هل صادف أن انتهيت من قراءة كتاب ثم وجدت أنك غير قادرٍ على تذكر مكوناته؟ وهل صادف أن تداخلت أفكارك مع أفكار الكاتب أثناء القراءة؟ لا عجب في أن تكون إجابتك على هذين السؤالين نعم، فهي أشياء تعرضنا لها جميعًا أثناء القراءة، ولكل منها محله من النقاش في مقالنا اليوم.. لنبدأ معًا.


كيف يمكنك قراءة الكتب؟

في البداية تعتبر القراءة عملية معقدة، فلا نتفق جميعًا فيما نخرج به من الكتاب الواحد، لدرجة أن الشيء الذي قد ينال إعجابك، ببساطة قد يكون هو الأسوأ لدى شخص آخر.

هل هذا الشيء يعني أن أحدكما على خطأ؟ الإجابة هي لا، فقط كل شخص يدرك الأشياء طبقًا لأفكاره ومعتقداته وثقافته وطريقته في التفكير. لكن في رأيي يجب أن يأتي هذا الشيء في المرحلة التالية من القراءة، اختلافك أو اتّفاقك مع المعروض في الكتاب، يجب أن يأتي بعد أن تتأكد من فهمك للكتاب بصورة كبيرة، فلا يجوز أن تصدر حكمًا على كتابٍ ما دون أن تدرك محتواه بشكل صحيح.

لذلك يوجد لدينا نوع من القراءة يسمى «القراءة النقدية»، وهي لا تعني نقد المكتوب إيجابًا أو سلبًا، لكنها تعني محاولة فهم النص الموجود في الكتاب كما يرغب الكاتب في إيصاله إلينا، كأن نسأل أنفسنا أسئلة من عينة «ما الذي يحاول أن يقوله المؤلف؟ ما هو الجدال الأساسي المقدم في العمل؟».

القراءة النقدية تحتاج منك إلى قدرٍ عال من التركيز والفهم أثناء القراءة، بحيث عندما تنتهي من الكتاب تكون قادرًا على تحديد الأفكار الرئيسية التي يتحدث عنها الكاتب، مع محاولة الوصول إلى الفكرة الرئيسية التي كان يرغب في أن تصل إليك كقارئ. ثم بعد ذلك تبدأ التفكير في توضيح رأيك في العمل إن كنت ترغب في ذلك.


قراءة الكتاب من جوانب متعددة

حتى الآن فهمنا أنه يجب علينا أن نقرأ الكتاب طبقًا لما يرغب الكاتب في توضيحه لنا في المقام الأول، قبل أن نعبّر عن الآراء الخاصة بنا. لكن كيف نفعل ذلك؟ يمكننا أن نفعل ذلك من خلال قراءة الكتاب عبر الجوانب التالية:

1- قراءة الأفكار: النقاط الرئيسية التي ناقشها الكاتب، سواءً اتفقت معها أو لا.

2- قراءة المعلومات.

3- قراءة المشاعر: التجارب والانفعالات التي ظهرت على الشخصيات الموجودة في النص.

4- قراءة الألفاظ: الكلمات الجديدة التي استخدمها الكاتب ولم تكن تعرفها من قبل.

5- قراءة أسلوب الكاتب: وهو يتضمن السرد، الوصف، الحوار، الشخصيات.

عندما تقوم بقراءة الكتاب طبقًا لهذه الجوانب، فإنك بذلك تضمن تغطية كل ما يعرضه الكاتب، وتتمكن من تحقيق أكبر قدر من الاستفادة من الكتاب بحيث يمكنك عند الانتهاء من القراءة أن تتأكد من أنه كان اختيارًا ناجحًا بالنسبة لك أو لا.

في الأغلب فإن قراءة الكتب بهذه الطريقة، سوف تجعلك تحقق استفادة كبرى من أي كتاب تقرأه، مهما ظننت أنه تافه بالنسبة لك.


الفارق بين قراءة الكتب والروايات

طالما نتحدث عن القراء، فلا بد وأن نتناول الفارق بين قراءة الكتب والروايات.

بداية من يقول إن قراءة الروايات غير مفيدة هو شخص ببساطة لم يتعمق كثيرًا في قراءة الأدب، ولم يعرف الفارق بين الأدوار المختلفة التي يصنعها الأدب في حياتنا.

البعض يظن أن الروايات غير مفيدة لأنها لا تقدم له معلومات جديدة، أو لأنها لا تمنحه الحلول للمشكلات التي يمر بها. وهي نقطة صحيحة بالفعل، فالرواية غير مسئولة عن تقديم معلومات أو حلول للقارئ، حتى وإن اشتملت على كليهما في بعض الأعمال.

الدور الذي تلعبه الرواية في الأدب هو الدور التنويري في المقام الأول، فهي تنقل لنا مشاعر وانفعالات وتجارب الشخصيات داخل الرواية، وهو ما يساهم في زيادة الوعي الخاص بنا كقرّاء.

ستتمكن من فهم ذلك بصورة أفضل عندما تمر بتجربة مع رواية صادقة، مثل رواية «ساق البامبو» التي تحدثت عن معاناة الهوية والوطن، وغيرها من الأعمال التي تمارس الدور التنويري بأفضل صورة. أما الدور التثقيفي من الناحية المعلوماتية، يمكننا الحصول عليه من الكتب بالفعل، أو بالبحث في أي دائرة معارف.

فكل ما في الأمر هو أن كل وسيلة في الأدب تؤدي دورها الصحيح، وهو ما يجعلنا نؤكد على نقطة أهداف القراءة التي ذكرناها في المقال الأول.


