يبقى دائمًا مشجع كرة القدم مرتبطًا بها حتى في روتين يومه المعتاد. لطالما كبح مشجعو الكرة جماحهم كي لا يركلوا ثمار البطيخ التي تفترش الأرض في سوق الفاكهة،بينما يقف أحدهم في طابور ماكينة الصراف الآلي فيتخيل نفسه لاعبًا في المنتخب الإنجليزي أثناء تنفيذ ضربة ركنية. وهناك قصة لطيفة عن طفل أجاب عن سؤال في الرياضيات أن ثلاثة زائد أربعة تساوي كريستيانو رونالدو. تلك لعنة الكرة التي أصابتنا جميعًا. لعنة محببة تتجلى كل يوم في العديد من الأحداث.إذا كنت من مصابي تلك اللعنة فترى ماذا يجول بخاطرك إذا شاهدت إحدى حلقات برنامج الفرنجة..برنامج الفرنجة هو برنامج مصري يتناول بشكل ساخر تمامًا الفوارق الأساسية بين طريقة حياة وسلوك المصريين وما يقابلها في أوروبا، لنكن أدق، يتناول البرنامج الفارق بين الفهلوة المصرية والاحتراف الأوروبي.تتجول الكاميرا في شوارع هولندا على سبيل المثال وصولًا لمحطة تعبئة بنزين لتفاجأ كمشاهد مصري أنه لا يوجد هناك أحد يعمل في المحطة. كل مواطن يخدم نفسه بنفسه ويعبئ البنزين بنفسه داخل السيارة ثم يدفع الفلوس وينصرف.تنتقل الكاميرا فجأة داخل إحدى محطات تعبئة البنزين المصرية فتجد ما يقرب من 30 عاملًا على الأقل. واحد يشير لمالك السيارة أين يقف تحديدًا والآخر يعبئ له البنزين، ثم هناك ثالث ينظف زجاج السيارة دون أن يأذن له أحد بذلك، ثم رابع لا يعرف أحد تحديدًا ماذا يفعل في المشهد لكنه يقول بوجه سمج لمالك السيارة كل عام وأنت بخير في إشارة لطلب المال وهكذا.حسنًا لتحتفظ بالفكرة داخل رأسك، فتلك الفكرة تصلح للعديد من مواضيع كرة القدم في مصر، إلا أن من أكثر المواضيع التي تليق بالأمر هي فكرة أبناء العاملين في كرة القدم. لسبب لا يعلمه إلا الله نجد أن كل نجم كبير له ابن يبدأ حياته كناشئ في نفس الفريق الذي ينتمي له هذا النجم. مسألة احتراف هذا الابن من عدمه هي مسألة لا تعتمد على مدى جودة هذا اللاعب فقط. وبخلاف الطريق الممهد في البداية فهناك العديد من المجاملات خلال مشوار هذا اللاعب، هذا طالما أن هذا الابن يجيد كرة القدم على الأقل، وهذا بالطبع لا نراه في الخارج.حسنًا لنقم بالتجربة، ها هي الكاميرا تتجول في شوارع الدنمارك لتتوقف عند وجه ما زال يحتفظ بنضارته ولم تتغير ملامحه كثيرًا. بيتر شمايكل.


