لقد عانت حركة فتح كثيرًا على مدار السنوات الماضية، من صراعات داخلية وانشقاقات، أدت إلى تصدعات داخلها كادت أن تعصف بها، نتيجة لاحتوائها على تيارات فكرية وسياسية وتنظيمية مختلفة، وما زالت الصراعات مستمرة داخل أروقة الحركة، وهو ما يعمل على تمزيقها ودخولها في مرحلة ضبابية قاتمة.


تاريخ الصراعات في فتح

نظرًا لتنوع الرؤى السياسية والفكرية داخل حركة فتح؛ فقد شهدت الحركة عدة انشقاقات كان أبرزها في الأعوام (1975-1983).

انشقاق أبو نضال

منذ أن تبنت قيادة فتح نهج التسوية السلمية للقضية الفلسطينية؛ بدأت أصوات المعارضين تعلو لرفضهم لتلك السياسة، وكانت ظروف مواتية لعضو المجلس الثوري في فتح ومعتمدها في العراق «أبو نضال» (صبري البنا)، فانشق على الحركة 1975، وسمى تنظيمه الجديد باسم «فتح – الخط الصحيح».

تركزت الكتلة الرئيسية لهذا التنظيم في العراق، وسرعان ما انضمت مجموعة أخرى إلى هذا التنظيم، عام 1976، وجاءت نسبتها الأكبر من جسم فتح في لبنان، وفي أواخر عام 1977، حمل التنظيم اسم «فتح – المجلس الثوري».

في الفترة التي تلت خروج فتح من لبنان وتمركز قيادتها في تونس، ازدادت وتيرة الانشقاقات والاغتيالات، ففي مايو/ آيار عام 1983 قاد عضوا اللجنة المركزية لفتح «صالح أبو صالح» و«سميح كويك» انشقاقًا على الحركة، تعزز بتحرك عسكري بقيادة العقيد «سعيد مراغة (أبو موسى).

الانشقاق الثاني

أدت التحركات السياسية للقيادة الفلسطينية، وإعلانها عدم اشتراط إلغاء معاهدة كامب ديفيد، لاستئناف العلاقات مع مصر، وتواصل الحوار مع الأردن، واستغلال المنشقين للشعور بالإحباط والمرارة بين قواعد الحركة في سوريا؛ إلى إصدار مذكرة داخلية انتقدت التركيز على الهم الفلسطيني دون البعد العربي، و«عدم الجدية في النضال في الضفة»، كان دافعا للتمرد، إضافة للدور السوري المساند والدور الليبي الداعم ماليًا.

فقام «سعيد مراغة» (أبو موسى) من مقره في الحمّارة بسهل البقاع، بتنسيق الاتصالات بالضباط المتعاطفين مع الانشقاق منذ إبريل/ نيسان عام 1983. وفي أوائل الشهر التالي اتفق «أبو صالح، قدري، وأبو موسى، وأبو خالد العملة» مع عدد من التنظيمات الأخرى كان من بينها جماعة «أبو نضال» على ما أسموه (تصحيح مسار الثورة).

فكان من نتائج هذا التمرد أن استولى «أبو موسى» في الـ9 من مايو/ آيار عام 1983 على قيادة قوات اليرموك، بعد أن تسلم 60 طنًا من الأسلحة عبر الاستخبارات السورية، وأعلن مع شركائه ما أسموه (الحركة التصحيحية) في حركة فتح، والتي عرفت لاحقًا باسم «فتح – الانتفاضة».

ورغم اقتراحات الحلول الكثيرة والوساطات إلا أن الشق تعمق، والمأزق كبر مما دفع المنشقين للتصعيد العسكري، حيث هاجموا قوات فتح في مناطق تعنايل، وتعلبايا، الواقعة في سهل البقاع اللبناني بدعم دبابات «الجبهة الشعبية – القيادة العامة» الموالية لسوريا، فيما احتلت القوات السورية معسكر حمّورية، ومواقع فتح في البقاع، وحاولت اغتيال «ياسر عرفات» ثم قامت بطرده.


ماذا بعد أوسلو؟

منذ اتفاق أوسلو وحركة فتح؛ تعاني فتح من مشاكل تنظيمية عديدة ظهرت بعد دمج العناصر التنظيمية في السلطة؛ مما شكَّل حالة من الفراغ التنظيمي، وقد سيطرت السلطة بنفوذها على القرار الفتحاوي.

