كثيرًا ما ينظر أهل السنة في العالم العربي خارج العراق، إلى شيعة ذلك البلد من منظور مختزل يسوده الكثير من التعميمات المخلة، يرون خلاله أتباع ذلك المذهب وكأنهم يمثلون كتلة سياسية موحدة في مواجهة باقي المكونات الاجتماعية والطائفية هناك.

في المقابل على أرض الواقع، يتمتع المجتمع الشيعي العراقي بالتركيب والتعدد الواسع، والتمثيل السياسي المتباين، على نحو تتوزع خلاله الانتماءات في أكثر من اتجاه، داخل مركب معقد من الولاءات الموزعة بين مجموعة متنوعة من المرجعيات الدينية التقليدية والأحزاب السياسية والتيارات الفكرية المعاصرة.

بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003، اكتسبت الظاهرة الطائفية زخمًا كبيرًا وبعدًا سياسيًا رسميًا، خلال الفترة الانتقالية التي قاد خلالها العملية السياسية والدستورية، «مجلس الحكم العراقي» الذي شكلته سلطة الاحتلال على أسس تقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية. اخترقت تلك الأسس الجديدة المجتمع العراقي كله، وأعادت تقسيمه، وأعادت بناء وتشكيل تمثيلاته السياسية من جديد على النحو القائم اليوم.

حزب الدعوة الإسلامية

يعد حزب الدعوة الإسلامي، الحزب السياسي الشيعي الأبرز في التاريخ العراقي الحديث، حيث ترك هذا الحزب بصمته على جميع التنظيمات السياسية الشيعية التي جاءت بعده [1]. مر حزب الدعوة الإسلامية في تأسيسه بعدة مراحل بدأت منذ عام 1957 بحسب روايات أو منذ عام 1958 بحسب روايات أخرى وامتدت إلى عام 1964. [2]

كانت بداية حزب الدعوة في هذا السياق، هي الاجتماعات التي تمت بين كل من السيد مهدي الحكيم والسيد طالب الرفاعي وعبد الصاحب الدخيل، وهي الجهود التي تتوجت بمباركة المرجع الديني الشيعي الكبير محمد باقر الصدر، الذي قام بجهد ملموس في التنظير الفكري والأصولي وتقديم السند الشرعي لوجود ذلك الحزب في مطلع تأسيسه، قبل انسحابه من الحزب إثر تحول في موقفه الفقهي في هذا الإطار. [3]

كما يؤكد طالب الرفاعي في مذكراته، نشأ الحزب كنوع من الرد على المد اليساري في العراق، في أوساط الشباب والعمال والفلاحين، نهاية خمسينات القرن الماضي، من خلال تنظيم الدارسين بالحوزة الدينية النجف لأنفسهم في جمعيات وروابط كجماعة العلماء التي تأسست عام 1959، ومن خلال الإصدارات الدينية المتعددة والمكتبات والندوات الثقافية، واللقاءات والاحتفالات الحاشدة بالجماهير. [4]

سعى مؤسسو حزب الدعوة إلى خلق أيديولوجيا تنافس الماركسية، وفي تشكيل شكل جديد من أشكال التنظيم ينطوي على إستراتيجية وتكتيكات واضحة، وتعد مجموعة كتب «الأسس» للسيد محمد باقر الصدر في هذا السياق بمثابة «المانيفستو» أو الإطار الفكري للحزب. كما سعى كذلك المؤسسون إلى خلق تنظيم لينيني حديدي قائم على الخلايا وتسلسل القيادة والانضباط وطاعة الأوامر، على نحو يشبه التنظيمات السياسية اليسارية والفاشية والنازية، التي بدأت في الانتشار في العالم العربي خلال أواخر العشرينيات وامتداد الثلاثينيات من القرن الماضي. [5]

بعد حصول الحزب على إجازة من المرجعية الدينية، تحت شرط منها ألا وهو المحافظة على سرية التنظيم، اعتمد الحزب مراتب من الدرجات التنظيمية على النحو المعمول به في جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهي: الداعية، الداعية المشرف، الداعية المسئول. أما من الناحية الثقافية، فقد اعتمد الحزب في المقام الأول على مؤلفات محمد باقر الصدر، ومؤلفات سيد قطب وأبو الأعلى المودودي. [6]

