القسم الثاني: «القلب الفارغ»

(9)

كان الوقت مساءً، وهو يفتح باب شقته في القاهرة. وجد قصاصة ورق تحت عقب الباب، على الفور عرف خط «منار» الرديء، وخمَّن أنها كانت مخمورة. بدت له بعيدة الآن وكل مشاعره بها قد جفت. ارتمى على فراشه، وظل ينصت إلى شقته حتى رأى النجوم تبزغ في الفضاء الواسع الأزرق واحدًا بعد الآخر. فكَّر في تلك الأيام البعيدة عندما كان يغلق غرفته عليه ويتأمل النجوم وهي تطلع، وكلما ازداد تأمله عمقًا راحت نجوم جديدة تبزغ، وكأنما يخترعها بعينيه.

شعر بالبرد، فأغلق زجاج الشرفة، لكن ضوء مصباح الطرقة انعكس على الزجاج فعطَّل الرؤية. قال في نفسه: ما الذي أتى بي إلى هنا؟ وبدا غريبًا في نظر نفسه؛ في رقوده هكذا في الظلام، وخطر بباله كلام محمد. هل حقًّا لا يخصه البيت؟ هل لا يريد نصيبه؟ وهل لا يريد الموت لعمته؟

في الليل لم يكن ناصر في المقهى، ولم يرغب في قطع المشوار الطويل إلى بيت منار في تلك المنطقة الصحراوية ثم لا يجدها. أخذ يتمشَّى وحده في الشوارع، يتفرَّج على المحلات التجارية، ويفكر في أن يدخل السينما. في إحدى إشارات المرور سمع شخصًا يناديه، رأى ناصر يُسرع تجاهه.

عادا إلى المقهى، قال ناصر إن حسين جاء من سويسرا منذ ثلاثة أيام، وسيأتي بعد قليل. تعرَّض مصطفى لفراغ لا يتحمله، كان في مواجهة أيام بعيدة تستيقظ، وشعر بنفس الخوف الذي شعر به أمام الكتب المدفونة في الكرتونة. عندما دخل حسين المقهى عرفه، رغم تبدل ملامحه، كان جسده القصير قد امتلأ قليلًا، وشعره طويل يهبط حتى ياقة الجاكيت، ولاحت شعيرات بيضاء في لحيته الطويلة.

عانقه حسين، وحدَّق في وجهه لحظات، ثم قال بوجه باسم فرح: «عجِّزت وغيَّرت شنبر النضارة». وبدا لمصطفى أن طريقته في الكلام ما زالت مسرحية، وأدرك أنه يريد أن يمضي بعيدًا، فهو لا يتحمل تلك المشاعر المتناقضة، ومن حسن حظه أنهم بدأوا حديثًا طويلًا عن المجلة، كان حديثهم مكانًا مناسبًا للاختباء. اقترحوا أن يحتفلوا بحسين، لكن مصطفى أصرَّ على أن يعود إلى البيت، مُتعللًا بسهره عدة ليالٍ بجوار عمته المريضة.

في اليوم التالي، اتصلت به منار، ومرَّت عليه في الشغل. كان وجهها شاحبًا، وجميلًا، وبدا لمصطفى أنه يستعيد مشاعره الأولى بها مرة أخرى. تناولا غذاءهما معًا في وسط البلد، وحدَّثته عن إرهاق الأشهر الأخيرة، وأنها فقط تتملَّص من رغبتها في الانتحار. لكنه، بعد عدة أيام، رآها بصحبة حسين، يجلسان في ركن المقهى. كانت الليلة باردة والأضواء خافتة، لكنها كافية ليرى البريق الذي يتفتَّح على وجه منار.

ترك المقهى، وقد شعر برغبة في المشي ملفوفًا بظلمات شاطئ النيل، مُبتعدًا عن الأماكن التي يعرفها، حتى يستطيع أن يفهم المشاعر المرتبكة التي طفرت في وعيه.

في كل لحظة تقريبًا، طول سيره في تلك الليلة، كان يرى منار تميل على حسين، وتهمس في أذنه، وشعرها يمس وجهه بخفة. ظلَّ يمشى، كأنما المشي سيُبعِده عن تلك الصورة التي بدت له شبيهة بصور الأحلام؛ مُلغزة، تحتاج إلى تفسير.