ومع بدء انتفاضة الأقصى، وتصاعد العدوان الإسرائيلي، وانخراط بعض فصائل المقاومة في العمل العسكري ضد الاحتلال؛ بدأت بعض شخصيات ودوائر فتح الميدانية في مراجعة خياراتها، وإعادة تقييم المواقف السابقة التي اتخذتها عقب توقيع اتفاقات أوسلو ونشوء السلطة. كان السبب وراء ذلك هو الحيلولة دون انعزالها عن مسار الأحداث، مما اضطرها إلى تشكيل الجناح العسكري «كتائب شهداء الأقصى».

وقد تركز فعل الكتائب على استهداف المستوطنين الإسرائيليين في الطرق الرئيسية والمحاور الالتفافية في الضفة الغربية، قبل أن توسع دائرة عملها المقاوم ليشمل فلسطين المحتلة عام 1948، في قفزة نوعية شكلت تجاوزًا للسياسات التقليدية التي تتبناها فتح، مما خلق بدوره الكثير من التناقضات الداخلية بين الحرس القديم والجيل الجديد فيها.

لذلك أعلنت اللجنة المركزية للحركة، عن إدانتها للعمليات العسكرية التي تنفذها الكتائب داخل فلسطين المحتلة عام 1948، إلى أن بلغ الأمر حد التنصّل الكلّي من الكتائب، فضلًا عن مواقف شبيهة للمجلس الثوري. إلا أن ذلك لم يؤثر كثيرًا على عمل الكتائب الذي استمر داخل العمق الإسرائيلي، مما شكل انقسامًا حقيقيًا في موقف حركة فتح، وأدخلها في حالة من الضبابية والتيه السياسي.


الحرس القديم – الحرس الجديد

ضعفت سيطرة «عرفات» على فتح، وتجلّت من خلال ضعف سيطرته على مؤسسات السلطة الفلسطينية، إثر الضربات الإسرائيلية المتعاقبة للسلطة إبان انتفاضة الأقصى، خاصة في ظل الحصار الشهير لمبنى المقاطعة عام 2002، والتي أدت إلى إفساح المجال أمام تصاعد التناقض الفتحاوي الداخلي، وخروجه إلى العلن.

نتج عن ذلك استقطابين رئيسيين. تشكّل الاستقطاب الأول من الرئيس «عرفات»، وحلفائه من أعضاء اللجنة المركزية لـفتح، وقسم كبير من الوزراء والمسؤولين السياسيين والأمنيين، والعديد من أعضاء المجلس الثوري وقادة الحركة الميدانيين، فيما يعرف بالحرس القديم، وتميز بامتلاكه زمام الأمور.

أما الاستقطاب الثاني؛ فقد تألف من مدير جهاز الأمن الوقائي والوزير السابق «محمد دحلان»، بإسناد روحي وسياسي من «محمود عباس» (أبو مازن) عضو اللجنة المركزية لـفتح آنذاك، وحلفائه من قادة وعناصر جهاز الأمن الوقائي.

أيضًا بالإضافة إلى بعض الوزراء الشبان، والكثير من أعضاء المجلس الثوري للحركة، ونسبة من القيادات الحركية الميدانية وخاصة في قطاع غزة، فيما يعرف بالجيل الجديد. تميز بسيطرته الواسعة على المجريات الميدانية، وقدرته على إرباك التيار الأول -الذي يمثل القيادة الرسمية للحركة- وإزعاجه والتشويش عليه في كثير من الأحيان.

وقد جعل الجيل الجديد مصطلح «الإصلاح» شعارًا له، وأعلن في كل المحافل أن إصلاح وضع فتح الداخلي، وانتشالها من أزماتها التنظيمية المتفاقمة، بات هدفًا مشروعًا يجاهد لتحقيقه، مما أعطى تحركاته وفعالياته المناوئة للحرس القديم غطاء «شرعيًا»، وإن كان زائفا في نظر الكثيرين.

