تعتمد كرة القدم بشكل أساسي على عنصر المنافسة، ينافس اللاعب زملاءه في الفريق ليضمن اللعب أساسيًا، ثم يتنافس أمام الخصوم ليثبت أفضليته ويعاود الكرة كل يوم وكل حصة تدريبية وكل مباراة. سباق محموم لا ينتهي عنوانه الطموح.

يتقلص حجم الاعتماد على الموهبة الخام في الكرة الحديثة وإن كانت تبقى كنزًا ثمينًا طالما أنها تخدم مصلحة الفريق.

إلا أنه وفي سبيل حصول اللاعب ومن ثم الفريق على ميزة تنافسية فهم يوظفون مدربين شخصيين وعلماء نفس رياضي وأخصائيي علاج طبيعي وخبراء تغذية. جيش من الموظفين يعملون من أجل هدف مشترك وهو تحسين اللاعب والفريق.

ظهر مؤخرًا فيديو لمهاجم النادي الأهلي محمد شريف يتدرب على التسجيل في مرمى خالٍ بطريقة محددة ثم يظهر التطبيق العملي حيث يسجل شريف هدفًا في نهائي السوبر الإفريقي بنفس الطريقة.

كان بطل المشهد هو المدرب الشخصي لمحمد شريف والمعروف باسم أحمد جميل والذي يتم تعريفه على أنه مدرب تطوير أداء اللاعبين. ظهر جميل مرة أخرى رفقة مصطفى محمد ثم توالت المشاهد مع عدد من اللاعبين مثل مصطفى فتحي وشكري نجيب.

حسنًا، وظيفة جديدة في سباق الطموح والتنافس. دعنا نقترب أكثر من فكرة المدرب الشخصي أو مدرب تطوير الأداء. كيف أنه ليس اختراعًا مصريًا ولماذا يبدو مبهمًا للبعض مقارنة بـأخصائيي التغذية أو الأخصائيين النفسيين أصحاب المهام المحددة طبقًا لدراسة ومجال عمل منطقي وكيف أن فكرة المدرب الشخصي قد تتحول إلى نصب محض.

حتى يظل رونالدو سريعًا

فيما يتعلق بفكرة المنافسة والتدريبات الإضافية فلا يمكن أبدًا أن تغفل اسم كريستيانو رونالدو. رونالدو هو أيقونة تنمية المهارات للتفوق على المنافسين.

التقى رونالدو العداءة السابقة وخبيرة التغذية سامانثا كلايتون من خلال عملها مع شركة التغذية الرياضية الأمريكية هرباليفي. قرر رونالدو أن تصبح سامانثا المدربة الشخصية المعنية بالحفاظ على لياقته والعمل بشكل أساسي على تحسين سرعته داخل الملعب.

لا يقتصر الأمر على نخبة اللاعبين فقط. يتحدث سيف موكاكي المدرب الشخصي البارز في إنجلترا والذي يعمل مع لاعبين مثل جيمس ماديسون وبن جودفري و ريس نيلسون وجو ويلوك أن الأمر أصبح شائعًا لأن اللاعبين أصبحوا أكثر جوعًا للوصول إلى المستوى الأعلى ففوائد الوصول إلى القمة كبيرة.

يتحدث سيف أيضًا أن الأمر يكون جنونيًا في الأسبوع أو الأسبوعين قبل بداية الموسم، حيث يرغب العديد من اللاعبين في العودة لأنديتهم في حالة بدنية وفنية جيدة بدلًا من البدء من الصفر. لكن الأمر لا يقتصر على مرحلة ما قبل الموسم.

يرغب الكثير من اللاعبين بتدريبات إضافية خلال الموسم عندما يكونون مع أنديتهم ويفسر موكاكي ذلك بأن التطور الفردي للاعب يتوقف في سن الثالثة والعشرين على الأكثر لأنه بمجرد خروج اللاعب إلى الفريق الأول فإن الأمر يتعلق بالحصول على النتائج بدلاً من تطوير الفرد.

يضيف الرجل بأنه يتيح للاعبيه شعورًا بالراحة لارتكاب الأخطاء دون مراقبة أحد وذلك يفيدهم في تحسين النواقص الواضحة في أدائهم مثل تحسين العمل بالقدم الأضعف، كما أنه يأمل دومًا أن يخلق التكرار داخلهم غريزة للتعامل مع الكرة وفقًا لسيناريو مشابه.

هنا تظهر نقطة هامة: كيف تتعامل الأندية مع المدربين الشخصيين؟

يتعلق الأمر بالسمعة ولكن

تدفع الأندية الملايين من أجل استقطاب لاعب ما ثم تصل رواتب بعض اللاعبين إلى ملايين أخرى، فهل من المنطقي أن يترك هذا اللاعب تحت قناعة مدرب ما قد يضر به من حيث الأحمال أو الظروف التدريبية؟ يبدو رفض فكرة المدربين الشخصيين منطقيًا من وجهة نظر الأندية بالطبع.

يؤكد دان إدواردز المدرب في شركة K3 performance أن بعض أندية الدوري الإنجليزي الممتاز تمنع اللاعبين من العمل مع مدرب معين أو أي تدريبات إضافية على الإطلاق، لكنه يرى أن التواصل مع الأندية هو الحل المنطقي حيث تبقى عملية بناء علاقة جيدة مع اللاعب والنادي والحفاظ على تلك العلاقة أمرًا حيويًا للمدربين الذين تتعلق سبل عيشهم بسمعة عملائهم.