كان خائفًا ممَّا تتركه هذه الصورة في خياله، فهي تهدم أفكاره المستقرة عن نفسه. تعود إليه بتفاصيل جديدة أكثر حدة ووضوحًا، مما رآه في المقهى، وتسحب إلى وعيه ألمًا خفيفًا، لكنه حاد وراسخ، يهدم تصوره عن خلو قلبه من المشاعر، ويظهر زيف فكرته عن كفه عن حب منار. سأل نفسه السؤال البسيط الذي يحاول الاختباء منه: ألا تشعر بالغيرة؟

هبط به السؤال البسيط من مثاليته، ووضعه في مواجهة ما يهرب منه طول الوقت. وبدأ يشك في كل اختياراته. وبدا له أن التعالي والترفع ما هو إلا عباءة تحميه من الاختبار الحقيقي لمزاعمه حول نفسه. ألم يبعد نفسه عن موضوع البيت، لأنه يعرف أن أخاه سيقوم بالمهمة بدلًا منه ويحصل له على نصيبه؟

لو كان وحده ألم يكن سيتصرف بنفس طريقة محمد؟ ألا يعيش بهذا الشكل لأن كل شيء متوفر له دون جهد؟ عمل لا عمل فيه، ونقود في البنك من بيع ميراث أمه، وحياة لا تتورط في السعي وراء الضروريات، ألم تكن تلك الحياة المسترخية هي الأرض التي نبتت فيها كل أفكاره، وترعرع فيها وهمه بخلو قلبه من الحياة؟ لو كان مُضطرًّا للحب أو للسفر من أجل بناء بيت، ألم تكن الحياة قد اختلفت، وراحت قيمها التي ينظر إليها على أنها مُبتذلة تتشرَّب حيوية، وتعطى لوجوده معنًى آخر؟

فكَّر في محمد ونفيسة. ألم يأتيا من نفس المنبع، فلماذا كان عليه هو أن يكون بائسًا وخاليًا من الحياة؟ هل هذه حياة؟ وتتسلَّل إليه بوضوح، شعر منار يلمس بخفة وجه حسين، قال لنفسه ساخرًا: «أين ذهب هذا البرود الذي ظننت أنه أصبح جلدي؟»

أنهك المشي الطويل جسده، وردَّ إليه قليلًا من الهدوء، ولاحت غيرته كزوبعة خفيفة، فهو الآن قادر على التفكير فيها دون مرارة؛ ماذا يعني لو كنت غيورًا؟ ماذا يعني لو كانت تحبه؟ ماذا يعني لو كنت كاذبًا؟ ماذا يعني أي شيء؟

السماء بعيدة، تبرق نجومها بوهن، في الأضواء الكثيفة لوسط المدينة. دخل محل البقالة على الناصية، ليشتري العشاء، واستراح عندما وجد المحل خاليًا، وراح البقال الذي يعرفه منذ سنوات يتحدث عن قوانين الإيجارات الجديدة. قال الرجل بعدما عرض الكثير من الأوضاع المتناقضة التي خلقها التطبيق الاشتراكي في مجال العقارات، إنهم يُحمِّلون الناس نتيجة تطبيق قوانين لم يُطالِبوا بها، مثلما يُعطيك شخص محلًّا ويقول لك إنه ملكك، وبعد أن تعيش سنوات طويلة، وتترسَّخ فكرة ملكيته التي لم تكن تُصدِّقها في البداية وتصبح حقيقة، يأتي ويقول لك: «كنت أمزح… اترك المحل».

كان الرجل الذي يرتدي دائمًا بالطو أبيض، يتحدث بجدية، كأنما يتحدث عن حياته الخاصة، قال لمصطفى:

صدِّقني… أنا لا أتحدث عن نفسي… أنا خلاص رتبت أموري من زمان، لأني لم أصدقهم أبدًا. كل شيء سيعود إلى حاله، أيام الملك، بل أفظع مما كان، لأن الناس خُدعوا، والارتباك سيسود كل شيء.

عندما وصل إلى شقته بدا له أن أفكاره قد هدأت تحت تأثير حديث الرجل العجوز، لكن بعدما أحاطه خلاء المكان، رأى توتره الداخلي يمور عميقًا، والشقوق التي ظهرت في جدران قناعاته عن نفسه وعن قلبه الفارغ أخذت تتسع في الخفاء. كانت شكوكه، قد رقدت مفتوحة العينين، تتأمل قناعاته عن نفسه، وتكشف له أنها لم تكن جدرانًا بل ستائر ثقيلة مُغبَّرة أكلتها العثة.

قضى وقتًا طويلًا جالسًا في برد الشرفة، دون أن يفتح أكياس الطعام، يفكر في شعر منار وصدرها ورغبتها العارمة، وفى البرودة التي تنتابه أمامها، ثم وجدها تنبعث في خياله من همسها في أذن حسين، ومن لمسة شعرها الخفيفة لخده. كان مندهشًا من تفكيره على هذا النحو، كأنما استيقظ داخله شخص آخر ظنه قد مات. فكَّر في نفيسة وكيف أنها أحبَّته صامتة طوال الوقت، وأدرك لأول مرة قسوة الألم الذي يرقد تحت صمتها، وارتفع تقديره لقوتها الروحية وكأنها تجسيد لمثال التحمل.

