بالتأكيد أنت تشعر ببعض الملل تجاه هذا الروتين الذي يحدث مع انتهاء كل بطولة، عندما تجد نفسك أمام عشرات الموضوعات التي تشيد بالبطل الذي نال لقبه عن استحقاق، مع تفضُل البعض بالمرور على الشجعان الذين قدموا أداءً فوق المتوقع.

حديث عن حنكة الإدارة وآخر عن تكتيك المدرب، ثم حديث أطول عن استخدام البيانات وتحليل الأداء للحصول على أقصى أداء ممكن من اللاعبين وغيرها وغيرها. لتمر السنوات دون أن تشعر، وتكتشتف أنك أشدت بعدد لا بأس به من الفرق، لتسأل نفسك: هل كل هؤلاء يجيدون التخطيط والتنفيذ حقًا؟ ما هذا العالم المثالي؟

يؤسفنا إخبارك أننا لسنا هنا لنجيبك عن هذه الأسئلة، بل لنخبرك عن نقيضها، عن الخرافات التي خلفت طقوسًا يمارسها اللاعبون -بجانب ما سبق من تكتيك وتدريب وإدارة- ظنًا منهم أنها تجلب الحظ السعيد، فهل سمعت عن مثل هذه الطقوس قبلاً؟

أكثر من غيرهم

بحسب تقرير لقناة «DW Kick off» على اليوتيوب، يؤمن لاعبو كرة القدم بالطقوس الجالبة للحظ أكثر من الرياضات الأخرى. ويعود السبب لطبيعة اللعبة حيث قلة الأهداف تجعل فرصة الحظ أكبر في التحكم بنتيجة اللقاء. هدف عكسي هنا، خطأ غير متوقع هناك، وينتهي الأمر، لذا عليك تمني الحظ كي يحدث ما سيحدث لصالحك.

يبدأ الأمر بروتين معين يقوم به اللاعب وقتما يشاء لمزيد من التفاؤل، ثم يتحول إلى طقس يتحكم باللاعب، وإن لم ينفذه يشعر بوجود خطأ ما. أي اسم قد يخطر ببالك، ستجده مدمنًا لأحد الطقوس الغريبة، من «فابريجاس» الذي يقبّل خاتم الزواج أربع مرات قبل المباراة، إلى «مسعود أوزيل» الذي يصنع عدة عُقد في رباط حذائه.

مرورًا بحراس المرمى الذين يحرصون على مداعبة القائمين والعارضة، وصولاً إلى «كريستيانو رونالدو» الذي يجلس في الأمام بالطائرة وفي الخلف بالحافلة، ويخطو بقدمه اليمنى أولاً على أرض الملعب، ثم يعدل قصة شعره في الشوطين.

نقلت «DW Kick off» عن دراسة أجريت في عام 2006، أن تلك الطقوس بالفعل تساعد الرياضيين على التحكم بمشاعرهم وتمدهم بالمزيد من الثقة، وهو ما ينعكس على أداء بعضهم. ومن منطلق هذا التأثير، ظهر عدد من القصص الطريفة.

تعويذة إيطاليا

قبل نهائي يورو 2020 بين إنجلترا وإيطاليا، خرجت العديد من الصحف الإنجليزية بخبر طريف، مفاده أن «جينالوكا فيالي» أحد أعضاء الجهاز الفني للمدرب «روبيرو مانشيني»، قد تخلف عن حافلة المنتخب الإيطالي، إلى أن أدرك أحدهم الأمر، لتتوقف الحافلة وتنتظر قدوم «فيالي».

ما لا تعرفه أن تلك الحادثة لم تكن مصادفة، بل إنها كانت ضمن خطط الطليان للتفاؤل قبل مبارياتهم في البطولة التي رفعوا كأسها في النهاية. تعود القصة إلى أولى مباريات البطولة أمام المنتخب التركي، حيث قدم لاعبو مانشيني عرضًا رائعًا، انتهى بالفوز بثلاثية نظيفة.

قبل تلك المباراة، انطلقت حافلة إيطاليا بدون «جيانلوكا فيالي»، وبعد قطع مسافة تقترب من الـمائة متر، اكتشف الطليان الأمر، لتتوقف الحافلة، ويقطع «فيالي» تلك المسافة وصولاً للحافلة. بعد الأداء المميز أمام تركيا، قرر الجهاز الفني لإيطاليا تحويل الحادثة إلى طقس، ينفَذ قبل كل مباراة، وبالفعل جلب لهم الحظ حتى نهاية المشوار.

ماذا يدخنون في فرنسا؟

ومن إيطاليا إلى فرنسا، حيث لا فوز بكأس العالم إلا وصاحبته خرافة أغرب من الأخرى. كانت فرنسا على موعد مع لقبها الأول في مونديال 1998 على أرضها ووسط جماهيرها، ويتذكر الكثيرون منا ذلك النهائي برأسيتي «زيدان» في شباك «تافاريل» حارس مرمى البرازيل.