ولم يقتصر صراع هذين التيارين على الهجوم الخطابي أو البعد الكلامي فحسب، بل تعداه إلى صراعات ميدانية جسدتها صدامات الشوارع التي بلغت ذروتها بالهجمة التي مارسها الجيل الجديد ضد الحرس القديم، متمثلا في عرفات شهر يوليو/ تموز عام 2004، احتجاجًا على إجراء «عرفات» تعديلات أمنية جوهرية في بنية ومسؤولية الأجهزة الأمنية، تُرجّح كفة ميزانه وحلفائه في مواجهة الخصوم الصاعدين.


رحيل عرفات: مرحلة جديدة من الصراع

ومع وفاة الرئيس «ياسر عرفات» عام 2004، واختيار «أبو مازن» خلفًا له؛ واجه الحرس القديم انتكاسة بالغة أضعفت قوته وزادت من حظوظ خصمه، وخاصة بعد انضمام بعض الشخصيات والرموز الموالية للحرس القديم إلى الجهة الأخرى، وباتت موازين القوى تميل شيئًا فشيئًا لصالح الجيل الجديد بقيادة «أبو مازن».

وقد هدّد انشقاق كبير، الحركة عدة أيام قبل تقديم اللوائح الإنتخابية للحركة في العام 2006، حيث بحث القياديان البارزان فيها «مروان برغوثي، ومحمد دحلان»، إمكانية تشكيل قائمة منافسة لقائمة الحركة الرسمية، متهمين القيادة بإقصاء الوجوه الشابة، والإبقاء داخل القائمة على الرموز والقيادات القديمة.

وجاءت نتائج الانتخابات التشريعية بما شكلته من صدمة قاسية لـفتح، لتشعل بشكلٍ مباشر فتيل الصراع بين التيارين، وسط دعوات صريحة بإسقاط اللجنة المركزية للحركة والتمرد عليها، وتحميلها مسؤولية الفشل الانتخابي الكبير.


عباس وتفاقم الأزمات

بعد غياب «عرفات»، أصبح هناك أزمة ترهل في البنية المؤسسية والتنظيمية، وأزمة تحديد المسارات الاستراتيجية، بسبب فشل التسوية وعدم قدرة الحركة على الرجوع لخيار المقاومة، وضعف أداء السلطة في الضفة الغربية واستمرار المشاكل الاقتصادية، وضعف أداء الجهاز الحكومي، كما يرى محللون.

وقد عمل «عباس» منذ توليه قيادة فتح، على التعامل مع معارضيه في حركة فتح بالإقصاء. فقام بإقصاء معظم القيادات التاريخية لفتح مثل «فاروق القدومي» بتجريده من منصبه في الدائرة السياسية لمنظمة التحرير، ومن ثَمَّ إقصاؤه من مركزية فتح.

هذه الحالة تمثل نموذجًا لتفرد «عباس» بالقرار مستغلاًّ قيادته للسلطة والتحكم بالأموال. زادت حدة الأزمات داخل الحركة بعدما ظهر الصراع بين «محمود عباس، ومحمد دحلان». وكان من تبعات ذلك هو إبعاد «عباس» لـ«دحلان» عن حركة فتح وإقصاؤه، وتحريك ملفات فساد مالي ضده، والضغط على قيادات فتحاوية للابتعاد عنه، وهو ما أحدث أزمة عميقة داخل فتح، فهناك تيار واسع داخل الحركة مازال يؤيد «دحلان».

ومما لا شك فيه أن الصراع الدائر حاليًا بين «عباس ودحلان» يعكس عمق الأزمة داخل حركة فتح بجوانبها التنظيمية والسياسية. ففي حين يُحمِّل أنصار «عباس» مسؤولية ما جرى لـ«دحلان»، يرى أنصار الأخير أن انحدار شعبية فتح وتراجع قوّتها إلى هذا المستوى جاء في عهد «عباس».

كما تصاعدت الصراعات بشكل ملحوظ داخل أروقة السلطة الفلسطينية في الآونة الاخيرة، خصوصًا بعد اقالة أفراد، ومحاولات اعتقال واستدعاء لقيادات كانت لوقت قريب بالنسبة لرئيس السلطة «محمود عباس» من المقربين وأصحاب الثقة.

