محتوى مترجم
المصدر
المونيتور
التاريخ
2015/04/20
الكاتب
أكيفا إلدار

دعونا نفترض للحظة وقوع حادث إرهابي كبير أفضي إلى خسائر عديدة بوسط مدينة نيويورك هذا الأسبوع، في ظل احتمالات تفيد بضلوع طهران في التخطيط له.هل سيعطي الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعليمات لوزير خارجيته جون كيري بإبقاء المفاوضات مع إيران كما هي، من أجل تجميد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات؟فلنفترض أيضا أن منظمة إرهابية مكسيكية معادية للولايات المتحدة، ولديها آلاف الصواريخ بتمويل إيراني، وقررت استهداف مدن أمريكية كبرى عبر جنوب الولايات المتحدة، هل سيحتاج أوباما حينئذ إلى موافقة الكونجرس ليرهن استمرار التفاوض بالنزع الفوري لتلك الصواريخ من حدود دولته؟والآن استبدل نيويورك بعدن، والمكسيك بلبنان، وكذلك استبدل جنوب الولايات المتحدة بشمال إسرائيل، لتدرك أن تلك الأسئلة الافتراضية باتت في واقع الأمر حقيقية.ومن منظور أخلاقي وإستراتيجي، هل توجد أي مساحة تبرر رفع أي عقوبات عن إيران، بالرغم من مهاجمتها دولة تلو الأخرى في الشرق الأوسط، ودعم أنظمة إرهابية ترتكب مجازر بحق مدنيين أبرياء؟وفي مقال منشور بتاريخ 8 أبريل، كتبت حنين غدار رئيسة تحرير موقع “ناو” اللبناني: “التهديد الإيراني لم يكن أبدا في برنامجها النووي، بل كان وما زال في تدخلاتها. فالحرس الثوري الإيراني، والمليشيات التابعة لطهران بالوكالة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، يمثل المصدر الحقيقي للخطر”.ووفقا لذات الصحفية، فإن الإقلاع عن هدف صنع قنبلة نووية يمثل ثمنا قليلا جدا تدفعه إيران لرفع العقوبات، ويمكنها من تدعيم وكلائها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان.وفي الواقع، تحذر غدار من أن رفع العقوبات قد يؤدي إلى لا شيء إلا اندلاع رحى حرب إقليمية كاملة.ولذلك، طالبت الكاتبة الولايات المتحدة وحلفاءها بصياغة إستراتيجية إقليمية في الحال، تتضمن سبلا لكبح جماح إيران وحلفائها.وبالنسبة لها، فإن الحاجة إلى منع أهل السنة اليائسين من إيجاد عزائهم على أيدي جماعات متطرفة مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وكذلك الدفاع عن المدنيين الشيعة السلميين من وكلاء آيات الله يسبق أي اتفاق نووي.البروفيسور ماتي شتاينبرج، من القدس، يتفق في أن التهديد الرئيسي الذي تشكله إيران يتمثل في كيفية استفادتها من تفسخ النظام العربي، والشروع في مغامرات إقليمية.وطالب شتاينبرج، في محادثة مع المونيتور، بوضع شرط مسبق لتفعيل أي اتفاق نووي مع إيران، ألا وهو توقفها عن التدخل في شؤون الدول الأخرى بالمنطقة.وأشار إلى أن الهدف الإستراتيجي الذي ينبغي تحقيقه يجب أن ينصب على تفكيك وحدات الحرس الثوري الإيراني المسؤولة عن التدخلات الخارجية، وتحويل إيران من ثورة إلى دولة.ولإفشال ما يعتبره اتفاقا سيئا، طالب نتنياهو أيضا بأن تشمل أجندة مفاوضات الدول الست مع طهران اعتراف طهران بحق إسرائيل في الوجود.الخطاب الإيراني العنيف صوب إسرائيل يمثل سببا رئيسيا في صراع الحكومات الإسرائيلية لمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية.وعلاوة على ذلك، فإن هذا الخطاب يمثل سببا في رفض إسرائيل، على مدى عقود، التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، لا سيما وأن مفاعل ديمونة يضم العشرات من الأسلحة النووية الخفية.العقبات المرتبطة بموقف نتنياهو تتمثل في عنصر التوقيت، وماهية الشخص صاحب الطلب، والعلاقات المتوترة بينه وبين أوباما.واعتبر الرئيس الأمريكي أن وضع شرط اعتراف إيران بإسرائيل وحقها في الوجود، لا سيما في هذه المرحلة الخاصة، يعني بالضرورة تغييرات جذرية وشاملة داخل النظام الإيراني.كلمات أوباما تعني موافقة ضمنية على أن سياسة إيران المعادية لإسرائيل هي إحدى دعائم النظام في طهران.يأتي ذلك في وقت لا تظهر فيه القيادة في طهران أي اتجاهات للتدمير الذاتي، كما أن أوباما حول الاتفاق الإيراني إلى وسيلة لتسليط الضوء على سياسته الخارجية، لذا فهو يرفض أي جهود لعرقلة المفاوضين.وكتب البروفيسور إفرايم كام، الخبير في الشأن الإيراني، مقالا بموقع معهد دراسات الأمن القومي، ادعى خلاله أن الرفض الإيراني لمناقشة أي أمر لا يرتبط مباشرة بالملف النووي، مثل مسألة الصواريخ البالستية، يستند على افتراض أن إدارة أوباما لن تنسف المفاوضات جراء ذلك الرفض.عندما طالب نتنياهو واشنطن بالاستفادة من الرغبة الإيرانية في رفع العقوبات المفروضة عليها، ووضع شروط لا ترتبط بالملف النووي، أدخل ذلك التوجس في نفوس المعسكر الديمقراطي، من أن يكون الطلب محاولة لمساعدة الجمهوريين على الهيمنة من جديد على البيت الأبيض.كما أن وضع شرط الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود يمثل تذكيرا بمطلب نتنياهو الصارم بضرورة اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وجعل ذلك شرطا للموافقة على دولة فلسطينية.ولا يتجاوز عدد السياسيين الإسرائيليين الذين لا يعتقدون أن الهدف من مطلب نتنياهو هو تخريب حل الدولتين أصابع اليد الواحدة.ويمثل ذلك نفس عدد السياسيين الأمريكيين الذين يعتقدون أن طرح إسرائيل نفس المطلب في الملف الإيراني لا يستهدف أولا وقبل كل شيء تخريب الاتفاق النووي.