لقد اختنق الفكر الإسلامي الحي في عناق المشايخ المميت.
علي عزت بيجوفيتش

يعيش علم العقيدة كأقرانه من العلوم الإسلامية اليوم غربة ملاحظة عن السياق العام، حيث يبتعد في مسائله ولغته عما يشغل إنسان اليوم وما يبحث عنه، مما دفع كثيرا من المتدينين إلى اللجوء إلى كتابات المفكرين الإسلاميين المعاصرين على تنوعهم، أو فضلا عن ذلك، إلى دراسات علمية لا تتعامل مع الديني كمقدس بل كظاهرة تاريخية؛ ولا عجب أن يصاحب تلك الغربة تدن لمنزلة عالم الدين أو الفقيه الاجتماعية ودوره في التعليم والنصيحة. بل أصبح العالم التقليدي (الشيخ) مثارا لسخرية الشباب الأقل تدينا، وصار من المعروف في أوساط الشباب أنه ليس الوجهة المثلى للمتشكك والحيران وطالب النصيحة.

ما الذي يحتاجه المسلم اليوم؟ وما الذي ينبغي إذن أن يقدمه له الفقيه؟ هل على الفقيه أن يغضب من مزاحمته في حمى الدين من قبل من لا يراهم أهلا لتلك المزاحمة، أم عليه أن يأخذ بزمام المبادرة؟

هل يحتاج المسلم اليوم وهو الحيران بين نماذج من الرجوع إلى السلف تقدم صورة للإسلام تأنف منها الفطر السليمة، وأخرى تدّعي تجديد الدين بتهديمه وإزاحته إلى متحف التاريخ، وثالثة الأثافي، تلك الهجمات الإلحادية التي تتسلح بالعلوم الطبيعية والفلسفات المعاصرة وتقف خلفها ضغوط حضارية كبرى – هل يحتاج هذا المسلم المعاصر إلى مسائل الكلام والعقائد السلفية أم إلى غير ذلك؟


نبذة عن تاريخ علم العقيدة

ارتبط علم العقيدة في تأسيسه بظرف عصر التدوين الذي اتسم بالصراع بين الحنابلة من جهة وبين المعتزلة وغيرهم من الفرق الإسلامية كالشيعة والخوارج. ولذا جاءت كتب الحنابلة الأولى أقرب ما تكون إلى جوامع نصوص من الوحي (الكتاب والسنة) والآثار لأئمة السلف أصحاب الرأسمال الرمزي الكبير في الأمة تدعم مواقفهم في مسائل جزئية متفرقة هي مثار الجدل مع تلك الفرق داخل المجال الإسلامي نفسه، وتقرر العقيدة منسوبة إلى أهل السنة بعبارات واضحة لا تخرج في موضوعها عن تلك المسائل، فصارت أقرب إلى كتب كلامية جدلية منها إلى كتب تشرح العقيدة الإسلامية وتقررها على الرغم من ذمها الكلام والجدل.

نذكر كمثال بارز على تلك الطريقة كتابي الإبانة لابن بطة واعتقاد أهل السنة للالكائي (ت: 418 هـ) الذي يمثل آخر المدونات الكبرى البارزة في هذا الاتجاه. لم تفارق تلك الطريقة سوى أعمال قليلة اتخذت طابع الحجاج العقلاني كالرد على الزنادقة والجهمية لأحمد بن حنبل والرد على المريسي للدارمي.

وقد حاول أبو الحسن الأشعري (ت: 333 هـ) أن يؤسس لعقيدة أهل السنة تلك على منهاج عقلي منتفعا بأدوات علم الكلام التي أسسها المعتزلة لكنه ظل مرتبطا بالموضوع نفسه وبالغاية ذاتها: الجدل بين الفرق في المسائل المتفرقة الجزئية بهدف الدفاع عن العقائد السنية.

