واحد من الباحثين المصريين في الخارج سطع اسمه بشكل كبير مؤخرًا، وارتبط بكشف علمي جديد في مجال المضادات الحيوية يعد فتحًا جديدًا في هذا المجال الحيوي، الذي أصبح يهدد حياة البشر الآن.

حيث كان ضمن الفريق البحثي من جامعة ماك ماستر الكندية، ونشر بحثه في مجلة نيتشر المرموقة، حيث تتركز دراسة البحث على المكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus)، التي تُعد سببًا رئيسًا في الكثير من العدوى التي يتعرض لها الإنسان في الوقت الحالي.

اقرأ أيضًا: أمل جديد في الحرب على البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

هو عمر الحلفاوي، الباحث المصري في قسم الكيمياء الحيوية وعلوم الطب الحيوي في جامعة ماك ماستر، وابن مدينة الإسكندرية الذي تفوق في كلية الصيدلة أثناء فترة الدراسة بالجامعة، ومن ثَم عُين معيدًا بقسم الميكروبيولوجيا والمناعة، وحصل على درجة الماجستير، ثم انتقل إلى كندا من أجل دراسة الدكتوراه.

إضاءات تواصلت مع الحلفاوي، وطرحت عليه العديد من الأسئلة حول الاكتشاف الأخير، ومشواره حتى الوصول إلى ماك ماستر في كندا، وأيضًا عن نصائحه لشباب الباحثين، وأحلامه في المستقبل.

في البداية، وبشكل مبسط، اشرح لنا فكرة البحث المنشور مؤخرًا..

فكرة البحث المنشور تدور حول إيجاد طرق جديدة لمكافحة عدوى ميكروب ‏المكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus) والتي تمثل مشكلة كبيرة حول العالم. ‏وبالتالي فقد ‏بحثنا في أعداد هائلة من المركبات للحصول على مركب ‏فعال ضد هذه الميكروبات، خاصة ‏المقاومة للمضادات الحيوية.

ما المميز في هذا الاكتشاف عن المضادات الحيوية الأخرى الموجودة حاليًّا؟

‏يتميز المضاد الحيوي الجديد عن باقي ‏المضادات الحيوية التقليدية بأنه لا يقتل الميكروبات، ولكنه ‏‏‏يشل ‏قدرتها على إحداث العدوى، ‏ويسلبها قدرتها على مقاومة بعض المضادات الحيوية. ‏فهو يعمل على نزع ‏ما يمكن أن نتصوره بالدروع (Resistant Mechanisms) ‏التي تحميها من جهاز المناعة وبعض المضادات الحيوية.

هل يمكن لبكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (MRSA) أن تقوم بعملية مقاومة ضده؟

‏عمليًّا، لا يمكن التصور أن البكتيريا لن تستطيع مقاومة ‏أي مركب أيًّا كان. ‏فالبكتيريا قادرة على تطوير نفسها بسرعة كبيرة في مواجهة أصعب الظروف، ولكن كل ما نتمناه ‏هو تقليل فرص ومعدلات حدوث المقاومة؛ وبالتالي فمن غير المستبعد أن تحدث ‏مقاومة لهذا المركب، ولكن نظرًا لأنه لا يقتل الميكروب فذلك يقلل من احتمالية تكوين المناعة ولكنه لا يلغيها تمامًا.

متى نرى هذا البحث في شكل منتج دوائي في الصيدليات؟

لكي يظهر المركب في شكل دوائي في الصيدليات يحتاج إلى المرور بالعديد من المراحل منها الاختبار في حيوانات التجارب وإجراء التجارب الإكلينيكية، ‏وهذه الخطوات تحتاج إلى بعض الوقت.

هل سيتم تصنيعه كمنتج بمفرده مضاد للبكتيريا، أم سيدخل في تركيبات المضادات الحيوية الموجودة بالفعل مثل الـ Clavulanic acid، والتي تضاف إلى الـ Amoxicillin؟

‏على الرغم من أن هذا المركب لديه فاعلية العمل منفردًا، لكن أعتقد أنه من الأفضل أن يتم تصنيعه مع مضاد حيوي آخر، وخصوصًا من عائلة البنيسيللين (Penicillin).

هل هذا الاكتشاف يمكن أن يفتح الطريق أمام جائزة نوبل جديدة لمصر خلال المستقبل القريب؟

‏أعتقد أن الطريق ما زال طويلًا للجميع من أجل الحصول على جائزة نوبل في مجال المضادات الحيوية وعلاج الأمراض المعدية. ‏فأمامنا الكثير من العمل في هذا المجال من أجل حل ‏أزمة المضادات الحيوية التي تهددنا حاليًّا.