فبعد يومين من اغلاق مؤسسة تابعة لـ«سلام فياض» رئيس وزراء عباس السابق، واستدعائه للتحقيق، طال الدور أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، والذي أعفاه عباس من منصبه. وقد علم الرجل الخبر عبر وسائل الاعلام، دون أن يُبلَّغ بذلك بشكل رسمي، ما يفصح، عن فصل جديد من فصول الصراع المحتدم داخل المنظمة. وقد جاءت هذه الخطوات من قِبل «عباس» في ظل الحديث عن جهود بعض الدول للبحث عن بديل له.

وما زاد من حدة الأزمات التي تعيشها فتح، هو قرار الرئيس «محمود عباس» بتعيين «صائب عريقات» أمين سر اللجنة التنفيذية، وبعد طرح التصويت رفض قرار تكليف «عريقات» أمينًا للسر عضوي لجنة مركزية؛ وهما «جبريل الرجوب» (أبو رامي) و«توفيق الطيراوي» (أبو حسين)، ووافق 14 عضو لجنة مركزية على القرار، أي نصف أعضاء المركزية + 1 فقط.

وحيث أن أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح 23 عضوًا ولم يحضر الاجتماع سوى 16 عضوا والرئيس.. ولم يحضر بقية الأعضاء الـ23؛ بالتالي فإن التصويت لصالح «عريقات»، حاز على النصف + 1 فقط. وبحسب المصادر الموثوقة فإنه وبعد إعلان طرح البند للمناقشة، والتصويت رفض «جبريل الرجوب» الطريقة، وتحدث في الجلسة قائلًا:

«احنا مش طراطير -احنا بنعرف شو بيصير في البلد»، وأضاف:«قصة تعيين عريقات مش صحيحة »، إلاّ أن الرئيس «أبو مازن» أعلن فورًا فض الجلسة وإنتهاء الاجتماع.

ويبدو أن «عباس» يريد أن يصنع خليفته على عينه، لذلك يضع من يشاء في مناصب قيادية، ويُخرج آخرين، وهو ما يشعل نار الصراع المحصور بين قيادات فتح والدائرة المقربة من «عباس». وفي اطار الصراع الدائر حاليًا في فتح ظهرت تصريحات لـ«عبد ربه» مفادها أن «لحمه مر» وأنه يملك العديد من الملفات التي سيفضحها في حال جرى استبعاده واخراجه من اللعبة.

تهديدات «عبد ربه» غير المباشرة؛ قد تكون جدية خاصة أن الرجل كان حتى وقت قريب من الدائرة المغلقة حول «عباس»، ويملك الكثير من الملفات التي يمكنه فضحها. وتتزايد التسريبات حول نية «أبو مازن» ترك مناصبه الثلاثة (رئاسة فتح، والسلطة، ومنظمة التحرير)، فقد أعلن الرجل استقالته في أغسطس/ آب الماضي من رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة، إلى جانب تسعة من رفاقه في اللجنة التي تضم 18 عضوًا، الأمر الذي اعتبره البعض مناورة لفرض رؤيته وتقوية نفسه وحلفائه في وجه معارضيه.

وبحسب نظام منظمة التحرير؛ فإن خطوة الاستقالة تجبر المجلس الوطني الفلسطيني المؤلف من 714 عضوًا على الانعقاد في غضون 30 يومًا لانتخاب لجنة جديدة. وفي حين قال المقربون من «عباس» أن هذه الخطوة لضخ دماء جديدة في المنظمة انتقدها الغاضبون من الرجل بوصفها (لعبة لإعادة انتخابه، وتجديد شرعيته).

يأتي ذلك الوصف خاصة أن الاجتماع سيعقد في رام الله، ومن المتوقع أن تمنع إسرائيل النواب المقيمين في غزة من حضور جلسة المجلس الوطني. بالتالي؛ فإن الجلسة المقرر عقدها في رام الله في 15 سبتمبر/ أيلول المقبل ستحتشد بمؤيديه، ما يعني أن حلفاء «عباس» هم من سيحددون أعضاء اللجنة التنفيذية.


