودي بعد مشاكل مع إدارة القادسية من جانب وتهديد الكويت بإيقاف النشاط الكروي من جانب آخر. وفي أول مواسمه 2014/2015 يتوج السومة هدافًا للدوري السعودى برصيد 22 هدفًا في 22 مباراة ويثبت سريعًا أنه من طراز فريد.

يأتي بعد ذلك الموسم الذي وصفه السومة أنه أفضل مواسم حياته،الموسم الذي سجل فيه 27 هدفًا في 22 مباراة بالدوري السعودي. هذا مبهر بالطبع، ولكن الأكثر إبهارًا هو أن تلك الأهداف كانت العامل الرئيسي في تحقيق الأهلي لبطولة الدوري السعودى للمرة الأولى منذ 32 عامًا في موسم 2015/2016.

أصبح اسم السومة مقدسًا عند جمهور أهلي جدة، ليكمل السوري المهاجر النجاح الساحق ويحصد لقب هداف الدوري السعودي للمرة الثالثة تواليًا برصيد 24 هدفًا مرة أخرى في موسم 2016/2017، ليصبح اللاعب الأول في تاريخ الدوري السعودي الذي يسجل أكثر من 20 هدفًا لثلاث مواسم متتالية.


الجانب الحزين من السومة، سوريا!

تظل علاقة السومة بسوريا من خلال كرة القدم، أو على الأقل تبدو كذلك أمامنا كجمهور ولكن نحن ننسى في الغالب أن السومة بشر، أنه مواطن سوري له عائلة ويهتم بأمان مستقبلهم.

تغيب السومة عن المنتخب الوطني السوري حتى 2017 وهنا بدأت التكهنات، هل هو معارض لبشار الأسد والنظام السوري؟ أم أنه تلقى تعليمات من الجانب السعودي بعدم تمثيل منتخب سوريا نظرًا لعلاقات البلدين المتوترة؟ أم أنه تلقى الرفض من الجانب السوري لتمثيله فريقًا سعوديًا؟ وهنا تم اتهامه من السوريين بعبادة المال.

الأمر بأكمله ليس دفاعًا عن السومة أو هجومًا عليه ولكن الحرص في تقييم مواقف الناس قد يكون مفيدًا في بعض الأحيان. فمثلًا عندما عاد السومة لتمثيل سوريا في تصفيات كأس العالم وقام بمعجزة تؤهل الفريق لملحق أمام أستراليا وسجل هدفًا في الذهاب وهدف الإياب وتوقف التأهل تحت قدميه بركلة حرة مباشرة في الدقيقة 119، لترتطم بالقائم ويبكي السومة الذي كان يستعد للتنفيذ وهو يقول: «يارب ما تيجي بالحيطة».

هُنا أصبح السومة بطلاً شعبيًا، ثم يأتي بعدها لقاء تلفزيوني يشكر فيه الرئيس بشار الأسد بسبب اهتمامه بالرياضة السورية ورعايته لها فيتلقى الهجوم من كل نحو وصوب، بل واُتهم بأنه معارض للثورة السورية وأن النظام السوري يستخدمه ضمن أساليبه، رغم أن مصادر كثيرة تضمنت أن السومة تدخل ليفرج بشار عن أحد أصدقائه القدامى؛ لذلك شكره!

هو لاعب مذهل، ربما سيتكرر بصعوبة أو لن يتكرر، ولكن كما كان الوضع السوري سببًا في خروجه وتألقه كان سببًا مؤرقًا له طوال مسيرته بسبب شهرته ومواقفه.


فخر العرب الحقيقي

محمد صلاح أم رياض محرز؟ لا لا، قد يأتي البعض بخيارات أخرى مثل المهدي بن عطية، أو البعد أكثر والحديث عن نبيل بن طالب وعيسى ميندي و وهبي الخزري . الإجابة نسبية دومًا على حسب الجنسية والميول. لكن ماذا عن عمر السومة؟ لماذا لا يستطيع المنافسة على اللقب المزعوم؟ اللقب الذي سيطر على مواقع التواصل الاجتماعي منذ سنتين أو أكثر.

الإجابة قد تبدو سهلة في الغالب وهي أن صلاح ومحرز وبن طالب يلعبون في ليفربول ومانشستر سيتي وشالكة وينافسون على كبرى بطولات العالم، أين تلعب أنت يا عمر؟ الأهلي السعودي!

السطحية قد تُكلف السومة اللقب ولكن التفكير بعمق أكثر والنظر من زوايا مختلفة قد يجعلك تمنح السومة اللقب أو على الأقل لقب فخر العرب داخل الوطن العربي كما فعل الاتحاد الإفريقي مع أبو تريكة في 2008 حينما قرر مجاملة أديبايور لمجرد لعبه بالخارج فقط.

السومة الذي عانى الأمرين خارج بلاده، الذي عاش توترات في كل موقف استدعى أن يقول فيه جنسيته، في كل مرة كذب إشاعة تقول إنه سيتخلى عن وطنه وينضم للمنتخب السعودي. ضغوط عديدة تحملها السومة، ناهيك عن الموهبة الفذة والأرقام القياسية التي لا تجعله يقل في مستواه عن كل من يتنافسون على هذا اللقب.

السومة هداف من طراز عالمي، ليس ذلك فحسب بل إن أرقامه فعليًا من الصعب ذكرها جميعًا، ولكن على سبيل المثال لعب السومة 101 مباراة في الدوري السعودي وسجل 99 هدفًا، يحتاج هدفًا واحدًا في 44 مباراة قادمة ليصبح أسرع لاعب يسجل 100 هدف، خارق!

أرقام كثيرة سجلها السومة في السعودية كأسرع هدف لبديل وأعلى معدل تهديفي وتسجيله في كل فرق الدوري التي قابلها. السومة الذي عاش فترة تدريبية مع نادي نوتنجهام فورست ولعب 3 وديات سجل هدفين مما أبهر شون أودريسكول وحفزه للتعاقد معه في 2012، ولكن حسب بعض الأخبار لم ينجح السومة في استخراج تصريح عمل، ربما بسبب جواز سفره السوري. وبالمناسبة في 2015 غضبت جماهير نوتنجهام بعد شهرة السومة وإبراز موهبته .

ربما كان السومة في مكان أفضل في أوروبا الآن، ولكن وعلى حد قوله إن الوضع السوري صعب، كذلك ارتباطه بأهله وصعوبة تركهم حجّمه كثيرًا. الأكيد أن موهبته كانت تستحق الشهرة أكثر على المستوى الدولي ولكن هيهات، يجب أن ينطبق عليه الاسم كما ينبغي «فخر العرب الحزين».