هل هناك مواد أخرى قيد الأبحاث حاليًّا؟

نعم، يوجد مركبات أخرى قيد البحث أظهرت نتائج إيجابية.

بعد نشر البحث الأخير، ما هي خطوتك القادمة؟

الخطوات التالية هي استمرار البحث عن مركبات وطرق جديدة لمكافحة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية. وفي الوقت نفسه نحاول إيجاد شراكات ‏من أجل تطوير المركب الجديد الذي نشرناه كبداية ‏على طريق الترخيص لاستخدام هذا المركب.

نعود بالزمن للوراء قليلًا، احكِ لنا عن طفولتك وكيف نشأت؟

‏أنا مواليد مدينة الإسكندرية، وحصلت على بكالوريوس العلوم الصيدلية من كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، وتم تعييني بها كمعيد، ثم حصلت على درجة الماجستير في الميكروبيولوجيا الصيدلية، ‏وبعد ذلك سافرت إلى كندا من أجل الدراسة.

لماذا قررت دخول كلية الصيدلة؟ وكيف تفوقت فيها؟

اخترت الالتحاق بكلية الصيدلة نظرًا لاهتمامي بالمجالات المختلفة المتعلقة بالأدوية، سواء كان اكتشافًا أو تصنيعًا وما إلى ذلك، وأيضًا ‏لأني كنت وما زلت مهتمًّا بما يخدم المرضى. ‏وقد تفوقت فيها أولًا بتوفيق من الله ثم بالاستفادة من خبرات وعلم أساتذة الكلية وباجتهادي مع دعم أسرتي.

كيف وصلت لمكانك الحالي في جامعة ماك ماستر في كندا؟

التحقت بجامعة ماك ماستر بعد ‏الخبرة التي اكتسبتها بجامعة وسترن أونتاريو، والأبحاث التي نشرتها في مجال اكتشاف طرق جديدة تقوم ‏بها الميكروبات بمقاومة المضادات الحيوية ‏واكتشاف آليات لوقف هذه الطرق. فكانت هذه الخبرة مهمة للبناء عليها والنجاح في اكتشاف مضادات حيوية جديدة في ماك ماستر.

على ذكر الجامعة، ما سر تميز ماك ماستر في أبحاث مقاومة البكتيريا؟

السر ‏يكمن في التمويل الضخم، سواء من الحكومة الكندية أو عن طريق التبرعات، ‏لإنشاء بنية تحتية من أجهزة ومعامل على أعلى المستويات، وكذلك الرؤية لتعيين والاستعانة بخبرات يعملون بشكل تكميلي في البحث ‏والتصدي لمشكلة مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية والأمراض المعدية من شتى الجوانب.

كنت معيدًا في قسم الميكروبيولوجيا والمناعة في كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، فما الفارق بين جامعة الإسكندرية وماك ماستر؟

في الحقيقة، يوجد أساتذة كبار على درجة عالية من العلم بعضهم تدرب في الخارج، وقد تتلمذت على أيديهم ‏وحصلت على درجة الماجستير هناك.

الفرق الوحيد قد يكون في توافر الأجهزة المتطورة والتمويل ‏المستمر لدعم إجراء التجارب وشراء الكيماويات وما إلى ذلك.

ما هي رسالتك لشباب الباحثين في مصر؟

أنا أعتبر نفسي أيضًا من شباب الباحثين، ولذلك فإن رسالتي لهم وأنا معهم أن نستمر في العمل حتى ولو واجهتنا نتائج ‏محبطة، فعلى المدى البعيد سنصل إلى نتائج إيجابية. الأمر الثاني هو مداومة الاطلاع على الأبحاث المنشورة بالخارج، فإنه لو لم تتوفر الإمكانيات‏ في مصر، فعلى الأقل ستكونون على دراية ومعرفة بأحدث الأفكار والأساليب العلمية.

بما تحلم مستقبلًا؟

على المستوى الشخصي أحلم بتقديم واكتشاف مجموعة متنوعة من المضادات الحيوية الجديدة التي تصل للاستخدام الآدمي لمساعدة المرضى.

وبوجه عام أتمنى ‏تقدم أكبر لمنظومة البحث العلمي في الجامعات المصرية.