بيتر وكاسبر شمايكل: أن تثبت نفسك بعيدًا عن الأضواء

كانت لقطات بيتر وكاسبر شمايكل في كأس العالم الماضي محط إعجاب الكثيرين. فلقطات بيتر الأب وهو يصفق لنجله الذي كاد أن يصعد بالدنمارك إلى دور الثمانية أمام المنتخب الكرواتي كانت لقطات تؤكد أن الاثنين على قدر كبير من الموهبة.بدأ بيتر مشواره كحارس مرمى في الثالثة والعشرين، وهو ما أخّر انتقاله إلى مانشستر يونايتد، حيث ظهر بيتر بقميص اليونايتد للمرة الأولى وهو في الثامنة والعشرين، ثم لثماني سنوات كاملة كان شمايكل أيقونة عصر مانشستر الذهبي. استطاع خلالها أن يتوج بالدوري الإنجليزي خمس مرات وثلاث بطولات كأس الاتحاد الإنجليزي، ويحقق دوري أبطال أوروبا مرة واحدة. وهو اللقب الذي لا ينساه أبدًا جماهير مانشستر، وهو اللقب الذي تتجلى من خلاله مدى ملاءمة شمايكل لشخصية الفريق الإنجليزي.كان اليونايتد متأخرًا بهدف أمام بايرن ميونخ في المباراة النهائية لتلك البطولة. وبحلول الدقيقة 91 تقدم بيتر للمشاركة في الركلة الركنية التي انتهت بإحراز هدف التعادل، وبعد دقيقتين ومن ركنية أخرى استطاع مانشستر أن يحسم اللقب لينفذ شمايكل حركة بهلوانية في مرماه انتشرت كثيرًا آنذاك.في نفس الموسم قرر شمايكل الرحيل عن يونايتد في سن الـ 36؛ لأنه غير قادر جسديًا على لعب هذا الكم من المباريات. وبهذا النسق السريع والضغوط العصبية، مما جعله في قلوب جماهير مانشستر كرجل رحل وهو في القمة.لننتقل بالحديث عن كاسبر شمايكل. شمايكل الابن بدأ مشواره مع كرة القدم في صفوف مانشستر سيتي، وهو الفريق الأخير الذي لعب له بيتر شمايكل، حسنًا هل يبدو لك الأمر أنه حصل على بداية جيدة بفضل تاريخ والده. الإجابة لا فقد تمت إعارة كاسبر لخمسة أندية مختلفة. انتهت بانتقال كاسبر لأحد أندية الدرجة الثالثة للدوري الإنجليزي، وبعد عامين تحديدًا انتقل لفريق ليستر سيتي القابع في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي.استطاع كاسبر أن يصعد رفقة فريق ليستر للدوري الإنجليزي الممتاز، ثم الفوز به وهو في سن الـ 29. نفس سن والده عندما استطاع أن يحرز أول بطولة دوري رفقة مانشستر يونايتد.لقد استلهم كاسبر من أبيه الشغف بالكرة لا العلاقات التي تمكنه من اللعب في مكان لا يستحقه.يتحدث كاسبر عن رؤيته لأبيه رفقة بول سكولز ورايان جيجز وديفيد بيكهام وإيريك كانتونا كل يوم في التدريب. لقد تفهم مدى صعوبة العمل بشكل محترف والتفاني المطلوب للوصول إلى القمة.ثم كان النجاح التصاعدي الذي يجعله على قمة حراس الدوري الإنجليزي ودخل به تاريخ الدوري الإنجليزي كثاني ابن يحقق الدوري الإنجليزي بعد تحقيق والده للقب.وكان إيان رايت وشون رايت فيليبس أول ثنائي أب وابن يحققان ذلك بعد أن كان إيان فيليبس جزءًا من فريق تشيلسي الفائز باللقب عام 2006، بينما فاز رايت مع أرسنال عام 1998. فعل كاسبر كل ذلك دون حتى أن يلعب مباراة واحدة مع مانشستر يونايتد.بل إن الأمر بدا مثاليًا عندما أبدى كاسبر عن ضيقه بعد توالي أسئلة الصحفيين عن والده بدلًا من توجيه الأسئلة عن المباراة ضمن فعاليات كأس العالم الماضي. إن الرجل ببساطة يريد أن يخرج من ظل أبيه تمامًا لا أن يبدأ مسيرته وينهيها بفضل أبيه، مثلما هو الوضع للأسف في مصر.


في مصر: حتى الألقاب تورث

فلتنتقل الكاميرا إلى مصر لتشاهد انعكاس مشهد شمايكل وابنه والعشوائية كما لم تشاهدها من قبل. الحديث هنا ليس بالتجريح عن شخص ما أو انتقاد لفرد بعينه. لكن لا يعقل أن تحتوي كرة القدم على كل تلك الأسماء التي ورثت الموهبة عن الوالد، ثم ورثت النادي وحتى لقب الأب في كرة القدم.شريف إكرامي وحش أفريقيا الصغير لا يمكن بأي شكل أن يحسب ضمن قائمة حراس مرمى الأهلي الكبار على مر التاريخ. تلك القائمة التي تحتوي على اسم والده بالطبع. أحمد عادل عبدالمنعم حارس مرمى الأهلي الذي رحل منذ شهور قليلة بعد 10 سنوات قضى أغلبها كمتفرج مع الفريق الأول للشياطين الحُمر، وهو نجل حارس الأهلي السابق عادل عبدالمنعم. ثم نجد المفاجأة وهي أن النادي الأهلي يحتوي ضمن فريق الشباب مصطفى شوبير نجل حارس الأهلي ومنتخب مصر أحمد شوبير، هذا بالإضافة إلى أحمد طارق سليمان نجل طارق سليمان مدرب حراس المرمى في الأهلي.نحن لا نصدر أحكامًا استباقية على اللاعبين، لكن تلك ملاحظة يجب أن تقال. القائمة تطول بالعديد من الأسماء التي قدمت مردودًا لا يليق بالأندية التي لعبوا ضمن صفوفها فقط لأنهم أبناء نجوم كبار. أحمد صلاح حسني لعب للأهلي بينما لعب للزمالك أحمد غانم سلطان على سبيل المثال، وهناك العديد من الأسماء، ولكن تلك هي الأشهر.

المشكلة هي أنني عمري 29 عامًا، وأنا متزوج ولدي طفلان، ولكن لا يزال الناس يرونني فقط كابن شخص.
تصريح سابق لكاسبر شمايكل

تلك هي المسألة إذن، من الصعب أن تلعب الكرة وأنت تسمع الجميع يهمس خلفك باسم أبيك. إنه يلعب لأنه ابن كذا. هنا تحديدًا يجب أن تنتفض. أن تغامر باللعب في أندية أقل شأنًا وتثبت نفسك فيها لكي تتمكن من اكتساب اسم شخصي لك. هناك بالطبع أسماء استطاعت أن تقدم مستويات ثابتة على مدى جيلين. سيزار وباولو مالديني في الميلان، أو حمادة وحازم إمام في الزمالك. لكن قائمة الفاشلين أكبر بكثير، إذا كان مبرر هؤلاء أنه ليس عيبًا أن يلعب في الأهلي أو الزمالك لأنه ابن نجم ما فتخيل كم من الفرص المهدرة للاعبين يستحقون تلك الفرصة؟