في لحظة خاطفة، خُيِّل إليه أن منار وحسين في شقتها. جاءت الفكرة مفاجئة، بُعثت في ضوء خاص، وشعر بنار صغيرة تشتعل في جوفه. دون حساب اتجه إلى التليفون، وأدار الرقم، وظلَّ ينصت لصوت الرنين هناك بعيدًا، وفى كل لحظة يظن أنها سترفع السماعة.

تحرَّك في الشقة تائهًا، لا يقوى على التركيز في شيء، تستبد به فكرته عن أن منار هناك عارية، وبدا له أن أعصابه تخونه وأنه لا يملك الفرار من هذا اليقين إلا بإثباته، لم يكن نفيه كافيًا لتهدئته، كان يطلب اليقين فقط كحل له، وجرب الرقم مرة أخرى، وعندما جاء صوت الجرس ممطوطًا، كأنه ترام يسير في الضباب، تسارعت دقات قلبه، وتأكد أنها هناك، ثم كف الرنين وشعر بالغبار المظلم للخط ينزاح عن الصمت الذي يسبق الصوت. سمع صوتها مُتهدجًا وأنفاسها تتلاحق، وعندما صدرت كلمة «آلو» من الصوت الذي يعرفه جيدًا، ملفوفة بضباب الأنفاس المتلاحقة، أغلق الخط بسرعة.

جلس في الشرفة بعد أن أطفأ نور الشقة، يحاول أن يُخرِج نجومًا جديدة من السماء بلا جدوى، وشعر بصدره خاليًا من الهواء، وحاصرته الشكوك مرة أخرى، ربما لم تكن هي، ربما نائمة، وأنا أنقذتها من كابوس ثقيل، كم من مرة حكت لي عن سطوة الكوابيس، وأدار الرقم مرة أخرى، وفى هذه المرة ارتفعت السماعة بسرعة وحدة وقالت:

– مَنْ؟

بعد صمت قصير، كان صوتها ما زال حادًّا، قالت:

– أعرفك.

وبعد صمت قصير قالت:

– تريد أن تعرف هل أنا وحدي أم لا؟ سوف أريحك، معي رجل.

قالت:

– لن أقول لك اسمه. أنت تعرفه.

ولما لم يرد تركت الخط مفتوحًا، وسمع لهاثًا جنسيًّا. وضع سماعة التليفون، والصمت الذي كان يبحث عنه طوال عمره كان يتفتح الآن تلقائيًّا في أعماقه.

بعد قليل وجد نفسه يهبط السلم، مُندهشًا من شكل الشوارع كأنه في حلم. اشترى زجاجة «جين»، وعاد بسرعة، وأخذ يشرب بهدوء دون أن يصب في كوب، وهو يحدق في سطح المنضدة الصغيرة في الصالة، ويحاول تتبع مسارات ألواح القشرة التي تغطي الخشب. بعد قليل شعر بالدفء، فتح الشرفة، وأنعشه الهواء البارد وأبعد عنه الثقل الذي كان يشعر به، وأخذ الجسد حرية، حسًّا من عدم الوجود، وراح يتطلع من جديد إلى السماء.

أرهقت الخمر جسده، فنام في بئر مليئة بالظلام، وعلى جسده تتحرك آلاف الحشرات، تصدر أصواتًا كأزيز التليفون، وتتحرك في نفس الظلام الدامس، لا يعرف كيف يمد يده ويُبعِدها، ويسمع صوتًا بعيدًا مُتحللًا في الهواء يهتف به: «سد أذنك أحسن».

استيقظ على ضوء الشمس في عينيه، قام مُترنحًا، وأغلق الشرفة التي ظنَّ الحشرات تتسلل منها، ونام مرة أخرى. سمع جرس التليفون عدة مرات لكنه لم يستيقظ، وأخذت الحشرات تطير حول جسمه، يُزعجها الرنين، وما إن يكف، حتى تعود لتزحف على جسده.

أفاق في المساء على جرس الباب، يتردد بإلحاح. حياة مختلطة عادت إلى وعيه ببطء، لكن جرس الباب أعاد إليه المكان وليلة أمس بالكامل. قام مترنحًا، وفتح الباب، كان ناصر ينظر إليه مُندهشًا وهو يقول: «إيه يا أخي؟ ميت؟»

تركه في الصالة، ودخل المطبخ ليعد القهوة، ثم عاد وارتمى على مقاعد الصالة. أخبره ناصر أنه يبحث عن منار ولا يجدها، وقال بعصبية: «نريد الغلاف». أخبره مصطفى أنه لم يرها منذ عادت من الإسكندرية. كان ناصر مُتعجلًا ولم يسأل عمَّا به ونزل مسرعًا وهو يقول: «نتقابل في القهوة».

