يعتمد الجميع في العصر الحالي على تطبيقات الهواتف بشكل شبه يومي، فبدون هذه التطبيقات سيصبح التواصل فيما بيننا أمرًا شديد الصعوبة، كما أن المهام اليومية التي نقوم بها، مثل تحرير الفيديو والصور، ومسح المستندات ضوئيًا، وشراء التذاكر، وإنشاء العروض التقديمية وغيرها لن تكون بالسهولة التي عليها الآن بدون هذه التطبيقات، وباختصار سيصبح أي هاتف محمول أو ساعة ذكية أو جهاز لوحي بدونها عديم الفائدة.

منذ أطلقت أبل أول متجر تطبيقات عام 2008، ثم تبعتها عدد من الشركات المُصنِعة للهواتف المحمولة، سيطرت تطبيقات الهاتف المحمول على الأولويات الرقمية للمؤسسات والأفراد على حد سواء، وعلى مدار السنوات العشر الماضية شهدت هذه المتاجر نموًا هائلاً في كل من حجم التثبيت وأرقام التطبيقات في كل متجر، حيث قدمت تجربة سريعة ومريحة مصممة خصيصًا للتفاعل بين المستخدم وهاتفه في أي وقت وأي مكان.

ورغم النمو الهائل في استخدام تطبيقات الجوال، إلا أنها لا تخلو من العيوب، التي تجعل المستخدم ينصرف عنها، مثل الزيادة الهائلة في حجم التطبيقات عامًا بعد آخر، نظرًا لإضافة ميزات جديدة مما يجعلها غير مناسبة لبعض الأجهزة، فضلاً عن التشابه والتكرار الممل لكثير من التطبيقات، وعمليات التسجيل الطويلة والمعقدة وإضافة وظائف وخواص يصعب الوصول إليها، وتُضاف الإعلانات لذلك الحشو المبالغ به، مما يجعل بعضها يُقدم تجربة استخدام سيئة.

لذلك فإن الكثير من المنصات والمؤسسات بدأت تتجه لتبني تطبيقات الويب التقدمية أو Progressive Web Applications، واختصارًا يشار إليها بالرمز PWA، والتي ربما لا تقدم نفس الميزات التي تقدمها التطبيقات الأصلية Native، إلا أنها تقدم تجربة استخدام لا تختلف عن أي تطبيق آخر.

ما هي تطبيقات الويب التقدمية؟

تطبيقات الويب التقدمية هي عبارة عن تطبيقات ويب تعمل عن طريق المزايا الموجودة في المتصفحات، وتستفيد من تلك المزايا لتقدم تجربة شبيهة بالتطبيقات الأصلية، حيث يمكن إضافتها للشاشة الرئيسية للهاتف لتبدو كأي تطبيق محمول آخر يمكن تنزيله من متاجر التطبيقات.

تطبيقات الويب التقدمية ليست تقنية جديدة، لكنها مجموعة من المزايا والخواص التي يجب توفيرها حتى يكون التطبيق شبيهًا بتطبيقات الهواتف الأصلية، بحيث تقدم نفس الميزات ونفس تجربة الاستخدام.

بحسب دراسة أجراها موقع eMarket، فإن الفجوة بين استخدام تطبيقات المحمول وتطبيقات الويب تقلصت بشكل كبير منذ العام 2017، فبعد أن كان المستخدم يقضي ثلاث ساعات في استخدام تطبيقات الجوال مقابل 50 دقيقة في استخدام تطبيقات الويب، تقلصت النسبة في السنوات الأخيرة لساعة مقابل 50 دقيقة، ويعود السبب في ذلك إلى التطور الهائل في المتصفحات، مما يجعل من تطبيقات الويب بديلاً مناسبًا لتطبيقات الجوال، حيث أصبح بإمكان تطبيقات الويب العمل دون اتصال بالإنترنت، وإرسال الإشعارات وتحديد المواقع والتعامل مع عتاد الهواتف مثل الكاميرا والميكروفون بشكل أفضل.

