تشير التسريبات القادمة من مقاطعة سنجان أن النساء المسلمات في المقاطعة، صرن مجبرات على مشاركة المراقبين الصينين نفس الفراش، كشكل من أشكال تغيير المفاهيم.
صحيفة الإندبندنت البريطانية

خرجت الأمور في مقاطعة سنجان التركستانية عن كل حدود المنطق. صارت الغرفة معتمة بالكامل كما يمكن أن يُطلق التعبير. المدينة مغلقة بشكل كامل على من بداخلها؛ لا اتصالات، لا إنترنت، لا مقاطع فيديو، لا صور. القليل من التسريبات التي تخرج من بعض الأطراف المجهولة من مختلف أنحاء المقاطعة تكشف عن تطور مخيف في سير الأمور تجاه المسلمين هناك.

تتوافد الأخبار والتقارير من مختلف الجهات الموثوقة، بشكل مستمر، لذلك فربما كان المهتمون بالشأن في حاجة إلى إطار جامع يستعرض مجمل الأحداث التي ربما فاتت على البعض.

تسريبات خطيرة

في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن كم ضخم من الوثائق المسربة من سجلات الحكومة الصينية، والتي بلغ حجمها 400 صفحة تقريباً، تضمن الكم الأكبر منها آلية تعامل الإدارة الصينية، مع سكان مقاطعة سنجان وكيف تلقى القائمون على معسكرات «إعادة التأهيل الفكري» أوامر بالتعامل مع سكان الأقليات المسلمة.

أشارت التقارير المسربة إلى خطابات رسمية بين قيادة الحزب الشيوعي في العاصمة الصينية بكين، والقيادة الصينية في سنجان، والتي تضمنت أوامر بفرض خطة إعادة التأهيل الفكري التي وضعتها الحكومة بكل الصور المتاحة، وعدم التهاون في تنفيذ أي من بنود البرنامج مع سكان المقاطعة، بالإضافة إلى السماح باستخدام القسوة المفرطة لفرض البرنامج التأهيلي على كافة المتواجدين في المقاطعة، سواء كانوا داخل المعسكرات، أو مقيمين في مختلف مدن وقرى المقاطعة.

تضمنت التقارير كذلك الكشف عن الآلية التي تضعها السلطات الصينية، لإخراج المتواجدين داخل المعسكرات، وهي نظام النقاط والتقييمات، وهو نظام يُفرض على المتواجدين داخل المعسكرات وأقاربهم في الخارج، فقيام كلا الطرفين بالالتزام بالقواعد التي حددها البرنامج، من التخلي الكامل عن أي شكل من أشكال الإيمان بالدين الإسلامي، وتمجيد الحزب الشيوعي الصيني، ترفع من معدلات النقاط التي يحصل عليها المسجون، وعليه يمكن أن يخرج من المعسكر، ليعود إلى منزله، تحت رقابة موظف إداري صيني تختاره الحكومة يقيم مع المُفرج عنه وعائلته داخل منزلهم طوال الوقت، للتأكد من التزامهم بالبرنامج بصورة كاملة، بعد الخروج من المعسكر.

وقد كشفت تقارير المراسلات أن الإدارة الصينية، قد جهزت ردوداً مسبقة حول الأسئلة المتعلقة بارتكاب المتواجدين داخل المعسكرات نوعاً معيناً من الجرائم، وكانت الردود المجهزة، بأنهم لم يقُدموا على القيام بأي نوع من الجرائم، لكنهم وبحسب ما ترى الإدارة الصينية -قد تلقوا عدوى الإسلام الراديكالي المتطرف- والذي تفضل الصين نزعه من قلوبهم وعقولهم، حتى تصبح مقاطعة سنجان آمنة وخالية من أي نوع من أنواع التطرف الراديكالي.

قتل نفسي

روت «ميهرجول تورسون» التي كان من نصيبها الخروج من الصين، والإقامة في الولايات المتحدة، أنها أجُبرت على أخذ العديد من العقاقير والأدوية بصورة مستمرة، حتى اكتشفت بعد ما خرجت من الصين، أنها صارت عقيمة على الرغم من أنها سبق لها وأن أنجبت 3 أطفال، وقالت إن هذه العقاقير والأدوية يتم تعميمها بشكل إجباري على كل النساء الموجودات في المعسكرات، مما يعني أن الأغلبية الساحقة منهن مُعرضات لنفس المصير، مما يعني إبادة كاملة لجنس كان من الممكن أن يستمر فيما بعد.

لكن هذا النوع من القتل لم يكن كافياً، ظهر نوع جديد من القتل النفسي تمارسه الإدارة الصينية على النساء الموجودات في منازلهن وأزواجهن في معسكرات الاعتقال، وهو إجبارهن على الإقامة مع موظف الرقابة الصيني في منزل واحد، ومشاركته الفراش بشكل يومي، على الرغم من أن هذا قد لا يتضمن الدخول في علاقة جنسية.