يجمل ابن تيمية وصف تلك المرحلة حين يقول:

وهؤلاء الغالطون الذين أعرضوا عما في القرآن من الدلائل العقلية والبراهين اليقينية صاروا إذا صنفوا في أصول الدين أحزابًا: حزب: يقدمون في كتبهم الكلام في النظر والدليل والعلم، وأن النظر يوجب العلم، وأنه واجب، ويتكلمون في جنس النظر وجنس الدليل وجنس العلم بكلام قد اختلط فيه الحق بالباطل، ثم إذا صاروا إلى ما هو الأصل والدليل للذين استدلوا بحدوث الأعراض على حدوث الأجسام، وهو دليل مبتدع في الشرع وباطل في العقل. والحزب الثاني: عرفوا أن هذا الكلام مبتدع، وهو مستلزم مخالفة الكتاب والسنة، وعنه ينشأ القول بأن القرآن مخلوق، وأن الله لا يرَي في الآخرة وليس فوق العرش، ونحو ذلك من بدع الجهمية، فصنفوا كتبًا قدموا فيها ما يدل على وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة من القرآن والحديث وكلام السلف، وذكروا أشياء صحيحة لكنهم قد يخلطون الآثار صحيحها بضعيفها، وقد يستدلون بما لا يدل على المطلوب. (الفتاوى: 19/ 160، 161)

وما نخلص إليه من تلك النبذة هو أن علم العقيدة صار حبيسا لظرف النشأة التاريخي، ولم يستطع إلى اليوم أن يطور نفسه سواء في أدواته أو في موضوعه، فقد بقي مجموعة من المسائل الكلامية المتقرقات التي لا تقدم أية نظريات متسقة للعقيدة والشريعة الإسلامية.


نبذة عن فلسفة الدين

يمكن الرجوع بفلسفة الدين إلى العصور الأولى لنشأة الفلسفة، حيث بالإمكان أن نجد في «النواميس» لأفلاطون وكذلك في «ميتافيزيقا» أرسطو المحاولات الأولى لخوض ذلك البحر والتساؤل عن وجود الإله وحقيقته والأدلة على ذلك. وقد لعب المتكلمون الإسلاميون دورا كبيرا في استثمار تلك المحاولات اليونانية الراقية وأدواتها المنطقية في تأسيس علم الكلام الإسلامي بفرقتيه الأهم المعتزلة والأشاعرة ونظرائهم من الفلاسفة المسلمين كالفارابي وابن سينا وابن رشد، ثم انتقل هذا الفن لاحقا في القرون الوسطى إلى أوروبا الكاثوليكية حيث بلغ ذروته مع القديس توما الأكويني.

لكن الدور الأكبر في التأسيس الحديث لفلسفة الدين قد لعبه الألماني العظيم إيمانويل كانط في كتابه «الدين في حدود العقل بمجرده» حيث حاول أن يصل إلى دين فلسفي عقلاني خالص يكون مرجعا لغيره من الأديان باعتباره الأساس العقلاني لما هو ديني.ثم ازدهرت فلسفة الدين مع هيجل وشلينج من رموز المثالية الألمانية حيث حاولا التوحيد بين المسيحية البروتستانتية وبين فلسفتيهما التي تؤله الإنسان اعتمادا على عقيدة تجسد الإله في الإنسان (المسيح). وقد بلغت فلسفة الدين ذروتها المعاصرة في دراسات تجليات الدين (فينومينولوجيا الدين) التي قدمها الفيلسوف وأستاذ الأديان ميرسيا إليادي (ت: 1986) البحث في فكرة الديني ذاته ومنشأها.