رغم ذلك، لم تكن رأس زيدان هي الأهم في منتخب الديوك، لأن رأس الحارس «فابيان بارتيز» كان لها سحرها الخاص. قبيل كل مباراة، كان قلب الدفاع «لوران بلان» يذهب لتقبيل رأس «بارتيز» الصلعاء، للحصول على الحظ الجيد. ومع كل فوز، ازداد حرص «بلان» على تنفيذ ذلك الطقس الغريب، حتى انضم له البقية.

بعد عشرين عامًا بالتمام والكمال، كانت فرنسا على موعد مع لقبها الثاني، وهذه المرة تم استبدال الرأس بشارب، حيث كان شارب «عادل رامي» هو تميمة الحظ، عليك لمسه قبل المباراة كي تنال نصيبك. حتى إن حساب نادي مارسيليا الرسمي غرد حينها قائلاً: «إنه شارب عادل رامي، إن لمسته قليلاً، ستصبح بطلاً للعالم».

طابور بدورة المياه

ومن المنتخبات إلى الأندية حيث أحد أكثرها نجاحًا في الألفية الجديدة، تشيلسي في حقبة رئيسه «رومان أبراموفيتش». كان المدافع والقائد التاريخي «جون تيري» أحد أهم رجالات البلوز في طريقهم للتحول إلى أحد كبار إنجلترا وأوروبا، لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن تيري كان مدمنًا للطقوس الجالبة للحظ.

في الطريق إلى الملعب، اعتاد «تيري» سماع نفس الأغاني للمطرب الأمريكي «Usher» داخل سيارته. أما في داخل غرفة خلع الملابس، فلا يجوز لمس الكرة لأن «جون» لا يحب ذلك، وهو ما أدخله في صدامات مع «إدين هازارد» وآخرين ممن أحبوا الشعور بالكرة قبل المباريات.

ليس هذا وحسب، بل إنه ظل يرتدي نفس وسادات الساق لمدة 10 سنوات -قبل أن يتخلى عنها بعد الهزيمة أمام برشلونة- بالإضافة لربط الشريط اللاصق حول جواربه ثلاث مرات والتأكد من الجلوس على نفس المقعد في حافلة الفريق في المباريات التي تلعب خارج «ستامفورد بريدج». لكن المثير أن كل ما سبق لا يضاهي ما سيلي غرابةً.

في غرفة ملابس تشيلسي، لدينا ثلاث مبولات وأنا ولامبارد بدأنا في التبول في واحدة. فزنا بالمباراة، وبالنسبة لي كانت هذه إشارة. في الأسبوع التالي صار الطابور مكونًا من ثلاثة أشخاص، أنا ولامبارد وأشلي كول. الأسبوع الذي يليه، كان هناك أربعة منا وفي الأسبوع التالي كان هناك خمسة. حتى الآن، حتى اليوم، لديك سيزار أزبيليكويتا وسيسك فابريجاس، نحن جميعًا هناك في طابور واحد كبير.

قبل بضعة أشهر، أخبرني سكرتير النادي عن تلقيه بعض المكالمات من الاتحاد الإنجليزي يشكو من خروجنا متأخرين من غرفة خلع الملابس، لكنني لم أمتلك الجرأة لأخبره عن السبب.
«جون تيري» لصحيفة «The Sun» في عام 2016

منتخب «حسن شحاتة»

لا نخفيك سرًا برغبتنا بجعل طقوس «جون تيري» في الختام، لأنها قد تكون الأكثر تطرفًا، لكننا فضلنا أن نمر في الخاتمة على أحد أفضل المنتخبات العربية في تاريخ اللعبة، منتخب مصر بقيادة «حسن شحاتة» بين عامي 2006 و2010.

كانت تلك الفترة الذهبية مليئة بالتعبيرات القريبة من فكرتنا بسبب مشاهد ذبح العجول والصلاة وقراءة القرآن، وسجود اللاعبين عقب إحراز الأهداف، لتتحدث الجماهير كثيرًا عن الحظ والبركة، وتتناثر الشائعات حول «حسن شحاتة» بشأن إيمانه المتطرف بالتفاؤل والتشاؤم.

لم يخفِ «شحاتة» ذلك أبدًا بل إنه قال صراحة في لقائه مع الإعلامية منى الشاذلي أن تطرفه كاد يؤثر عليه صحيًا. وكشف عن طقسه المعتاد للتفاؤل، باستدعاء حفيده «حسن» ليلة المباراة إلى المعسكر، أو الحرص على مكالمته هاتفيًا، وبمجرد تمني «حسن» لجده التوفيق، كانت الضغوط تختفي ويذهب «شحاتة» إلى المباراة هادئًا جدًا جدًا جدًا -على حد وصفه.

بداية من 2008، انضم «حازم الهواري»، عضو اتحاد كرة القدم المصري إلى «حسن شحاتة» لمساعدته على التفاؤل، لكن بطريقة أخرى. حيث كان «الهواري» متمسكًا بارتداء بدلة معينة، لا يغيرها حتى نهاية البطولة، في ظل تحقق النتائج الإيجابية، واحدة تلو الأخرى. حتى أنه في 2010، ارتدى نفس بدلة 2008 بناءً على طلب من أبناء الرئيس الأسبق «محمد حسني مبارك».