يقول عالم الاجتماع العراقي فالح عبد الجبار إن الجديد في أطروحة حزب الدعوة داخل الإطار الشيعي، هو أنها كسرت سلسلة المرجعيات المألوفة، التي تتدرج من الأئمة المعصومين إلى العلماء المجتهدين، على نحو أدى إلى قطع التسلسل التقليدي للسلطة المرجعية، على غرار البروتستانية المسيحية التي ألغت دور الكنيسة وطبقة الأكليروس، وفتحت الباب أمام إقامة علاقة مباشرة بين الخالق والفرد. [7]

شهدت فترة نهاية الستينيات وامتداد كامل عقد السبعينيات، صدامات متعددة بين حزب الدعوة وحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في العراق، سواء على المستوى السياسي السلمي كالتظاهر والمسيرات، أو على مستوى العنف المسلح كالاغتيالات وأعمال العنف، وذلك في مقابل قمع السلطة وأحكام الإعدام التي صدرت ضد مجموعة من قادة الحزب.

على إثر مساندة حزب الدعوة للثورة الإسلامية في إيران في عام 1979، أصدرت السلطات العراقية قرارًا بإعدام كل من ينتمي إلى حزب الدعوة الإسلامية، وكان أبرز ضحايا هذا القرار هو السيد محمد باقر الصدر الذي أًعُدم في 8 أبريل/نيسان من عام 1980، فضلاً عن إعدام جملة من العسكريين المنتسبين للحزب، بعد أن تم الكشف عن وجودهم في القوات المسلحة العراقية. [8]

كان رد الحزب على هذا التصعيد هو إنشاء معسكر الصدر إقليم الأهواز في إيران، كتمهيد للهجوم العسكري بهدف إسقاط حكم البعث في العراق، وقد شارك الحزب بالفعل في الحرب العراقية الإيرانية التي دارت بين عامي 1980 و 1988، وللحزب في هذا السياق جناح عسكري مسلح تأسس في عام 1980 يعرف باسم قوات الشهيد الصدر.

تعرض حزب الدعوة للعديد من الانشقاقات التنظيمية، من أبرزها انشقاق مجموعات عز الدين سليم والشيخ على الكوراني وكاظم الحائري رئيس المجلس الفقهي للحزب.

بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، شارك الحزب في العملية السياسية، ومن ثم في حكم العراق منذ ذلك الحين حتى وقتنا الراهن عبر رموزه وقادته الذين تولوا أعلى المناصب وعلى رأسها منصب رئاسة الوزراء، الموقع السياسي ذو الصلاحيات الأكبر في الحكومة العراقية، مثل إبراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي.

على خلفية الصراع داخل حزب الدعوة على منصب رئاسة الوزراء، انقسم حزب الدعوة إلى جناحين سياسيين رئيسيين: جناح موالٍ لنوري المالكي، وجناح موالٍ لحيدر العبادي. عمقت الانتخابات التشريعية العراقية عام 2018 التناقضات بين الجناحين، بسبب تنافس المالكي في تلك الانتخابات مع العبادي من خلال مشاركة الأول في ائتلاف «دولة القانون»، ومشاركة الجناح الموالي للثاني عبر ائتلاف «النصر» الذي انضم إلى تحالف «الإصلاح» الذي يرأسه عمار الحكيم والمؤيد من قبل التيار الصدري.

بعد تفتت العراق إلى مكوناته الأولية الإثنية والطائفية إثر الغزو الأمريكي وانهيار دولة البعث، تخلص حزب الدعوة بعد مشاركته في التجربة السياسية الانتقالية، وهيمنته على منصب رئاسة الحكومة لمدة ثلاث دورات نيابية متتالية من عام 2005 إلى 2018، من طابعه الأيديولوجي التاريخي، وسيطر عليه الطابع الهوياتي الذي يقوم على الطائفية في التعبئة والحشد والتمثيل السياسي، داخل عملية من المحاصصة الريعية بسبب طبيعة الاقتصاد السياسي العراقي المعتمد بشكل رئيسي على الموارد النفطية للبلاد.