خليفة عباس

نظرًا لأن حركة فتح هي التي تسيطر على مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة، فأصبح الصراع على خليفة «أبو مازن» جزء من الصراع الراهن داخل الحركة. ومن المتوقع أن تشهد حركة فتح في اليوم التالي لخروج «أبو مازن» فوضى وصراعات شديدة على المواقع القيادية التي يشغلها «أبو مازن» في حركة فتح والسلطة والمنظمة، فهناك بعض الأشخاص تنافس بقوة على خلافة «عباس».

رغم أن «دحلان لم يعلن» حتى اللحظة رغبته في المنافسة على خلافة «أبو مازن»؛ إلا أنه يعتبر من أقوى المنافسين على خلافته، إذ يتمتع بقاعدة شعبية واسعة داخل قطاع غزة والضفة الغربية، كما أن هناك تأييد لـ«دحلان☼ ضمن أعضاء اللجنة المركزية لفتح، ومجلسها الثوري.

إلا أن «دحلان» ليس وحده من ينافس «أبا مازن». فاستطلاعات الرأي العام تمنح «مروان البرغوثي» الأفضلية ضمن جميع المرشحين المحتملين لرئاسة السلطة في حال إجراء انتخابات جديدة. ففضلًا عن تمتعه بجماهيرية شعبية، إلا أنه يعتبر أحد أبرز أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، بعدما تم انتخابه غيابيًا في انتخابات حركة فتح الداخلية في بيت لحم عام 2008، كما أن سمعته غير ملوثة بالفساد.

ومن المتوقع أن يرشح نفسه مجددًا لأية انتخابات رئاسية قادمة، حيث يعتقد -هو وأنصاره- أنه الأقدر على خلافة نهج «ياسر عرفات» وإدارة التناقضات المختلفة داخل حركة فتح، غير أن «البرغوثي» يقضي حكمًا بالسجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية، ومن المستبعد أن تفرج عنه إسرائيل في حال فوزه في أية انتخابات قادمة.

وضمن دائرة المقربين من «أبي مازن»، يطمح كل من «صائب عريقات، وجبريل الرجوب، واللواء ماجد فرج» للوصول إلى كرسي الرئاسة. ويعتبر «عريقات» الأوفر حظًّا لخلافة «أبي مازن» بعد ترقيته لأمين سرِ منظمة التحرير، وإمكانية قبوله إسرائيليًّا وإقليميًّا ودوليًّا.

المشكلة هو أنه يفتقد إلى قاعدة دعم شعبية داخل حركة فتح، خاصة ضمن الأجهزة الأمنية. لذا فإن كل من «الرجوب»، مدير الأمن الوقائي السابق في الضفة الغربية، واللواء «ماجد فرج»، رئيس جهاز الاستخبارات الفلسطينية، يتمتعا بنفوذ واسع داخل هذه الأجهزة، خاصة «فرج».

ورغم أن «الرجوب» الذي لا يُخفي عداوته العلنية لـ«دحلان»، فيتمتع بدعم جيد بين نشطاء حركة فتح، إلا أن صورته قد اهتزت في الشارع الفلسطيني مؤخرًا. أتى ذلك بعد سحبه اقتراحًا يهدف إلى معاقبة إسرائيل من طرف منظمة الفيفا في مايو/ أيار الماضي، وهو ما يُضعف فرصته في نيل ثقة الشعب الفلسطيني.

لم تكمن خطورة الصراع على خليفة «عباس» على مستوى الحركة وحسب، بل أيضًا ستمتد خارج هذا الاطار، مما قد يؤدي إلى انقسام بين الضفة والقطاع، فإن القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية؛ ينص على أن خليفة الرئيس يجب أن يكون رئيس المجلس التشريعي لمدة 60 يومًا تُجرى بعدها انتخابات عامة.

ولكن بعد أن سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، لجأ «أبو مازن» إلى تعطيل المجلس التشريعي. وبينما تصر حماس على أن رئيس المجلس التشريعي لا يزال «عزيز الدويك» -أحد أبرز قيادات حماس في الضفة الغربية-، فإن فتح لا تعترف بهذا الواقع.

وفي حال شغور منصب الرئيس، سوف تطالب حماس باحترام الإجراءات القانونية والدستورية، والتي سترفضها حركة فتح التي لا تعترف بشرعية «الدويك». مما سيعمِّق الانقسام الفلسطيني، وسيعمق ذلك أزمة النظام السياسي الفلسطيني.