لم يكن جسده قد تخلَّص كليًّا من أثر الخمر، وراح عقله يحاول العثور على آلام الليلة الماضية حتى يتمكن من استعادة إحساسه بالواقع. أدرك مصطفى بعد أن غسل وجهه أن الآلام لم يعد لها أثر، وجوفه خالٍ من كل شيء، إلا رغبته في شرب الخمر؛ رغبةً واسعة كالسماء، وعادت أفكاره تتحرك فوق صفحتها، أوراقًا طائرة دون ثقل أو حياة.

اشترى زجاجتين من الخمر وبعض الطعام، كمن ينوي ألَّا يترك شقته عدة أيام. وبسبب خوف غامض، فكر في أن يعود إلى المقهى، لكن ساقيه قادته إلى بيته مرة أخرى. فتح باب الشقة وخُيِّل إليه أنه مُقدِم على الموت. كانت الفكرة خفية، لها ملامح الضوء الأصفر للمبة الصالة والسكون الذي انتشرت فيه رائحة «الجبن الرومي»، تجسَّدت الفكرة على شكل ثبات للزمن. لن تكون هناك أبدًا، غير هذه الصورة الثابتة لمشهد الصالة.

لم تكن فكرة القتل إلا طيفًا جاء مع إحساسه بأنه مُقدم على الانتحار، ظلًّا لتلك الفكرة الباهتة. التقط من صمت الشقة وضوء الصالة الأصفر إشارة تخصه، مُتحللة في الفراغ، راحت تتغذَّى على ظلماته. شعر بأن روحه تسترخي، وكأنها قد وجدت هدفها، لكن الأمر لم يكن واضحًا له على هذا النحو، فلم يدرك في تلك الليلة غير الهدوء والأعماق الداخلية التي تسترخي.

لم يكن قد تناول طعامًا منذ الصباح، ورغم ذلك ظلَّ ينظر إلى لفة «الجبن» المفتوحة، التي سيفكر بعد ذلك أن فكرة القتل نبتت منها كالعفن، لأن رائحتها كانت قوية، ذكَّرته بالبيوت وسنوات الدراسة ومحلات البقالة والحياة (التي هي تواصل ممل من أيام متشابهة)، يعيشها الناس مسنودة على رائحة «الجبن». حمل الطبق ألقاه في الزبالة، وكأنه يُلقي الحياة معه، وأفرغ في جوفه كوبًا كاملًا من الخمر.

اكتوى الجوف الفارغ بالنار التي تتركها الخمر في جسدٍ هش، وراودته أفكار عن براح من الممكن العبور إليه. بعد قليل سمع طرقًا على الباب، أدهشه الخبط العنيف. انتظر قليلًا حتى تأكد أنه طرق خاص بشقته، يأتي من فوق بابه، وكلما ازداد صمته وانتظاره كان الخبط يزداد قوةً، وأجَّل حركته لآخر لحظة، وهو يفكر لماذا يُخبِّط الناس على الأبواب ما دامت هناك أجراس، وتذكَّر أنه في ليلة القبض عليه لم يسمع طرقات البوليس على الباب.

تحرك مُسرِعًا يكاد يسقط. فتح الباب، واستطاع في الضوء الأصفر الذي سيلازم رغبته في القتل أن يري رجلًا بروب منزلي وامرأة عجوزًا بجواره. قال الرجل:

– أنت نايم يا أستاذ؟ دخان طالع من مطبخك!

كان المطبخ بعيدًا عن غرفته. جرى، فوجد «برَّاد الشاي» كتلة حمراء متوهجة في ظلمة المطبخ. كاد يتوقف، لكن يد الرجل امتدت وأشعلت النور. بجوار البوتاجاز كانت قطعة القماش التي يمسك بها الأواني الساخنة قد اشتعلت، ثم أشعلت جرنالًا قديمًا، وبدأت النيران تُمسِك في خشب المطبخ. ساعده الرجل على إطفاء النار، ثم قال:

– ربنا ستر، أنبوبة البوتاجاز، كان ممكن تنفجر.

نظر في وجه مصطفى نظرات ذات مغزًى وقال:

– اصحى يا أستاذ، وخذ بالك.

استمر مصطفى يقظًا حتى شرب بقية الزجاجة، وبعد قليل تهالك جسده في نوم هش، يُخيِّم عليه دخان متصاعد من احتراق جثث، وأثناء النوم سمع التليفون يرن بإلحاح، لكنه لم يستيقظ، وفى الصبح عندما عاد التليفون يرن بنفس الإلحاح، ظنَّ أنه «صورة من أحلامه»، وكاد أن يتجاهله لولا الإلحاح، وعندما رفع السماعة سمع صوت نفيسة بعيدًا وغاضبًا، قالت:

– كنت فين طول الليل؟ عمتك تريد أن تراك، تعالَ حالًا.

وصل إلى الإسكندرية في الظهيرة. كانت عمته قد ماتت.