المجلس الإسلامي الأعلى

بعد مضي عامين من إعدام الصدر، واندلاع الحرب العراقية – الإيرانية، تشكل المجلس الإسلامي الأعلى «المجلس الأعلى لللثورة الإسلامية في العراق» في الـ 17 من تشرين الثاني/نوفمبر 1982، في طهران، على يد محمد باقر الحكيم، وقد جاء إعلان تأسيس المجلس في هذا السياق بهدف إقامة بنية جامعة لكل الحركات الإسلامية في العراق، بعد نقل مختلف المجموعات الشيعية مقراتها وكوادرها إلى طهران. [9]

في مطلع تأسيسه كان المجلس يتكون من: «حزب الدعوة الإسلامية، منظمة العمل الإسلامي، حركة المجاهدين العراقيين، جماعة عبد العزيز الحكيم شقيق رئيس المجلس محمد باقر الحكيم، (حزب الله) الكردي بزعامة محمد خالد البارزاني، (حزب الله)، حركة الرافدين الإسلامية» وقد ضم المجلس أيضًا تنظيمات علمائية دينية ألا وهي: «(مجلس العلماء) ، (جماعة العلماء المجاهدين)، ( جماعة العلماء برئاسة محمد باقر الحكيم التي تمثل امتدادًا لجماعة العلماء في النجف وبغداد التي تشكلت عقب انقلاب عام  1958)».[10]

كان تأسيس المجلس له صلة بالعمليات العسكرية على جبهة الحرب بين العراق وإيران، بعد زيادة أعداد الأسرى العراقيين لدى إيران، حيث حاول الإيرانيون الاستفادة من تلك الأعداد من خلال إعادة تأهيلهم فكريًا وعقائديًا ونفسيًا، والزج بهم من جديد في جبهات القتال ضد الجيش العراقي البعثي، وكان للمجلس في هذا السياق جناح عسكري يعرف باسم : منظمة بدر أو فيلق بدر.

لعب فيلق بدر دورًا لا يخفى في أحداث 1991 في جنوب العراق التي تعرف باسم الانتفاضة الشعبانية، حيث حشد التنظيم العسكري مجموعات مؤيدة له في محاولة للانقلاب على النظام الذي نجح في إجهاض الاحتجاجات المسلحة.

شارك المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، الذي تغير اسمه في عام 2007 إلى :«المجلس الأعلى الإسلامي العراقي» في العملية السياسية بعد سقوط نظام صدام في عام 2003، شارك المجلس في مجلس الحكم الانتقالي. جدير بالذكر أن أحد أهم قادة الحزب الحاليين هو عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء العراقي الحالي ونائب رئيس الجمهورية الأسبق.

جدير بالذكر أنه بعد سقوط نظام صدام حسين دخلت عناصر منظمة بدر إلى العراق في عام 2003 بتعداد يصل إلى 16 ألف عنصر، وعملت كمليشيا خلال فترة عام كامل، قبل أن تتحول إلى حزب سياسي في يونيو/حزيران 2004 تحت قيادة هادي العامري، ثم انفصلت تمامًا عن المجلس الأعلى في عام 2012، وقد قُدر عدد عناصر الفيلق عندما كان لا يزال تنظيمًا مسلحًا في عام 2006 بنحو 100 ألف عنصر مسلح.

تعرض المجلس الإسلامي الأعلى في العراق لانشقاق آخر في عام 2017، بعد مغادرة عمار الحكيم نجل الرئيس السابق للمجلس الأعلى عبد العزيز الحكيم، لقيادة الحزب وتشكيله لحزب جديد تحت اسم «تيار الحكمة الوطني».

العنصر المميز الأهم على المستوى الأيديولوجي بين المجلس الأعلى وحزب الدعوة، هو الموقف من مسألة «ولاية الفقيه»، حيث يتبع المجلس الأعلى الإسلامي في العراق ولي الفقيه في طهران المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، بينما لا يلتزم حزب الدعوة بتلك النظرية الدينية التزامًا كاملاً رغم التزامه بالإطار الديني الشيعي العام في فكره ومشروعه السياسي.