كيف تعمل تطبيقات الويب التقدمية؟

كما ذكرنا سابقًا فإن تطبيقات الويب التقدمية ليست تقنية مستقلة، لكنها عبارة عن تطبيقات مكتوبة بلغات برمجة الويب HTML وCSS وجافا سكريبت، يتم تثبيتها على المتصفح مباشرة، وما يميزها مجموعة من الخواص والتي لا نجدها في كل تطبيقات الويب، حيث تكون مسئولة عن العديد من الميزات، مثل إظهار الإشعارات والعمل في الخلفية وتجديد المحتوى حسب استجابة الخادم، وتعمل على تحميل الملفات المطلوبة باستخدام Service Worker حتى تُسرِّع من الموقع في حالة الزيارة مرة أخرى.

تعتمد تطبيقات الويب التقدمية على عدد من التقنيات حتى تعمل بسلاسة وهي:

  1. Service Worker: وهي ملفات نصية مكتوبة بلغة جافا سكريبت ويتم تثبيتها بمجرد زيارة المستخدم للموقع لأول مرة، وتعتبر مسئولة عن دفع الإشعارات والعمل في الخلفية دون مقاطعة التطبيقات الأخرى.
  2. ملفات Manifest: وهي مجموعة من الملفات تساعد المتصفح على التعرف على هوية الموقع عندما يتم تثبيته على الصفحة الرئيسية للهاتف.
  3. Indexed DB: وهي عبارة عن قاعدة بيانات موجودة في المتصفحات يتم تخزين البيانات بها.

مميزات تطبيقات الويب التقدمية

تتميز تطبيقات الويب التقدمية بعدد من الميزات تجعلها بديلاً ثوريًا لتطبيقات الجوال الأصلية ومنها:

  1. سهولة التطوير، حيث لا تحتاج هذه التطبيقات لبرمجيات أو تقنيات معقدة من أجل تطويرها، ولكن يمكن استخدام تقنيات الويب الأكثر سهولة في التعلم والتطوير وهي HTML وCSS وجافا سكريبت.
  2. تتميز هذه التطبيقات بالأمان، حيث لا تعمل إلا من خلال المواقع التي تدعم تقنية https، والتي تحمي المستخدم من العديد من الهجمات.
  3. هي تطبيقات متجاوبة مع جميع أنواع وأحجام الشاشات، بحيث يمكنها العمل بكفاءة على جميع أنواع الأجهزة.
  4. تتميز هذه التطبيقات بالسرعة الكبيرة في الفتح والتصفح، فبحسب دراسة من شركة جوجل، يقوم 50% من المستخدمين بإغلاق الموقع على الفور إذا استغرق فتحه أكثر من ثلاث ثوان.
  5. تكلفة أقل، حيث يمكن للمؤسسات تطوير تطبيق واحد يعمل على جميع المنصات بنفس السرعة والجودة والكفاءة.
  6. تتميز هذه التطبيقات بحجم صغير للغاية لا يتجاوز 1MB في معظم الأحوال، مما يعني الحفاظ على ذاكرة الهاتف.
  7. متوافقة مع جميع المتصفحات الرئيسية مثل كروم وفايرفوكس وسفاري ومايكروسوفت إيدج.
  8. سهولة الأرشفة في محركات البحث، فكل صفحة من الصفحات لديها رابط خاص بها.
  9. العمل في حالة عدم وجود اتصال بالإنترنت، حيث يمكن رؤية والدخول على الصفحات حتى لو كان الهاتف لا يحتوي على اتصال.

هل تحل محل التطبيقات الأصلية؟

رغم الميزات المغرية التي تتميز بها تطبيقات الويب التقدمية ودعم شركات مثل جوجل وتويتر لها، إلا أن تطبيقات الأجهزة المحمولة ستظل موجودة لفترة ما، لكنني أعتقد أن أولويات المؤسسات بدأت تتغير، حيث لم يعد تطبيق الجوال هو المفتاح لوجودك الرقمي، فتطبيقات الويب توفر الكثير من الوظائف والخواص والمزايا التي تعد أكثر إقناعًا للمستخدمين.

كما أن تطور هذه التطبيقات مع مرور الوقت وإضافة مزايا جديدة لها تجعلها لا تختلف عن التطبيقات الأصلية للجوال، مما سيجعلها الرهان الجديد للمؤسسات والمستخدمين على حد سواء.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.