على الرغم من كل ذلك تراجع الاهتمام بفلسفة الدين تحت الضربات المتتالية التي وجهتها الوضعية المنطقية وقريناتها نحو محاولات التفكير في الدين باعتباره مجرد كلام خاو من المعنى. لكن تراجع سطوة الوضعية المنطقية سمح لأساتذة الفلسفة واللاهوت في إنجلترا خاصة باستئناف النظر في اللاهوت المسيحي اعتمادا على مكتسبات الفلسفة التحليلية الإنجليزية وأداتها الناجعة المتمثلة في المنطق الرياضي أو الرمزي، متسلحين كذلك بمعرفة جيدة بالعلوم الطبيعية لمواجهة الملحدين والمشككين في المسيحية؛ نذكر من بين هؤلاء المتكلم الإنجليزي صاحب المناظرات الشهيرة ويليام لان كريج صاحب الشعار اللافت: الإيمان العقلاني Reasonable faith (شاهد مناظرة كريج مع ريتشارد دوكنز:هنا). نذكر كذلك من الأعمال البارزة في هذا الاتجاه: كتاب بريان ديفيز (مدخل إلى فلسفة الدين) وكتاب جوردان سوبل (المنطق واللاهوت) الذي يقدم فيه صياغات منطقية حديثة لأدلة وجود الإله الكلامية التقليدية.

ما نخلص إليه من تلك النبذة السريعة كذلك، أن فلسفة الدين في نهضتها الأخيرة قد ارتدت إلى مسائل اللاهوت القديمة، ولم تستثمر الجهد الذي قدمه كانط ومرسيا إليادي على وجه الخصوص في التفكير في سؤال الدين الذي ربما يظل إلى اليوم السؤال الأهم الضاغط على الإنسان المعاصر والذي يعجز عن إجابته.


من علم الكلام إلى فلسفة الدين

يناقش علم الكلام أو اللاهوت ومواجهاته السلفية مسائل تاريخية جزئية متفرقة وفق النموذج العلمي السائد في أزمنة ولادتها، دون محاولة رسم ملامح النسق الكلي للعقيدة الإسلامية كتصور للوجود والحياة الإنسانية على طريقة النموذج المعاصر الذي يحاول رسم الصورة الكلية وتجاوز الوقوف؛ لذا فإن تلك العلوم لا تنجح في مواجهة الفلسفات العلمانية الحديثة التي تقدم أنساقا متسقة من التصورات والمفاهيم والأفكار بل والنظم الاجتماعية العملية.

يتحرك علم الكلام كذلك بمنطق دفاعي لا بحثي، فالمتكلم يستبطن النتيجة ويصادرها قبل أن يبدأ البحث، ثم يتكلف الاستدلال عليها؛ ولذا فإنه يبقى مهما بلغت قوة أدلته متهما بأنه متكلف غير عقلاني ولا موضوعي.

أضف إلى ذلك ما يعانيه علم الكلام الإسلامي خاصة دون نظيره المسيحي من تخلف كبير عن طفرة العلوم المعاصرة سواء المنطقية والنظرية أو الطبيعية والتجريبية كما أشرنا سابقا. فبينما لا زال المتكلم المسلم يعتمد على خطابيات يقدم المتكلم المسيحي صيغا منطقية رياضية صارمة لأدلته.

وبناء على هذا، يتعين التفريق بين فلسفة الدين وعلم اللاهوت على طريقة رجال الدين من اليهود والمسيحيين، فهذا يقضي بأن تتولى فئة مأذونة ذات سلطة مخصوصة من رجال الدين النظر في ذات الإله وصفاته، وعلاقاته بالإنسان والعالم، من أجل توضيح مضامينها ومقاصدها للفئات الأخرى لكي تأخذ بها من دون سواها. بينما فلسفة الدين لا تتوسل بسلطة المؤسسة الكهنوتية، وإنما بسلطة العقل، ولا تتفكر في ذات الإله، وإنما في ذات الإنسان في علاقته بالإله. وبفضل استبدال فلسفة الدين سلطة العقل مكان سلطة الكهنوت، واستبدالها النظر الإنساني مكان النظر الإلهي، فإنها تكون عبارة عن ثمرة من ثمار حركة التحرر الفكرية التي اتصف بها عصر الأنوار. كما أنه يتعين التفريق بين فلسفة الدين وعلم الكلام على طريقة نظار المسلمين، إذ كان هؤلاء يتولون رد الشبه والاعتراضات التي يوردها الخصوم والمبتدعون على العقيدة الإسلامية، مدافعين عن مقوماتها بما أوتوا من الأدلة العقلية الملتزمة بقواعد المناظرة. في حين فلسفة الدين لا تقصد الدفاع عن العقيدة ضد خصم معين، وإنما تجديد الفهم لمكوناتها ومقتضياتها في سياق المستجدات الفكرية، ولا تشتغل بالمسائل النظرية المجردة وإنما بالمسائل العملية المشخصة؛ وبفضل استبدال فلسفة الدين تقرير العقيدة مكان تفهيمها على المقتضى الحديث، واستبدالها الاشتغال بالمسائل العملية مكان الاشتغال المسائل المجردة، تكون عبارة عن ثمرة من ثمار حركة اليقظة الفكرية التي يشهدها العالم الإسلامي في عصرنا هذا. [هكذا يلخص المفكر المغربي طه عبد الرحمن الفارق في مقالته “ما فلسفة الدين؟” (سؤال الأخلاق، 224، 225)].