يتمتع المجلس الإسلامي الأعلى بنفوذ وانتشار سياسي ملموس في جنوب ووسط العراق، ويمتلك وجودًا مؤثرًا بوجه خاص في النجف والحلة وبغداد. [11]

التيار الصدري

ظهر التيار الصدري بعد سقوط نظام صدام حسين، من قلب المجموعات الملتفة حول الصدر الثاني أو السيد محمد محمد صادق الصدر، الذين كانوا يؤيدون تبوءه المرجعية العليا في النجف، بعد وفاة المرجع الأعلى السابق أبي القاسم الخوئي، ويلتف التيار الصدري حاليًا حول مقتدى الصدر نجل السيد محمد محمد صادق الصدر. [12]

العنصر الأكثر تميزًا على المستوى العقائدي والأيديولوجي لدى التيار الصدري، هو موقفه من المرجعية العليا في النجف ومن نظرية ولاية الفقيه، حيث تبنى السيد محمد محمد صادق الصدر موقفًا مناهضًا لأبي القاسم الخوئي المرجع الشيعي الأعلى رئيس حوزة النجف، وكان أنصار الصدر الثاني يسمونه في هذا السياق بـ «الحوزة الناطقة» تعريضًا بصمت الحوزة في النجف عن المظالم السياسية لشيعة العراق في مقابل جرأة الصدر الثاني في تناولها والحديث عنها، أما بالنسبة للموقف من «ولاية الفقيه» فلم يتبناها الصدر الثاني بشكل مطلق، ووضع عليها ثلاثة قيود أساسية، ألا وهي:

  1. التقيد بأحكام الشريعة الإسلامية.
  2. الالتزام بالتدني عن مستوى الأئمة المعصومين «بحسب معتقدات الشيعة الإثنى عشرية».
  3. عدم تجاوز المصلحة العامة.

يمتلك التيار الصدري تأثيرًا كبيرًا في مناطق وسط وجنوب العراق، إلا أن وجوده ضعيف للغاية في المراكز الدينية الشيعية ككربلاء والنجف. يشارك التيار الصدري في العملية السياسية في العراق وله تمثيل برلماني وحصل على عدد من الحقائب الوزارية في الحكومة العراقية. وللتيار جناح عسكري ألا وهو «جيش المهدي»، الذي يتكون بشكل كبير من الشيعة المنتمين إلى النظام السابق الذين أعلنوا «التوبة» وانضموا على أساس طائفي لهذا التيار. [13]

بعد تجميد مقتدى الصدر لميلشيا جيش المهدي في عام 2009، إثر الاتهامات العديدة التي وجهت لذلك التنظيم المسلح بشأن القتل الطائفي والتهجير القسري للمدنيين، استأنف جيش المهدي عمله من جديد في عام 2014 تحت اسم جديد ألا وهو «سرايا السلام»، تحت دعوى حماية المراقد الشيعية من خطر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش».

للتيار الصدري عدد كبير من الأتباع وتأثير واسع في مناطق جنوب ووسط العراق، إلا أن وجوده ضعيف في أماكن المراقد الشيعية المقدسة في كربلاء والنجف.

تعرض التيار الصدري لعدد من الانشقاقات من أبرزها الانشقاق المبكر لما يعرف بـ «حزب الفضيلة الإسلامي»، ويمثل هذا الحزب امتدادًا لجماعة الفضلاء بالنجف التي تأسست في عام 2003، من قبل الشيخ محمد اليعقوبي أحد اللصيقين بمحمد محمد باقر الصدر، و قاعدته الجماهيرية قوامها من أنصار المرجع الأخير، ولذلك فهي بمثابة انشقاق داخل التيار الصدري. يتمتع هذا الحزب بمؤيدين كثر في البصرة التي ينتمي محافظها إلى ذلك الحزب، إلا أن تأثيره خارجها أضعف كثيرًا مقارنة بحزب الدعوة والمجلس الأعلى والتيار الصدري. [14]

الانشقاق الثاني الهام في مسيرة التيار الصدري، كان هو انشقاق حركة «عصائب أهل الحق» تحت قيادة قيس الخزعلي في عام 2004 عن «جيش المهدي»، بعد أن رفض الأخير الالتزام بقرار وقف إطلاق النار الذي وقعه جيش المهدي مع الجيش الأمريكي والحكومة العراقية.