أما واين ريتشاردسون مؤسس شركة «Richardson Sport» ومدرب الأداء المشهور في مانشستر ينتهج نهجًا مختلفًا، حيث يؤمن الرجل بشكل واضح أن الأندية لن تتقبل المدربين الشخصيين أبدًا.

لذا فهو لا يدخل في نقاش مباشر مع الأندية أبدًا، يترك الأمر في يد اللاعب والوكيل ثم يرسم الخطة الكاملة للتدريبات التي سيقوم بها وفقًا لاحتياجات اللاعب وبعد النقاش الفني معه ثم يتركه يخوض هذا النقاش مع النادي مع الالتزام بالخطة الموضوعة.

يؤكد ريتشارد أنه إذا ما توافرت شفافية تامة وتبادل للمعلومات بين النادي والمدرب الشخصي سيصبح التدريب الذي يقدمه امتدادًا لما يحصل عليه اللاعب مع فريقه وهو المطلوب من جميع الأطراف.

أرجوك لا تنخدع

حسنًا، يصبح الأمر منطقيًا مع الوقت، برامج تدريب مخصصة وفقًا لكل لاعب توافق عليها الأندية أو ترفضها ويستفيد اللاعب والمدرب الشخصي والفريق، ما المشكلة إذن؟ المشكلة هنا تكمن في أن البعض يجيد الكذب.

يؤكد بعض مدربي تطوير الأداء أن بعض اللاعبين يحضرون إلى تلك التدريبات الشخصية بمصورين شخصيين أيضًا. حيث يصر بعض اللاعبين على التقاط الصور والفيديوهات التي تبرز مدى تفانيهم في العمل حتى خارج الحصص التدريبية الرسمية أو لتسويق أنفسهم قبل بداية الموسم بجسد ثوب وتدريبات إضافية.

في مصر: شغال على نفسه

دعنا نعود للمشهد الأول والذي يظهر خلاله محمد شريف معه مدربه الشخصي أحمد جميل، ثم دعنا نعيد كل تلك الأسئلة: هل يعرف النادي الأهلي التدريبات التي يتلقاها شريف بالتفصيل؟ هل الأندية المصرية منفتحة في الأساس على هذا النوع من التدريبات؟

حسنًا، خرج أحمد جميل في بعض اللقاءات التليفزيونية ليؤكد أنه تلقى كورسات أونلاين للعمل كمدرب تطوير أداء وأنه لا يعطي أحمالاً زائدة للاعب بل هي تدريبات بسيطة، أما مثلًا مشاهد مصطفى فتحي وهو يركض في الرمل والسبب أنه لم يكن يلعب أساسيًا ولذا قرر جميل أن يعطي له الحمل المكافئ لحمل المباريات.

هذا الحديث يترك أثرًا عند البعض في سياق أن اللاعب مجتهد يحاول التطور أو كما يقال شغال على نفسه، لكن هل من المنطقي أن يتم تحديد الأحمال التدريبية لبعض اللاعبين دون التنسيق مع أنديتهم؟

الأمر في مصر يبدو خطيرًا لأننا في الأساس لا نعرف مع من يتم التنسيق، ونحن نتحدث عن أندية بحجم الأهلي والزمالك. في الخارج تمتلك أندية النخبة جيشًا من المدربين المتخصصين، أما في مصر فيكون الخلاف مع المدرب الأجنبي حول عدد مساعديه ولماذا يحضر أربعة مساعدين وثلاثة فقط يكفون.

لذا عندما يقرر لاعب ما تطوير أدائه فلا يوجد في ناديه مدرب متخصص من الأساس لمتابعة برنامج التطوير المزعوم مع مدربه الشخصي، كما أنه على الأرجح فكرة الأحمال التدريبية تلك يقوم بها المدرب بشكل عام دون تفرقة لاعب عن آخر.

مدرب تطوير للناشئين: الخدعة

يبقى هنا عامل أخير ربما يفرض نفسه في الحديث عن فكرة المدربين الشخصيين للاعبين وهو المدرب الشخصي في سن الناشئين. الكلمة السرية هنا هي الطموح لكننا هنا بصدد عملية استغلال لهذا الطموح.

أصبحت فكرة وجود أكاديميات لتعليم الأطفال كرة القدم في مصر فكرة مستساغة لدى الجميع. تمتلك كل أكاديمية مئات اللاعبين في أعمار سنية مختلفة ولكل فئة مدرب خاص.

يتعامل هذا المدرب مع خمسين طفلًا في كل حصة تدريبية وهنا ظهرت سبوبة جديدة وهي الحصص الإضافية الشخصية. يتحدث المدرب مع والد الطفل أن ابنه موهوب ولكنه يحتاج تدريبات إضافية والتي تحتاج بالطبع أموالاً إضافية.

يؤكد المدرب أنه يبذل قصارى جهده مع الجميع، لكن العدد كبير فبدلًا من أن ينتظر الطفل دوره للتدرب على مهارة ما مرة أو اثنتين خلال الحصة التدريبية فمع تقليص هذا العدد الكبير إلى خمسة لاعبين فقط سيتدرب عليها عشرات المرات.

الحقيقة أن هذا الطفل ربما يكون عديم الموهبة من الأساس لكنه يملك والدًا شغوفًا طموحًا يرى ولده لاعبًا قادمًا بقوة وهكذا ظهر المدرب الشخصي لتطوير أداء الأطفال!

يبدو الأمر الآن أوضح، نحن لسنا ضد مدربي تطوير الأداء أبدًا لكن الأمر ببساطة له قواعد منظمة حتى يستفيد الجميع.