التدوين.. الحل السحري للقراءة

لعلك تساءلت مع الأجزاء المتعددة التي ذكرناها بخصوص القراءة، كيف ستكون قادرًا على إدراكها جميعًا في نفس الوقت؟ وأجيبك يا صديقي أن السر في التدوين، فهو الحل السحري للقراءة.

يجب أن تتأكد أن الورقة والقلم يصحبانك دائمًا في رحلة القراءة، وعملية التدوين تدور دائمًا حول هذه النقاط، اختر منها ما تراه مهمًا بالنسبة لك:

– الجوانب الخمسة التي ذكرناها من قبل.

– الأشياء التي تعتقد أنها مهمة بالنسبة لك.

– بعض المعلومات عن الكتاب والكاتب، مثلًا: تاريخ كتابته، الأسباب التي دفعت الكاتب إلى ذلك إن وُجدت.

– الأشياء التي أعجبتك في الكتاب. على سبيل المثال: شخصية مفضلة، شيء معين في أسلوب الكاتب، الفكرة العامة، الإسقاط الموجود داخل العمل.

– الأشياء التي لم تعجبك في الكتاب. على سبيل المثال: إطالة في الوصف، لغة سيئة، نهاية غير مقبولة، مشكلة في الحبكة.

– الرأي الشخصي الخاص بك في العمل كاملًا، أو في أي جزء من أجزائه.

– الأشياء التي ترغب في البحث عنها عند الانتهاء من القراءة.

التدوين لا يضمن لك فقط الاستفادة القصوى من الكتاب في الوقت الحالي، بل هو وسيلة جيدة يمكنك الاعتماد عليها في تذكر محتويات الكتاب لاحقًا وفي أي وقت، ولذلك أنصح به دائمًا أثناء قراءة الكتب.

كما أن التدوين سيفيدك كثيرًا في إعداد ملخص عن الكتاب، أو كتابة مراجعة أدبية له، كما سترى في المقال القادم، حيث إن أغلب النقاط الموجودة بالأعلى سنقوم باستخدامها في كليهما.


تدريب المقال

فكرة التدريب: نشاط أو مجموعة من الأنشطة يؤديها الشخص عندما ينتهي من قراءة المقال، وهي مبنية على رغبة الشخص في التعلم، لذلك فإنه يؤدي النشاط بمفرده في المنزل ليتأكد من فهم المقال بالشكل الصحيح.

1- حاول التفكير في آخر كتاب قرأته، واكتب الاستفادة التي حصلت عليها في الجوانب الخمسة التي ذكرناها في المقال عن القراءة.

2- الآن جرّب استخدام هذه الوسائل بدايةً من قراءتك للكتاب القادم في قائمتك، وفكّر في الفارق بين هذا الكتاب والكتاب السابق، من ناحية الاستفادة بعد تطبيق هذه الوسائل.


قائمة المقال

لأن رحلة القراءة تحتاج إلى الزاد، وزادها بالطبع هو الكتاب، فخلال هذه القائمة ستجد مجموعة من الترشيحات، لكتّاب مؤثرين في عالم الكتابة، مع وجود أسماء كتب لهم لتقرأها أثناء الرحلة.

قائمة كل مقال تتكون من ترشيح لكُتاب روايات وكتب وشعر عرب، مع ترشيحات لروايات لكُتاب أجانب. والتنوع في الاختيارات جاء ليناسب كل الأذواق في القراءة، بحيث يجد كل شخص نوعه المفضل من الكتب.

الاختيارات في المجموعة هي اختيارات شخصية تمامًا، فبالتأكيد هناك الآلاف من الأسماء المؤثرة في عالم الكتابة، لكن كما ذكرت هي رؤية شخصية فقط في الترشيحات.

1- إبراهيم أصلان: روائي مصري.

الترشيحات: مالك الحزين، حجرتان وصالة، وردية ليل.

2- الطيب صالح: روائي سوداني.

الترشيحات: موسم الهجرة إلى الشمال، عرس الزين.

3- مالك بن نبّي: كاتب جزائري.

الترشيحات: شروط النهضة، مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي.

4- مصطفى صادق الرافعي: كاتب مصري.

الترشيحات: وحي القلم، أوراق الورد، رسائل الأحزان، حديث القمر.

5- أمل دنقل: شاعر مصري.

الترشيحات: البكاء بين يدي زرقاء اليمامة، أقوال جديدة عن حرب البسوس، أوراق الغرفة 8.

6- نزار قباني: شاعر سوري.

الترشيحات: الرسم بالكلمات، قصيدة بلقيس.

7- فرانز كافكا: روائي تشيكي.

الترشيحات: المحاكمة، المسخ، القلعة.

8- ليو تولستوي: روائي روسي.

الترشيحات: الحرب والسلم، أنا كارنينا، موت إيفان إيليتش.

9- إرنست هيمنغواي: روائي أمريكي.

الترشيحات: الشيخ والبحر، الشمس تشرق أيضًا، لمن تقرع الأجراس، وداعًا للسلاح.

10- ويليام شكسبير: كاتب إنجليزي.

الترشيحات: ماكبث، هاملت، عطيل، الملك لير، تاجر البندقية.

تحدثنا في هذا المقال عن كيفية قراءة الكتب بأفضل الصور الممكنة، وفي المقال المقبل سوف نختتم رحلتنا بالحديث حول كيفية كتابة ملخص أو مراجعة أدبية للكتاب، نلقاكم على خير إن شاء الله.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.