تعتبر حركة «عصائب أهل الحق» موالية بشدة لطهران، وتتشكل الحركة من أربعة فروع عسكرية رئيسية هي: كتائب الإمام علي، وكتائب الإمام الكاظم، وكتائب الإمام الهادي، وكتائب الإمام العسكري. وللحركة مجلس تنفيذي له متحدث رسمي، وتتبع لها مؤسسة «شهداء أهل الحق» وفضائية «آفاق» ووكالة أنباء محلية تدعى وكالة «أنباء الغد».

يقدر عدد أعضاء ميلشيات العصائب بحوالي 10 آلاف مقاتل. وتتمتع «عصائب أهل الحق» بتسليح عالي الإمكانيات بسبب الدعم الإيراني الكبير الذي كانت تحظى به من القائد السابق لفيلق القدس الجنرال قاسم سليماني.

أحزاب وجماعات أخرى

لا تقتصر الخارطة الشيعية السياسية في العراق، على تلك القوى آنفة الذكر، حيث تضم العديد من الحركات والأحزاب الأخرى من أبرزها:

منظمة العمل الإسلامي

تأسست تلك المنظمة امتدادًا لحركة «المرجعية»، التي كانت تدعو إلى مرجعية محمد الشيرازي خلال ستينيات القرن الماضي، على يد السيد محمد تقي المدرسي في عام 1979. تأثرت المنظمة بالثورة الإسلامية في إيران، وكانت جزءًا من المعارضة العراقية، وتبنت عملية التفجير في جامعة المستنصرية التي استهدفت اغتيال صدام حسين أو من أنابه في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وتتركز قاعدة المنظمة الجماهيرية في كربلاء تحديدًا. [15]

جماعة الخالصي

هم امتداد لمقلدي المرجع الشيعي محمد مهدي الخالصي المتوفى عام 1925، و الأخير صاحب دور كبير في ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني. وقد تبنت جماعة الخالصي التي قادها أولاده من بعد وفاة والدهم خطًا تقريبيًا بين أهل السنة والشيعة، وابتعدت عن الخط السياسي الشيعي، وكانت تلك الجماعة تحسب على المقاومة خلال فترة الاحتلال، ملتقية في ذلك بالخط السياسي السني، وتتمتع تلك الجماعة بقاعدة جماهيرية محدودة، تتركز تحديدًا في منطقة الكاظمية ببغداد. [16]

الموقف من إيران

يمتلك كل من «المجلس الإسلامي الأعلى» و«حزب الدعوة» علاقات حميمة مع طهران، وتاريخًا مشتركًا من العمل المسلح ضد النظام العراقي السابق خلال الحرب العراقية – الإيرانية. حيث تم تأسيس «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق» وذراعه العسكري «منظمة بدر» في غيران وتم تدريبه وتسليحه من داخل العمق الإيراني في هذا السياق، بينما لجأ قادة حزب الدعوة إلى طهران أيضًا فرارًا من بطش نظام صدام حسين. [17]

بالرغم من ذلك، يؤمن قادة كلا الحزبين بضرورة الحفاظ على مسافة بينهم وبين طهران، ولا يسعون إلى تدشين جمهورية دينية على غرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نتيجة للبنية الطائفية والقومية المعقدة في العراق، ونتيجة لعدم إيمان جميع الإسلاميين العراقيين الشيعة بنظرية ولاية الفقيه. [18]

تتسم العلاقات بين إيران والتيار الصدري بقدر أعلى من البراجماتية، وقد انعكست تلك العلاقة بوجه خاص في تسليح جيش المهدي الجناح المسلح للتيار، وذلك  في مقابل علاقتها الأكثر عضوية ومتانة بالمجلس الأعلى وحزب الدعوة. ويعود هذا بشكل أساسي إلى الطابع العروبي للخطاب السياسي للتيار الصدري. [19]

الميلشيات المسلحة

بجانب ما ذكرناه آنفًا من ميلشيات مسلحة تابعة أو منشقة عن الأحزاب والحركات السياسية الشيعية في العراق، مثل (فيلق بدر، عصائب أهل الحق، جيش المهدي / سرايا السلام) يوجد عدد من كبير من الميلشيات الأخرى، التي انضوت جميعًا تحت راية «الحشد الشعبي» العراقي، بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقها المرجع الشيعى الأعلى في حوزة النجف آية الله علي السيستاني.