وقد بين ابن تيمية كما وردت الإشارة في النقل السابق عنه، أن منهج الاستدلال في الوحي هو إيراد الأدلة العقلية الفطرية، ويقول:

ولما كان بيان مراد الرسول (صلى الله عليه وسلم) في هذه الأبواب لا يتم إلا بدفع المعارض العقلي وامتناع تقديم ذلك علي نصوص الأنبياء بينا في هذا الكتاب فساد القانون الفاسد الذي صدوا به الناس عن سبيل الله وعن فهم مراد الرسول وتصديقه فيما أخبر إذ كان أي دليل أقيم علي بيان مراد الرسول لا ينفع إذا قدر أن المعارض العقلي القاطع ناقضه بل يصير ذلك قدحا في الرسول وقدحا فيمن استدل بكلامه وصار هذا بمنزلة المريض الذي به أخلاط فاسدة تمنع انتفاعه بالغذاء فإن الغذاء لا ينفعه مع وجود الأخلاط الفاسدة التي تفسد الغذاء. [درء تعارض العقل والنقل؛ ولابن تيمية أهمية خاصة في تاريخ علم العقيدة الإسلامية باعتباره منعرجا يستحق أن يفرد له مقال خاص].

المكسب الأهم مع ذلك لفلسفة الدين أنها تأخذ الدين من خصوصيته التاريخية نحو آفاقه العالمية خاصة مع ديننا الإسلام، حيث تصنع من الدين نسقا من الأفكار العقلانية التي يمكن أن يؤمن بها أي إنسان قبل أن يقر بحق دين تاريخي بعينه دون دين آخر، وهو ما نسميه هنا «تجريد الدين». ففلسفة الدين تستبطن محاولة الوصول إلى دين فلسفي كما يقول المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي (ومن دروسه في فلسفة الدين استلهمت عنوان تلك المقالة).

إن الإسلام إذن يتحول إلى ذروة الوعي الديني للبشرية، لا ينفي الحق في غيره من الأديان حتى الوضعية منها بل يصدق الحق ويهيمن عليها ليلخصها من خبث تحريفها أو باطلها ومن خصوصيتها التاريخية وصولا إلى الوعد الحق: «هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهر على الدين كله ولو كره المشركون». ببساطة: إن غير المسلم لا يعبأ كثيرا بالتعرف على جدل الفرق الإسلامية ولا ينتفع بذلك، لكنه يحتاج بشدة إلى فهم النسق الإسلامي الذي يختلف عما يؤمن به ويغير منطقه في الحياة.

لا تقتصر أهمية «تجريد الدين» على فتح آفاق العالمية أمامه، وإنما تمتد إلى ما هو أخطر من ذلك، وهو تجاوز الوعي التاريخي القديم بالدين وما يؤدي إليه من شعور الإنسان المعاصر بأن الدين صار عبء عليه وخصما له وعقبة أمام حفاظه على مكتسباته الحديثة. إننا اليوم حين نواجه الإلحاد وفلسفاته العلمانية المختلفة بتجليها الحضاري الضاغط لا نجد أنفسنا حيال مماحكات كلامية وشبهات فلسفية وإنما أمام رفض واضح من الإنسان المعاصر لدين يعترف له بحق أو حرية أو كرامة.

