عندما تتعامل مع أطفال على سبيل المثال فإنك تصنفهم لا إراديًا إلى نصف جميل ونصف قبيح، وبالنسبة لبيب جوارديولا والإعلام كنت دومًا أنا الطفل القبيح.
الكاميروني صامويل إيتو.

منذ قدوم بيب جوارديولا إلى المعقل الكتالوني في منتصف عام 2008، والصحافة العالمية لا تتحدث إلا عن توتر العلاقة بينه وبين الكاميروني صامويل إيتو، توتر تبعه العديد من المناوشات الإعلامية بينهم رغم تدخُّل ليونيل ميسي وتشافي هيرنانديز وكارلوس بويول مرة تلو الأُخرى لإنهائه لكن دون جدوى. حتى بعد رحيل الأسد الكاميروني إلى صفوف إنتر ميلان الإيطالي تحت قيادة جوزيه مورينيو، لم يسلم المدرب الأسباني من هجوم المهاجم الكاميروني بعدما اتهمه بتعمُّد مصافحته أمام الكاميرات في منتصف الملعب بعد المباراة التي جمعت بين برشلونة والفريق الإيطالي في السان سيرو بالرغم من تجاهله بشكل تام في الطرقة المؤدية لملعب المباراة.

فصول من المناوشات لم تنتهِ إلا باعتزال المهاجم الكاميروني الذي لم يعتده الجمهور ولا اللاعبون مُعاديًا لمدرب أو لاعب من قبل، فلماذا جوارديولا بالتحديد ؟!.


كل شيء قد تغيّر

http://gty.im/535105594

يقول المهاجم الكاميروني إن الوضع داخل الفريق الكتالوني بين اللاعبين في حقبة فرانك ريكارد كان أفضل كثيرًا من حقبة بيب جوارديولا، فاللاعبون كانوا أكثر اتحادًا، يأكلون سويًا، يرقصون، يسافرون، يخرجون ليلًا. أما بعد قدوم جوارديولا عمّ الصمت في غرفة ملابس الكامب نو، وإن بدا للبعض عدم صحة كلامه فإن ذلك بسبب حفاظ البرغوث الأرجنتيني ليونيل ميسي على مستواه الخرافي لمدة أطول بكثير من المعجزة البرازيلية رونالدينهو جاوتشو الذي اعتبره إيتو الأفضل في التاريخ، و أرجع ذلك بالأساس إلى كون الأسطورة البرازيلية إنسانًا طيبًا مع كل زملائه بالفريق.

استدل إيتو على ذلك بنهائي دوري أبطال أوروبا في عام 2006 عندما دخل الفريق الأسباني الاستراحة بين شوطي المباراة وهم متأخرون بهدف، حيث قال إن فرانك ريكارد لم ينطق بكلمة واحدة في ذلك الوقت وتولى هو مسؤولية ذلك فقال للاعبين إنه من غير المعقول أن تخسر مجموعة من هؤلاء الموهوبين هذا النهائي أمام أرسنال، لقد كانت الخطبة كلها تحفيزية ولم يكن فحواها فنيًّا إطلاقًا فدخل فريق برشلونة الشوط الثاني وفاز بهدفين مقابل هدف.


هل كنت مهاجمًا متميزًا؟

أخبرت جوارديولا أنه لم يكن أبدًا لاعبًا عظيمًا، لقد كان فقط لاعبًا جيدًا.

هكذا ردّ صامويل إيتو عندما سأله المُحاور عن ردة فعله عندما سمع تصريحات بيب جوارديولا فقط بعد قدومه بأسابيع قليلة وإعلانه أنه لن يستعين بخدمات «إيتو، رونالدينهو، وديكو» في فترة توليه، رد المهاجم الكاميروني لم يكن بهذا الشكل المجرد بل أتبعه بوصف تلك الفترة وما حملتها من تصرفات عدائية من بيب جوارديولا تجاهه.

أتبع المهاجم الكاميروني حديثه حيث قال إن بعد ذلك التصريح بأيام قليلة استدعاه بيب في مكتبه ليناقشه في عرض قيمته 26 مليون دولار مقابل إعارته لفريق مغمور في أوزباكستان محاولًا إقناعه بقبوله، لم يكتفِ بيب بذلك بل إنه بمجرد وصول الفريق لمعسكر الإعداد في الولايات المتحدة الأمريكية من نفس العام وفي غرف خلع الملابس قال جوارديولا إنه سيتم تبديل أرقام قمصان اللاعبين، فالرقم 9 سيذهب إلى تيري هنري وسيأخذ صامويل إيتو القميص رقم 14، وهو ما اعتبره المهاجم الكاميروني إهانة صارخة في ذلك التوقيت وهو من صنع تاريخًا حافلاً بالإنجازات، تاريخًا تغنّى به إقليم كتالونيا بأكمله.


