في وقت أصبح فيه الإنترنت المصدر الأول للمعرفة والمعلومات، خاصة لدى الشباب والمراهقين الذين أصبحت القراءة بالنسبة لهم مرتبطة بالمناهج الدراسية فقط، بدلًا من الحرص على قراءة الكتب الغنية لغويًا وثقافيًا، هذا إلى جانب ما تحتويه مواقع التواصل الاجتماعي من لغة عربية ركيكة لا تعبر عن الهوية العربية؛ يظل هناك في المقابل تساؤلات كثيرة تدور في ذهن فئات عمرية متنوعة من شباب الوطن العربي، وهي: ماذا اقرأ؟ ومن أين أبدأ؟ وكيف أتغلب على ملل القراءة؟ وهل ستعود عليّ بالنفع أم لا؟


أكثر من مِلء للفراغ

هذه الأسئلة شغلت بال «حمدي مصطفى» صاحب المؤسسة العربية الحديثة؛ عندما رأى أن المراهقين العرب وتحديدًا في مصر لا تتوافر إصدارات خاصة لهم في المكتبات قادرة على مخاطبتهم، وتقديم وجبة ثقافية ثرية تمدهم بالإجابات المناسبة لأعمارهم عن كافة الأسئلة التي تراودهم من حين لآخر، مما تعود عليهم بالنفع وليس لملء وقت فراغهم فقط، حتى لا يكونوا مجبرين لقراءة مجلات أصغر منهم عمرًا، مثل: سمير، وماجد، وميكي، أو كُتب كبار الكتّاب مثل: نجيب محفوظ، ويوسف إدريس.


حُلم صغير.. بجيل يقرأ

عام 1984 بدأ «حمدي مصطفى» بإصدار سلاسل أدبية تخاطب المراهقين والشباب، قادرة على لفت انتباههم، وغرس قيم تربوية وثقافية فيهم بدلًا من التلفاز في ذلك الوقت. وهذا ما تحقق؛ حيث أصبحت إصدارات «روايات مصرية للجيب» الأكثر مبيعًا حينها، وما زالت تلاقي رواجًا في معارض الكتاب التي تقام في الدول العربية، خاصة عند من تربى وكبر عليها.


تجربة فريدة وثرية

بحسب موقع الدار، وصل عدد عناوين الروايات التي صدرت منذ بدايتها حتى الآن نحو 1000 عنوان، والتي تنوعت ما بين الأدب البوليسي، الرومانسي، الرعب، الخيال العملي، الاجتماعي، والقصص المصورة، هذا إلى جانب ترجمة بعض الروايات الأجنبية.

وفي مجال الأدب البوليسي، تأتي سلسلة «رجل المستحيل» رقم واحد للدكتور «نبيل فاروق»، والتي تدور في عالم المخابرات وأروقتها المليئة بالغموض والتشويق والمغامرة، وحب الوطن من خلال شخصية «أدهم صبري» بطل السلسلة التي صدر منها 160 عددًا حتى الآن.

وفي أدب الرعب، تأتي سلسلة «ما وراء الطبيعة» لرائد أدب الرعب في الوطن العربي الدكتور «أحمد خالد توفيق»، والذي صنع عالمًا ثريًا بالأساطير والمخلوقات الخرافية، والسحر، والظواهر غير الطبيعية، والتي يواجهها رجل مسن ترهقه الأمراض، هو «رفعت إسماعيل» صاحب الأسلوب البسيط الساخر، وقد صدر منها 80 عددًا.

وفي إطار الخيال العلمي، نجد سلسلة «ملف المستقبل» للدكتور «نبيل فاروق»، وتدور أحداث السلسلة الأولى في المستقبل وما يحدث فيه من صراع تكنولوجي وعلمي، من أجل الحفاظ على كوكب الأرض من الأعداء، سواء في الفضاء البعيد أو عبر العوالم الموازية أو حتى الزمن نفسه، وذلك من خلال فريق «نور الدين»، وقد صدر منها 160 عددًا.