لم تنكر الصين ذلك حينما خرجت التقارير التي تتحدث عن ذلك، لكن الصين قالت، إن هذا النوع من المشاركة على الرغم من كونه إجبارياً، لكنه يهدف إلى توطيد العلاقات بين شعب الإيغور والشعب الصيني، وخلق حالة من الأسرية، للقضاء على الكراهية التي يمكن أن تكون موجودة بين الأطراف!

ذلك النوع من الكوابيس في الحقيقة، يصعب على الكثيرين تخيله، فالمقيمون في هذه المنازل، لا يستطيعون الجلوس بصمت أمام المراقب، فالصمت قد يعني أنك تصلي صلاة المسلمين سراً، لذا فإن لم يكن لديك ما تفعله أثناء الجلوس، فمن الأفضل أن تردد الأغاني الوطنية التي تمجد الحزب الشيوعي، والتي سبق وحفظتها أثناء تواجدك في المعسكر، فقد كنت تكررها كل يوم عشرات المرات، لذا فمن السهل عليك ترديدها.

طريق لا نهاية له

لم تكتفِ الإدارة الصينية بتعقيم النساء في المعسكرات لخلق حالة كاملة من الإبادة الفعلية، وإجبار النساء على مشاركة موظفي الحزب الشيوعي فراشاً واحداً، في محاولة لكسر الحاجز النفسي الذي يحمي المضطهدات من ذلك الانتزاع القسري من مرجعيتهم الدينية، لكن الأمر تطور لما هو أكثر من ذلك، حيث أفادت تقارير بـالفصل القسري بين أطفال أسر الإيغور وعائلاتهم، وإبعادهم عنهم بشكل كامل، لإدخالهم في برامج تأهيل تنزعهم بشكل كامل، من الانتماء الديني للإسلام، وتقديم أفكار جديدة من نوعها لهؤلاء الأطفال، لخلق حالة جديدة من التشكل الفكري والانتماء المبكر لدى هؤلاء الأطفال للحزب الشيوعي وللحكومة الصينية بشكل عام.

كيف يجري ذلك؟

جاءت الردود من بعض العاملين من تلك المدارس على بعض الوكالات الصحفية، والتي أشارت إلى أن هذه المدارس هي مدارس داخلية معزولة بالكامل عن العالم، يحصل الأطفال بداخلها على الإقامة والطعام والتعليم الذي تقرره الصين، ويتضمن ذلك محو كل ما يتعلق بأسرهم من عقولهم بشكل كامل، وخلق حالة جديدة من الانتماء لدى الأطفال للصين وحكومتها، وقد تحدثت إحدى المعلمات هناك قائلة:

لقد بدأ الأطفال في تقبل الأمر، وبعضهم ينادي المعلمات يا أمي.

أما عن الرجال الموجودين داخل المعسكرات، فلم يخرج عنهم أي خبر طوال مدة طويلة، حتى ظهر تحديث جديد، ينتمي وبقوة لمدارس الشيوعية والعمالة حتى الموت، حيث كشفت تقارير تؤكد أن جميع الرجال الموجودين في المعسكرات، يجُبرون على العمل بالسخرة في مصانع الحكومة الصينية في المقاطعة، للحصول على الإنتاج الكافي، وفي المقابل لا يحصل العاملون على أي أجور، وربما سيكون كافياً الحصول على وجبة طعام.

والآن.. وبعد السير في ذلك المسار الطويل الممتلئ بالألم والصعاب، يظل الوضع كما هو عليه تقريباً منذ بداية الأزمة. الولايات المتحدة عبر منصاتها الإعلامية تعلن من وقت لآخر رفضها ممارسات الحكومة الصينية ضد الإيغور، دون أي نتيجة فعلية أو تغير في الأوضاع، وذلك ضمن استثمار الجرائم الصينية في الحرب الدائرة بين العملاقين هذه الفترة، أما الضحايا أنفسهم، فهم يسيرون بصورة ممنهجة في طريق الإبادة الفعلي.

يعمل الرجال بالسخرة ومصيرهم الموت، ويفقد النساء القدرة على الإنجاب مُجبرات على العيش بصورة لا تتناسب بأي شكل على الإطلاق مع ما يؤمنون به، وسيكون مصيرهن الاختفاء بعد أن انقطعت قدرتهن على البقاء. صار الأطفال جزءاً من مشروع الصين لحل أزمة الإنجاب خاصتها، عبر توليد خلايا عاملة جديدة، يمكنها السير بشكل منتظم في خلايا النمل البناءة التي تعج بها شوارع الصين ومدنها الفاقدة للروح، لذا يبدو أن مصير الإيغور كطائفة عرقية صار مجهولاً بالكلية، ما لم تحدث معجزة!