هكذا يشخص المفكر السوداني محمد أبو القاسم حاج حمد أزمة الخطاب المعاصر (منهجية القرآن المعرفية، 46، 47).


معوقات على طريق فلسفة الدين

ليست المشكلة في كل هذه الأنواع من المساجلات ذات الطابع الكلامي، إن المشكلة كامنة في تفهم البعد الغيبي تفهما منهجيا ومعرفيا وبمعزل عن أخلاقيات العلاقة اللاهوتية مع الله والتي شُوّهت في تراث الفكر الديني البشري إلى درجة لم يعد يتقبلها حتى القلب السليم، وليس القصد فقط تلك التصورات الثنائية لله سبحانه والقائمة على التشبيه، وكذلك ليس القصد تلك التصورات الحلولية القائمة على وحدة الوجود، وإنما التصورات اللاهوتية التي تستلب الإنسان والطبيعة معا، وتماثل العبودية لله بالعبودية البشرية ضاربة الأمثال الخاطئة، والتي تفلسف للقربان بمنطق وثني، ولا تميز بين علاقة الله بالإنسان، وموروث آلهة الأولمب.

إضافة إلى ما ذكرناه عن حال فلسفة الدين في السياق الغربي.. تواجه فلسفة الدين في المجال الإسلامي عدة تحديات يأتي على رأسها صبغتها بطابع إلحادي لا يعير الغاية الإيمانية اهتمامه، حيث تتلاشى الخطوط الفاصلة بين التجديد والتقويض أو الهدم، إذ ينطوي ذلك الطرح على منطق واضح: هو أن التجديد الوحيد الممكن هو إزاحة الدين وإيداعه متحف التاريخ. تمنح مثل تلك الأطروحات حججا صورية لرافضي التجديد أو طالبي التجديد الصوري الذي ليس في حقيقته سوى رفض للتجديد! يشكل نقص الأدوات والحصيلة العلمية للباحثين في هذا الإطار الحجة الموضوعية الأهم لهؤلاء النقاد. وهو اعتراض حقيقي يطال القيمة العلمية لتلك الأطروحات ويجعلها على ما فيها من حق إضافة لركام من الخيارات المحيّرة وغير الجذابة في الوقت ذاته.

على الجانب الآخر يسعى هؤلاء المحافظون إلى رفض فلسفة الدين رفضا جذريا حفاظا على سلطتهم الرمزية وسلطة علومهم، فمهما كان من تقدير الأطروحات الفلسفية للتراث إلا أنها تبقى أطروحات نقدية تقدمية. والرسالة التي نرجو أن تصل هي أن فلسفة الدين ليست لاهوتا ولا كتابها من رجال اللاهوت «إنها على الأرجح محاولة لترجمة الإسلام إلى اللغة التي يتحدث بها الجيل الجديد ويفهمها. من هذا المنطلق قد يتطرق إليها القصور والخلل، فلا توجد ترجمة كاملة مبرأة من العيوب» (استعرت هذا الوصف من وصف المفكر الرئيس علي عزت بيجوفيتش لكتابه «الإسلام بين الشرق والغرب»).

وعلى المشايخ اليوم أن يختاروا بين التمسك بسلطات رمزية تتهاوى تحت وطأة ثورات الفكر والمعرفة المعاصرة وبين تطوير أدواتهم وموضوعات اشتغالهم والاقتراب من هموم الإنسان المعاصر بطابعها العالمي. وإذا أصر المشايخ على الخيار الأول فعليهم ألا يلوموا سوى أنفسهم وهم يرون لجوء الناس من حولهم إلى المفكرين المعاصرين مؤمنين كانوا أو ملحدين لينتزع المثقف مكانة الفقيه بدلا من أن يتحدا اتحاد الوحي والعقل كما يعلمنا الوعي الإسلامي.