ومن أبرز تلك الميلشيات:

كتائب حزب الله العراقي

هي ميلشيات مسلحة كانت تعمل تحت رئاسة أبو مهدي المهندس حتى مقتله مطلع الشهر الجاري عقب الغارة الجوية التي شنتها الأمريكية على موكب الجنرال قاسم سليماني بالقرب من مطار بغداد، وتتبع الكتائب على مستوى المرجعية ولي الفقيه في إيران.

يسود الاعتقاد بأن هذه الميلشيات تأسست بدعم من حزب الله في لبنان عام 2007. ويقدر عدد أعضاء كتائب حزب الله العراقي بحوالي 40 ألف مقاتل.

لواء أبو الفضل العباس

كتائب مسلحة أسسها المرجع الشيعي العراقي قاسم الطائي، مكونة من أفراد ينتمون إلى فصائل شيعية مسلحة عدة، تأسست عقب اندلاع الثورة السورية لمناصرة نظام بشار الأسد، وقد تم سحب تلك الكتائب من الأراضي السورية، وتم الدفع بها إلى العراق مجددًا عقب سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الموصل في منتصف عام 2014.

ولا يتسع المقام هنا لحصر تلك الميلشيات الشيعية كلها تفصيلًا، ولكن نكتفي بذكر بعض من أهم أسماء تلك الميلشيات بشكل مجمل:

  1. كتائب سيد الشهداء: فصيل منشق عن حزب الله العراقي.
  2. جيش المختار: فصيل تابع لحزب الله العراق تحت قيادة واثق البطاط.
  3. حزب الله النجباء: فصيل منشق عن عصائب أهل الحق، يقوده أكرم الكعبي نائب المين العام الأسبق للعصائب.
  4. سرايا الجهاد والبناء: ائتلاف عسكري يقوده أحد قادة المجلس الإسلامي الأعلى ألا وهو النائب والوزير السابق حسن الساري.
  5. سرايا الخرساني: الجناح العسكري لحزب الطليعة الإسلامي الذي يقوده السيد علي الياسري.
  6. كتائب التيار الرسالي: جناح عسكري للتيار الرسالي العراقي تحت قيادة الشيخ عدنان الشحماني.
المراجع
  1. رشيد الخيون، مائة عام من الإسلام السياسي بالعراق، الجزء الأول «الشيعة»، مركز المسبار للبحوث والدراسات، الطبعة الأولي، مايو\ أيار 2011 ص 171 
  2. فالح عبد الجبار، العمامة ولأفندي:سيسولوجيا خطاب وحركات الاحتجاج الديني، الطبعة الأولي، منشورات الجمل، بيروت- بغداد 2010، ص 124     
  3. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مجموعة باحثين، مركز المسبار للدراسات والبحوث، الطبعة الثالثة، سبتمبر \ أيلول 2011.  
  4. رشيد الخيون، مائة عام من الإسلام السياسي بالعراق،مرجع سابق، ص 172
  5. فالح عبد الجبار، مرجع سابق، ص 125 -126
  6. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق.
  7. فالح عبد الجبار، مرجع سابق، ص 130 
  8. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق، ص 40
  9. فالح عبد الجبار، مرجع سابق، ص 403
  10. رشيد الخيون، مرجع سابق، ص 299 
  11. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق، ص 43    
  12. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق، ص 46
  13. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق، ص 45
  14. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق، ص 44
  15. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق، ص 48
  16. شيعة العراق: المرجعية والأحزاب، مرجع سابق، ص 49
  17. راي تقية، إيران الخفية، ترجمة أيهم الصباغ، مكتبة العبيكان، الرياض، 1431 هـ، ص 233
  18. المصدر السابق.
  19. المصدر السابق.