يا ليتني رميتُ نفسي بالرصاص

أعتقد أن بيب جوارديولا تمنى ولو أنه أطلق على نفسه النار بدلًا من إشراكي في تلك المباراة.

هكذا عقّب صامويل إيتو عندما سأله المُحاور كيف أكمل عامًا كاملًا مع بيب جوارديولا في تلك الظروف غير المريحة إطلاقًا للاعب كرة القدم، فالتاريخ علّمنا دومًا أن أي نجاح يتحدث عنه العالم أجمع للاعب كرة قدم لا يتحقق بدون دعم كامل من مدير فني يؤمن بقدراتك و يحفزها دومًا.

صامويل إيتو موجهًا حديثه إلى بيب جوارديولا عام 2008.

قال المهاجم الكاميروني إنهم أثناء تلك الفترة التحضيرية للموسم الجديد في الولايات المتحدة لعبوا مباراة أمام فريق «شيفاز المكسيكي»، ولسوء حظ المدرب الأسباني فقد أعطاه فرصة للعب آخر 20 دقيقة في المباراة فأحرز فيهم إيتو ثلاثة أهداف كاملة، ثلاثة أهداف ومستوى فنيًا أشاد به الجميع في تلك الفترة أجبرت بيب على الاستعانة بـ«كارلوس نافال»، الأب الروحي لفريق برشلونة، وكذلك بويول وتشافي وفيكتور فالديز وليونيل ميسي من أجل تخفيف وطأة الخلافات بينه وبين المهاجم الكاميروني، خاصة أن بيب في تلك الفترة لم يكن قد قدّم لشعب كتالونيا ما يشفع له إذا أطاح بالمهاجم الأفريقي الذي كثيرًا ما أسعد عشاق البلوجرانا.


فقط مرتين لا غير!

http://gty.im/83432024

خلال ذلك العام الذي قضاه الأسطورة الأفريقية تحت قيادة بيب، لم يتحدث إليه المدرب الأسباني إلا خلال مناسبتين؛ الأولى حينما استعان به لإيصال تعليمات للإيفواري يايا توريه الذي لم يكن يريد تلقّي أية تعليمات من بيب في تلك الفترة نظرًا للخلاف الشهير بينهما، المناسبة الثانية حينما أراد بيب توجيه صامويل إيتو إلى بعض التحركات التي يجب أن يفعلها المهاجم وهنا ثار إيتو وقال له: « بيب!، لم تكن يومًا مهاجمًا عظيمًا وتلك الوضعية التي تقولها غير مناسبة إطلاقًا للتهديف»، وفقًا لتصريح المهاجم الكاميروني في مقابلته مع قناة «bein sports» قبل مباراة الكلاسيكو عام 2014.


ثقة في غير محلها

إذا لم تحترمني لن أحترمك، سأرد بضِعف ما تفعله و ثلاثة أضعاف إذا تطلّب الأمر ذلك.

في نهاية هذا الموسم كان الصامويل إيتو فيس قد أحرز 35 هدفًا مع برشلونة، وأحرز كذلك هدف التقدم في نهائي روما أمام مانشستر يونايتد وقدم موسمًا رائعًا مع البلوجرانا، وكان عليه الذهاب للعب أمام منتخب توجو مع منتخب بلاده فأقام النادي حفلاً للاعبين بمناسبة هذا الموسم الحافل، وفي هذا الحفل قال بيب جوارديولا كلمته التي امتدح فيها المهاجم الكاميروني بشكل غير مسبوق، فقال إنه لاعب عظيم تحمّل الكثير من الضغوطات ولكنه أثبت أنه من طينة اللاعبين الكبار وكلامًا على هذا النحو الذي أوحى لصامويل إيتو بضرورة الثقة مرة أُخرى في المدرب الأسباني ونسيان خلافات الماضي، فكانت هذه هي المرة الأولى التي وثق فيها صامويل إيتو في بيب جوارديولا فكانت النتيجة هي رحيله إلى إنترميلان -على حد وصفه وهو يضحك.

المراجع
  1. حديث صامويل إيتو مع قناة bein sports العالمية.