وفي نفس الإطار، تأتي سلسلة «فانتازيا» للدكتور «أحمد خالد توفيق»، والتي تحكي عن «عبير عبد الرحمن»، والتي تنتقل بمساعدة كمبيوتر عجيب متطور صنعه زوجها للانتقال عبر الزمن، لتعيش مغامرة حقيقية مع شخصيات مشهورة عالميًا، سواء في الخيال أو الحقيقة، وقد صدر منها نحو 64 عددًا.

أيضًا، هناك سلسلتا «فلاش» و«سماش» للكاتب «خالد الصفتي»، وهما مليئتان بالقصص المصورة الكوميدية الشيقة، هذا إلى جانب العديد من الألغاز، وألعاب الذكاء، والمعلومات العلمية والثقافية، والصفحات المخصصة للفتيات.


باقة مميزة للمعرفة قبل المتعة

بعد استعراض مجموعة من سلاسل «روايات مصرية للجيب»، دعنا نتعرف لماذا تُعد هي الأفضل للمبتدئين في عالم القراءة أو الملولين، وأنها سوف تضع قدمك على بداية الطريق الصحيح وتفتح شهيتك.

صحح لغتك

من المؤكد أن كافة الروايات الصادرة حديثًا تعاني من انتشار استخدام اللغة العامية، والتي أخذت مساحة كبيرة من اللغة العربية الفصحى في عالم الرواية.

لكن في سلاسل «روايات مصرية للجيب»، نجد أن اللغة العربية الفصحى هي الوحيدة المستخدمة فيها؛ مما سينعكس على القارئ بالإيجاب وإلمامه بقواعد اللغة الصحيحة والكثير من المفردات اللغوية.

ثراء معرفي

تمتلئ الروايات بالكثير من المعلومات العلمية والتكنولوجية والحقائق التاريخية الموثقة لمصادرها الصحيحة، داخل إطار الحكاية دون أي ملل.

تمرن عضلات العقل

الأفكار التي تستعرضها تلك السلاسل، تدفع إلى التفكير بشكل صحيح، والاستفادة من تجارب أبطال تلك الروايات في الحياة، هذا إلى جانب استخدام العقل في حل الألغاز المنشورة فيها.

جولة حُرة

تُعد حكايات السلاسل فرصة جيدة للعيش في أكثر من عالم دون أي عناء، فهي رحلة عبر الزمان والمكان، والاقتراب حد الملامسة من حياة أبطال لم نرهم من قبل، والتعرف على الفرق بين الحقيقة والأسطورة.

خيال بلا حدود

الأفلام المصورة يعاب عليها أنها تضع الخيال داخل إطار محدد، مما ينعكس على الروايات المأخوذة منها، مثل سلسلة «هاري بوتر» أو «مملكة الخواتم»، لكن هذا لن تجده أثناء قراءة تلك السلاسل، مما يتيح للقراء فرصة لصناعة المشهد كما يريد في خياله دون أي قيود.

صغيرة الحجم

تلك ميزة تفتقر إليها الكثير من الروايات العربية، مما يجعلها محاربة للملل أثناء القراءة، بالإضافة إلى أنها وسيلة جيدة للهروب من زحام المرور والمواصلات أو طول الطوابير، خاصة أنها صغيرة الحجم.

التعرف على الآخر

تدور أحداث تلك الروايات في أكثر من دولة سواء عربية أو أجنبية، مما يدل على أنها تحتوي على عادات وتقاليد وثقافات تلك الشعوب، والتي ربما لم تسمع عنهم من قبل، بالإضافة إلى طريقة تفكير وحياة تلك الشعوب.

القيم الأخلاقية

تظل تلك الروايات ذاكرة قوية لعادات وتقاليد وأخلاق الشعوب العربية، والتي نجدها في ثنايا الحكايات بشكل سلس ومشوق، مثل: الشهامة، والانتماء، واحترام الآخر، والتي أصبح المجتمع العربي يعاني من قلة وجودها.

تحري الدقة

القارئ لتلك السلاسل يصبح باحثًا جيدًا عن مصدر أي معلومة تصل إليه، مبتعدًا عن الإشاعات.

أخيرًا، لا تنتظر وابدأ بالقراءة؛ فهي كما قال «عباس محمود العقاد»:

لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا، وحياة واحدة لا تكفيني، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة، والقراءة دون غيرها هي التي تعطيني أكثر من حياة واحدة في مدى عمر الإنسان الواحد.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.